مراسلون يحاور السيد فيصل قرقاب رئيس مجلس إدارة الشركة الليبية للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات القابضة، التي تشرف على قطاع الاتصالات في ليبيا وتملك استثمارات خارجية في بعض الشركات بكندا وإيطاليا بالإضافة لاستثمارات في الكوابل البحرية في البحر المتوسط وغرب إفريقيا.
فحسب تصريح صحفي لقرقاب نشره موقع CNN بالعربية في سبتمبر 2015، شهدت الاستثمارات الليبية في قطاع الاتصالات مؤخراً الكثير من التحديات، حيث تملك الدولة الليبية بين عامي 2002 و2009 “تسع رخص للاتصالات في دول أفريقية أثناء عهد النظام السابق، وكان الهدف منها سياسياً وليس تجارياً”، هذه الشركات تعثرت أثناء وبعد الثورة عام 2011 وقامت دول أفريقية بتأميم خمس شركات من أصل تسع.
إلا أن قرقاب أشار في ذات التصريح إلى وجود “خطة إنقاذ” وخطط لمشاريع وصفها بأنها “طموحة جداً” للنهوض بالقطاع داخلياً وخارجياً، للمزيد حول هذا الموضوع كان الحوار التالي:
س- متى تأسست الشركة الليبية للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات القابضة LPTIC؟ وما الشركات المملوكة لها في الداخل والخارج؟ وكم رأس مال الشركة وأرباحها السنوية؟
ج- بعد هيكلة قطاع الاتصالات في 2005 إثر تصفية الشركة العامة للبريد المشغل الأساسي والمالك لقطاع الاتصالات في ليبيا منذ الستينات، نتج عن تلك التصفية مجموعة شركات آلت ملكيتها للشركة القابضة التي تأسست في 2006، وتملك في الداخل كل شركات الاتصالات وعددها ثمانية، وفي الخارج عندها استثمارات مباشرة تملك فيها حصة الأغلبية في إفريقيا وكندا وفي مالطا لدينا شركة مملوكة بالكامل، والاستثمارات غير المباشرة لا تملك فيها حصة الأغلبية، منها شركة الثريا للاتصالات الدولية وشركات في السعودية وكندا وبريطانيا وفي عدة دول إفريقية، ورأس مال الشركة 150 مليون دينار، وهو لا يعني الكثير فقد يكون رأس المال 1000 دولار وتشتغل بمليون دولار، وتعد رابع مؤسسة في ليبيا بعد مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط والمؤسسة الليبية للاستثمار في الحجم والقوى العاملة حيث تضم حوالي 15000 موظف، والمساهمة في ناتج الدخل القومي بنسبة عالية تصل 9 – 10% من ناتج الدخل القومي، وإجمالي الأرباح السنوية 2.5 مليار دينار ليبي.
س- ذكرت أن للشركة استثمارات خارجية في كندا وبريطانيا ومالطا والسعودية وغيرها، ما وضعها الاستثماري في السابق والآن؟
ج- بالنسبة للشركات المملوكة بالكامل لليبيا إدراتها مستقلة ووضعها جيد ولا توجد بها مشاكل، وأما الشركات التي تملك ليبيا فيها الأغلبية فتأثرت بالحظر وتجميد الأصول الليبية في الخارج، وقد تمت إعادة هيكلتها والاستعانة بشركات استشارية عالمية كالاتحاد العالمي للاتصالات والبنك الدولي والأمور تسير بشكل جيد، في الماضي كانت كثير من الاستثمارات سياسية ولم يتم التركيز فيها على الجانب الربحي والتجاري، أما الاستثمار اليوم فمبني على خطط استثمارية في شكل مالي تجاري بحت، وقد خرجنا من الاستثمارات التي لا جدوى منها بدمج وقفل بعضها، وتدار هذه الاستثمارات حالياً من مالطا لتكون معزولة عن مناطق النزاع فالاستثمار يحتاج متابعة يومية واستقرار سياسي لا يتوفر في الداخل.
س-كشف تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة مطلع يونيو 2017م والموجه لرئيس مجلس الأمن تجاوزات في الشركة الليبية القابضة، ما تعليقكم؟
ج- بعد دخول الأمم المتحدة للمساعدة في ليبيا كان من أولوياتهم معرفة الإنفاق المالي غير المسؤول واستغلال أموال المؤسسات الليبية في أغراض غير شرعية كدعم الحروب والإرهاب، وعندهم بعض المؤشرات لمخالفات حدثت أثناء الانقسام السياسي، وبعد دخول فجر ليبيا إلى طرابلس (2014) خرجنا بسبب الظروف الأمنية وواصلنا العمل من البيضاء وطبرق، فقامت حكومة الإنقاذ بتكليف لجنة تسييرية في طرابلس، وشكلت الأمم المتحدة لجنة تقصي حقائق تواصلوا معنا وتعاونا معهم بتزويدهم بالمستندات التي يحتاجونها فخرجت النتائج بتقريرهم الأخير الذي كشف أن التجاوزات حدثت من هذه الأطراف التي تم تكليفها بشكل غير شرعي.
س-صدر مؤخرا حكم قضائي يؤكد قانونية تمثيلكم للشركة القابضة، فماذا فعلتم أو ستفعلون تجاه هذه التجاوزات؟
ج- القضاء الليبي كان متجاوباً بشكل سريع في القضية والتحقيقات متواصلة لمعرفة أين حولت هذه الأموال وكيف صرفت؟ والموضوع شائك وخطير فالتجاوزات بعشرات الملايين، وستحال التفاصيل للأجهزة الرقابية والقضائية في الدولة فهي معنية بمتابعتها وهم متعاونون معنا كثيراً، ولجنة الخبراء المشكلة من الأمم المتحدة مازالت تتواصل معنا وتتفهم أن المسؤولين عن التجاوزات هم اللجنة المشكّلة، وقد بدأنا العمل مؤخراً من طرابلس للمتابعة من قريب.
س- لكن في المقابل قال عادل مركوس (رئيس اللجنة الشكلة من قبل حكومة الإنقاذ في 2014) في تصريح إعلامي إنه يرفض التسليم لكم وإن لديه حكماً قضائياً بأنه رئيس الشركة في طرابلس، فكيف بدأتم العمل من طرابلس؟
ج- نعم، المجموعة التسييرية المكلفة من حكومة الإنقاذ في المبنى الرئيسي للشركة رفضت التسليم والانصياع للأحكام القضائية ولكنا بدأنا العمل من مقر آخر في طرابلس، لدينا الأحكام القضائية معززة برسائل من إدارة القضايا في الدولة الليبية تفسر الأحكام وهذا يكشف تزويرهم للأحكام، وعندنا تكليف من مجلس النواب في طبرق والمجلس الرئاسي بإدارة الشركة، ولكننا نسير في العمل بشكل هادئ وبسياسة استيعابية بدون تصعيد يزيد الانقسام يكفينا الانقسام السياسي وآثاره.
– أبرز ما تحقق لقطاع الاتصالات في ليبيا العام الماضي حصولكم على رخصة المشغل لخدمات الاتصالات في ساحل العاج، ماذا أضاف ذلك لخدمات الاتصالات في ليبيا، يتساءل المواطن؟
ج- كان عندنا شركة في ساحل العاج تم تصفيتها ثم تحصلنا على ترخيص اتصالات ساحل العاج في مناقصة مع عدة شركات، وقمنا بالاستعانة بشركة عالمية للاستفادة من خبراتهم، والاستثمار في الخارج مفيد لكل الشركات وله عوائد مالية جيدة، والظروف الليبية من انقطاع التيار الكهربائي إلى الأوضاع الأمنية تشكل مخاطر للشركات الكبيرة التي نريد التعاون معها للاستثمار المباشر الداخلي فيمكننا التعاون معهم في الخارج وبناء القدرات ونقل المعرفة، والعالم كله يعمل بهذه الطريقة ويستثمر في الداخل والخارج، وقد بدأنا قبل 6 أشهر باستكمال بعض المشاريع المتوقفة في الداخل ومشاريع جديدة وحجم استثمارات الشركة في الداخل يشكل 95% من إجمالي أرباح الشركة.
س- حسب تصريحك تمّ نقل ملكية قرابة 5 شركات من أصل 9 للقطاع العام في الدول الإفريقية بمعنى تأميمها وذلك نتيجة الفراغ الذي حصل بعد 17 فبراير، أين وصلت طلبات التعويضات المقدمة من ليبيا في هذه الدول؟
ج- الحديث عن أهم شركة مملوكة للدولة الليبية LAP Green Networks هذه الشركة موجودة في 9 دول أفريقية تم تأميمها في بعض الدول، وقد استلمناها مؤخراً من المؤسسة الليبية للاستثمار في 3 دول إفريقية أوغندا وجنوب السودان وساحل العاج، استلمناها بخسائر كبيرة شكلنا فريقاً من الداخل والخارج لإعداد تقرير مفصل، في جنوب السودان حرب أهلية أرسلنا فريق تم خطفهم مرتين فأوقفنا الإنفاق على هذه الشركة لإقفالها، وساحل العاج كذلك خسائرها كبيرة تم إقفالها والحمد لله تحصلنا على ترخيص جديد بدون تكلفة إضافية كما أشرت من قبل، وأوغندا شركة كبيرة وضعنا خطة وأوقفنا الإنفاق لكن الحكومة هناك تستغل السلطة الحكومية وتقوم بتشغيلها وإدارتها رغم حجم الديون الكبيرة الذي يفترض تصفيتها لسدادها، والموضوع بيننا وبينهم مازال في القضاء، وفي تشاد والنيجر وزامبيا وصلنا لاتفاقيات لتسوية الديون المستحقة للدولة الليبية بعد التأميم، وللأسف كل استثماراتنا السابقة في إفريقيا كانت بشكل مجحف في حق الدولة الليبية من ناحية الأرباح الاستثمارية لذلك تم إيقاف النزيف وإهدار المال الليبي في الشركات التي لا فائدة من الاستثمار فيها وقد بلغت الخسائر من هذه الاستثمارات أكثر من مليار دولار حتى هذه السنة.
س- لماذا قبلتم بضمّ هذه المؤسسات الغارقة في الفساد؟
ج- السبب الأول واجب وطني لأن الشركة هي المتخصصة في الاتصالات والمؤسسة الليبية للاستثمار كانت عاجزة عن إيجاد حلول لها وهذا اختصاصنا، والسبب الثاني خسارة ليبيا للتعويضات في حال عدم الضم فسيتم تصفيتها لهذا تم إعادة هيكلتها والحمد لله تحصلنا بعد ذلك على تعويضات كبيرة.
س- تم التوقيع قبل ثلاث سنوات مع شركة اتصالات القابضة في الإمارات لإنشاء أكاديمية تدريب في ليبيا، أين وصلتم في هذا المشروع، وما فائدته؟
ج- صرفت الدولة بعد 2011 مليارات على قطاع التدريب ولكن للأسف دون وضع استراتيجية كاملة فكانت فائدتها ضعيفة، ومن أهم المشاريع إنشاء أكاديمية على مستوى عالمي نظراً لوجود احتياجات كبيرة لقطاع الاتصالات لا يوفرها التعليم في مخرجاته، والأكاديمية تعليمية تطويرية تدريبية لرفع كفاءات وسد احتياجات قطاع الاتصالات بحصول الخريج على المهارات اللازمة والشهائد التي يحتاجها سوق العمل في قطاع الاتصالات والنفط والقطاع الخاص، وقعنا العقد والموضوع فشل بسبب أوضاع البلاد، ونقوم الآن بالعمل على إحياء موضوع الأكاديمية بتصور جديد وطريقة تدريجية.
س- ما سبب تذبذب وانقطاع خدمات الاتصالات في ليبيا، وهل يمكن مقارنتها بالخدمات في دول الجوار تونس ومصر؟
ج- قطاع الاتصالات يعاني بدءاً من صعوبة توريد المعدات كالبطاريات والمولدات التي يحتاج استيرادها ثلاثة أشهر، وأثرت الاشتباكات على المقسمات والألياف البصرية بشكل كبير تسبب في 24 انقطاعاً يومياً، والظروف الأمنية تسببت في سرقة المعدات والمولدات، وإذا ما نظرنا لمستوى الخدمة المقدمة في ظل هذه الظروف سنجده جيداً، زد على ذلك إمكانيات الشركات المحلية التي تساعد في الصيانة بعد مغادرة الشركات الأجنبية، ووجود التيار الكهربائي عنصر أساسي في الخدمة وانقطاعاته متكررة، ولكن بالرغم من القوة القاهرة والظروف الصعبة اليوم الشبكة موجودة بنسبة 95% في المدن الليبية.
س- هناك الكثير من التذمر بخصوص خدمات الاتصالات في ليبيا فالمواطن يريد خدمة ممتازة ورخيصة، كيف يمكن استثمار الإمكانات لتحقيق ذلك؟
ج- بدون شك من حق المواطن الليبي ذلك، لكن أسعار الاتصالات في ليبيا متوسطة ليست رخيصة وليست غالية إذا ما قورنت بدول الجوار، والشركة تدعم أيضاً الاتصالات الأرضية حيث مليون و200 خط ثابت للاتصالات الأرضية المواطن يدفع اشتراكاً بسيطاً جداً مقابل هذه الخدمة، وقطاع الاتصالات في العالم عادةً مكروه من الناس، والشركة ملزمة بتوفير خدمات تناسب جميع الناس يعني مكالمات دولية ومحلية وخدمات الانترنت والمواطن يختار ما يناسبه، والمدار وفرت خيارات في الباقات لمن يحتاج باقة تجارية لمكالمات محلية ومن يطلب إنترنت عالي السرعة بأي ثمن.
س-تقدمتم بمساعدات طبية لقطاع الصحة في كثير من المدن الليبية، هل قدمت الشركة مساعدات أخرى وتحت أي بند تقدم؟
ج- كل المؤسسات الكبرى في العالم لديها مسؤولية اجتماعية تفرض تخصيص جزء من الأرباح في مشاريع اجتماعية وإنسانية، وقد أخذت الشركة على عاتقها المساعدة في حلحلة المشاكل التي يمر بها المواطن في ظل عجز الحكومات عن ذلك، فبدأنا بالتعاقد مع بعض المؤسسات المهمة في هذا المجال كالهلال الأحمر الليبي بتنفيذ مشاريع تشمل كل المدن الليبية منها توفير أدوية ومستلزمات طبية ومساعدات للنازحين وبرامج تدريبية، أضف لهذا الشق الاجتماعي الإنساني البدء في مساعدة مؤسسات الدولة الخدمية، فعلى سبيل المثال قطاع المواصلات بدأنا في مساعدته في تطوير المطارات والبداية كانت بمطار الزنتان وقمنا بتزويده بمعدات للملاحة والاتصالات والأمن والسلامة ومولدات وغرف الانتظار وأجهزة التفتيش الأمني وساعدنا كذلك مصلحة الجوازات في تجهيز افتتاح مكاتب وفروع لها لتسهيل حصول المواطن على الجواز، والقائمة طويلة والاحتياجات كثيرة ولكن نحاول المساهمة في تخفيف المعاناة.
س- تحصل “مراسلون” على ورقة صادرة من مكتب النائب العام تفيد بدعوتكم للتحقيق في مايو 2015 فيما تعلق بتجاوزات مالية وإدارية، ماذا كانت نتيجة التحقيق؟
ج- للأسف انتشرت الورقة على مواقع التواصل الاجتماعي واستخدمت ضدي في أحد المحاكم الأوروبية في مالطا من الطرف الذي يدعي الشرعية في ذلك الوقت، وأشك أن لها صبغة رسمية لأنني سألت وأنا في طرابلس والجواب نفسه كل مرة، رجعت لطرابلس واتصلت بمدير مكتب تحقيقات النائب العام وسألته عن الورقة وهل طلبتموني للتحقيق؟ فأجابني: لا، وهذه ورقة شبه سياسية.