التقى مراسلون د. عقوب عبد الله عقوب وزير التعليم بالحكومة المؤقتة التابعة لمجلس النواب الليبي في شرق ليبيا، وكان معه الحوار التالي:

س- أعلنت وزارة التعليم بحكومة الوفاق الوطني بطرابلس بدء تنفيذ خطة مبدئية بالتعاون مع اليونيسيف لدعم النظام التعليمي في ليبيا ورفع كفاءة العاملين بالقطاع والتي ستبدأ بتوريد فصول لبنغازي، هل تم التنسيق معكم بالخصوص؟

ج- زارني ممثل ليبيا في اليونيسيف وأبلغني بأنهم مهتمون بالمناطق المتضررة وبنغازي منها، وأخبرته أن وزارة التعليم في المؤقتة مستعدة لتقديم كل العون لليونيسيف في سبيل تسهيل عملها في المناطق المتضررة، واتفقنا على توريد قرابة 400 فصل وصل جزء من الفصول المتنقلة هذا الشهر إلى بنغازي، ونحن سنشرف على تركيبها وتوزيعها على المدارس التي تحتاجها بشفافية.

س- طلب منكم وزير التعليم في حكومة الوفاق الالتحاق للعمل معه من طرابلس في لقاء تلفزيوني وأبديت موافقة على التعاون، ووصل التعاون بينكم مؤخراً إلى اجتماع ممثلي الوزارتين في مراكز المناهج التعليمية ومدراء التفتيش التربوي ومسؤولي المكاتب التعليمية، هل سنرى اتحاداً أكثر هذا العام وتوافقاً في المناهج والامتحانات ومواعيدها؟

ج- نعم، قمنا بزيارة إلى طرابلس استمرت سبعة أيام لتوحيد المنهج الذي يُدرّس في ليبيا كلها، واتفقنا مؤخراً على تأجيل الدراسة حتى 15 أكتوبر بعد اتصال مباشر من مدير مركز المناهج أفادني بتأخر وصول الكتب المدرسية، فاتفقنا على هذا الموعد لنبدأ عاماً دراسياً موحداً في الابتداء والعطلات والامتحانات والانتهاء والمناهج.

س-تم التعاقد مع مطابع في مصر وإيطاليا لطباعة الكتاب المدرسي وكان يفترض أن تصل 39 مليون نسخة قبل نهاية سبتمبر حسب تصريح مدير مركز المناهج التعليمية وتغطي كامل ليبيا، كيف تم اختيار البلدين؟ وكم كلفت هذه العملية؟

ج- هذا العام ليست لدينا أية علاقة بطباعة الكتاب المدرسي، فوزارة تعليم الوفاق هي المسؤولة عن طباعة الكتاب ونحن ننتظر منهم توزيعه مثلما قمنا بطباعته العام الماضي وتوزيعه على كل مدن ليبيا، وحسب المعلومات طُبع في مصر وإيطاليا بعد فتح اعتمادات مستندية، وقيمة طباعة الكتب العام الماضي بين 45-50 مليون دينار ليبي، بينما هذا العام يقال أنها وصلت تقريباً 80 مليون دينار.

س- هذه أعداد كثيرة ومبالغ كبيرة تُصرف سنوياً لطباعة الكتب التي يتم حرقها نهاية كل عام، هل أنت راضٍ عن ذلك، وما تصوركم للبدائل لتخفيف الضغط على ميزانية الدولة وتحسين سلوك الطالب تجاه الكتاب؟

ج- أنا ضد طباعة الكتاب كل عام، وقد اتخذنا قرارات جادة العام الماضي بعدم تسليم النتيجة للطالب قبل تسليمه كتبه كاملة لمحاولة المحافظة عليها والاستفادة منها العام الجديد والقضاء على ظاهرة إحراق الكتب وظاهرة تهريب الكتاب خارج الحدود أيضاً، ويمكن توفير الكتاب إلكترونياً بتوفير مستلزمات تشغيل الكتاب في الفصل وتسليمه للطالب بصورة إلكترونية، وهذا سيوفر الكثير على ميزانية الدولة، نحتاج لتبني ثقافات جديدة في مجتمعنا منها الانضباط والمسؤولية وحب الوطن والمحافظة عليه.

س- نُشر قرار وزير التعليم المفوض بحكومة الوفاق الوطني لإيفاد الطلبة الأوائل للخارج، وقد وعد بقرار مماثل للطلبة في المناطق التابعة لكم، فهل تم التنسيق بينكم في ذلك؟

ج- لم يتم التنسيق حتى الآن، ولأن التفويضات المالية تصدر من طرابلس فربما اقترح هذا، والمهم عندي إيفاد الطلبة الأوائل للدراسة في الخارج وتشجيعهم أسوة بالطلاب الأوائل الموفدين من مناطق أخرى، وهذا تشجيع للطلبة الجدد أيضاً، وإذا لم يتم ذلك سنصدر لهم قرار إيفاد من وزارتنا وبعد توفر الميزانية نمنحهم التفويض المالي الخاص بهم.

س- لأول مرة في ليبيا يبلغ عدد الطلبة الأوائل التابعين لوزارة تعليم الوفاق في القسمين العلمي والأدبي 44 طالباً وطالبة، وبلغ التابعون لكم 31 طالباً وطالبة، هل في ذلك مبالغة أو تعتبره مؤشراً إيجابياً؟

ج- الترتيب المكرر في العشرة الأوائل موجود من قبل، والتصحيح آلي هذه السنة، فربما زاد العدد للتشابه في النسب إلى حد كبير، لكن إن شاء الله هذا العام سيكون الامتحان موحداً والعشرة الأوائل على مستوى ليبيا كلها وهذا هو الأصح.

س- نسبة النجاح في المدارس التابعة لكم بلغت 66.41%‎ كيف تقرأ هذه النسبة، فهي تتراجع عن نسبة الامتياز في مناطق حكومة الوفاق؟

ج- أعتقد أن هذه النسبة مؤشر على الضبط والدقة في النتيجة هذا العام، فقد حاربنا ثقافة تسريب الامتحانات وخرج الطلاب في مظاهرات عند إصدارانا قرارات رادعة تمنعهم من ذلك، وألغينا امتحانات مسربة وأعدناها، وتم الحد من الغش إلى حد كبير وليس بشكل كامل، هذه النسبة لم نسمع بها منذ مدة وهي مؤشر إيجابي.

س- اعترض كثيرون على قرار نشر أسماء الطلبة الذين تم ضبطهم في حالات غش باعتباره عملاً غير تربوي، ما تعليقك؟

ج- نحن أعدنا الامتحانات المسربة وكانت النتيجة مقبولة، ولم ننشر أسماء الطلبة فالطالب قد يكون في حالة ضعف أو عدم وعي فهذا يؤثر على مستقبله مدى الحياة، ومثل هذه الحالات تحتاج تعاملاً تربوياً وعقلاً حكيماً، ورأينا أن يكون العقاب داخلياً دون الإعلان عن الأسماء، والمسؤول الرئيس الذي اعترف أمام لجنة التحقيق بتسريب الامتحانات أحالته الجهات الأمنية للقضاء الذي سيقول كلمته، وعندنا لجنة عقوبات وتأديب ستصدر قرارها الذي سينفذ ولو وصلت لحد فصله من التعليم فسينشر قرار باسمه في هذه الحالة فقط.

س- صرفت وزارة التعليم في حكومة الوفاق عهد مالية للمدارس لاستقبال العام الجديد حسب تصريح وكيل الوزارة، هل شمل ذلك المدارس التابعة لكم؟

ج- هذا الموضوع لدينا فيه وجهة نظر خاصة ومختلفة، إذا كان الهدف تقديم الخدمات وتسهيلها لا مانع عندنا بشرط إرسال الأموال إلى المناطق دون ابتزاز المدراء وطلب الحضور الشخصي للاستلام والتوقيع والتصوير معهم لإظهار تبعيّتهم لهم، وإذا كانت نيتهم سليمة والغرض المساعدة بإمكانهم تقديم الأموال للمناطق التعليمية التي لها ذمة مالية مستقلة وهي تقوم بتوزيعها على المدارس، أو تحويلها لحساب الوزارة ونحن نقوم بتوزيعها على مستحقيها، وكذلك الموضوع بالنسبة للجامعات يمكنهم مساعدة عشر جامعات تابعة لنا بالطريقة نفسها.

س- هل أنت مع المطالبة بتفعيل نظام علاوة الحصة للمعلم بدلاً من علاوة التدريس وهل سيسري قرار وزير تعليم الوفاق على كل المعلمين في ليبيا؟

ج- أصدرنا القرار من العام الماضي والوفاق أصدرته هذا العام، ودعونا للاهتمام بالمعلم الموجود في الفصل واقترحنا على مجلس الوزراء أن تكون قيمة العلاوة في المراحل الدراسية الابتداية والشهادة ومراحل النقل 15-12-13 ديناراً على الترتيب، وقد تجاوزنا العلاوة وطالبنا مجلس النواب بإصدار قانون لرفع مرتبات المعلمين أسوة ببقية المواطنين في القطاعات الأخرى.

س- صندوق التكافل الاجتماعي الذي اعتُمد مؤخرا من تعليم الوفاق لتحسين وضع المعلم، هل تراه ذَا جدوى؟

ج- الهدف منه خلق روح التعاون بين العاملين في قطاع التعليم وهذا الصندوق موجود من قبل، لكن الآن وُضعت له ضوابط ولوائح تنظم آليات عمله الداخلي، وهو أيضاً موجود من قبل بين المدرسين بصورة عفوية وتنظيم محدود والآن يسعون لتوسعة الصندوق ليشمل أعداداً أكثر، هذا شيء جيد ويفيد المعلمين لكن زيادة الرواتب علاج للمشكلة وأهم وأكثر جدوى من إنشاء صندوق بمثابة مسكن للألم.

س- هل يتم صرف مرتبات المعلمين التابعين لكم من ميزانيتكم؟

ج- الحكومة الليبية المؤقتة تصرف شهرياً 400 مليون دينار مرتبات وما يحال من طرابلس محدود جداً للإدارات المركزية، يتم تحويل المرتبات من مركزي البيضاء لوزارة المالية وهم يحولونها لنا، وقد توقفت مرتبات المعلمين من حكومة الوفاق فاضطرت الحكومة المؤقتة لتوفير مرتباتهم عن طريق اقتراض المركزي من المصارف التجارية.

س- ما هي رؤيتكم لحل المشاكل العاجلة في التعليم؟

ج- تتبعنا 30 منطقة تعليمية، والمنطقة أو البلدية يتبعها مكاتب تعليمية تشرف على قرابة 500 ألف طالب وطالبة في أكثر من 2000 مدرسة، وقد تلقينا طلب الانضمام لنا من مناطق ذات كثافة سكانية مثل ترهونة وورشفانة والعجيلات، ومشاكل التعليم كثيرة وعميقة وضاربة في القدم، والتعليم يرتكز على الثلاثي المعروف المعلم والبنية التحتية المتمثلة في المدرسة والمكتبة والوسائل السمعية البصرية والمنهج الدراسي، هذه العناصر الثلاثة تقدم خدمة يستفيد منها التلميذ، ويجب توفير هذه الإمكانات لتسير العملية التعليمية بشكل جيد.

للأسف هذا الثلاثي بدءا بالمعلم الذي يعد أقل مرتب في الدولة ولا يوجد اهتمام به من تأمين طبي وتأهيل وتدريب وسمح بدخول الآلاف من الدخلاء غير المتخصصين في مجال التعليم وانعكس ذلك على ضعف التعليم، فتحسين وضع المعلم والاهتمام به مسؤولية الدولة ليحظى بحقه، ثم البنية التحتية متهالكة جدا فالمدارس كثير منها يفتقر لأبسط مقومات المدرسة فتخلو من الخدمات الأساسية وتجدها بدون أبواب ونوافذ وحتى دورات مياه، هناك بعض المدارس منذ 40 سنة ما زالت مدارس صفيح في الشرق والغرب والجنوب، وازدحام المدارس بالطلاب يشكل إشكالية تعليمية وتربوية بسبب قلة عدد المدارس فوصل عدد الطلاب إلى 50 و60 في الفصل الدراسي، يجب أن تتم الآن الصيانة بأقصى سرعة، وقد صرفت الحكومة المؤقتة لصيانة المدارس مليون ونصف في حين حكومة الوفاق صرفت لمدرسة واحدة مليونين ونصف دينار، ولكننا نعمل في ضوء المتاح، وننتظر تسييل الميزانية من مصرف ليبيا المركزي طرابلس بعد أن اعتمدها مجلس النواب.

أما العنصر الثالث المناهج فحالياً لا تمثل البنية الليبية بل تم استيرادها من سنغافورة وهي من الدول المتقدمة والمتطورة، فالبيئة عندهم جاهزة للتطبيق وليست مثل بيئتنا التي تحتاج إعادة إعمار ثم نضع المناهج التي تتناسب معنا، فعلى سبيل المثال هم يطبقون اليوم الدراسي التام ونحن ندرس المنهج نفسه في نصف الزمن المقرر لتدريس الكتاب، ثم المعامل المجهزة عندهم غير موجودة عندنا وغير ذلك، والآن بعد الوفاق الذي يتوقع أن يحدث ربما تصبح حكومة واحدة يتعامل معها مركزي واحد وتستطيع الحكومة إنجاز ذلك بشكل عاجل، فالتعليم يمس كل أسرة ليبية ويجب أن يكون بعيداً عن النزاعات السياسية.