رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي فتح الله السعيطي الذي جعلته مواقفه يُصنف من أبرز المؤيدين والداعمين للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، لدرجة أن هذا الدعم يُعتقد أنه السبب الرئيس في إعفائه من صفته كرئيس للجنة الدفاع، وذلك بعد اتساع الفجوة السياسية تحت قبة مجلس النواب بين مؤيدي ومعارضي الحكومة الذين يأتي على رأسهم رئيس المجلس عقيلة صالح.

رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي فتح الله السعيطي الذي جعلته مواقفه يُصنف من أبرز المؤيدين والداعمين للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، لدرجة أن هذا الدعم يُعتقد أنه السبب الرئيس في إعفائه من صفته كرئيس للجنة الدفاع، وذلك بعد اتساع الفجوة السياسية تحت قبة مجلس النواب بين مؤيدي ومعارضي الحكومة الذين يأتي على رأسهم رئيس المجلس عقيلة صالح.

يتحدث السعيطي لـ”مراسلون” في هذا الحوار عن آرائه ومواقفه التي يصفها كثير من الليبيين بأنها مبهمة وغير واضحة، كما يعلق على الأحداث العسكرية التي بدأت قبل عشرة أيام بالقرب من مسقط رأسه بلدة سلطان (120 كيلومتر غرب بنغازي).

 س- كيف تلقيت قرار إعفائك من مهامك كرئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب وتكليف السيّد طلال ميهوب خلفًا لك؟

ج- أنا شخصياً لم أكترث بذلك، فما زلت رئيساً للجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، لأن كل ما تم بخصوص تكليف الزميل طلال المهيوب، مخالف تماماً للقوانين واللوائح المنظمة لعمل مجلس النواب.

 س- هل كان الخلاف الذي بينك وبين نائب رئيس المجلس الرئاسي علي القطراني بعد المشادّة الكلامية واتّهامه لك بعرقلة دعم الجيش داخل قبّة البرلمان سبباً في إقالتك؟

ج- ما بيني وبين الزميل علي القطراني ليس خلافاً في الحقيقة، بل هو اختلاف في وجهات النظر، والأمر ليس معقداً كما تتصورون ولا يحتاج إلى مساع للصلح، وقد سبق لي تأكيد ذلك في أكثر من مناسبة وفي بعض الفضائيات، المسألة برمتها اختلاف في وجهات النظر، أما الهدف فهو واحد عند كلينا وهو تحقيق مصلحة الوطن وحمايته ببناء مؤسسة عسكرية قوية قادرة على حفظ سيادة الدولة وفرض هيبتها.

 س- وهل اتهامه لك بدعم الميليشيات اختلاف وجهات نظر؟

ج- نعم، اتهامه لي بأني أدعم المليشيات هو ذروة الاختلاف في وجهات النظر بيننا، فثقافة الاختلاف نتيجة طبيعية من نتائج الديمقراطية، وهذه الأخيرة تجربة جديدة على الشعب الليبي الذي عاش طوال أربعة عقود في حكم استبدادي فرض الرأي الواحد، فكان أن أضحى الاختلاف في الرأي ووجهات النظر ينتهي بإلقاء تهمة من كل طرف على صاحبه، بالرغم من نزاهة الغايات ونبل المقاصد عند كلا الطرفين، ولمّا كانت قناعتي راسخة بأن هذا الاتهام نتيجة من نتائج الديمقراطية حديثة العهد بنا فإني لم أعر هذا الاتهام أي نوع من الاهتمام، لا سيما وأن علاقتي بالزميل علي القطراني طيبة للغاية.

 س- اجدابيا – الدائرة الانتخابية الرابعة – التي انتخبتك نائباً عنها في البرلمان هي اليوم على شفا حرب تدقّ الطبول (بين سرايا الدفاع عن بنغازي التي تشكلت بإيعاز من دار الإفتاء بطرابلس والجيش الليبي التابع لمجلس النواب بقيادة الفريق خليفة حفتر)، ما قراءتك للمشهد هناك؟

ج- أتمنى من كل قلبي أن تُجنّب مدينة اجدابيا الحبيبة ويلات حرب جديدة، فحسبها ما ذاقت من ويلات عام 2011، وللأسف فإن موقع هذه المدينة الاستراتيجي هو ما يدفع بعض الأطراف الرافضة للوفاق الوطني لمحاولة جعلها ورقة للتفاوض عبر السيطرة عليها.

أنا شخصياً أرى أن حكومة الوفاق الوطني هي الفرصة الوحيدة لإنهاء كافة الحروب في ليبيا ولاستمرار الدولة الليبية، فإذا أُفلتت هذه الفرصة فإنني أتوقع أن تدخل ليبيا لمرحلة شديدة القتامة تكاد تشابه الوضع في لبنان إبّان الحرب الأهلية.

نحن نأمل أن تتجنّب ليبيا ذلك عبر دعم المجتمع الدولي لحكومة الوفاق، التي تملك من الكوادر ما يؤهلها لقيادة المرحلة ووضع أسس الدولة، والبديل عن ذلك سيكون تشتتاً وتشظّياً وقبلية وجهوية وطموحات فردية، والخاسر الوحيد هو المواطن الليبي أولاً، ودول الجوار ثانياً التي ستعاني الأمرّين جرّاء انفلات أودية الهجرة غير الشرعية لغياب السلطة القادرة على ضبط الحدود والسواحل.

 س-  لعلك تشاهد وتلاحظ حجم التخبط الذي يعيشه المواطن الليبي بين جيشين أحدهما يتبع الرئاسي (الذي تقوده كتائب مصراتة ويحارب في سرت ضد تنظيم داعش) والآخر يتبع مجلس النواب في طبرق، فأي الجيشين هو النظامي في ليبيا حسب رأيك؟

ج- يجب أن أنوّه إلى أن البرلمان الليبي ما يزال المؤسّسة التشريعية الشرعية الوحيدة في البلاد، وقد سَلّم بموجب اتفاق الصخيرات اختصاصات الإشراف على القوات المسلحة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فلا يوجد شيء يسمى جيش تابع للبرلمان وجيش تابع للرئاسي، كل القوات المسلحة تتبع أو يفترض أن تخضع لإشراف المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، والقول بغير ذلك أو القبول به يعدّ نسفاً لاتفاق الصخيرات، الذي يُفترض أن يكون عقداً اجتماعياً حقيقياً لا صورياً فقط بين مكونات وأطياف الشعب الليبي السياسية والاجتماعية والثقافية.

 س- ولكن اتحاد سرايا الدّفاع عن بنغازي اشتبك مع جهاز حرس المنشآت النفطية في رمضان قرب اجدابيا، وكلاهما يعترفان بحكومة الوفاق، فما موقف الحكومة من ذلك؟

ج- الحكومة حسب علمي ليست لها أية علاقة بما يعرف بسرايا الدفاع عن بنغازي، وهذه القوة لم تخرج بأمر من المجلس الرئاسي ولا من وزارة الدفاع وزد على ذلك فإن الرئاسي غير معترف بها.

 س- ولكن لماذا يلتزم الرئاسي الصمت ولم يعلِّق على خروج هذه القوة؟ أليس في ذلك موافقة ضمنية؟

ج- لقد أصدرت وزارة الدفاع بياناً في حينه عبّرت من خلاله عن الموقف الرسمي لحكومة الوفاق الوطني، وانتقد البيان وشجب ما قامت به  القوات المسماة بسرايا الدفاع عن بنغازي، وحكومة الوفاق اكتفت بذلك وهي كما أظنّ بصدد اتخاذ إجراءات على الأرض لا مجرد بيانات.

 س- لم يعد يخفى على أحد الصراع السياسي بين القائد العام للجيش الليبي الفريق خليفة حفتر ووزير الدفاع المرشح لحكومة الوفاق الوطني المهدي البرغثي، هل يمكن أن يكون هناك وفاق بينهما بحكم قربك من الأخير وتعاملك المباشر مع الأول؟

ج- يا عزيزي أنت تعلم أن السياسة فن الممكن، وفي رأيي الشخصي أن الوفاق الوطني يجب أن يضم الجميع، وقبل ذلك أن يحترم الجميع، وذاك الاحترام مقرون بشروط الصالح العام ومصلحة الوطن فقط.

 س- بصفتك عضواً في مجلس النواب، لماذا لم يجتمع النواب حتى اليوم لتعديل الإعلان الدستوري ولإقرار حكومة الوفاق ومنحها الثقة أو رفضها؟

ج- عدم اجتماع مجلس النواب هو نتيجة قانونية طبيعية لعدم اكتمال نصاب عقد الجلسة، وعدم اكتمال نصاب الجلسة نتيجة طبيعية لاختلاف وجهات النظر السياسية بين أعضاء مجلس النواب حول حكومة الوفاق الوطني، حيث نالت هذه الحكومة تأييد ما يزيد عن 100 عضو من أعضاء مجلس النواب وترفضها أقلّية، أما عن مدى استمرار ذلك – أي استمرار عدم انعقاد الجلسات – فإننا نأمل أن يتم تقريب وجهات النظر بين كتلتي مجلس النواب قريباً، وأن تنعقد جلساته في جوّ يسوده الود والاتفاق والإقناع بالحجة والبرهان.