تحول اجتماع عادي للمكتب التنفيذي لحزب نداء تونس دعا له الأمين العام للحزب محسن مرزوق مطلع الشهر الجاري إلى معركة بالعصي والكراسي بين أنصار جناحي الصراع بالحزب.

لم يكن ذلك اليوم يوما عاديا في تاريخ حركة نداء تونس التي أخذ مصيرها منعرجا خطيرا بسبب وصول الصراع على قيادة الحزب إلى معارك طاحنة تهدد بانقسام الحزب لنصفين.

يدور الصراع بين شقين أحدهما يمثله نجل الرئيس التونسي حافظ قايد السبسي المدعوم من وزراء ونواب ورجال أعمال وقيادات وجزء من قواعد حزب النظام السابق المنحل.

تحول اجتماع عادي للمكتب التنفيذي لحزب نداء تونس دعا له الأمين العام للحزب محسن مرزوق مطلع الشهر الجاري إلى معركة بالعصي والكراسي بين أنصار جناحي الصراع بالحزب.

لم يكن ذلك اليوم يوما عاديا في تاريخ حركة نداء تونس التي أخذ مصيرها منعرجا خطيرا بسبب وصول الصراع على قيادة الحزب إلى معارك طاحنة تهدد بانقسام الحزب لنصفين.

يدور الصراع بين شقين أحدهما يمثله نجل الرئيس التونسي حافظ قايد السبسي المدعوم من وزراء ونواب ورجال أعمال وقيادات وجزء من قواعد حزب النظام السابق المنحل.

أما الشق الثاني فيمثله الأمين العام للحزب محسن مرزوق ورئيس الحزب بالنيابة محمد الناصر (رئيس البرلمان) وعدد من النواب والشخصيات اليسارية والنقابية في الحركة غير المتجانسة.

فراغ قيادي

أبرز الخلافات التي تشق حركة نداء تونس هي اختلاف الرؤى بين الفرقاء حول كيفية تنظيم أول مؤتمر تأسيسي للحزب والهيكل الذي سيقود الحزب إلى حين إجراء أول انتخاباته.

وتعمقت الخلافات نتيجة عدم الاتفاق على تحديد موعد نهائي لعقد المؤتمر التأسيسي وتحديد طبيعته إما بالانتخاب أو التوافق وعدم الاتفاق على تركيبة الهيئة التي ستدير المؤتمر.

وكانت استقالة الباجي قايد السبسي مؤسس الحزب عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية قد أحدثت فراغا أفقد حركة نداء تونس توازنها باعتبارها كانت تسير بشكل متماسك في فترة زعامته.

وحتى مساعي إعادة التوازن للحزب وتقاسم أعباء القيادة من خلال توسيع الهيئة التأسيسية وانتخاب أمين عام بالتوافق وهو محسن مرزوق وانتخاب محمد الناصر في خطة رئيس للحزب وانتخاب نجل الرئيس التونسي حافظ قايد السبسي في خطة نائب رئيس لم تحسم الخلافات.

نتيجة طبيعية

في الأثناء بلغت وتيرة صراع كسر العظام بين الأمين العام محسن مرزوق ونجل الرئيس التونسي حافظ قايد السبسي ذروتها إلى درجة أن 32 نائبا من الحزب ينتمون لشق مرزوق اعلنوا عن تجميد عضويتهم في الكتلة البرلمانية للحزب، مهددين بالاستقالة وربما تكوين حزب جديد.

وحول تصاعد وتيرة هذه الأزمة التي تعصف بحركة نداء تونس يقول المحلّل السياسي جوهر بن مبارك لـمراسلون: “هي نتيجة طبيعية لولادة قيصرية لحزب جمّع قيادات وقواعد من مختلف المشارب الفكرية والايديولوجية في مهمة وحيدة هي التصدّي لحكم الترويكا التي كانت تقودها حركة النهضة”.

ويضيف “كان من المتوقّع أن يحدث هذا الانفجار داخل الحزب بعد إنجاز المهمة والنجاح في الانتخابات”، مشيرا إلى أن هذا الانقسام سيتواصل حتى تتضح هوية الحزب السياسية بعد عقد مؤتمره التأسيسي.

وحسب رأيه فإن الحزب منقسم إلى شطرين: شق تجمعي –دستوري (أنصار النظام السابق وأنصار النظام البورقيبي) يرى أن له الفضل في الفوز بالانتخابات من خلال تجنيد قواعد حزب التجمّع المنحل. وشق يساري– نقابي يرى أن لولاه لما خرج الحزب من الصورة النمطية لحزب التجمع ومنحه المصداقية الشعبية المطلوبة.

لكن بن مبارك يرى أن الشق الدستوري التجمعي داخل حركة نداء تونس هو الغالب اليوم وأنه يريد التخلص من اليساريين الذين يعتبر أن مهمتهم انتهت بعد الفوز بالانتخابات.

صراع الاجنحة

وحسب بعض المراقبين يمسك حافظ قايد السبسي نائب رئيس الحزب بأغلبية فروعه في الجهات وبالتالي يريد الذهاب سريعا لإنجاز المؤتمر التأسيسي ليضمن الفوز في الانتخابات لإدارة الحزب.

في المقابل يسعى الأمين العام الحالي محسن مرزوق قبل انعقاد المؤتمر التأسيسي الذي لا يبدو مستعجلا عليه إلى تغيير الفروع بالانتخابات المحلية والجزئية حتى يضمن الفوز لاحقا.

وتتشعّب الأزمة داخل حركة نداء تونس وتتخذ عدة أبعاد. فمن صراع على منصب “الرجل الأول” داخل الحزب بين حافظ قايد السبسي ومحسن مرزوق واتهام حافظ بالسعي لوراثة زعامة الحزب عن أبيه، تبقى هناك عوامل خارجية غذّت الأزمة من خلال اللعب في “الكواليس”.

اتهامات للنهضة

من بين الأطراف السياسية التي لاحقتها الاتهامات بمحاولتها “تفخيخ” أزمة حركة نداء تونس من الداخل يوجد المنافس والخصم السياسي وشريك نداء تونس في الحكم وهو حركة النهضة الإسلامية.

في السياق يقول النائب الصحبي بن فرج محسوب على شق الأمين العام محسن مرزوق إن لديه “قرائن عن اختراق حركة النهضة ومحاولتها تفجير الحزب من الداخل”.

هذا النائب يرى أيضا أن زيارة حافظ قايد السبسي إلى تركيا قبل اشهر ومقابلته لأردوغان تقف ورائها حركة النهضة وأن تمجيد الصحف القريبة من حركة النهضة للشق الدستوري داخل الحزب والعمل على شيطنة شق محسن مرزوق “تثبت وقوفها وراء تأجيج الصراع داخل الحزب”.

وأكثر من ذلك يقول أن التقارب بين حافظ السبسي وحركة النهضة بلغ إلى حد التفكير في خوض الانتخابات البلدية بقوائم مشتركة رغم اعتراض العديد من قيادات حركة نداء تونس وناخبيه على هذا التحالف.

من جهة أخرى يؤكد النائب عن الجبهة الشعبية اليسارية المعارضة الجيلاني الهمامي أن حركة النهضة “متورطة ولو بطريقة غير مباشرة في ازمة نداء تونس من خلال توظيف لوبيات المال المشبوه”.

وتحدث الهمامي عن دور رجل الأعمال المثير للجدل شفيق جراية الذي تحوم شبهات حول مصدر ثروته وهو من المساندين لحافظ قايد السبسي قائلا “هو موجود في الصورة ولديه اتصالات بحركة النهضة وبأطراف في ليبيا ويلعب دورا هاما في تغذية الخلاف بين شقي حركة نداء تونس”.

ويتهم جزء من القاعدة الانتخابية لنداء تونس شفيق جراية بوقوفه وراء أحداث العنف التي شهدها اجتماع المكتب التنفيذي الأخير بالحمامات (شمال البلاد).

كما يتهمونه بتحريض حافظ قايد السبسي على مواجهة محسن مرزوق وهو الذي تكفّل بمصاريف اجتماع جربة (جنوب) الذي حاول من خلاله الشق التجمعي الدستوري وضع يدهم كليا على الحزب. ويقول النائب عن حركة نداء تونس وليد جلاّد لمراسلون ان “هناك لوبيات تريد التحكم في الحزب تتكون من رجال أعمال ووسائل إعلام تتعاون مع حافظ قائد السبسي”.

انتقال الأزمة

ولئن لم يدافع رجل الأعمال شفيق جراية عن نفسه واكتفى بالصمت وعدم الادلاء بأي موقف في الموضوع، فإن نجل الرئيس حافظ قايد السبسي نفى جميع الاتهامات الموجهة إليه بالوقوف وراء أعمال العنف ضد أنصار محسن مرزوق او السعي للانقضاض على مقاليد ادارة الحزب.

بدورها سارعت حركة النهضة الاسلامية الى دحض أية تهمة لاحقتها حول تورّطها في أزمة نداء تونس.

وصرّح زعيم الحركة راشد الغنوشي منذ أيام عقب لقاءه برئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي في خضم أزمة النداء أن الحركة مستمرّة في مساندة الحكومة ومساندة رئاسة الجمهورية.

ويقول القيادي في حركة النهضة سمير ديلو إن حزبه ولئن كان يخشى أن تنتقل أزمة النداء الى مؤسسات الدولة إلا أنه نفى قطعيا تدخله من قريب أو بعيد في هذه الأزمة.

وتتجه الانظار يوم 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري إلى ما سيفرزه اجتماع المكتب التنفيذي لحزب نداء تونس من قرارات حتى تتضح الوجهة التي سيمشي فيها الحزب سواء بقبول الإخوة الفرقاء التوافق على الذهاب في مؤتمر تأسيسي أو الانقسام وهو ما قد يفقد الحزب أغلبيته البرلمانية ويتيح الفرصة من جديد لحركة النهضة لتصدر السلطة السياسية في البلاد باعتبارها ثاني حزب أغلبي في البرلمان.