المنصف بن مراد، مدير تحرير صحيفة أخبار الجمهورية الأسبوعية، كان من بين الأسماء الإعلامية التي ذكرها الكتاب الأسود الصادر عن رئاسة الجمهوية، والذي اتهمه بخدمة المنظومة الدعائية لنظام بن علي.

المنصف بن مراد خصّ موقع “مراسلون” بحوار تحدّث فيه عن علاقته بالنظام السابق وعن دوافع المرزوقي الحقيقية والكامنة وراء إصداره لهذا الكتاب الأسود.

مراسلون: قدّمك الكتاب الأسود في صورة الإعلامي الذي خدم منظومة بن علي الفاسدة وتورّط في تلميع صورته. ما تعليقكم على المسألة؟

المنصف بن مراد، مدير تحرير صحيفة أخبار الجمهورية الأسبوعية، كان من بين الأسماء الإعلامية التي ذكرها الكتاب الأسود الصادر عن رئاسة الجمهوية، والذي اتهمه بخدمة المنظومة الدعائية لنظام بن علي.

المنصف بن مراد خصّ موقع “مراسلون” بحوار تحدّث فيه عن علاقته بالنظام السابق وعن دوافع المرزوقي الحقيقية والكامنة وراء إصداره لهذا الكتاب الأسود.

مراسلون: قدّمك الكتاب الأسود في صورة الإعلامي الذي خدم منظومة بن علي الفاسدة وتورّط في تلميع صورته. ما تعليقكم على المسألة؟

هذا الكتاب هتك أعراض الناس، ولست أقصد بذلك نفسي فقط، وانتهك حرمة الإعلاميين والمثقفين. وهو بمثابة عملية تصفية حسابات أو تلميع صورة رئيس جمهورية المؤقت وهو الذي ليس له شعبية كبيرة في البلاد.

وبالنسبة لما يتعلّق بي شخصيا فأنا اتهمه بالكذب عندما ذكر أني كنت ضمن زمرة من قام بثلب المعارضين في تونس، فهذا محض كذب وافتراء منه. أنا لم أثلب أي سياسي ولم أكتب ولو كلمة واحدة ضدّ أي معارض تونسي.

أنت كمدير لوسيلة إعلامية، كيف تعاملت مع نظام بن علي. وكيف تعامل الصحفيون مع الضغوطات التي كانت السلطة الحاكمة تمارسها عليهم لتركيعهم؟

هناك درجات في المسؤولية بالنسبة للإعلاميين في تلميع صورة النظام السابق، فهناك من ثلب وهناك من كتب تقارير أمنية ضد زملائه وهناك من مدح الأسرة الحاكمة والفاسدين واللصوص. وفي المقابل هناك من كتب بعض المقالات لمدح أو تثمين إنجازات نظام بن علي وهنا البون شاسع كما يقال “بين من أزهق الأرواح وبين من سرق فقط تفاحة”، فلا يوجد هنا أي تشابه منطقي في الوضعيتين.

إذن في أي درجة تصنّف نفسك أنت؟

أنا لم أثلب أحدا، ولم أقدح يوما أو أجرّح المعارضين. بل على العكس كتبت مثلا لفائدة المعارض نجيب الشابي ووقفت إلى جانب المعارضة والحقوقية راضية نصراوي عندما أضربت عن الطعام وكتب أيضا لفائدة البوصيري بوعبدلي عندما أرادت السلطة أن تسحب منه رخصة مدرسته الخاصّة. وقد كنت مدير الجريدة الوحيد الذي زار السيد رياض بن فضل بعد محاولة اغتياله من طرف عائلة الطرابلسي (أصهار بن علي) في بداية التسعينات.

ما هي تهمتك إذن لكي يرد اسمك في الكتاب الأسود؟

تهمتي أنني لا أتفق مع المنصف المرزوقي، وما كتبته في السابق هو فقط استعراض لإيجابيات أنجزت بالفعل في البلاد وتحسب للنظام السابق وهذا واقع لا يمكن أن ننكره.

وما يقع اليوم في تونس هو أسوأ ألف مرة مما وقع في زمن بن علي. كما أنه كان من المعروف أن عائلة الرئيس السابق وخاصّة أصهاره هم من احترفوا الفساد وأنا أتحدّى أيّا كان أن يأتيني بسطر كتبته في مقال أمدح فيه أحد أفراد هذه الحاشية الفاسدة..فجريدة “الجمهورية” كانت الأسبوعية الأشجع في ظرف خاصّ وفي دولة ليس لها تقاليد ديمقراطية عريقة.

ما علاقتك بوكالة الاتصال الخارجي الموكولة لها مهمة تلميع صورة النظام “حصريا”؟

علاقة طبيعية ومثل بقية الصحف الأخرى، نحن كنّا نتحصّل على حصة سنوية من الاشهار العمومي لا تتجاوز 15 ألف دولار مقابل إشهار لا نحتكره بل يصدر في بقية الصحف التونسية.

بعيدا عن الكتاب الأسود هل لك مؤاخذات على نفسك وتلومها أحيانا لأنك لم تكن عندك الجرأة أكثر للتصدّي لمنظومة العهد البائد؟

أنا لست نادما أبدا، فأنا كتبت بضمير وقلت ما يجب أن يقال وكتبت لفائدة المعارضة وكتبت لفائدة الرئيس بن علي لوحده. والذي أرى أنه أحسن بألف مرة من الرئيس المؤقت الحالي. على الأقل في الماضي لم تعان البلاد لا من الخراب الاقتصادي الحالي ولا المشاكل السياسية ولا “تقزيم” تونس في المحافل الدولية والإضرار بصورتها في الخارج.

ثم إن الفترة الزمنية التي تحدّث عنها الكتاب كانت فيها كل الأفواه مكممة وكانت كل الأصوات منسجمة مع النظام ما عدا قلة قليلة أمثال نجيب الشابي وحمة الهمامي …

التوقيت الذي صدر فيه الكتاب الأسود هل هو توقيت بريء في تقديرك؟

الطاقم الذي يشتغل مع الرئيس المؤقت وأنجز هذا الكتاب، لا أعتقد أن لديه حسابات سياسية بعينها. لكن الفكرة الأساسية التي كانت وراء نشر هذا الكتاب هي محاولة إرجاع المنصف المرزوقي إلى سباق الانتخابات الرئاسية القادمة. و لكن بكتابه هذا أثبت أن ليس له أخلاق كافية ولا تكوين سياسي ولا رؤية شاملة لمشاكل البلاد ليتولّى منصب رئيس الجمهورية الذي وضعه نصب عينه، وإذا كان هاجسه الانتخابات فأنا سأكون في أوّل صفوف معارضيه ولن أتوانى عن التشهير بأفعاله المشينة.

هل تعتقد أن المرزوقي بكتابه هذا قد ساوى بين الجلاّد والضحية؟

الرئيس المؤقت وضع أرشيف الدولة على قارعة الطريق، كما أنه أضاف إلى كتابه جملة من الأراجيف والأكاذيب. وقد تحديته أن يأتي بدليل واحد على ما قاله.

وأرى أن توقيت إصدار الكتاب ينم عن استخفاف كامل بمصلحة البلاد وعدم وعي بحدّة الأزمة السياسية التي تمرّ بها الدولة.

لكن الكتاب الأسود والمرزوقي من ورائه حاول تطبيق نوع من العدالة الانتقالية حسب رأيه.

العدالة التي اختارها المرزوقي بهذا الكتاب كانت عدالة انتقامية وانتقائية كما أنها أضرّت بمشروع العدالة الانتقالية وساعد على إفلات المورّطين الحقيقيين في المنظومة الدعائية لبن علي من المحاسبة.

في تقديرك كيف سيذكر التاريخ المنصف المرزوقي؟

لقد أضرّ المرزوقي بمصالح تونس ومستقبلها، وأنا على يقين أنه أسوأ ساكن لقصر لقرطاج كما أنني لا أعترف به كرئيس جمهورية.