أبرزت ثورة 30 يونيو الدور المحوري والرئيسي الذي لعبه الإعلام المصري الخاص ودوره في إبراز أخطاء النظام السابق وتعبئة الجماهير حتي خروج الملايين إلى الشوارع وعزل الرئيس محمد مرسي.

ولكن عقب عزل مرسى وتشكيل حكومة جديدة بدأت الاتهامات توجه إلى الإعلام المصري وخاصة الإعلام المستقل (الخاص) بأنه أصبح أقرب إلى التليفزيون الرسمي للدولة، مما يعني سيطرة الدولة على الإعلام الخاص وهو ما عجزت عنه الأنظمة السابقة بشكل كبير.

أبرزت ثورة 30 يونيو الدور المحوري والرئيسي الذي لعبه الإعلام المصري الخاص ودوره في إبراز أخطاء النظام السابق وتعبئة الجماهير حتي خروج الملايين إلى الشوارع وعزل الرئيس محمد مرسي.

ولكن عقب عزل مرسى وتشكيل حكومة جديدة بدأت الاتهامات توجه إلى الإعلام المصري وخاصة الإعلام المستقل (الخاص) بأنه أصبح أقرب إلى التليفزيون الرسمي للدولة، مما يعني سيطرة الدولة على الإعلام الخاص وهو ما عجزت عنه الأنظمة السابقة بشكل كبير.

ويطرح الوضع القائم عدة تساؤلات منها: هل الإعلام الخاص أصبح تحت عباءة النظام الجديد؟ ما مدى استقلالية الإعلام الحالي؟ هل تلاشت الموضوعية من الوسائل الإعلامية أو أصبحت تعبر عن اتجاه واحد؟

إعلام الصوت الواحد

الناقد طارق الشناوي هو أحد أبرز الأصوات المنتقدة لأداء الإعلام، معتبرا أن الأداء الإعلامي الحالي يبتعد عن مبادئ حرية الإعلام. وقال “يجب أن نعترف أن هناك قنوات فضائية ترتكب جرائم في حق المشاهد وتبتعد عن نقل الحقائق بشكل كامل، كما أن هناك العديد من الإعلاميين تجاهلوا أهم مبادئ حرية الإعلام ومنها الموضوعية والشفافية وعدم التحيز. أعتقد أن هذه المشاكل وضعت الإعلام في مأزق كبير جعله يفقد مصداقيته شيئاً فشيئاً عند المشاهد”.

ويرى الشناوي أن الكارثة الكبرى التي بدأ الكثير يلاحظها مؤخراً هو اعتماد كل القنوات الفضائية على مجموعة معينة من الضيوف، بل أن هناك أوقات نجد فيها ضيف ما يظهر في عدة قنوات فضائية في يوم واحدا ليقول نفس الكلام، حسبما يقول الشناوي.

“لم نتعرض لأي ضغوط”

المستشار الإعلامي لقنوات MBC الخاصة مدحت حسن دافع عن أداء قنواته، وإن عبر عن عدم اندهاشه من الانتقادات والاتهامات التي لاحقت الإعلام في الفترة الأخيرة مؤكداً أن هناك بالفعل حالة من التخبط لدى الجمهور وبعض الإعلاميين.

وحرص حسن على الدفاع عن قناة “MBC مصر” رافضاً تقييم القنوات الأخرى، قائلاً “في البداية أريد أن أؤكد أننا لا نتعرض لأي ضغوط ولا نتلقى أوامر من أي جهة سياسية كما يزعم البعض، فالموضوعية والشفافية وطرح الرأي والرأي الآخر من أهم المبادئ التي تأسست عليها هذه القناة، ففي الحقيقة أنا لا أريد أن يكون كلامي مرسلا ولكني واثق بأن من تابع القناة جيداً خلال الفترة الماضية تأكد من الكلام الذي قلته، فالقناة موجهة لكل المصريين ولا تسعى لخدمة تيار سياسي معين”.

“تبني تيار سياسي معين ليس من العيب”

القنوات الفضائية التابعة للدولة دافعت أيضا عن أدائها. فقد إتفق حسن حامد رئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي الحكومية مع مدحت حسن مؤكداً على تمتع كافة القنوات الفضائية بالاستقلالية الكاملة، ولكنه عاد وأكد على ارتكاب بعضها جرائم فادحة في حق الإعلام والشعب المصري بتركيزها على وجهة نظر واحدة وإقناع الجمهور في نفس الوقت بانها تنقل الحقيقة كاملة.

ويقول: “رغم أن القنوات الخاصة والحزبية تتمتع بالاستقلالية الكاملة والحرية في بث كافة المعلومات والأخبار إلا أن بعضها يرتكب جرائم فادحة في حق الإعلام حيث تبث وجهة نظر واحدة و تؤيد تيار معين ثم تؤكد أنها تعتمد على الشفافية والموضوعية الكاملة في بث الأخبار وهو أمر مثير للدهشة لانه ليس من العيب تبني وجهة نظر واحدة أو تأييد تيار سياسي معين، ولكن العيب الحقيقي والخطأ الكبير هو خداع الجمهور والتأكيد على اعتماد القناة على طرح كافة وجهات النظر واحترامها للرأي والرأي الآخر”.

“إعلام ضد الإرهاب”

محمود علم الدين رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة دافع عن الإعلام المنحاز ضد نظام الرئيس المعزول محمد مرسي وأعلن رفضه للانتقادات التي تلاحق القنوات الفضائية وتشكيك البعض في مدى استقلاليتها. حيث أكد أن مصر تتعرض لأخطر أنواع الإرهاب وأن الموقف الذي اتخذته القنوات الفضائية مؤخراً يتفق مع رأي الأغلبية والتي أعلنت تأييدها لثورة 30 يونيو.

وأضاف علم الدين “اختيار القنوات الحزبية والخاصة لتوجه معين وتأييدها لموقف سياسي خاص ليس عيباً لان لها الحرية الكاملة في اتخاذ هذا التوجه وليس من حق أحد انتقادها خاصة وأن هذه القنوات تؤيد رأي الأغلبية التي قرروا دعم ثورة 30 يونيو ومساندة الجيش والشرطة في إعادة بناء الدولة ومواجهة الإرهاب”.

اليوتيوب هو الحل؟

الانتقادات الموجهة للإعلام المصري اتخذت بعدا جديدا عقب منع عرض الحلقة الثالثة من الموسم الثاني من برنامج البرنامج للإعلامي باسم يوسف. مما جعل البعض يطرح فكرة العودة إلى إعلام الانترنت البديل مثل اليوتيوب وغيرة من مواقع التوصل الإجماعي التي تحظي بقدر أوسع من الحرية في ظل ازدياد القيود على الإعلام سواء القومي أو الخاص. فقد طالب جمهور باسم يوسف بعرض هذه الحلقة الممنوعة والحلقات القادمة على اليوتيوب باعتبار انه الإعلام البديل والوحيد الذي سيمنحه الحرية الكاملة بدون قيود أو شروط خاصة بعد إعلان الشركة المنتجة فسخ عقدها مع قناة ” سي بي سي “، لاسيما أن بداية نجاح وشهرة باسم كانت من خلال اليوتيوب والذي استخدمته للتعبير عن آرائه خلال أحداث ثورة يناير. فهل سيصبح اليوتيوب بديلا للقنوات الفضائية يلجأ إليه الإعلاميين و السياسيين وغيرهم من الشخصيات العامة للتعبير عن أرائهم بقدر أكبر من الحرية؟

“اليوتيوب لم يعد بديل عن القنوات الفضائية فحسب بل انه بمثابة بديل عن كافة وسائل الإعلام، فهو نجح في التفوق على القنوات التلفزيونية والإذاعية والصحف والمجلات لأن المعلومات والحقائق تصل من خلاله إلى الجمهور كاملة وبأقصى سرعة”. هكذا يقول عميد كلية إعلام الأسبق بجامعة القاهرة الدكتور سامي عبد العزيز.

ويرى عبد لعزيز أنه على الرغم من أن اليوتيوب وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي لا يستخدمها كافة شرائح المجتمع إلا أن هذه الوسائل الجديدة التي فرضتها التكنولوجيا الحديثة تحقق صدى قويا ورد فعل ضخم لأن تأثيرها يحدث على مرحلتين، فعلى سبيل المثال الإبنة التي شاهدت حلقات باسم يوسف عام 2011 تحرص على توصيل مضمونها إلى والديها اللذين ربما لا يتعاملان مع الوسائل التكنولوجية الحديثة”.

ويضيف: “رغم النجاح الضخم الذي حظي به برنامج باسم يوسف من خلال عرض برامجه على القنوات الفضائية إلا أنني أرى أن مكانه الأفضل اليوتيوب لأنه سيعطيه الحرية الكاملة بدون شروط أو ضغوط”.

في المقابل اختلفت الدكتور منى الحديدي رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة مع عبد العزيز مؤكدة أن اليوتيوب ليس بديلاً عن جميع وسائل الإعلام. ولكنها تتفق معه في أن اليوتيوب هو الوسيلة الأفضل لعرض البرامج الشعبية والساخرة ذات المضمون الجريء وتقول “برنامج باسم يوسف وغيره من البرامج ذات المضمون الجريء التي تحتوي على قضايا شائكة وحساسة لابد من عرضها على قنوات اليوتيوب لأنه يضمن فرصة أفضل لعرضها، فالقنوات الفضائية سواء كانت حكومية أو معارضة أو خاصة تتحكم بها مجموعة من القوانين والمعايير التي تقيد من حرية البرامج الشعبية وبالتالي العرض على اليوتيوب أفضل”.