كحجر اُلقي في المياه الراكدة ظهر فيلم “فرش وغطا” علي الساحة السينمائية بعد فترة طويلة من الأفلام الشعبية المحدودة المستوى التي أثارت مخاوف حول مستقبل السينما علي الرغم من جنيها أرباح فلكية. واعتبر البعض الفيلم بدايةً جديدة لاتجاه تصحيحي لمسار السينما ووضعها على الطريق الصحيح، إلا أن الفيلم لم يعرض بدور السينما إلا أسبوع واحد فقط، لتكثر التكهنات حول أسباب تقليص فترة عرضة، وهل للدولة دور في ذلك؟ وما هي نوعية الافلام القادرة على جذب الجمهور ومواجهة الأفلام التجارية؟

واجب وطني وفني

كحجر اُلقي في المياه الراكدة ظهر فيلم “فرش وغطا” علي الساحة السينمائية بعد فترة طويلة من الأفلام الشعبية المحدودة المستوى التي أثارت مخاوف حول مستقبل السينما علي الرغم من جنيها أرباح فلكية. واعتبر البعض الفيلم بدايةً جديدة لاتجاه تصحيحي لمسار السينما ووضعها على الطريق الصحيح، إلا أن الفيلم لم يعرض بدور السينما إلا أسبوع واحد فقط، لتكثر التكهنات حول أسباب تقليص فترة عرضة، وهل للدولة دور في ذلك؟ وما هي نوعية الافلام القادرة على جذب الجمهور ومواجهة الأفلام التجارية؟

واجب وطني وفني

يرى الفنان آسر ياسين أن مشاركته في فيلم “فرش و غطا” كانت بمثابة واجب وطني و فني علي حد قوله، قائلاً “السبب الرئيسي وراء مشاركتي في هذا الفيلم هو رغبتي في تناول القضايا الخاصة بالفقراء والمُهمشين في مصر والتي لم تتحسن احوالهم بالرغم من ان ثورة 25 يناير اندلعت من أجلهم ومن أجل تحقيق العدالة الإجتماعية، ففيلم فرش وغطا لم يتناول أحداث الثورة على الإطلاق ولكنه تناول حياة المهمشين في الفترة الزمنية التي إندلعت خلالها الثورة حيث إزدادت أحوالهم سوءاً بعد الثورة”.

يحكي فيلم فرش وغطا قصة بطله المجهول الاسم، الذي خرج بعد فتح أبواب السجون أثناء الفوضى الأمنية التي رافقت بداية ثورة ٢٥ يناير. يخرج البطل فيجد نفسه في عالم جديد تنظمه اللجان الشعبية، وتهيمن عليه أخبار الثورة القادمة من أجهزة الراديو أو التليفزيون. البطل الصامت الذي لا يكاد يتحدث في الفيلم، يتورط في مهمة إرسال وصية زميله في السجن، الذي قتل في يوم فتح السجون، إلى ذويه. وهي مهمة ستجعله يتحرك تدريجيا عبر مناطق القاهرة العشوائية والمنسية، التي يعيش أهلها على هامش الثورة الوليدة. حتى يجد نفسه فجأة في قلب اشتباكات الثورة.

ويضيف ياسين: “عندما قررت المشاركة في بطولة هذا الفيلم وخوض تجربة الإنتاج من خلاله لأول مرة لم يشغلني الإيرادات لأنني كنت أعلم جيداً أن الفيلم لا ينتمي إلى أنواع الأفلام التجارية، فهو أشبه إلى فيلم تسجيلي درامي نحاول من خلاله رصد حياة طبقة المُهمشين. وبالفعل قبل تصويري لهذا الفيلم ذهبت للعديد من المناطق التي تعيش بها هذه الطبقة وبدأت في التحدث معهم عن مشاكلهم بل استعنت ببعضهم في بعض المشاهد، فهم اضافوا عنصر المصداقية على الفيلم”.
“لم نتعرض لضغوط”

فيلم فرش وغطا هو التجربة السينمائية الثالثة للمخرج أحمد عبد لله، بعد فيلميه هليوبولس وميكرفون. واتفق عبد الله مع ياسين مؤكداً أن فيلم “فرش وغطا” ليس عملا تجاريا خاصة وأن الإيرادات لم تكن تشغله ولم تكن هدف يسعى في الوصول إليه. ويقول: “الفيلم شارك في اربعة مهرجانات دولية حتى الآن، وهم مهرجان تورنتو ومهرجان لندن ومهرجان أبو ظبي وأيضاً مهرجان مونبيليه. ونجحنا من خلالهم في توصيل الرسالة التي يناقشها الفيلم وهو أن المهمشين يعانون من العديد من المشاكل اليومية ولا يجدون من يستمع إليهم، أما عن أحداث الثورة المصرية فجاءت على هامش الأحداث الرئيسية للفيلم. فرغم أن الفيلم يتناول قصة حياة شاب هرب من السجن بعد حالة الإنفلات الأمني التي شهدتها مصر خلال الثورة إلا اننا لم نتحدث عن الأشخاص الذين ساعدوا في هروب المساجين بل كل ما كان يشغلنا رصد حياة المهمشين”.

و عن ما اثير حول تقليص فترة عرض الفيلم بسبب ضغوط غير مباشرة من جانب الحكومة، قال عبد الله “عرض الفيلم لمدة اسبوع واحد لم تكن بسبب ضغوط الدولة كما يزعم البعض، فالفيلم إجتماعي ولا يحتوي على أي خطوط سياسية، ولكن اتخاذنا لهذا القرار جاء لشعورنا بأن طبيعة الفيلم مختلفة ولن يتقبلها بعض المشاهدين بسهولة، ولذلك قررنا طرحه لمدة أسبوع واحد، ولكن عندما شعرنا بإقبال جيد من الجمهور قررنا مد عرضه لأسبوع آخر، فالجمهور يرغب في مشاهدة نوعية مختلفة من الأفلام وأتمنى أن يفتح فرش وغطا الباب أمام السينما المستقلة”.

رسالة عتاب للثورة

“رغم أن الفيلم لم يتناول أحداث الثورة إلا أن مخرجه كان حريصا على بعث رسالة عتاب إليها بسبب إزدياد احوال المهمشين سوءاً بعد إندلاعها ونجاحها في إسقاط النظام. فالثورة لم تنجح للأسف في إنقاذ حياة هذه الطبقة والتي تواجه العديد من المشاكل”. هكذا يري الناقد الفني طارق الشناوي فيلم “فرش وغطا”.

موضحاً أن قرار عرض الفيلم لأسبوع واحد هو قرار صائب ، قائلاً ” طبيعة الفيلم مختلفة ولم يتقبلها الجمهور بسهولة ولذلك كان لابد من تقليل مدة عرضه لأنه يناسب فئة المثقفين النخبة، ولذلك كل ما يقال حول قدرة الفيلم على مواجهة الأفلام الشعبية والدخول في منافسة معها، كلام فارغ و لا يمكن تطبيقه على ارض الواقع، ففيلم فرش و غطا بعيد تماماً عن نوعية الأفلام التجارية”.

“غير قادر على المنافسة”

الناقدة ماجدة خير الله انتقدت نخبوية الفيلم، ورأت أنه وغيره من الأفلام المستقلة على مواجهة موجة الأفلام الشعبية التي غزت شاشة السينما في الفترة الأخيرة، إلا أنها أكدت أن وجود هذه النوعية من الأفلام أمر ضروري وتقول: “هذه النوعية من الأفلام لديها جمهور حريص على دخول السينما لمشاهدتها. وأعتقد أن هذا الجمهور سوف يزداد عدده خلال الفترة المقبلة. ومع إزدياد الوعي بأهمية الرسائل الفنية التي تحملها هذه النوعية من الأفلام، ورغم إعجابي الشديد بها إلا انها لن تتمكن من منافسة الأفلام الشعبية والتي ترضي شريحة كبيرة من المجتمع المصري”.

وتضيف: “رغم ان الفيلم لم يتحدث عن الثورة و لم يكشف عن أسباب إندلاعها أو أهم أحداثها بشكل عميق إلا أنه تحدث عن حال مصرو الطبقة الُمهمشة في الفترة الأخيرة، فهو تناول الظروف المحيطة بالثورة وألقى الضوء على المجتمعات المنتهكة حقوقهم”.