شهد الموسم الرمضاني الحالي منافسة قوية بين نحو 30 عملا دراميا تليفزيونيا، تدور مواضيعها حول محاور اجتماعية وتاريخية وكوميدية، وإن كانت السياسة حضرت بشكل مباشر أو غير مباشر في معظمها.

مسلسلات بمليار جنيه

شهد الموسم الرمضاني الحالي منافسة قوية بين نحو 30 عملا دراميا تليفزيونيا، تدور مواضيعها حول محاور اجتماعية وتاريخية وكوميدية، وإن كانت السياسة حضرت بشكل مباشر أو غير مباشر في معظمها.

مسلسلات بمليار جنيه

رغم توقع الكثير بان الموسم الدرامي هذا العام سيشهد ازديادا كبيرا بسبب عودة روح الإطمئنان لشركات الإنتاج وصُناع الدراما بعد الاستقرار السياسي النسبي ووصول رئيس جديد للبلاد ، إلا أن موسم الدراما الرمضاني هذا العام جاء أقل نسبيا مقارنة بالعام الماضي والذي بلغت تكلفة مسلسلاته 1.5 مليار جنيه (حوالي 210 مليون دولار امريكي) بمعدل 45 عمل درامي. 

وبالرغم من ذلك فإن الانتاج هذا العام ليس بالقليل، فالكثير من المنتجين أكدوا أن التكلفة الإنتاجية لمسلسلات الدراما هذا العام وصلت إلى المليار جنيه طبقاً لتقديراتهم، وأن عدد المسلسلات التي خاضت سباق الدراما بلغت نحو 30 مسلسلاً.

ويعلق المنتج خالد حلمي على هذه المعطيات قائلا أن تكلفة الانتاج أقل من الأعوام السابقة “إلا أن المستوى الفني لمسلسلات العام الحالي أعلى بكثير من نظيراتها في العام الماضي”.

“نجحنا في تحقيق أرباح”

المنتج الفني لمسلسل “السبع وصايا” أحمد السيد أعلن أن تكلفة العمل وصلت إلي 30 مليون جنيه (حوالي 4 مليون دولار)، قائلاً “لا أعتقد أنها تكلفة ضخمة خاصة وأن البطولة الجماعية تعد السبب الرئيسي وراء وضعنا لهذه الميزانية”.

فالمسلسل يشارك في بطولته أكثر من 15 فنان كما أن تاجير الإستديوهات و السفر إلى أكثر من محافظة كان أمرا مكلفا بحسب المنتج، “ولكن رغم التكلفة الضخمة نجحنا في تحقيق ارباح جيدة من خلال تسويق المسلسل وعرضه على أكثر من قناة فضائية واتوقع تحقيق مزيد من الأرباح خلال العرض الثاني والثالث”.

اما الفنان تامر عبد المنعم والذي يخوض تجربة الإنتاج هذاالعام من خلال مسلسل “المرافعة” فيقول إن تكلفة العمل بلغت نحو 16 مليون جنيه (حوالي 2 مليون دولار)، “فالمسلسل لم يتم تصويره في مصر فقط بل صورنا في مصر و دبي و بالتالي الامر كان مُكلف للغاية و لكننا نجحنا في تسويق العمل جيداً”.

وسجّل مسلسل “سرايا عابدين” أعلى تكلفة إنتاجية لهذا العام. ويقول مدحت حسن المتحدث الإعلامي باسم قنوات MBC التي أنتجت المسلسل إنها وصلت إلى 20 مليون دولار أمريكي، وهو مبلغ لم يُنفق من قبل على مسلسل عربي. ولكن مشاركة 250 ممثلا في البطولة كان سببا كافياً لوضع هذه الميزانية الضخمة، بالإضافة إلى التكاليف الخاصة بالملابس والديكور، يوضح حسن.

هل أصبحت الدراما بديلاً للسينما؟

هذا السؤال يطرح نفسه بقوة مع الإقبال الشديد على مشاهدة المسلسلات التلفزيونية ونجاح شركات الإنتاج في تسويق أعمالها الدرامية وتحقيق أرباح كبيرة، في مقابل تراجع الإنتاج السينمائي الموسم الماضي.

“مراسلون” طرحت السؤال على المنتج هاني جرجس فوزي الذي يرى أن عددا كبير من المنتجين قرروا الإتجاه للإنتاج التلفزيوني وتخلوا عن السينما تماماً لأنها أصبحت تجارة غير مُربحة على حد قوله. ففي بعض الأحيان وصلت خسائر بعض المنتجين إلى ثلاثين مليون جنيه في الفيلم الواحد، يؤكد فوزي، “وبالتالي أصبح من المنطقي هروب الفنانين والمنتجين إلى التلفزيون لأنه يجعل أعمالهم تحظى بنسبة مشاهدة كبيرة ويحقق لهم تجارة مُربحة، بل انهم يستمرون في جني الأرباح بعد إنتهاء شهر رمضان لان القنوات تشتري المسلسلات طوال العام”.

ويشير جرجس إلى أن الأزمات التي لحقت السينما في الفترة الأخيرة ليست فقط بسبب الأحداث السياسية أو القرصنة الإلكترونية “ولكن السبب الرئيسي في الكارثة التي تعاني منها السينما المصرية الآن هو شراء القنوات الفضائية للأفلام بعد عرضها بالسينمات بأسعار رمزية لاتغطي ثمن تكلفة الفيلم”.
اما الناقد طارق الشناوي فيقول إن الأزمات التي لحقت بالسينما خلال السنوات الأخيرة لا تعطي الحق للفنانين والمنتجين لترك هذه الصناعة الكبرى للتعرض للإنهيار والدمار واللجوء إلى الدراما من أجل تحقيق المكاسب المادية. “فالفنان الحقيقي و المخرج الواعي والمنتج الذكي يعرف جيداً قيمة السينما المصرية وكان يجب أن يحاربوا من أجل إستمرارها لا أن يساهموا في تدميرها بالتخلي عنها بهذه الطريقة”.

الإنتقادات تلاحق الدراما المصرية

الدراما هذا العام نجحت إذن في أن تسير بخطوات واثقة في طريق منافسة السينما، وأن تحظى بإقبال شديد على مشاهدتها ومناقشتها والتعليق عليها في شبكات التواصل الإجتماعي. لكن ماذا عن المستوى الفني للمسلسلات المعروضة؟

إجمالا أظهرت بعض المسلسلات عيوبا فنية بحسب النقاد، ويمكن تلخيص أهم الانتقادات بالأخطاء التاريخية وغياب الدقة البحثية والإساءة إلى صورة المرأة.

فقد وقع مسلسل “سرايا عابدين” في عدة أخطاء تاريخية، منها إظهار الخديوي إسماعيل يحتفل بعيد ميلاده الخامس والثلاثين في قصر عابدين في العاصمة القاهرة، رغم أن القصر لم يكن مكتملا حينها. كما وقع مسلسل “صديق العمر” الذي يدور عن الصداقة التي جمعت جمال عبد الناصر بعبد الحكيم عامر في أخطاء تاريخية أيضا تتعلق بتواريخ الأحداث وتفاصيلها. 

من جانبها أوضحت الناقدة الفنية ماجدة موريس ملاحظاتها علي الدراما الرمضانية قائلة “لا أستطيع القول إن مسلسلات رمضان هذا العام أساءت للمرأة العربية ولكن ما يمكن أن أؤكده هو غياب النماذج الإيجابية والأدوار المثالية، الأمر الذي جعل المشاهد يشعر بأن كل النساء سيئات السمعة. فجميع الشخصيات غلب عليها ابتعادها عن القيم والمبادئ، فأنا لم أشاهد مسلسل واحد به شخصية من الممكن أن يرى بها الجمهور القدوة والمثل الأعلى”.

وتضيف: “الملاحظة الثانية التي لا يمكن إغفالها هو قيام الكثير من المسلسلات بإلقاء اللوم  فقط على نظام مبارك في كل المشاكل التي تعاني مصر منها، فالدراما المصرية تحاول تصفية الحسابات مع النظام الأسبق، هذا فضلا عن الاخطاء التاريخية الفادحة التي وقعت بها كثير من المسلسلات”.

الأعمال التاريخية فقدت المصداقية

اما الناقد طارق الشناوي فيرى أن الدراما المصرية هذا العام تعاني من العديد من العيوب ولكن أبرزها فشل جميع المسلسلات الكوميدية.

“فأنا لم أشاهد مسلسلا كوميديا واحدا متميزا في هذا العام، بل شعرت بأن جميع هذه الأعمال تعاني من حالة ضعف شديد وتفتقد الإبداع”.

أما المسلسلات التاريخية “فحدث ولا حرج”، يتابع الناقد، “فهي تفتقد للدقة التاريخية في الاحداث وسردها، وهو ما ظهر بوضوع في مسلسلي “سرايا عابدين” و”صديق العمر” وبالتالي فهذه الاعمال فقدت عنصر المصداقية بسبب هذه الأخطاء”.