فوزي بن مراد، محامٍ اقترن اسمه بقضية حلّ حزب التجمّع الدستوري الديمقراطي في تونس، والذي طلب منه فرحات الراجحي، وزير الداخلية السابق، رفع قضية لحلّ هذا الحزب، حيث أن التجمّع الدستوري الديمقراطي كان يعتبر سوطاً في يد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، استطاع من خلاله تركيع الشعب التونسي لمدة ربع قرن.

فوزي بن مراد، محامٍ اقترن اسمه بقضية حلّ حزب التجمّع الدستوري الديمقراطي في تونس، والذي طلب منه فرحات الراجحي، وزير الداخلية السابق، رفع قضية لحلّ هذا الحزب، حيث أن التجمّع الدستوري الديمقراطي كان يعتبر سوطاً في يد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، استطاع من خلاله تركيع الشعب التونسي لمدة ربع قرن.

قبل أسابيع قليلة خاض بن مراد آخر حروبه وأشدها شراسة، وهي “حرب” كشف اللثام عن قتلة رفيقه وزميله شكري بلعيد، الذي تم اغتياله بعدة رصاصات الغدر في 6 شباط/فبراير الماضي. كان بن مراد متشنجاً وغاضباً ومنفعلاً في الدفاع عن بلعيد. لم يساوم ولم يهادن، حتى أن “انفلاته” وحماسته كلّفته “الطرد” بطريقة ملتوية من هيئة الدفاع عن شكري بلعيد. ويرى كثيرون أن جرمه الوحيد في ذلك أنه سمّى الأشياء بمسمياتها، وكان كعادته صريحاً ولاذعاً.

قبل قضية اغتيال شكري بلعيد كان بن مراد من محاميّ الصف الأوّل في الانحياز إلى انتفاضة حوض المنجمي، والاصطفاف إلى جانب المحرومين والمقهورين في مدن المناجم. كما أن بن مراد لم يتخلّف عن أن يكون في فريق الدفاع في قضية الفيلم الإيراني “برسي بوليس”، الذي عرضته قناة نسمة، واتُهم الفيلم قضائياً بالإساءة إلى الدين الإسلامي وتجسيد الذات الإلهية. ورغم حساسية القضية بالنسبة لمجتمع إسلامي لم يتردد بن مراد من قول كلمته كمحامي وحقوقي يناضل طيلة حياته من أجل حرية التعبير وإبداء الرأي.

أما آخر جولات وصولات فوزي بن مراد، فكانت تكليفه مؤخّراً مع فريق من المحامين برفع دعوى قضائية ضد وزارة المرأة. وذلك على خلفية موجة الفضائح الجنسية والأخلاقية التي اجتاحت رياض الأطفال ومراكز إيواء الأطفال الفاقدين للسند العائلي. إلاّ أن الوزيرة لم تحرّك ساكناً في حماية الأطفال ولم تُتخذ الإجراءات الرادعة والحازمة في هذا الشأن.

رحيل بن مراد ترك لوعة لدى عائلته المصغّرة وأصدقائه، وكذلك لدى قسم كبير من الشعب التونسي، الذي رفض تصديق أن سبب وفاته أزمة قلبية، بل يرى أنه قد يكون دفع حياته ثمناً لأسرار يملكها ولم يفصح عنها تتعلّق بملابسات وفاة شكري بلعيد خاصّة؛ فقد سبق لبن مراد أن أكّد أنه يمتلك أدلة دامغة تدين وجوه سياسية بارزة في الساحة التونسية تواطأت مع جهات أجنبية. كما أنه حذّر أن ما يملكه من معطيات خطرة قد تطيح بعدد من الرؤوس.

زعيم “الجمهورية الثانية” رحل أيضاً!

وبينما كان العالم يستقبل اللحظات الأولى من عام 2013، كان زعيم حزب الجمهورية الثانية والمعارض البارز للرئيس المخلوع بن علي يعيش لحظات حياته الأخيرة، ليستقبل الشعب التونسي السنة الجديدة بنبأ وفاة طارق المكي الذي توقف قلبه فجأة عن النبض بالحياة.

رحل طارق المكي وهو في قمة خيبته من الثورة التونسية بعد أن كان أحد جنودها، فقد دأب ومنذ عام 2007 على فضح ممارسات نظام بن علي الفاضحة، وتورّط عائلته في الفساد من خلال سلسة كان يبثها على شبكة الإنترنت من كندا، تتحدّث عن يوميات ليلى الطرابلسي وزين العابدين بن علي، اللذين تقاسما الحياة معاً وتقاسما “غنائم” البلاد.

وفاته “الغامضة” فتحت الباب للتأويل والتكهنات، ناهيك أن طارق المكي الذي عاش حياته مهموماً بالسياسية، كانت جنازته وفي مفارقة غريبة “خالية من السياسية”، حيث لم يكن هناك أية شخصية سياسية في وداع طارق المكي وهو يشيّع إلى مثواه الأخير.

صديقة طارق المكي التي توفى بمنزلها، صرّحت أن سبب قدومه إليها هو شعوره بالسوء وعدم الارتياح لما آلت إليه الأمور، فقد قرر الابتعاد عن تونس العاصمة وجوها العابس، وقصد منطقة الحمامات بحثاً عن السكينة والهدوء النفسي، لكنه وجد هناك المنية بانتظاره!

وقبل وفاته قام المكي، حسبما ذكرت صديقته، بتسجيل فيديو يحمل تصريحات خطرة، حيث كان المكي يعتزم أن يكشف عنه قريباً. لكن حتى اليوم لم يطّلع الشعب التونسي على هذا الفيديو. ورحل المكي محمّلاً هو الآخر بقدر من الأسرار التي حرم منها الشعب كالعادة!

ملف الفساد، نهايته السكتة القلبية

عبد الفتاح عمر، رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة، توفي جرّاء أزمة قلبية، حسب تقرير الطب الشرعي، يوم الاثنين في الثاني من كانون ثان/يناير 2012. لكن تقرير الطبيب لم ينفِ شبهة الوفاة المريبة، خاصّة بالنظر إلى ملفات الفساد التي اطلع عليها عبد الفتاح عمر، وكانت تهدّد مباشرة عدداً من “الرؤوس” و”الحيتان” الكبيرة الضالعة في الفساد..

عائلته رفضت تشريح الجثة وشقيقه صرّح بعد الوفاة مباشرة بأن عمر قتل، وهو ما ترك الباب مفتوحاً أمام الإشاعات والتأويلات، ولو أن الرواية الرسمية تفيد أن وفاة عبد الفتاح عمر الفجائية جاءت نتيجة سكتة قلبية مباشرة، بعد انتهائه من القيام بتمارينه الرياضية بأحد المسالك الصحية بالعاصمة.

ما زال الغموض يلف موت عبد الفتاح عمر، خاصّة وأنه في تلك الفترة كانت لجنته قد قدمت تقريراً يثير حوله الكثير من الجدل في المشهد العام. سرّ الوفاة دُفن مع صاحبه في مثواه الأخير، لكن الجدل ما زال متواصلاً. أما الرأي السائد فهو أن عبد الفتاح عمر هو رجل “جنت” عليه الملفات التي وقعت بين يديه.