منجم فوسفات أبو طرطور الواقع في قلب صحراء مصر الغربية هو ثاني أكبر منجم فوسفات على مستوى العالم، ويصل حجم احتياطي الخام المؤكد إلى 700 مليون طن، فيما يصل الاحتياطي المحتمل إلى 10 مليار طن. لكن شركة فوسفات مصر التي تدير المشروع تتعرض لعثرات كثيرة منذ قيام المشروع، بدايةً من سوء التخطيط والتكلفة الاستثمارية المبالغ فيها نهاية بإضرابات العمال عن العمل بعد نجاح ثورة 25 يناير.

الخسائر تدفع الحكومة إلى إعادة هيكلة المشروع

منجم فوسفات أبو طرطور الواقع في قلب صحراء مصر الغربية هو ثاني أكبر منجم فوسفات على مستوى العالم، ويصل حجم احتياطي الخام المؤكد إلى 700 مليون طن، فيما يصل الاحتياطي المحتمل إلى 10 مليار طن. لكن شركة فوسفات مصر التي تدير المشروع تتعرض لعثرات كثيرة منذ قيام المشروع، بدايةً من سوء التخطيط والتكلفة الاستثمارية المبالغ فيها نهاية بإضرابات العمال عن العمل بعد نجاح ثورة 25 يناير.

الخسائر تدفع الحكومة إلى إعادة هيكلة المشروع

وبالرغم من العوائد التي كان من الممكن أن يدرها المشروع على ميزانية الدولة، إذ تقدر أرباح المليون طن الواحد من الفوسفات بنحو ٣٣ مليون دولار وفقا للأسعار العالمية، إلا أن إدارة منجم أبو طرطور السابقة تكبدت مديونيات هائلة بلغت عام 2003  نحو 13.4 مليار جنيه، مما دفع الحكومة إلى إعادة هيكلة المشروع من خلال إنشاء شركة فوسفات مصر لإدارة المنجم، والتي استحوذ بنك الاستثمار القومي التابع لوزارة المالية على 50% من أسهمها وتوزعت النسبة الباقية بين هيئة البترول بواقع 20 % وهيئة الثروة المعدنية التي حصلت على 20% وشركة جنوب الوادي القابضة للبترول بنسبة 10%.

المشروع نموذج لإهدار المال العام

غير أن مسلسل الخسائر لم يتوقف، فقد كشف الجهاز المركزي للمحاسبات في تقرير له عام 2011 عن أن الاستثمارات التي تم ضخها لتمويل تنفيذ المشروعات التكميلية للمشروع تجاوزت قيمتها التكاليف الكلية المعتمدة لتلك المشروعات بنسبه 352 %. وتتمثل في 3 مشروعات هي خط سكك حديد الوادي الجديد/ البحر الأحمر وخط كهرباء نجع حمادي/ أبو طرطور ومشروع التوسع في ميناء سفاجا ورصيف الشحن.

وأوضح جهاز المحاسبات ان مشروع المنجم يعتبر نموذجا بارزا لإهدار المال العام علي مدي 34 سنة نتيجة لسوء التخطيط والقصور الشديد في إعداد دراسات الجدوى الإقتصادية له وما صاحب ذلك من تضارب في القرارات والسياسات التي اتخذت بشأنه والتي حالت دون الوصول إلي تحقيق الأهداف المرجوة منه.

إضرابات العمال تتوالى

على صعيد آخر بدأت منذ منتصف يناير/كانون ثاني الماضي سلسلة من الأزمات المستمرة بين عمال أبو طرطور ومجلس إدارة الشركة تسببت في إهدار 5 مليون جنيه يوميا.

محمد عبد الظاهر أحد العمال المعتصمين بفوسفات أبو طرطور يقول إننا طالبنا منذ بداية الاعتصام بإعادة الهيكل المالي والإداري للشركة ووضع لائحة مالية للعمال تحقق العدل والمساواة والشفافية مشيرا إلى أن العمال لا يعلمون شيئا عن عوائد ومكاسب الشركة مؤكدا أنهم أوقفوا العمل في استخراج وبيع الخام حتى نظر المطالب.

وقال أمجد عدلان أحد العاملين المعتصمين بفوسفات أبو طرطور إنه لا يوجد عقد ظاهر للشركة ولا لائحة مالية واضحة وتم إرسال فاكس بوقف رواتب 8 من العمال وإنذارهم بالفصل بالإضافة إلى إرسال إنذارات بالفصل لعدد 18 آخرين في حين أنهم طالبوا فقط بحقوقهم علاوة على التهديد والوعيد المستمر من مجلس الإدارة.

مديرية القوي العاملة تحاول تقريب وجهات النظر

أزمة العمال تعود إلى التفسير الخاطئ للقوانين الكثيرة التي طُبقت على هذا المشروع، كما يرى مدير عام مديرية القوى العاملة والهجرة بمحافظة الوادي الجديد أحمد خاطر، مثل قوانين سنة 47 الخاص بالعاملين المدنين وقانون 48 الخاص بتكوين شركات القطاع العام ثم قانون رقم 159 الخاص بالشركات المساهمة. وأضاف خاطر الذي تبذل مديريته جهودا كبيرة لتقريب وجهات النظر بين العمال المعتصمين ومجلس إدارة الشركة، أضاف أن تفسير القوانين وتطبيقها علي العاملين بالشركة شابه العديد من الأخطاء الإدارية والمالية.

التوصل إلى حلول ترضي العمال

وفي السابع عشر من شهر فبراير/شباط نجحت مديرية مدير القوى العاملة والهجرة بالوادي الجديد في التوصل إلى اتفاق أنهى أزمة العمال، حيث أكد أحمد خاطر فض عمال فوسفات أبو طرطور إضرابهم عن العمل بعد إقرار تشكيل لجنة مكونة من ممثل عن الشركة وممثل عن النقابة العامة للمناجم والمحاجر وممثل عن العمال، تختص بالآتي دراسة تعديل لائحة شئون العاملين ومراجعة هيكلة الأجور التي تم تنفيذها بعد إضافة الـ45% من الأجر في 14 نوفمبر 2011. وتلتزم الشركة بتمكين العاملين في المشاركة في مجلس إدارة الشركة طبقًا لأحكام قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981.

كما تلتزم الشركة برفع كافة الجزاءات الموقعة منه ضد العمال وهو اتفاق من 10 نقاط اعتبره عمال أبو طرطور انتصارا حقق قدرا كبيرا من مطالبهم.

مجلس الشورى يكلف لجنة تقصي حقائق

ومن أجل البت في مستقبل المنجم بدأت لجنة تقصى الحقائق التى تم تشكيلها من أعضاء مجلس الشورى عملها لمتابعة أحوال العاملين بمشروع فوسفات مصر بأبو طرطور بعد تكرار الاعتصامات والإضرابات التى نظمها العاملون، وتسببت فى توقف العمل بالمشروع أكثر من مرة برئاسة الدكتور رائد زهر الدين والتي التقت بإدارة المشروع وطلبت 43 مستندا هاما للوقوف على حجم المشكلة بين العاملين وإدارة المشروع بهدف إتمام اللجنة لأعمالها.

وقال الدكتور رائد زهر الدين رئيس اللجنة إن إدارة المشروع رفضت السماح للجنة بالحصول على تلك المستندات وقدمت منها 10 مستندات فقط بداعى أنها تخص المشكلة التى أتت من أجلها اللجنة وهو دراسة أحوال ومشاكل العاملين حيث رفضت إدارة المشروع منح اللجنة لائحة النظام الأساسى للمشروع والهيكل الوظيفى للشركة وعقود العاملين وبيانات كاملة عنهم وكذلك قرار تأسيس الشركة.

“المشروع تحول إلى سبوبة”

ويضيف رائد زهر الدين رئيس لجنة تقصي الحقائق أن اللجنة رصدت مخالفات أبرزها أن المشروع تحول إلى “سبوبة” (مصلحة خاصة) يستفيد منها ٧ مقاولين و ٤ شركات تعمل في مجال السمسرة لتسويق خام الفوسفات إلى مختلف دول العالم. وتابع بأن العمال لا يشاركون مشاركة حقيقية في الانتاج بسبب تهميش مجلس إدارة الشركة لهم والإعتماد على المقاولين وشركات السمسرة  التي تستخدم ١٠٠ عاملا بدلا من ٩٥٠ عاملا كانوا يعملون بالمشروع، مشيرا إلى أن المشروع يدار من مكتب الشركة بالقاهرة حيث يتم الرجوع إليهم طوال الوقت لإقامة رئيس مجلس الادارة في العاصمة.

الشركة ترد على لجنة تقصي الحقائق

لكن شركة فوسفات مصر لها رأي آخر، فالمهندس عربي سيد مدير شركة فوسفات مصر بابو طرطور يقول إن “الشركة التزمت بالرد على كل ما يتعلق بأوضاع العاملين بالشركة في الوادي الجديد فقط، وهو ما تم ابلاغنا به من قبل خطاب مجلس الشوري وعلي ذلك قدمنا المستندات الازمة”.

وأضاف بأن الشركة استطاعت ولأول مرة منذ ما يزيد عن ٣٠ عاما تحقيق أرباح بفضل سياسات الشركة في السنوات الماضية للخروج من النفق المظلم. وتابع “استطعنا البدء في سداد مديونية الشركة وتحقيق ارباح ومكاسب عن طريق رفع قيمة التعاقدات، وهو ما انعكس بشكل مباشر في زيادة مرتبات العاملين وتقديم خدمات اجتماعية وصحية وثقافية لهم”.