في إحدى زوايا مخيم الشوشة على الحدود التونسية الليبية، يجلس “محمد علي كوسا”، وهو شاب صومالي (35 سنة)، أمام خيمته التي باتت مأواه الوحيد منذ عدة أشهر.

هذا الشاب، حاله كحال معظم اللاجئين الأفارقة الفارين من الحرب الليبية، خسر مورد رزقه وتلاشت طموحاته في تحقيق مستقبل أفضل. 

محمد علي هو واحد من 281 لاجئاً من مختلف الجنسيات، لم يتمتعوا بصفة لاجئ؛ مما يحرمهم من طلب حق اللجوء في أمريكا والدول الأوروبية. ويقول لموقع “مراسلون”، إن الحرب الأهلية في الصومال أجبرته قبل 4 سنوات على مغادرة وطنه، والاستقرار في مدينة مصراتة الليبية.

في إحدى زوايا مخيم الشوشة على الحدود التونسية الليبية، يجلس “محمد علي كوسا”، وهو شاب صومالي (35 سنة)، أمام خيمته التي باتت مأواه الوحيد منذ عدة أشهر.

هذا الشاب، حاله كحال معظم اللاجئين الأفارقة الفارين من الحرب الليبية، خسر مورد رزقه وتلاشت طموحاته في تحقيق مستقبل أفضل. 

محمد علي هو واحد من 281 لاجئاً من مختلف الجنسيات، لم يتمتعوا بصفة لاجئ؛ مما يحرمهم من طلب حق اللجوء في أمريكا والدول الأوروبية. ويقول لموقع “مراسلون”، إن الحرب الأهلية في الصومال أجبرته قبل 4 سنوات على مغادرة وطنه، والاستقرار في مدينة مصراتة الليبية.

من أجل أحلام صغيرة

التحق محمد علي بمجموعة من الشباب الصوماليين للعمل في مجال تربية الدواجن بمرتب شهري تجاوز 300 دولار. وهو ما فتح أمامه أبواب تحقيق أحلامه البسيطة مرة أخرى، والمتمثلة في الزواج وإنجاب أطفال لا يعيشون ذات الظروف التي واجهته خلال فترة الطفولة.

ويؤكد “محمد علي”، أن الصوماليين نجحوا في الانسجام مع النسيج الاجتماعي والثقافي الليبي، نظراً لتميزه بتقاليد عربية عريقة، لا تختلف كثيراً عن وطنهم الأصلي.

لكن فور اندلاع الثورة المسلحة في ليبيا بدأت تظهر مشاكل معقدة، بخاصة بعد الإعلان عن استعانة القذافي بآلاف الجنود المرتزقة من دول إفريقيا السوداء. ما دفع ببعض الثوار إلى الانتقام من الصوماليين والتشاديين وعدم التمييز بين الباحثين عن فرصة عمل والمرتزقة.

ويتذكر أن جديته في العمل وقبوله العمل لفترات تتجاوز العشر ساعات في مزرعة تربية الدواجن، ساعدته في ادخار مبلغ تجاوز 4700 دولار، ليقدمه لاحقاً فدية إلى عناصر القذافي مقابل السماح له بالمرور من العاصمة الليبية طرابلس إلى تونس.

ويتساءل “هل أعود إلى جحيم الحرب في الصومال، أو أجازف بالإبحار خلسة إلى السواحل الإيطالية بعد انتهاء صلاحية بطاقة لاجئ مؤقت في شهر فبراير/شباط 2013”.

مخيم داخل المخيم

ويتوزع اللاجئون في مخيم “الشوشة” على خمسة أجنحة. ويصنف الجناح E ، ضمن الأجنحة الأكثر بؤساً، حسب شهادة الشاب الدارفوري الأصل “شعيب حسن” 31 سنة.

ويقول شعيب لـ”مراسلون”: ” نعيش هنا منذ أشهر، ويمارس علينا نوعاً من أنواع العبودية والتمييز، بعد جمعنا في جناح خاص بالملفات المرفوضة من طرف المفوضية (السامية لشؤون اللاجئين)”.  ويؤكد أن الخدمات – بما في ذلك الصحية – تختلف عن بقية الأجنحة.

تصريحات “شعيب” تتطابق مع أقوال التشادي “موسى إبراهيم”، الذي يحكي أن الجناح E يعتبر مخيماً داخل مخيم اللاجئين. ما دفع بالعشرات من سكانه إلى اللجوء للعمل يومياً في مجال الفلاحة والبناء في معتمدية “بنقردان”، القريبة من المخيم، بحثاً عن المال لتوفير ضروريات العيش الكريم للنساء والأطفال.

وحول مصير المخيم صرح مصدر من مكتب مفوضية شؤون اللاجئين  لموقع “مراسلون”، أن مخيم الشوشة يحتضن حاليا 1600 لاجئ، سيتم ترحيلهم خلال الأشهر القليلة القادمة إلى أمريكا وأستراليا، تمهيداً لإغلاقه بصفة نهائية في السنة القادمة.

ويضيف أن 281 لاجئاً من جنسيات مختلفة، لن يتمتعوا بالقانون الدولي حول حق اللجوء، وذلك بعد رفض ملفاتهم نظراً لعدم تطابقها مع المعايير المفروضة من الدول الموقعة على اتفاقية القانون المذكور.

وحول مصيرهم بعد إغلاق المخيم يقول: “وضع اللاجئين هنا معقد جدا، لأن وصولهم إلى المخيم جاء بعد الآجال المحددة للتسجيل في القائمة الرسمية المعدة للغرض والخاصة بالفارين من الحرب الليبية”. 

ويشير إلى أن العائلات الفلسطينية الموجودة في المخيم، تحصلت بصفة استثنائية على حق اللجوء إلى إحدى الدول الأوربية، على عكس ما تناقلته بعض وسائل الإعلام. ويبرر هذا القرار باستحالة بقائهم في تونس، بسبب تعارض هذا الإجراء مع قوانين جامعة الدول العربية، التي صادقت سابقاً عن حق عودة الفلسطينيين.

ويروي ذات المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، أن تاريخ إنشاء المخيم على بعد 10 كيلومترات من الحدود التونسية-الليبية، يعود إلى شهر مايو/أيار 2011، بهدف إنقاذ حوالى 10 آلاف مواطن إفريقي وأسيوي، غادروا ليبيا هرباً من المواجهات الدامية بين الموالين لنظام القذافي والمناوئين له.

أثناء التجول داخل المخيم في وسط الصحراء التونسية، لا يمكن الخروج دون ملاحظة المكان المتميز، للمدرسة التي أنشأتها منظمة “اليونسف” للأطفال والقاصرين.

تحرش وتمييز في جنة المخيم

تنقسم المدرسة إلى عدد من قاعات التدريس وفسحة ترفيهية تحتضن إبداعات التلاميذ في مجالي الرسم والموسيقى.

منسقة البرامج “هدى المستيري”، تصف هذه المدرسة بجنة المخيم، نظراً للامتيازات التي يتمتع بها  170 تلميذاً، موزعين على 6 مستويات حسب الفئة العمرية. 

وتقول “المستيري” لموقع “مراسلون”: “نعتمد مناهج التعليم الرسمية في تونس للتدريس، وذلك بالتنسيق بين اليونسف ووزارة التربية. تستثني عدد من الأطفال الصوماليين المفصولين عن بقية زملائهم في قسم خاص، بسبب عدم تمكنهم من فهم ونطق اللغتين العربية والفرنسية، ما دفع بإدارة المدرسة إلى الاستعانة بمدرسين محليين من داخل المخيم.”

لم تغفل الإدارة ذكر مسألة تعرض الأطفال للمخاطر الجسدية أو التحرش الجنسي أثناء تنقلهم بين أجنحة إقامتهم والمدرسة. وعمدت إلى إنشاء منظومة نقل داخلية عن طريق سيارات خاصة، قبل افتتاح أبوابها بصفة رسمية.

وحسب إحصاءات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، تحتضن المدرسة 80 بالمائة من العدد الإجمالي لأطفال المخيم. وفي هذا الصدد تشير منظمة “اليونسف” إلى أن عائق اللغة وبعض الظروف النفسية حالت دون إدماج بقية الأطفال.

مشهد متناقض داخل المخيم يصنع لوحة فيسفساء معقدة، فرغم المصير المجهول الذي يواجه مئات اللاجئين، فإن ذلك لم يمنعهم من تهنئة أبناء وطنهم بالرحيل إلى عالم أفضل، يضمن حقوقهم ويصون كرامتهم. 

كتابة الدولة التونسية للهجرة رفضت التعليق على الموضوع. في انتظار ذلك، يبقى مستقبل “محمد علي كوسا” وجيرانه داخل المخيم، أسير الغموض في ظل تهرب جميع الأطراف من تحمل المسؤولية.