لم يعد الشاب حسين خشيرة ليلة الجمعة 3 سبتمبر/أيلول إلى منزله، فقد قُتل في المنطقة العسكرية العازلة عند الحدود التونسية الليبية برصاص الجيش التونسي.

يروي أصدقاؤه أنه كان يعمل في مجال التهريب بين البلدين منذ صغره بعد انقطاعه عن الدراسة، وأنه تعرض إلى وابل من الرصاص من عناصر الجيش عندما كان في رحلة تهريب.

لم يعد الشاب حسين خشيرة ليلة الجمعة 3 سبتمبر/أيلول إلى منزله، فقد قُتل في المنطقة العسكرية العازلة عند الحدود التونسية الليبية برصاص الجيش التونسي.

يروي أصدقاؤه أنه كان يعمل في مجال التهريب بين البلدين منذ صغره بعد انقطاعه عن الدراسة، وأنه تعرض إلى وابل من الرصاص من عناصر الجيش عندما كان في رحلة تهريب.

لا تنكر عائلته، التي يعمل أغلب أفرادها في التهريب في منطقة تنعدم فيها التنمية وفرص العمل، بأن ابنها كان بصدد تهريب بعض البضائع أثناء مقتله، لكنها لم تقبل مصيره المحتوم.

احتجاجات ساخطة

ترفض هذه العائلة، التي كلفت أحد المحامين لمقاضاة من أطلق النار على ابنها، تبرير استهدافه بالرصاص الحي من قبل الوحدات العسكرية. الأمر الذي أدى إلى تفجر احتجاجات.

من جهته استنكر الاتحاد المحلي للشغل في مدينة بن قردان (جنوب شرق تونس) بشدة مقتل حسين وغيره من المهربين في المنطقة العسكرية في الأشهر الماضية، نافياً علاقتهم بالإرهاب، مرجعاً نشاطهم في التهريب إلى انعدام التنمية والتشغيل.

في السياق يقول كاتبه العام محسن لشهيب: “هؤلاء الشبان همهم الوحيد توفير أرزاق عائلتهم بعد انعدام آفاق التشغيل والتنمية في المدينة ولجوء شبابها إلى الانخراط في السوق السوداء”.

ويضيف بشيء من الانفعال “كان بإمكان أعوان الجيش تفادي وقوع هذه الحادثة باستهداف إطارات السيارة لمنعه من التقدم لعبور الحدود، لا تصويب أسلحتهم باتجاهه كما فعلوا”.

تبريرات رسمية

لكن وزارة الدفاع التونسية ترفض اتهامات أهالي الجنوب الشرقي بتعمد وحدات الجيش التونسي القضاء على شبان المنطقة الجنوبية المحاذية لليبيا، والذين يعملون في تجارة التهريب.

يقول أحد الضباط، الذي يعمل منذ سنوات محافظ شرطة بالفرقة المختصة ببنقردان لـ”مراسلون”: “التصدي لانتهاك حدودنا مع بلد يعيش اضطرابات لا يعني تعمد القضاء على لقمة عيش التجار”.

وشدد هذا المصدر على أن حراسة الحدود مع ليبيا أمر لا نقاش فيه لمنع أي اختراقات محتملة لمسلحين يسعون للقيام بأعمال إرهابية على غرار ما وقع في بن قردان مارس/آذار الماضي.

ويقول لـ”مراسلون” إن تكرر محاولات التسلل عبر المنطقة العسكرية المغلقة من قبل عناصر مجهولة لا تستجيب لأوامر عناصر الجيش “لا تترك لهم خيار غير التصدي لهم بمختلف الطرق”.

اشتباكات

وقبل أسابيع قليلة سجلت وحدات الجيش التونسي محاولات عديدة لاقتحام المنطقة العسكرية العازلة من قبل سيارات قادمة من ليبيا تحت حماية عناصر مسلحة وفق بيانات وزارة الدفاع.

وكانت وزارة الدفاع قد أعلنت أكثر من مرة أن تشكيلاتها العسكرية في الساتر الترابي (حاجز أقيم مع ليبيا لمنع التسللات) قد تصدت لسيارات دخلت التراب التونسي ولم تمتثل لأوامر التوقف.

ويتذكر أهالي مدينتي بن قردان وتطاوين أن تجار البنزين المهرب وأهاليهم احتجوا في عدة مناسبات أمام الثكنات العسكرية على استعمال الجيش الرصاص الحي لمنع نشاط المهربين.

وقام الجيش التونسي مؤخراً بتبادل إطلاق النار مع مهربين مدعومين بعناصر مسلحة من الجانب الليبي، ما أجبرهم على العودة أدراجهم لليبيا أو تدمير سياراتهم أحياناً بعد قصفها من الجيش.

موقف الجيش

حول هذا الوضع يقول الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع العقيد بلحسن وسلاتي لـ”مراسلون”: “الجيش موجود بالمنطقة العسكرية العازلة لمنع النشاطات غير القانونية سواء التهريب أو الإرهاب”.

ويضيف بحزم: “لقد حذرنا في العديد من المناسبات من عدم مخالفة القانون وضرورة الامتثال إلى تعليمات التوقف والحصول على التراخيص اللازمة لدخول هذه المنطقة العسكرية”.

وأكد أن عدم توقف السيارات أو الأشخاص رغم العيارات التحذيرية “يجبر العسكريين على استهداف عجلات العربات لإيقافها، لأن عدم التوقف يوحي بوجود شبهة إرهابية أو تهريب السلاح”.

وتستند وزارة الدفاع في قيامها بهذه الإجراءات الصارمة على ما ورد في اعترافات إرهابيين مقبوض عليهم أقروا أن دخولهم للتراب التونسي كان عبر مسالك تهريب وبواسطة مهربين.

ويقول الوسلاتي إن الجيش أصبح مجبراً على إطلاق الرصاص نظراً لاستعمال المهربين القادمين من ليبيا السلاح ضد الجيش على غرار ما حصل في حادثة مقتل المهرب حسين خشيرة.

ويضيف: “استعمال السلاح ضد هؤلاء لا يكون إلا بعد عدم امتثالهم لتعليمات التوقف. وحدات الجيش تتدرج دائماً في إطلاق النار من خلال استهداف عجلات السيارات في البداية”.

عصابات

وفي سياق موازٍ، تؤكد تقارير أمنية أن بعض شبكات التهريب أصبحت تستعين بعناصر مسلحة ليبية لتوفر لها الحماية الكافية لتهريب السلع باتجاه تونس حتى لو تعدى الأمر تبادل إطلاق النار.

وتخشى السلطات التونسية من إمكانية تعامل مجموعات إرهابية مع تلك العصابات المسلحة لنقل عناصرها الإرهابية الفارة من مدينة صبراطة الليبية إلى تونس أو لتهريب أسلحة.

وتراقب السلطات بحذر شديد الأحداث الحاصلة في ليبيا على جميع المستويات للتعامل مع انعكاساتها على البلد من عدة جوانب أمنية وسياسية وعدم التهاون مع أي تطورات في الحدود.

ويشهد معبر رأس جدير من الجانب الليبي منذ شهرين تعطل مرور البضائع إلى تونس بسبب صراع السيطرة عليه من قبل مليشيات منتمية لمختلف المدن الليبية تريد المشاركة في إدارته.