اغتيل الزواري في 15 ديسمبر/ كانون الأول 2017، وتتجه أصابع الاتهام إلى جهاز الموساد الإسرائيلي بعد أن  أشارت تقارير إسرائيلية وبيان صادر عن حركة حماس الفلسطينية إلى أن الزواري قدم المساعدة لحركة حماس في تطوير طائرات بدون طيار.

قضى الزواري (49 عاما) حياته متنقلا بين ليبيا والسودان وسوريا وتركيا هربا من نظام بن علي بسبب انتمائه لحركة الاتجاه الإسلامي، ولكن بعد تغير النظام وقيام الثورة التونسية في 14 يناير 2011 عاد الزواري إلى تونس رفقة زوجة من أصول سورية واستقر في مسقط رأسه صفاقس (جنوب البلاد).

اغتيل الزواري في 15 ديسمبر/ كانون الأول 2017، وتتجه أصابع الاتهام إلى جهاز الموساد الإسرائيلي بعد أن  أشارت تقارير إسرائيلية وبيان صادر عن حركة حماس الفلسطينية إلى أن الزواري قدم المساعدة لحركة حماس في تطوير طائرات بدون طيار.

قضى الزواري (49 عاما) حياته متنقلا بين ليبيا والسودان وسوريا وتركيا هربا من نظام بن علي بسبب انتمائه لحركة الاتجاه الإسلامي، ولكن بعد تغير النظام وقيام الثورة التونسية في 14 يناير 2011 عاد الزواري إلى تونس رفقة زوجة من أصول سورية واستقر في مسقط رأسه صفاقس (جنوب البلاد).

في البداية، بدت حادثة الزواري غامضة ووصف اغتياله باللغز، فلا أحد كان يعرف قصة مهندس الطيران المغمور، رغم أنه كرّس حياته للعلم والاختراعات ضمن بعض الجمعيات التي كان ينشط بها كجمعية قيادة وعلم بصفاقس، وجمعية نادي طيران الجنوب بصفاقس، الذي يرأسه وخصصه لتعليم الشباب مهارات صناعة الطائرات النموذجية.

المهندس الكتوم

لا تزال عائلة الزواري في حالة صدمة، لا تصدق إلى حد اللحظة أن ابنها محمد اغتيل رميا بالرصاص أمام منزله في وضح النهار، وهي تتهم الموساد الإسرائيلي بقتله.

يقول شقيقه رضوان لـ”مراسلون” “لم يخبرنا يوما بأية تفاصيل عن نشاطاته، كان كتوما، محبا للعلم وشغوفا بصناعة الطائرات، هذا كل ما نعرفه عن المرحوم”.

لم تفهم العائلة سبب اغتيال محمد، فقد كان يقضي جل وقته للأنشطة العلمية ومساعدة الشباب في تنمية هواياتهم في المجال الذي اختص فيه وهو صناعة نماذج مصغرة للطائرات، وبالتالي لا يوجد في حياة مهندس الطيران التونسي ما يمكن ان يلفت الانتباه اليه عدا شغفه بالطائرات، لكن بمجرد صدور بيان عن كتائب القسام (حماس) والذي تحدث عن الزواري كشهيد فلسطين والأمة الإسلامية انقلبت المعطيات راسا على عقب.

نعت حماس المهندس التونسي محمد الزواري، مؤكدة أنه أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل والتي استخدمتها كتائب عز الدين القسام التابعة لحماس ضد إسرائيل في العام 2014، وتوعدت إسرائيل بالرد، كما أقامت العزاء في فلسطين وأبنت الشهيد.

فند بيان حماس الكثير من الشائعات المحلية خاصة وأن البعض اعتبر سفر الزواري الى سوريا وتركيا لغايات إرهابية، وربط آخرون الحادثة بالجماعات المقاتلة في ظل تصاعد السجال عن عودة محتملة للإرهابيين التونسيين من بؤر التوتر.

يضيف رضوان شقيق محمد الزواري أن صدور بيان حماس قلب عديد المعطيات، وكشف عن بعض خيوط الجريمة التي دفعت جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) إلى اغتياله.

رفع مهندس صفاقس، راية تونس والأمة العربية عاليا، وكان مصدر فخر لعائلته لأنه مات من أجل القضية الفلسطينية، بحسب تأكيدات أغلب أفراد الزواري وخاصة زوجته السورية ماجدة خالد صالح التي أطلقت الزغاريد، مرددة أنه “كسر شوكة إسرائيل وأميركا”.

الموساد على الخط

لم تكن عملية اغتيال الزواري، أول حادثة في تونس فقد سبقتها عدة جرائم ارتكبتها إسرائيل على الأراضي التونسية، ومنها حادثة اغتيال أبو جهاد في أبريل 1988 حيث كانت المخابرات الإسرائيلية تتصنت على المكالمات الهاتفية لمقربين من القيادي الفلسطيني أبو جهاد وتولت تصفيته في منزله في سيدي بوسعيد في العاصمة التونسية.

ووقعت مجزرة حمام الشط بالضاحية الجنوبية للعاصمة التونسية في تشرين الأول/أكتوبر من عام 1985، والتي أودت بحياة عديد الضحايا الفلسطينيين والتونسيين، وكان وراءها أيضا سلاح الجو الإسرائيلي حيث قامت 8 طائرات بقصف المقر الرئيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية في المغرب العربي والتي كان مقرها بتونس العاصمة.

ويرى ملاحظون أن هناك تشابها بين اغتيال الزواري، والجرائم التي ارتكبتها إسرائيل على الأراضي التونسية، فالاغتيال سبقته عدة تحضيرات للجريمة ولم تكن مجرد الحادثة اعتباطية انطلقت برصد جميع تحركات الفقيد.

وتم كراء سيارتين وشراء سيارتين لتنفيذ الجريمة، وتخصيص مقر لأنشطة وهمية بالقرب من إقامة محمد الزواري، ما جعل الجريمة تنفذ بدقة عالية وتتم في وضح النهار وأمام بيته.

حل الزواري بتونس قبل 5 أيام فقط من الحادثة، فقد تعود الانتقال من تونس إلى تركيا نظرا لتعاقده مع شركة تركية لصناعة نماذج الطائرات.

بعد عودته ألقى في صفاقس وتحديدا في المدرسة الوطنية للمهندسين محاضرة ب20 دقيقة وشارك الطلبة بعض التجارب والأفكار وقد كانت تلك آخر المحاضرات التي يلقيها مهندس الطيران التونسي بحسب تأكيدات الطيار المتقاعد، محمد المسدي لـ”مراسلون”.

ويضيف المسدي، أن معرفته بالزواري تعود إلى العام 2013 تاريخ تأسيس نادي طيران الجنوب بصفاقس بمعية خبرات تونسية وأساتذة جامعيون وطيّارون متقاعدون، هؤلاء جمعهم حلم مشترك، وهوايات تدور حول عالم الطيران، ولكن حالت الإمكانيات المادية دون تجسيد أحلام أكبر، وصناعة نماذج حقيقية يتدرب عليها الطلبة، وهواة صناعة الطائرات فاكتفوا بنماذج مصغرة ضمن هذا النادي.

“محمد يحب كثيرا صناعة الطائرات وهو من أبرز الكفاءات التونسية، والخبرات التي خسرتها تونس، ولكن للأسف لم يعرفوا قيمته إلا بعد اغتياله” هذا ما يؤكده أكرم العيادي، أحد أعضاء نادي طيران الجنوب بصفاقس، وصديق مقرب من الزواري.

 يضيف العيادي “شغفه بالعلم لم يكن له حدود لقد كان يعد لرسالة الدكتوراه وصنع طائرة بدون طيار كمشروع تخرج، وكان يتنقل من مدرسة إلى أخرى ويشارك في أغلب التربصات والملتقيات العلمية لتعليم الطلبة والشباب”.

قتل وحشي

أصيب الزواري عندما كان في سيارته ب20 رصاصة استقرت منها 8 بجسده وأصابت أخرى رأسه وصدره وعضده الأيمن والجهة اليسرى. وقد كشفت الأجهزة الأمنية التونسية عن استعمال كواتم صوت وحجزت 4 سيارات استعملت لتنفيذ الجريمة.

ويؤكد مساعد الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بصفاقس، مراد التركي، في تصريح إذاعي بتونس، أن النتائج الأولية للأبحاث المتعلقة باغتيال الزواري كشفت وجود شبهات حول ضلوع شخص أجنبي في عملية الاغتيال، وهو بلجيكي الجنسية من أصول مغربية تم إرسال صورته للإنتربول الدولي للقبض عليه. كما أكد أنه سيتم نشر صورة تقريبية لشخص ثان يبدو أنه من منفذي العملية.

أمام التطورات التي شهدتها حادثة اغتيال الزواري، نظمت عديد الأحزاب ومنظمات وقفات احتجاجية تنديدا بحادثة الاغتيال التي استهدفت الشهيد محمد الزواري.

وطالب المحتجون الحكومة التونسية بالتسريع في كشف ملابسات عملية الاغتيال، معتبرين أن الزواري، شهيد تونس وفلسطين رافعين الأعلام الفلسطينية.

بعد الانتقادات الحادة التي وجهت إلى السلطات التونسية كونها التي لم تتخذ أي موقف رسمي من الحادثة، أصدرت الأحد 19 ديسمبر/ كانون الأول رئاسة الحكومة التونسية بيانا تعهدت من خلاله بتتبع الجناة الضالعين في عملية اغتيال المرحوم محمد الزواري داخل أرض الوطن وخارجه بكل الوسائل القانونية وطبقا للمواثيق الدولية.

وقد عقد وزير الداخلية الهادي مجدوب مؤتمرا صحفيا للإشارة إلى تقدم التحقيقات والأبحاث الخاصة بجريمة اغتيال التونسي محمد الزواري، مؤكدا أن بلاده لم تتوان في تعبئة الراي العام الدولي في حال ثبت لديها بالدليل القاطع وقوف أي جهاز استخبارات وراء العملية.