أصدرت المحكمة الإدارية العليا قرارا بحل حزب الحرية والعدالة في 9 آب/أغسطس الحالي، “لنيله من الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الديمقراطي” بحسب ما ورد في نص الحكم، و”تهديده الأمن القومي المصري” انطلاقًا من اعتبار ما حدث فى 30 حزيران/يونيو ما هو إلا تظاهرات من عشرات الآلاف وليس ثورة شعبية. 

وتتخوف أحزاب إسلامية أخرى  يقترب عددها من 20 حزبًا من إجمالي 90 حزبا تقريبًا، من إمكانية انسحاب هذا القرار عليها، خصوصا تلك التي تشارك جماعة الأخوان المسلمين موقفها من النظام الجديد. 

الحكم ُمسيس

أصدرت المحكمة الإدارية العليا قرارا بحل حزب الحرية والعدالة في 9 آب/أغسطس الحالي، “لنيله من الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الديمقراطي” بحسب ما ورد في نص الحكم، و”تهديده الأمن القومي المصري” انطلاقًا من اعتبار ما حدث فى 30 حزيران/يونيو ما هو إلا تظاهرات من عشرات الآلاف وليس ثورة شعبية. 

وتتخوف أحزاب إسلامية أخرى  يقترب عددها من 20 حزبًا من إجمالي 90 حزبا تقريبًا، من إمكانية انسحاب هذا القرار عليها، خصوصا تلك التي تشارك جماعة الأخوان المسلمين موقفها من النظام الجديد. 

الحكم ُمسيس

بعد محاولات مضنية من أجل إقناع أحد قيادات الإخوان للحديث عن قرار حل الحزب، رد القيادي الإخواني والنائب البرلماني السابق عن حزب الحرية والعدالة محمود حلمي واصفا الحكم بأنه “مُسيس، ويمثل انتقامًا سياسيًا من الحزب وأعضائه”. وطرح سؤالا مفاده “لماذا وافقت لجنة شؤون الأحزاب من البداية على إنشاء الحزب ليتم حله بعد ذلك”.

وبقناعة شديدة يؤكد أن هذه الأحكام مصيرها إلى زوال، ويرى أنه طالما الباب مفتوح على مصرعيه لحل الأحزاب، فإنه من الممكن أن يطول هذا الحكم الأحزاب ذات المرجعية الدينية، ويتعرض لها بالحل مثلما حدث مع الحرية والعدالة.

ملاحقة أحزاب ذات مرجعية إسلامية تحت نفس التهم الموجهة إلى الأخوان أمر غير مستبعد، يقول مسؤول حزب الجماعة الإسلامية بأسيوط حمادة نصار، الذي يرى أن حكم المحكمة الإدارية العليا بحل حزب الحرية والعدالة لايمكن النظر إليه بعيدًا عن السياق السياسي المعاش، “ولا يمكن فصله بحال من الأحوال عن المحنة السياسية التي يعيشها تيار الإسلام السياسي، إذ لا يمكن القول إن الحكم جاء مجردًا عن الدوافع السياسية، ولا الأجواء العدائية التي يعيشها نظام ما بعد الثالث من تموز/يوليو تجاه جماعة الإخوان بشقيها الدعوي والسياسي”، على حد قوله.

وزاد نصار على ما قاله بأنه لا يستبعد حل حزب البناء والتنمية، الذراع السياسي للجماعة الإسلامية، برغم أنه قد حصل على الترخيص بموجب حكم قضائي لا مجرد موافقة لجنة شؤون الأحزاب التي رفضت أوراقه ابتداءً  قبل أن يلجأ إلي محكمة القضاء الإداري ليحصل علي حكم الترخيص، مشيرًا إلى أن النظام قد يستغل الحكم الصادر ضد الحرية والعدالة لتعميمه علي بقية “المغضوب عليها” من الأحزاب الإسلامية.

لا ضمانات لأحد

هذه المخاوف تبدو خارج حسابات حزب النور الذي سبق وبارك عزل الرئيس محمد مرسي. هكذا تشير تصريحات عبدالغفار طه، المتحدث باسم حزب النور، الذي أكد أن مرجعية حزبه الدينية هى الشريعة الإسلامية التى تتوافق مع ما نص عليه الدستور، أما الأساس الديني فيشترط أن يكون المنتسب للحزب صاحب ديانة بعينها بمعني أن يكون الحزب حصري لأشخاص بعينهم، وليس هذا هو الحال في حزب النور.

ويشير إلى أن حل حزب الحرية والعدالة ليس له علاقة بمرجعيته الدينية، وأن حيثيات الحكم القضائي كانت لا تشير إلى ذلك، وإنما كان “بسبب تورط الحزب وأعضاؤه فى أعمال تخريب وعنف ضد مواطنين ومنشآت عامة وخاصة فى البلاد”، مؤكدا على أن الحكم خاص بحزب الحرية والعدالة ولا يطاول غيره من الأحزاب.

ما حدث مع الحرية والعدالة هو نفس ماحدث مع الحزب الوطني بعيد ثورة 25 كانون الثاني/يناير. لكن القيادي السابق بالحزب الوطني وأمين حزب الشعب الجمهوري حاليا، محمد فهمي صالح يقول إن هناك مع بعض الاختلاف بشأن الحيثيات، و”لكن في النهاية الحزبين شاركا فى تخريب البلاد، الأول بنهب ثرواتها، والثاني بتعريض أمنها القومى للخطر” حسب وصفه.

ويضيف صالح أن الحكم قد لا يكون حجة على باقي الأحزاب ذات المرجعية الدينية لحلها، ولكن قد ينطبق على حزب البناء والتنمية، “بسبب تورط بعض أعضائه في عمليات تخريب تمس الأمن القومي للبلاد، وبعضهم يحاكمون وآخرون هاربين”، أما باقى الأحزاب فإن الأمر يحتاج إلى حكم قضائي تنفيذا لحكم المادة (27) فى الدستور، التى تقضي بحل الأحزاب التى تقوم على أسس دينية.

الدكتور ثروت عبدالعال، أستاذ القانون العام بجامعة أسيوط، يقول إن لا شيء يضمن عدم ملاحقة بقية الأحزاب الدينية، إذ بإمكان رئيس الجمهورية أن يصدر مرسوما يكلف فيه لجنة شؤون الأحزاب بإعادة تقييم الأحزاب الحالية، والتى تستند إلى مرجعية دينية، وحل المخالف منها، وذلك فى ضوء الدستور الجديد.

ويضيف عبدالعال أن قانون مباشرة الحقوق السياسية الحالي يمنع تأسيس الأحزاب على أساس ديني، ومن ثم لابد أن تقوم لجنة شؤون الأحزاب بدراسة كل حزب من الأحزاب المختلف على مرجعيتها على حدة، وتطبيق القواعد والمعايير عليها، على أن تقوم بحل أى حزب يتأكد أن مرجعيته دينية دون الحاجة لحكم قضائي.

يتماشى مع الدستور

من ناحيته يري هلال عبدالحميد، منسق ائتلاف الأحزاب المدنية بأسيوط، أن قرار المحكمة بحل حزب الحرية والعدالة “يتماشى مع صحيح القانون والدستور”، وأن هذا الحكم يسري على جميع الأحزاب الدينية كالنور والبناء والتنمية والحضارة والأصالة وبقية الأحزاب الدينية التي نشأت إثر دستور المجلس العسكري  الصادر في 19 آذار/مارس 2011، والذي كان دستورًا “طائفيًا صرفًا من حيث إعداده ومواده وطريقة الدعاية له والتصويت عليه” بحسب عبدالحميد.

ويؤكد عبدالحميد أن حكم الإدارية العليا حكم “بات ونهائي”، لا يجوز الطعن عليه، وحيثياته تنطبق على كل الأحزاب الدينية. ويضيف أن “الأحزاب السلفية كلها تتبنى موقفًا طائفيًا ضد الأقباط ولا تجيز لهم الولاية ولا تسمح لهم بتولي المناصب القيادية، وتصريحات قادة هذه الأحزاب ترفض مجرد تهنئة الأقباط بعيدهم لأنها تعدهم كفرة، وبالتالي فوجودها يعد مخالفة صريحة للقانون والدستور، وتدمير للوحدة الوطنية”، مطالبًا بإصدار مرسوم بقانون من رئيس الجمهورية بتعديل قانون الأحزاب ليتفق مع نصوص الدستور حتى انتخاب مجلس النواب الذي يقر القانون بشكل نهائي.

يتفق الدكتور علي سيد، رئيس “اللجنة التنسيقية لثورة 30 يونيو” سابقًا، مع قول سابقه فى أن حل حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، “حكم طبيعي ومنطقي”، فالحزب بحسب قوله “كان فى الحكم، وثارت ضده معظم فصائل المجتمع المصري، وأصر على الاستمرار فى العناد، واستخدام كل وسائل التهديد والإرهاب، والشحن الطائفي والمجتمعي، والاستقواء بالخارج من أجل العودة للسلطة، مما وضع الدولة على شفا حرب أهلية، لا قدر الله لو حدثت لشطرت الوطن إلى دولتين على الأقل”.

ويزيد سيد: “الحكم من وجهة نظرى عادل، ويصب فى المصلحة العامة للدولة المصرية، وهو مطابق لما حدث من حل للحزب الوطني قبل ذلك، أما عن تطبيق الحكم على باقى الأحزاب القائمة على أساس ديني، فاعتقد أنه من العدل والصالح العام لأن هذه الأحزاب هي بؤر للفتنة في أي وقت قد تتسب فى صراع مجتمعي بناءً على تصنيف المصريين إلى مصريين مع الحزب وبالتالي مع الشريعة، ومصريين مخالفين لسياساته، متهمين فى دينهم وعقيدتهم”.

.وحتى اليوم لا يزال حزب الحرية والعدالة هو الحزب الإسلامي الوحيد الذي تم حله بحكم محكمة. فهل ستتبعه أحزاب أخرى؟ سؤال ستجيب عنه الأيام القادمة.