“على الصحفيين أن يدركوا أن الحرية لا تمنح وهي جزء لا يتجزأ من الحريات العامة فى المجتمع، وأنهم لن يحصلوا عليها بدون مجتمع حر، وعليهم أن يدركوا أيضا أن الحرية هي قضية مهنية”.. هكذا عبر خالد البلشي، وكيل نقابة الصحفيين ومقرر لجنة الحريات، عن الأوضاع التي تعيشها الصحافة المصرية حاليًا على خلفية صدور قرار من النيابة العامة بضبطه وإحضاره لاتهامه بسب وقذف الداخلية وإهانة الشرطة، والدعوة لتكدير السلم العام والتظاهر، ونشر تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو لقلب نظام الحكم.

“على الصحفيين أن يدركوا أن الحرية لا تمنح وهي جزء لا يتجزأ من الحريات العامة فى المجتمع، وأنهم لن يحصلوا عليها بدون مجتمع حر، وعليهم أن يدركوا أيضا أن الحرية هي قضية مهنية”.. هكذا عبر خالد البلشي، وكيل نقابة الصحفيين ومقرر لجنة الحريات، عن الأوضاع التي تعيشها الصحافة المصرية حاليًا على خلفية صدور قرار من النيابة العامة بضبطه وإحضاره لاتهامه بسب وقذف الداخلية وإهانة الشرطة، والدعوة لتكدير السلم العام والتظاهر، ونشر تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو لقلب نظام الحكم.

“مراسلون” سأل البلشي حول أسباب الملاحقات الأمنية للصحفيين، وحجم الانتهاكات التي يتعرضون لها أثناء ممارسة عملهم، وأوضاع المحبوسين منهم فى السجون، فى المقابلة الآتية:  

ماهي ملابسات وتفاصيل قرار ضبطك وإحضارك للنيابة؟

لقد فوجئت بالأمر، لأنه لم يحدث لي أي استدعاء للتحقيق، وعلمت بالموضوع من شخص من بلدتي فى المنوفية أثناء وجوده فى النيابة بأن هناك قرار ضبط وإحضار لي، فى قضية نشر على الانترنت، فأرسلت محامي للإطلاع على القضية، ولكنه لم يتمكن من ذلك فى اليوم الأول، وفى اليوم الثاني أخبرني بأنني متهم بسب وقذف الداخلية وإهانة الشرطة، والدعوة لتكدير السلم العام والتظاهر، ونشر تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو لقلب نظام الحكم، فى بلاغ مقدم من مساعد وزير الداخلية للشئون القانونية، بما يعني أنه خارج من مكتب الوزير، وهنا تساءلت كيف يكون ذلك ولم يتم استدعائي للتحقيق؟

كما قرار الضبط والإحضار صدر على العنوان المكتوب فى بطاقتي الشخصية، وليس بصفتي الصحفية، الأمر الذي أحالني إلى وجود مؤامرة تحاك ضدي، بسبب نشاطي النقابي، الذي يدافع عن الزملاء المحبوسين، وكذلك ما أنشره فى موقع البداية، الذي أترأس تحريره، عن انتهاك الحريات الصحفية.

ترى ما السبب المحتمل وراء ملاحقة الداخلية لك؟

المسألة تخص تحركاتي النقابية المطالبة بالإفراج عن الزملاء المحبوسين فى السجون، وتنظيم وقفات واعتصامات داخل وأمام النقابة ترفض حبس الصحفيين، فضلا عن إصدار النقابة تقرير لجنة الحريات الأخير، الذي يرصد الانتهاكات الواقعة على حرية الرأي والتعبير فى مصر، أما على المستوى العملي، فالداخلية تقول إنني أناهض الدولة والنظام فى تصريحاتي وكتاباتي، التي تكشف الممارسات القمعية للأجهزة الأمنية.

وفى السنة الماضية تم توجيه اتهام لي والزميلة رشا العزب، بالدعوة للتظاهر، والاعتداء على ضباط شرطة وجيش، أثناء عقد مؤتمر بالنقابة، واستدعينا للنيابة، وتم التحقيق معنا فى 6 اتهامات تم تلفيقها لنا، وهذا جزء من المناخ العام بالدولة، الذي يستهدف الحريات، ويحارب منظمات المجتمع المدني، ويعتدي على حقوق النقابات المستقلة، ويطالب بعدم التعامل معها وإلغائها من خلال رفع دعوي قضائية بحلها فى مجلس الدولة.

ما هي البدائل التي أمامك اليوم بعد صدور قرار الاستدعاء؟

الداخلية تنازلت عن البلاغ، بعدما تدخلت النقابة، والمجتمع المدني، وأطراف صحفية، وكتاب، للضغط على وزارة الداخلية، وإجبارها على التنازل، لأن ما حدث يمثل انتهاكا للحريات الصحفية والعامة، فضلا عن ذلك كانت هناك حملة قوية على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر”، مثلت ضغطا شعبيا كبيرًا، تمخض عنها حملة توقيعات تطالب الداخلية بالتنازل عن البلاغ، وإقرار الحريات العامة، والتوقف عن الملاحقة الأمنية للصحفيين.

كم عدد الصحفيين المحبوسين وما هي أبرز التهم الموجهة إليهم؟

40 صحفيًا مابين محبوس، ومهدد بالحبس، بينهم 25 محبوسًا بالفعل، و15 مهددًا بالحبس، بتهم متنوعة لها علاقة بممارسة مهنة الصحافة بشكل عام، وبعضهم تم القبض عليه أثناء ممارسة عمله الصحفي، مثل شوكان، الذي كان يغطي أحداث رابعة، وتم توجيه اتهامات من بينها القتل والتحريض على العنف والانضمام لجماعة محظورة، ويوسف شعبان، الذي كان يغطي أحداث قسم الرمل بالإسكندرية، وتم توجيه تهمة استخدام العنف والتحريض على التظاهر، ومن بين المهددين بالحبس 9 صحفيين رفع ضدهم وزير العدل السابق الزند قضايا سب وقذف من بينهم أحمد عامر، الصحفي ببوابة الأهرام، وهشام يونس، رئيس تحريرها.

هل قامت النقابة بزيارة الزملاء المحبوسين فى السجون؟

طلبنا بزيارات للزملاء المحبوسين طوال الوقت، ولكن الداخلية والنائب العام لم يستجيبا لنا، وتم عمل مؤتمرات فى النقابة، وتقديم بلاغات تجاوزت الـ70 بلاغا للإفراج عن الزملاء، وتحسين أوضاعهم داخل السجون، وتم تنظيم فعاليات عن شوكان، وهاني صلاح الدين، وهشام جعفر، ويوسف شعبان، وحسام السيد – قبل الإفراج عنه – وغيرهم، لبيان ملابسات القبض عليهم، ومدى تدهور حالتهم الصحية داخل محبسهم، وكان هناك استجابات طفيفة من الداخلية، وتحسنت أوضاع الزملاء نسبيا داخل السجون، وذلك بعد الاعتصام الذي عقدناه فى النقابة فى أواخر فبراير وانتهي فى 2 مارس قبيل انعقاد الجمعية العمومية للصحفيين فى 4 مارس الماضي، وتم نقل بعض الزملاء للمستشفيات، وهناك بعض الخطوات لإسعاف البعض الآخر أو علاجهم، فيما تم عمل زيارة لمحرري وزارة الداخلية، لتجميل وجه الوزارة، ولكن هذا بالطبع لا يعبر عن حقيقة الأوضاع داخل السجون والمعاملة التي يتلقاها زملاءنا فيها.

في رأيك متى ينعم الصحفي بالحرية دون ملاحقة أمنية بسبب عمله؟

حينما تتحرر الدولة من الاستبداد والديكتاتورية، وحينما لا يتعامل الرئيس مع الدستور بمنطق النوايا الحسنة، وعندما تضع القبضة الأمنية يدها عن الحريات، أي حينما يكون المناخ حر، وقتها الصحافة حتما ستتحرر، فى ظل وجود قوانين ضابطة للإعلام، وبالتالي سيكون هناك نقابة حرة، ولائحة أجور عادلة للصحفيين تمنحهم الاستقلالية.

وعلى الصحفيين أن يدركوا أن الحرية لا تمنح وهي جزء لا يتجزأ من الحريات العامة فى المجتمع، وأنهم لن يحصلوا عليها بدون مجتمع حر، وعليهم أن يدركوا أيضا أن الحرية هي قضية مهنية، والمهنة تزدهر، اقتصاديا واجتماعيا فى ظل ارتفاع سقف الحريات، أما فى المناخ الديكتاتوري، فالصحف تغلق وتنحسر، ولا تكون إلا فى يد المقربين من النظام.

كيف يضمن قانون الإعلام الموحد عدم الحبس فى قضايا النشر؟ ومتى سيخرج للنور؟

ألغينا كل المواد التي تقضي بالحبس فى قضايا النشر، ولكن هذا لا ينفي أن السلطة يمكن لها أن تلفق تهما وتحبس أي صحفي، بتهم أخرى غير النشر، ولكن أؤكد هنا أن صدور القانون مهم، ولكن الأهم من ذلك هو توافر مناخ عام للحرية، ونحاول الآن أن نضغط لإقرار القانون خلال الدورة البرلمانية الحالية التي ستنتهي فى شهر يونيو المقبل.

هل هناك حالات اختفاء قسري وقعت للصحفيين وما هي أبرزها؟

هناك حالات خطف تمت لعدة أيام، وعاد أصحابها مثل البطاوي ومحمود مصطفي وحسام السيد، ولكن هناك حالة اختفاء قسري وحيدة، وقعت لصبري أنور، الصحفي بموقع البديل، وحينما استعلمنا عن الأمر من الشرطة أخبرنا المسئولون أنه محبوس على ذمة إحدى القضايا، ولكن بتتبع الأمر، اكتشفنا أن تصريحات الداخلية ليس لها أساس من الصحة، ولا نعرف مكان صبري حتى الآن.

كم عدد الانتهاكات التي وقعت بحق الصحفيين فى الفترة الماضية؟ وهل زادت عما كانت عليه قبل ثورة 25 يناير أم قلت؟

782 انتهاكا فى العام الماضي بمعدل أكثر من انتهاكين يوميا، منها خطف وتعذيب، واعتداء على حرمة المنازل، وتكسير كاميرات ومعدات، وتعطيل صحف لفترات بالمطابع، ووقف مقالات، وزادت حدة الانتهاكات بشكل كبير عما كانت عليه قبل ثورة 25 يناير، ونحن نعيش الآن الوضع الأسوأ فى تاريخ الصحافة المصرية.

باعتبارك مقررًا للجنة الحريات ووكيلاً لنقابة الصحفيين كيف تصف وضع الحريات والتضييق الأمني على الحقوقيين فى الوقت الراهن؟

مصر تعاني من هجمة عنيفة على الحريات، وفرض سيطرة لنظام مستبد وديكتاتوري، يتمثل فى الهجوم على منظمات المجتمع المدني، والنقابات المستقلة، والأحزاب، والمواطن العادي، والوضع يعد الأسوأ فى مصر منذ قيام ثورة 25 يناير 2011، وما قبلها.

ترى هل يخشى النظام الحالي الصحافة؟ ولماذا؟

النظام الحالي يخشي كل من يطالب بالحرية، لأننا لم نبلور حتى الآن حركة سياسية قوية تطالب بتطبيق الحريات العامة، وبالطبع أكثر من يطالب بالحرية هم الصحفيين، وبالتالي فهم ملاحقون أمنيا، لأنهم يوجهون أبناء المجتمع لنيل حقوقهم، والحصول على حرياتهم.

أتعتقد أن خالد البلشي سيكون آخر حالة صحفية تتعرض للملاحقة الأمنية بسبب النشر؟

لا طالما أن هناك نظاما مستبدا، سيبقى انتهاك الحريات الصحفية موجود، وطالما أن الصحفيين ليسوا مجتمعين للضغط من أجل انتزاع حريتهم، ستظل الأوضاع كما هي، وربما يكون البلاغ القادم مقدما ضد البلشي أيضًا.

أخيرًا ما تعقيبك على سحب البلاغ المقدم ضدك؟

عادت الأمور كما هي، وهذا يوضح أن البلاغ كان كاشفا لعملية تلفيق التهم لي، وكاشفا أيضًا للانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون داخل المجتمع، وحجم المعاناة التي يلاقونها خلال ممارستهم العمل الصحفي.