صوّر مصطفى بهجت، صحفي الفيديو المصري، العديد من الأحداث المفصلية منذ قيام الثورة حتى الآن، وشهد على العديد من الاشتباكات الخطيرة. يتحدث بهجت هنا عن مخاطر العمل بالتصوير في مصر اليوم بعدما اتسعت البيئة المعادية للمصور وتحولت الكاميرا إلى دليل إدانة.

عمّل بهجت مصوراً للفيديو قبل الثورة بمؤسسة المصري اليوم الصحفية، والآن يعمل مع شبكة قنوات أون تي في المصرية، ومنذ أن بدأ بالتصوير في الشارع تعرّض بشكل دائم لمضايقات كانت تجرى من جانب ممثلي السلطة قبل الثورة، واستمرت تلك المضايثات حتى أصبح للمارة حق منعه من التصوير الآن. 

صوّر مصطفى بهجت، صحفي الفيديو المصري، العديد من الأحداث المفصلية منذ قيام الثورة حتى الآن، وشهد على العديد من الاشتباكات الخطيرة. يتحدث بهجت هنا عن مخاطر العمل بالتصوير في مصر اليوم بعدما اتسعت البيئة المعادية للمصور وتحولت الكاميرا إلى دليل إدانة.

عمّل بهجت مصوراً للفيديو قبل الثورة بمؤسسة المصري اليوم الصحفية، والآن يعمل مع شبكة قنوات أون تي في المصرية، ومنذ أن بدأ بالتصوير في الشارع تعرّض بشكل دائم لمضايقات كانت تجرى من جانب ممثلي السلطة قبل الثورة، واستمرت تلك المضايثات حتى أصبح للمارة حق منعه من التصوير الآن. 

هل تشعر أن المصوّر في مصر أصبح يتحرك وسط بيئة معادية؟

طالما تمسك بالكاميرا فأنت متهم. إذا كنت تصوّر أي شىء فإنك مصدر للقلق. أن تكون مصورا فإن ذلك يعنى أن هناك حالة من الاستباحة كما لو أنك مشتبه به. كل الناس من حقها أن تسألك ماذا تفعل ولماذا أنت هنا وتابع لأي جهة. الجميع يسألك “جاي تعمل ايه هنا يا كابتن”.

مؤخراً كنت متواجدا في ميدان التحرير لتصوير يوم الاحتفال بفوز السيسي، أردت أن أمزج بين جدران  شارع محمد محمود، ومشاهد الجماهير، فجاءت سيدة تقول لي: “لماذا تصور هنا عند الجدار.. الناس هناك، هل تريد أن تقول أن الميدان ليس به جماهير؟!”.

متى أصبحت البيئة المحيطة بالمصور معادية؟

البيئة المعادية هي لحظة جنون، لا توجد قاعدة يمكن أن تطبق على كل المواقف التي حدثت معي للوصول لوصف محدد..أقصد أنه لا يوجد منطق حاكم للموضوع.

مثلا كنت أصوّر اشتباكات حدثت عند مسجد الإستقامة بالجيزة قبل فض اعتصامي رابعة العدوية و النهضة.. تمّ إطلاق رصاص نحو مدرعات الشرطة. حاولت تصوير آثار الرصاص على زجاج المدرعات، لكن الجمهور منعني من ذلك.

الشعور بوجود بيئة معادية ربما يرجع لفترة انتشار خطاب التخوين أول الثورة. مع ذلك يمكن اعتبار أن هذه الفترة، منذ يناير/ كانون ثاني 2011 حتى  يونيو/حزيران 2013 هي أزهى عصور التصوير. كان الوضع أفضل، والناس اعتادت على وجود الكاميرات في الشارع. لكن بعد 30/ 6 حرصت الشرطة على توصيل رسالة محددة: “لقد عدنا”.

إذا كنت تقف في شارع بوسط البلد تسجل مع بعض السيدات حول ما يفعلنه بميزانية البيت سيظهر لك شخص من مباحث قسم قصر النيل ليسألك من أنت وماذا تفعل هنا؟. لكن يبدو أن رسالة الداخلية هذه الأيام موجهة لكل من يمسك بالكاميرا ولا ينتمى لمؤسسة إعلامية ما.. هذا لن يكون مسموحاً به مرة أخرى.

هل يرتبط ذلك بالأحكام القضائية الخاصة بصحفيي الجزيرة مثلا؟

أعتقد أنها أحكام سياسية، المقصود بها القناة وليس الصحفيين. هم كبش فداء. كما أنها رسالة للجميع بأن السلطة في مصر لا تخاف من أن تكون ضد حرية الإعلام، أو أن لديها أية مخاوف من عدم احترام حرية الرأي. بالنسبة لوضع المصور فلن يكون أسوأ مما هو عليه الآن حيث لا توجد حماية من أي نوع، ويتمّ قتل الصحفيين أو احتجازهم والاعتداء عليهم ثم الإفراج عنهم. كما لا توجد نقابة لمن يعملون بمواقع إلكترونية، حتى من يحمل عضوية نقابة الصحفيين فهو ليس محميا كذلك.

وكيف تتعامل مع ذلك؟

طالما أن الوضع غير آمن لا تستطيع أن تخبر الناس بهويتك. هناك من يريد أن يعرف مثلا هل أنت معه أم ضده، رغم أن دورك المهني أنك محايد، لكن لا أحد يرى المصور هكذا. أوقات كثيرة أقدم نفسي كمصور حر. أقوم بتحميل الفيدوهات على اليوتيوب. لكن في أحيان كثيرة لا تعرف ما هي الهوية المقبولة بالنسبة لمن يسألك سواء كان مواطنا أو شرطياً. أحيانا يهاجمونك لأنك تعمل لدى قناة خاصة، أو لأنهم يفترضون أنك تعمل مع التلفزيون المصري، أو موقع واحدة من الجرائد.. الموضوع لا يحكمه أي منطق.

في حالة تصوير اشتباكات،مثلا، كيف تختار موقعك؟

من الممكن اعتبارها مستويات، ففى حالة تغطية أحداث يشتبك فيها الجماهير مع الشرطة، فإذا كنت تصوّر من ناحية الأخيرة، فمن الممكن أن يقرروا أن وجودك غير مرغوب فيه. قد يطلبْ  منك فجأة ألا تكون موجودا. يمكننا القول أن همّ الشرطة في أحيان كثيرة ألا يكون هناك تصوير. المصور هو الخطر بالنسبة لهم. إذا كنت تصور الجانب الخاص بالشرطة في  الاشتباكات من الممكن أن تصاب، وإذا أردت أن تصور الطرف المواجه للشرطة، أقصد الناس التى تلقى بالحجارة، فإن هؤلاء قد يتعاملوا معك باعتبارك تسجل لقطات لوجوههم بمعنى أنك حينما تقوم بتصويرهم كأنك “بتسلمهم” (يمكن للشرطة البحث فيما بعد عن أصحاب هذه الوجوه وملاحقتهم)، ساعتها لا أعرف ماذا يجب أن أفعل. أحيانا أنفي قيامي بتصوير وجوههم، أو أعرض عليهم بعضا مما سجلته من لقطات. لكن أخطر موقف هو أن تصور أحداثا تجرى بين مدنيين أي جماهير ضد جماهير. “أنت معاهم ولا معانا؟”، هذا السؤال الذي سيوجه لك كل طرف، وإذا صورت من ناحية أحد الطرفين فلن تستطيع الذهاب للطرف الآخر، فقد صرت محسوبا على أحدهما!

لماذا يرفض الجمهور التصوير، هل يخاف المصري الكاميرا مثلا؟

هناك غضب لدى الجماهير من الميديا، وإرتياب وشك من جانبهم تجاه المصورين. أحيانا أجد أن كل هذا مبرر، خاصة أن هناك خطاب تطرحه الدولة بكثافة حول العملاء والخونة، وتشويه سمعة مصر. ومن ناحية أخرى أحيانا يكون المواطن غاضبا من الميديا بسبب الطريقة التي يتمّ  بها تناول المشكلات الحياتية مثل ارتفاع الأسعار.  كل القنوات مثلا تعاملت مع مسألة رفع الدعم عن الطاقة باعتبارها “حاجة حلوة أوي، والجماهير مبسوطة خالص”، كما بثت تقارير لناس في الشوارع تؤكد أن الأمور “زي الفل”.. لهذا فإن رجل الشارع لا يحترم المصور ويتعامل معه باعتباره ترسا في هذه الآلة.. هكذا  يوجه له، بوصفه ممثل الميديا في مصر كل الميديا، كل الغضب الممكن.