جاء قرار محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة، بإلغاء منع قيادات الوطني المنحل من الترشح للانتخابات البرلمانية والمحلية، قبل تشكيل اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات البرلمانية بيوم واحد ليثير التساؤلات حول سبب التوقيت الحساس الذي صدر فيه. 

فهل الهدف من صدور القرار التمهيد لعودة الفلول إلى الحياة السياسية من جديد، هذه المرة من من بوابة القضاء، أم أنه أراد منح الجميع الحق فى الترشح بمن فيهم الإخوان، ليكون العزل نابعًا من الشعب لا النظام الحاكم؟ 

جاء قرار محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة، بإلغاء منع قيادات الوطني المنحل من الترشح للانتخابات البرلمانية والمحلية، قبل تشكيل اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات البرلمانية بيوم واحد ليثير التساؤلات حول سبب التوقيت الحساس الذي صدر فيه. 

فهل الهدف من صدور القرار التمهيد لعودة الفلول إلى الحياة السياسية من جديد، هذه المرة من من بوابة القضاء، أم أنه أراد منح الجميع الحق فى الترشح بمن فيهم الإخوان، ليكون العزل نابعًا من الشعب لا النظام الحاكم؟ 

“مراسلون” التقى بعض قيادات الوطني المنحل، والتيارات السياسية المختلفة للتعرف على وجهة نظرهم، .

العزل السياسي يعارض الدستور

بنبرة لا تخلو من سعادة قال محمد فهمي صالح، أمين حزب الشعب الجمهوري، والقيادي السابق بالحزب الوطني، إن “هناك شرفاء بالحزب الوطني، وليسوا كل من كانوا فيه فاسدين”. ويرى صالح أن قرارات المنع من الترشح، لابد أن تستند إلى أحكام جنائية ثابتة ونهائية فى حق شحص بعينه، أما قرارات الحظر السياسي العامة  فهي قرارات غير دستورية، من وجهة نظره، ويصفها بأنها “متعارضة مع نصوص الدستور”.

يوضح القيادي السابق بالحزب الوطني الأسباب التي دفعت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة إلغاء قرار منع قيادات الوطني المنحل من الترشح بقوله إن الدعوى موضوع الحكم، جاءت مرسلة، ولم تحدد أشخاص بعينهم لمنعهم من مباشرة حقوقهم السياسية. وجاءت هذه الدعوى خالية من أية مستندات تشير إلي عزل المطلوبين سياسيًا، ومن ثم فإن القضاء ألغى حكم محكمة أول درجة تصحيحًا للأمور، وتطبيقا للدستور، حسب قول صالح.

يشار إلى أن المحامية تهاني إبراهيم كانت اختصمت في دعواها أمام محكمة الأمور المستعجلة، والتي حملت رقم (910) لسنة 2014،  كلًا  من رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، والنائب العام.

وطالبت المحامية في دعواها منع كل القيادات بالحزب الوطني المنحل من الترشح وخوض كل الانتخابات المقبلة وعلى رأسها الانتخابات البرلمانية. وجاء حكم الدرجة الأولى مؤيدا للدعوى، ومنع ترشح وخوض أعضاء الحزب الوطني في الانتخابات القادمة.

لكن الدرجة الثانية من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بعابدين، المستأنف، قضت في الرابع عشر من شهر تموز/يوليو الحالي بقبول الاستئناف المقدم من توفيق عكاشة، رئيس قناة الفراعين، والمحامي خالد سليمان، ونبيل لوقا بباوي، وطلعت القواس، على حكم منع قيادات الحزب الوطني من الترشح للانتخابات البرلمانية والمحليات، وإلغاء الحكم الصادر من  محكمة الدرجة الأولى.

مادة أصبحت غير دستورية

يفسر الدكتور ثروت عبدالعال، أستاذ القانون العام بجامعة أسيوط، حكم محكمة الاستئناف قائلا إن دستور 2014، لم ينص على مادة متعلقة بالعزل السياسي، وبالتالي فإن مادة العزل التى كانت موجودة فى دستور 2012 وتمنع ترشح أعضاء الوطني والتي استند إليها حكم الدرجة الأولى، أصبحت فى حكم المنعدمة.

ويضيف: “فى تقديرى الشخصي أنه لا وجه لإقامة الدعوي من الأساس، لأنه ليس هناك ما يمنع أعضاء الوطني الوطني من الترشح قانونيا أو دستوريا، كما أن المحكمة التى نظرت الدعوى (محكمة الأمور المستعجلة) أمامها ليست مختصة، والقضاء الإداري هو الجهة المنوط بها النظر في هذه القضية”.

العزل الشعبي أفضل من السياسي

برغم من كونه أحد أقطاب المعارضة أيام الحزب الوطني باعتباره أمين تنظيم حزب التجمع سابقاً، وخرج فى 25 يناير ينادي بإقصاء نظام مبارك، إلا أن هلال عبدالحميد، القيادي اليساري، والمرشح لانتخابات النواب بمركز ساحل سليم لا يقبل بعزل الفلول سياسيا، مستندا فى ذلك إلى أن الدستور المصري المستفتى عليه فى 2014 لم يقر العزل السياسي، ووضع قواعد محددة للحرمان من مباشرة الحقوق السياسية، مشيرًا إلى أنه عارض قوانين العزل بعد ثورة 25 يناير، وطالب بأن يكون الشعب المصري هو الذي يمارس دوره فى عزل الفاسدين.

يقول عبدالحميد: “رأينا فى انتخابات 2011 أنه تم عزل قيادات الوطني انتخابيا من قبل الشعب، وسقطوا سقوطا ذريعا، ورأينا مرشحين آخرين ينتمون إلى نفس الحزب، ولكنهم أقلية قليلة جدا وغير فاسدة، استطاعوا أن يحصدوا أصواتا  كبيرة للغاية مثل محمد حمدي دسوقي ابن مدينة أسيوط، الذي يعد الوحيد من بين قيادات وأعضاء الوطني المنحل الذي دخل الإعادة أمام مرشح الجماعة الإسلامية، وخسر فى النهاية”.

ويشير القيادي اليساري إلى أن الشعب الذي أعطى الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية أكثر من 75 % من الأصوات فى انتخابات البرلمانية 2011، عاد وحرمهم من هذه الأصوات فى انتخابات الرئاسة 2012، ولم يعطهم أكثر من 13 مليون صوت أي بنسبة 25% من إجمالي أصوات الناخبين المقدرة بـ52 مليون تقريبا.

ويضيف “نجح محمد مرسي بأصوات “عاصري الليمون”. ثم ثار عليه الشعب بعد شهور قليلة، وخرج فى ثورة عارمة ضد الإخوان وعزلهم من الرئاسة”، متوقعاً أن “الشعب سيمارس نفس الدور في انتخابات البرلمان المقبلة، وسيعزل فاسدي الحزب الوطني، الذين تاجروا بالسياسة، كما سيعزل التيارات الدينية التي تاجرت بالدين”.

المربع رقم واحد

يوافق عقيل إسماعيل عقيل، سكرتير مساعد حزب الوفد، كلام سابقه فى أن دستور 2014 لم يعزل الإخوان – كما فعلوا – هم مع أعضاء الوطني المنحل فى دستور 2012، وتركوا الأمر للشعب، مؤكدًا أن مصر مليئة بالكفاءات والقيادات والشباب والنساء من خارج الحزب الوطني والإخوان، وسوف تنكسر شعبيتهم فى الانتخابات البرلمانية المقبلة إذا لم يحدث تزوير.

لكن القيادي الوفدي تحفظ على منح أعضاء الوطني الحق في الترشح للانتخابات البرلمانية والمحلية، مشيرًا إلى أن هذا القرار سيعود بمصر إلى المربع الأول، “بسبب منح هذا الحق لمن أفسد الحياة السياسية، وصمت وشاهد بعينيه سرقة مصر ونهب ثرواتها”.  

ولكنه عقيل يستدرك بالقول: “طالما صدر حكم محكمة، يجب علينا أن نحترم أحكام القضاء، وعلى الشعب عزلهم (الفلول) من خلال صناديق الانتخابات، حتى يعلموا قيمتهم في الشارع”.

لا علاقة بين القرارين

من جانبه يبرئ الدكتور محمد إبراهيم منصور، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط ساحة النظام الحالي مؤكدا على أنه لا علاقة بين قرار تشكيل اللجنة العيا للانتخابات البرلمانية الذي صدر بعد يوم من قرار محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة.

ويضيف: “القراران غير مرتبطين ببعضهما لأن قرار تشكيل لجنة الانتخابات كان معدا له قبل صدور الحكم بوقت سابق”.

بيد أن منصور لم يخفي استياءه من عودة قيادات الحزب الوطني للحياة السياسية مرة أخرى. ويرى أن ترشحهم يعد “أكبر إساءة توجه لثورة 30 يونيو، وتعتبر انقلابا علي ثورة 25 يناير”.

ولكنه يعود ليؤكد ثقته في “الشعب الحريص على ثورته”، وبأن الناخبين  سينفذون من خلال خياراتهم في التوصيت قرار العزل السياسي للنواب الذين أساءوا للحياة البرلمانية وحامت حولهم شبهات تزوير الأموال وشراء الذمم والأصوات فى عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، حسب قوله.