ظهرت في الآونة الأخيرة حالة من الاحتقان لدي السلفيين بعد تصريحات المسئولين في مصر بفتح الطريق أمام السياحة الإيرانية، ما استدعى من السلفيين تنظيم “حملات ضد الشيعة”، لمنع دخولهم إلى مصر، حتي وصل الأمر إلى التشكيك في بعض المتصوفين واتهامهم بالتشيع.

وزاد من حدة الأمر اكتشاف بعض الساحات الحسينية بالمحافظات التي اعتبرها السلفيون امتدادا للشيعة في مصر. إحدى هذه الساحات تقع في قرية الناصرية بمركز الفتح في أسيوط (450 كلم جنوب القاهرة)، حيث تسبب وجودها في إعلان السلفيين الحرب علي الشيعة ومن يواليهم بالمحافظة.

ظهرت في الآونة الأخيرة حالة من الاحتقان لدي السلفيين بعد تصريحات المسئولين في مصر بفتح الطريق أمام السياحة الإيرانية، ما استدعى من السلفيين تنظيم “حملات ضد الشيعة”، لمنع دخولهم إلى مصر، حتي وصل الأمر إلى التشكيك في بعض المتصوفين واتهامهم بالتشيع.

وزاد من حدة الأمر اكتشاف بعض الساحات الحسينية بالمحافظات التي اعتبرها السلفيون امتدادا للشيعة في مصر. إحدى هذه الساحات تقع في قرية الناصرية بمركز الفتح في أسيوط (450 كلم جنوب القاهرة)، حيث تسبب وجودها في إعلان السلفيين الحرب علي الشيعة ومن يواليهم بالمحافظة.

“مراسلون” التقى أصحاب الساحة الحسينية للتعرف منهم على كيفية نشأتها، وموقف التيارات الإسلامية منها، وهل هم شيعة أم متصوفة؟ ولماذا يصمم السلفيون على “اتهامهم” بالتشيع؟

حسينية صوفية

تحت شعار “حب النبي وآله طعامنا وشرابنا” يسكن علاء الدين محمد سيد وأشقائه الأربعة بقرية الناصرية.

[ibimage==6637==Small_Image==none==self==null]

علاء الدين محمد سيد

علاء الذي يعمل مدرسًا للتربية التربية الرياضية بمدرسة القرية يقول “في عام 1993 قام عمي عبدالفتاح ببناء مضيفة ملحق بها ساحة حسينية، لأنه يحب آل البيت، وليس لأنه من الشيعة. في نفس العام زاره أحد الأشخاص من القاهرة ومكث لديه ثلاثة أيام، وكان يدعي الشيخ حسين الضرغامي، حينها طلب الاتصال بشخص يدعي الدمرداش العقاد من مركز البداري، ومكثوا لدينا بضعة أيام حتي سافر الأول إلي القاهرة، علمنا بعد ذلك أن الاثنين لهما ميول شيعية، ومنذ ذلك الحين وصفنا أهالي القرية بالشيعة، وقام جهاز أمن الدولة بالتضييق علينا وخاصة عمي الحاج عبدالفتاح محمد سيد، الذي تم اعتقاله في عام 1996، وحتي عام 2000”.

عقب خروج الحاج عبد الفتاح من المعتقل حصل على شهادة من الطرق الصوفية بأنه نائب عموم الطريقة البيومية في أسيوط، وكان مُصرح له بإقامة الحضرات والاحتفالات الخاصة بآل البيت، على أن يستأذن أمن الدولة أولاً قبل عمل أي شئ أو السفر لحضور الاحتفالات بآل البيت.

واستمر هذا الوضع، كما يروي علاء، حتي وفاة عمه في عام 2009، ولكن تغير الوضع بعد الثورة.

يقول علاء “أصبحنا نقيم الحضرات ونذهب إلي الموالد دون استئذان من أحد، وقمنا بكتابة اسم “الحسينية الليثية” علي المكان الذي نقيم فيه الحضرات، حتي قام أفراد الدعوة السلفية بالتظاهر أمام الحسينية مطلع شهر نيسان/أبريل الماضي، وطلبت وقتها الشرطة منا محو آثار كلمة الحسينية الليثية، وقد قمنا بذلك فعلا، وأوقفنا عمل الحضرات الآن خوفًا من تعرضنا للأذي، ولكن في بعض الأحيان نقوم بعمل حضرات في الخفاء حتي لا يعلم السلفية بذلك ويتم الاعتداء علينا”.

حملة “الشيعة هم العدو فاحذرهم”

الحديث عن اعتناق المذهب الشيعي وفتح مصر أمام السياحة الإيرانية، دعا البعض إلي الخوف من انتشار التشيع، وتنظيم حملة بعنوان “الشيعة هم العدو فاحذرهم”، لرفض ما أسموه بـ “المد الشيعي في مصر” والسياحة الإيرانية، تحت شعار “لا للمد الشيعي في أسيوط”.

وحول ذلك يقول الشيخ مصطفي غلاب، مسئول الحملة بمركز الفتح: “بدأت الحملة مع تصريحات المسئولين حول فتح الطريق أمام الرحلات السياحية للإيرانيين، حيث بدأنا البحث عن الأشخاص الذين يتبعون المذهب الشيعي، خوفا من انتشاره، كما بدأنا بمراقبتهم، ووجدناهم قد عادوا مرة أخري إلي ممارسة طقوسهم الغريبة بعد الثورة، حيث كانوا يقيمون الحضرات داخل الساحة، فيما كانوا قبل الثورة يرفعون الآذان بشكل معين بالتحريف فيه بأن يقولون أن عليا ولي الله.. وهذا ماظهر علي أصحاب الحسينية الليثية بقرية “الناصرية” قبل الثورة”.

[ibimage==6643==Small_Image==none==self==null]

الشيخ مصطفي غلاب

هيثم علي، طالب بكلية الحقوق، وأحد أفراد الأسرة المتهمة بالتشيع، يؤكد أنهم لايمارسون طقوسا غريبة – كما يدعي السلفية – ويقول “نصلي في المسجد مثل المواطنين العاديين، ولم يحدث أن قمنا بسب الصحابة أو السيدة عائشة، ولكننا نقيم الحضرات إما يوم الأحد أو الخميس من كل أسبوع، ونتلو فيها القرآن والأدعية والأناشيد الدينية للإمام البوصيري وجلال الدين الرومي في حب آل البيت، ولا تخلو هذه الحضرات من التشاور في أمور الدينا وفي نهاية الحضرة يتم العشاء أو الإطعام بأي شئ سواء بحلويات أو فاكهة أو غير ذلك، وهذا مايفعله دائما الصوفية ولم نأت بأي شئ من أفعال الشيعة”.

الفارق بين الشيعة والصوفية

لفض هذا الاشتباك الدائر بين السلفية والصوفية، كان لابد من التعرف علي أهم الفوارق بين الشيعة والصوفية. فالإحصاءات المتاحة علي شبكة الانترنت والتصريحات الصحفية لرموز الشيعة في مصر تشير إلى أن عددهم يبلغ نحو 1% من عدد سكان مصر البالغ عددها 92 مليون تقريبًا، وهذا ما أكده  أيضًا  تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عن الحريات فى مصر فى 2007، حيث ذكر أن عدد الشيعة 1 % من سكان مصر، بينما يشكل الصوفيين فى مصر ما بين 10 إلي 15 مليون مواطن، وعدد الطرق الصوفية فى مصر يبلغ 72 طريقة.

يقول الشيخ أحمد عبده أحمد، مسئول الطرق الصوفية في أسيوط: “هناك فرق كبير بين الشيعة والصوفية، وإن كنا نتفق في شئ واحد هو حب آل البيت، لكن الطرق الصوفية جميعا تدين بدين أهل السنة، ولكن الشيعة لهم طقوسا معينة في الصلاة وأداء الفرائض الأخري كالحج إلي كربلاء أو النجف، وهي بالطبع من الأمور غير الشرعية”.

أما أحمد طه فرغلي، باحث في الشئون الصوفية في أسيوط، فيقول: “الفارق الجوهري بين الشيعة والصوفية هو موعد الاحتفال بمولد الحسين، حيث يحتفل به الشيعة في شهر محرم، بينما يحتفل به الصوفية في شهر ربيع الثاني، ولدينا في أسيوط نحو 20 طريقة صوفية أبرزهم الرفاعية والشناوية، ويبلغ عدد الصوفية في أسيوط نحو 50 ألف متصوفا تقريبا”.

عدد الساحات الحسينية غير معلوم

من الصعب تحديد عدد الساحات الحسينية في مصر، وإن كانت موجودة في جميع أنحاء الجمهورية، وبحسب تقرير لصحيفة “المصريون” في أول آذار/ مارس الماضي، فإن عدد الحسينيات الموجودة بالفعل في القاهرة 5 حسينيات، و10 مراقد فى أسوان، وهناك خطة لتحويل 6 آلاف مرقد لحسينيات أخرى بالمحافظات.

في هذا الإطار يعود “علاء” للحديث مرة أخرى قائلا: “حب آل البيت هو الذي دعانا إلي إطلاق هذا الاسم علي المكان الذي نقيم فيه الحضرات، وجعلنا  اسمه الساحة الحسينية الليثية، حيث لم يكن لعمي أي ميول شيعية، ولم أره مرة يتصفح كتابا يتحدث عن الشيعة أو سافر إلي إيران أو العراق، بل بالعكس سافر في سنة 1983 في إعارة إلي السعودية وأدي فريضة الحج هناك، ولكن التعصب الأعمي والتشدد غير المبرر هو الذي دفع السلفيين إلي التظاهر ضدنا دون التأكد من هويتنا، والذنب الوحيد الذي اقترفناه هو أننا عبرنا علي حبنا للنبي وآل بيته بأسلوبنا البسيط”.

أما الشيخ علي أبوالحسن، رئيس لجنة الفتوي بأسيوط سابقًا، فيقول إن سبب العداء بين السلفيين والصوفية، أن الطرف الأول يرى أن الطرف الثاني اقترب بشكل كبير من الشيعة في بعض أقوالهم وأفعالهم.

ويضيف “كما هو معلوم فإن الصوفية نشأت قديما في العراق وتحديدا في القرن الثالث الهجري ومن بين معاني كلمة صوفية العمل بالسنة حيت يصل الإنسان لدرجة من الصفاء فيطلق عليه لقب صوفي، بينما الشيعة هم الذين تشيعوا لسيدنا علي وناصروه علي الأمويين في الخلاف المعروف بين الأمام علي ومعاوية بن أبي سفيان”.

دور الأمن ورأي القانون في التشيع

يقول المقدم محسن شريت، رئيس مباحث الفتح “ليس من دور الشرطة مراقبة البؤر الشيعية أو رصدها، وإن كان علينا دور آخر فيما يتعلق بحماية المواطنين، وعدم المساس بهم أو التعدي عليهم، جراء ممارسة شعائرهم الدينية”.

فيما قال عبد الرحمن الشحات المحامي “ليس هناك جريمة يعاقب القانون أو الدستور عليها فيما يتصل باعتناق المذهب الشيعي، بل علي العكس من ذلك كفل الدستور حرية الاعتقاد في المادة (43) من الدستور الجديد.

وتكفل هذه المادة الدستورية حرية ممارسة الشعائر، وورد في نصها “حرية الاعتقاد مصونة، وتكفل الدولة حرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة للأديان السماوية؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون”.

وفي النهاية اضطرت أسرة علاء إلى خلع لافتة الحسينية من باب دارها، لكنها لم تتخل عن طريقتها الصوفية. فهل ستأمن على نفسها؟