الطلبة المصريون منهمكون حاليا في عملية انتخاب رئيس لاتحادهم العام ونائبه بعد أن انتخبوا اتحاداتهم الطلابية الاقليمية، وهي انتخابات تحظى باهتمام إعلامي كبير بسبب النتائج التي أسفرت عنها انتخابات الجامعات الإقليمية المختلفة، والتي أظهرت تفوقا كبيرا للطلاب المستقلين، وتراجعا للطلبة المنتمين للتيار الإسلامي.

الطلبة المصريون منهمكون حاليا في عملية انتخاب رئيس لاتحادهم العام ونائبه بعد أن انتخبوا اتحاداتهم الطلابية الاقليمية، وهي انتخابات تحظى باهتمام إعلامي كبير بسبب النتائج التي أسفرت عنها انتخابات الجامعات الإقليمية المختلفة، والتي أظهرت تفوقا كبيرا للطلاب المستقلين، وتراجعا للطلبة المنتمين للتيار الإسلامي.

المستقلون تفوقوا أيضا في جامعة أسيوط التي أنهت انتخاباتها مطلع الشهر الماضي مارس/اذار، وأظهرت نتائجها فوز المستقلين والتيارات المدنية بنحو 65% من مقاعد الاتحاد في مقابل 35% لتيارات الإسلام السياسي وحزب مصر القوية وغيرهم. واختيار رئيس اتحاد لجامعة أسيوط هو محمد عسران ونائبه محمد جبر ينتميان إلى المستقلين.

لماذا خسر التيار الإسلامي؟

المثير للانتباه في انتخابات الاتحادات الطلابية أن نتائجها جاءت مختلفة تماما عن نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي شهدتها البلاد في العامين الماضيين. فالانتخابات البرلمانية شهدت تفوقا كبيرا للاسلاميين، وهو ما لم يحدث داخل أسوار الجامعات. لماذا ياترى؟

عبد الرحمن سانوسي، طالب باتحاد كلية الطب يقول: “من أسباب خسارة الإخوان هو عدم تواجدهم في الأنشطة الطلابية بشكل كبير”. أما محمد جبر، نائب رئيس الاتحاد فيقول: “السبب ليس هذا فقط وإنما عدد الإخوان في الجامعة ليس بالعدد الكبير، وهناك أسر طلابية محسوبة علي الإخوان، ولكن غالبية أعضاء من غير الإخوان، والتربيطات الانتخابية والعصبيات هي من لعب الدور الأكبر في الانتخابات خاصة في المرحلة الأولى”.

إذن فيبدو أن طلاب التيارات الإسلامية انشغلوا بالمشهد السياسي الخارجي على حساب المشهد الجامعي بعد فتح المجال السياسي، على عكس ما كان عليه الوضع قبل الثورة، فمن اللافت هذا العام قلة الأسر الطلابية الإخوانية في الجامعة مقارنة بما كانت عليه في الأعوام الماضية.

الخدمات قبل الايدلوجيات

كذلك لعب التركيز على الجانب الخدمي دورا في النتيجة، وهو ما قام به المستقلون. أحمد شريت مسئول الأنشطة الطلابية بجامعة أسيوط يقول : “طلاب النشاط كان لهم حضورا واضحا، ودافعوا عن مقاعدهم بشراسة، وحصلت الطالبات علي نسبة 35% من المقاعد الانتخابية، ولم تكن الدعاية الانتخابية قاصرة هذا العام علي برامج الأنشطة، ولكن أيضا كانت تشتمل علي برامج خدمات خاصة بمشكلات التسكين الوجبات المقدمة في المدينة الجامعية، مؤكدا أن ثقافة الطلاب قد تغيرت للأفضل”.

ويري حسام حسن، طالب وأمين مساعد حزب المصري الديمقراطي بأسيوط، أن اختفاء عامل اللعب علي وتر الدين، الذي يستخدمه تيار الإسلام السياسي في الانتخابات بشكل عام، كان أحد العوامل التي قللت من عدد المقاعد التي حصل عليها، يأتي هذا في الوقت الذي زاد فيه الوعي السياسي والثقافة لدى الطلاب، في ظل التخبط السياسي الذي يسيطر علي النظام الحاكم، وأدي بالبلاد إلي حالة من الانقسام الحاد، والذي في النهاية قد يصب في صالح التيارات المدنية، حسب ما قال.

نفور من الإنتماء الحزبي؟

لكن الملاحظ أن المستقلين الذين فازوا بالكتلة الأكبر في اتحاد طلبة أسيوط لا ينتمون إلى أي اتجاه سياسي، بل قد يميلون قليلا نحو المحافظة الإسلامية، كما هو الحال في محمد عسران رئيس اتحاد الطلبة في الجامعة، والذي يحسب على معسكر المستقلين داخل الجامعة، لكنه يعد خارجه من المقربين من التيار الإسلامي رغم عدم انتمائه إلى أي تنظيم سياسي إسلامي أو خلافه.

لذلك يرى الكثير من الطلبة أن انتصار المستقلين لا يعني بالضرورة تفوق معسكر سياسي على آخر، وإنما يعني النفور من التحزب والأدلجة السياسية، فالطلبة الذين نأووا بأنفسهم عن الإنتماءات السياسية رغم قرب بعضهم من التدين التقليدي المحافظ، جعل الناخبين يمنحوهم أصواتا أكثر من المحزبين.

اقبال كبير على المشاركة

ظاهرة أخرى شهدتها انتخابات الطلبة في أسيوط، وهي الإقبال على الانتخابات مقارنة بالأعوام الماضية. ويرجع كثيرون ذلك إلى تراخي قبضة الأمن التي كانت تنظم العملية الانتخابية فيما سبق. محمد جبر، نائب رئيس اتحاد طلاب جامعة أسيوط، يؤكد علي ذلك ويقول: “دور الأمن  اختفي بعد الثورة خلال الانتخابات الطلابية، كما أعطت اللائحة الطلابية الجديدة فرصة أكبر للطلاب لممارسة حقهم في الترشح للانتخابات، بعدما أصبحت أكثر مرونة، وسمحت بعمل دعاية انتخابية كان ممنوع عملها في السابق في ظل وجود الأمن”.

أما أحمد شريت مسئول الأنشطة الطلابية بجامعة أسيوط، فيشير إلي أن اللائحة الطلابية الجديدة كان لها أيضا دورا كبيرا في تحفيز الطلاب علي المشاركة في الأنشطة الطلابية، ومن ثم خوض الانتخابات والدعاية لأنفسهم خلال العملية الانتخابية، حيث وصل عدد المرشحين بالكليات أكثر من 2000 طالب، مقارنة بالعام السابق الذي قل عن هذا العدد، ووصلت نسبة الإقبال على التصويت نحو 70% مقارنة بالعام الماضي التي لم تتعد الـ 20%.