استقطبت بعض مناطق الجنوب المعروفة بمخزونها السياحي المتميز على غرار جزيرة جربة ومدينة توزر وغيرها وفودا متنوعة من الزوار الأجانب والزوار المغاربة.
ويحتوي الجنوب على منتوج فريد بفضل خصائصه الجغرافية والمناخية ما جعله قطبا للسياحة الغير الموسمية وقبلة رائعة للسائحين الذين يستمتعون بالمناخ المعتدل.
ولكن لم يكفي هذا لاسترجاع حركية السياح إذ ساهم تحسن الوضع الأمني في تونس واحتواء خطر الإرهاب في تحسن المؤشرات السياحية رغم بقاء بعض الاحتجاجات مثل ما يحصل بمحافظة تطاوين حيث يطالب الأهالي بالتشغيل.
مؤشرات إيجابية
ويقول محمد الصايم المندوب الجهوي للسياحة بمحافظة قبلي الجنوبية إن هناك تطورا في عدد السياح الوافدين على الجنوب خلال الأشهر الخمسة الماضية.
ووصل عدد الوافدين السياح باتجاه الجنوب نحو 120 ألف سائح خلال الأشهر الخمسة الماضية مقابل 70 ألف سائح فقط خلال نفس الفترة المذكورة من العام الماضي.
وقد عرفت محافظة قبلي الصحراوية تطورا في قدوم السياح الأجانب حيث بلغوا نحو 39 ألف سائح مقابل 17 ألف سائح خلال الأشهر الخمسة من العام الماضي.
وتستقطب السياحة في الجنوب المتميز بمناخه الحار زوارا لا يبحثون عن الشاطئ بقدر ما يرغبون في روية كثبان الصحراء وواحات النخيل وعادات الناس.
مميزات الجنوب
وتنتشر في الجنوب التونسي السياحة الرياضية والمناطق الإيكولوجية إضافة إلى والمعالم التراثية وهي مميزات رائعة للباحثين عن المغامرات والتخييم لا تتوفر في بقية المناطق بحسب المندوب الجهوي للسياحة بقبلي محمد الصايم.
وتروي عديد المناطق الصحراوية تفاصيل عيش سكان الجنوب، وهو ما يبرز في لباس السكان المحليين ووسائل تنقلهم في الصحراء وفي طريقة عيشهم وحتى في مساكنهم الحجرية التي شيدت لتتلاءم وطبيعة المناخ الصحراوي القاسي.
لكن ما يميز الجنوب أكثر هو كنوزه التراثية الهامة، وهو ما يؤكده رئيس الجمعية التونسية للإعلام السياحي يمدينة تطاوين محمد صالح بن حامد لـ”مراسلون”.
ويقول إن الجنوب التونسي غني بالمحميات الطبيعية وبالمعالم الأثرية والايكولوجية التي تستقطب سياحا من اليابان ومن فرنسا ومن عديد البلدان الأخرى.
ويؤكد بن حامد بأن مناطق الجنوب التونسي استطاعت أن تستقطب السائح طيلة السنة وليس في فصل الصيف فقط بفضل تنوع وثراء مخزونه وجمال طبيعته وطيبة ناسه.
ثلاث مناطق كبرى
وبقطع النظر عن جزيرة جربة يعرف الجنوب التونسي بثلاثة مناطق سياحية كبرى وهي مدينة توزر التي تشتهر بواحاتها، ومدينتني دوز وقبلي حث السياحة الصحراوية والكثبان الرملية، ومدينة تطاوين المعروفة بخصائصها التراثية ومعالمها.
وتتميز المسالك السياحية بالجنوب التونسي بوجود المسلك الإيكولوجي (بوهدمة، عرباطة، دغومس، جبيل)، والواحات الجبلية والواحات الصحراوية وشط الجريد، أما المسلك الثقافي فيتكون من مغاور السند والمسابح الرومانية بقفصة، والمدن العتيقة والمتاحف بكل من توزر نفطة وقبلي، إلى جانب المواقع البربرية بتطاوين (القصور والقرى) والمهرجانات الثقافية والسياحية.
وتوجد في الجنوب التونسي أربعة مطارات صغيرة وهي (توزر، قفصة، قابس، جربة). وقد أنشأت لتجعل من مناطق الجنوب وجهة مفتوحة على العالم.
وتعرف محافظة توزر بكونها قبلة لمخرجين سينمائيين عالميين إذ صور المخرج الغيطالي روبرتو بينيني شريط “النمر والثلج”، والمخرج الكندي كيم نغيبان فيلم “مدينة الظلال”.
ويعتبر موقع “عنق الجمل” الصحراوي، بنفطة من أشهر المناطق الصحراوية بالجنوب وقد شهد خلال سبعينيات القرن الماضي، تصوير مشاهد الجزء الأول من فيلم “حرب النجوم ” للمخرج الأمريكي الشهير جورج لوكاس، ما جعلها معلما سياحيا هاما.
ويؤكد الحبيب علجان رئيس جمعية صيانة التراث بغمراسن، لـ”مراسلون” أن قصر “حبابة” بغمراسن لا يزال يحتوي على بعض تجهيزات فيلم “حرب النجوم” والذي صور في عدد من المناطق الصحراوية كنفطة ومطماطة وغمراسن.
ويضيف لمراسلون بأن المنطقة تعرف أيضا برسومها الجدارية التاريخية الموجودة وسط المنطقة والتي تعود إلى 6 آلاف عام. وتشتهر غمراسن بمعالمها الجيولوجية وأثار بقايا الديناصورات التي كثيرا ما أغرت علماء الآثار، إضافة إلى الآثار الرومانية المتواجدة بمنطقة القصور بحسب ما يؤكده علجان.
حج اليهود
هذا وشهدت جزيرة جربة أو كما يحلو للبعض تسميتها جزيرة الأحلام نجاحا سياحيا مع قدوم المئات من السياح اليهود لزيارة معبد الغريبة، خلال شهر مايو/آيار الماضي.
ورغم تحذيرات السلطات الإسرائيلية اليهود من زيارة جربة بدواعي تهديدات أمنية، إلا أن أكثر من 2500 يهودي من أوروبا ومن عواصم العالم توافدوا على الجهة.
ويزور سنويا آلاف اليهود جزيرة جربة بالجنوب التونسي ضمن ما يعرف بحج اليهود لمعبد الغريبة وهو تقليد قديم دأب اليهود على ممارسته كل سنة بلا انقطاع.
وسجل عدد الزوار ارتفاعا مقارنة بالسنة الماضية إذ زاد بقرابة النصف، حيث قدم 2180 يهوديا من فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا وإسرائيل وأيضا يهود من دول عربية.
وبلغ عدد اليهود التونسيين الذين قدموا لزيارة الغريبة قرابة الـ550 يهوديا، في حين حضر أكثر من 150 صحافيا لتغطية هذا الحدث الديني البارز في الجزيرة الهادئة.