لم يخطر ببال الناشط السياسي شريف دياب عندما شارك في تأسيس حركة “تمرد” لتنادي بإسقاط حكم جماعة الإخوان والرئيس محمد مرسي قبل مايقرب من عامين، أن تدور الايام وتدفعه للتحالف مع نفس الجماعة التي طالب بإسقاطها، بعد أن تبدلت الأدوار وعاد مايسميه ب”حكم العسكر” لتولى مسئولية الأمور داخل مصر.

لم يخطر ببال الناشط السياسي شريف دياب عندما شارك في تأسيس حركة “تمرد” لتنادي بإسقاط حكم جماعة الإخوان والرئيس محمد مرسي قبل مايقرب من عامين، أن تدور الايام وتدفعه للتحالف مع نفس الجماعة التي طالب بإسقاطها، بعد أن تبدلت الأدوار وعاد مايسميه ب”حكم العسكر” لتولى مسئولية الأمور داخل مصر.

دعاوى التحالف مع الجماعة التي يصفها نظام الحكم في مصر الأن ب”الجماعة الإرهابية” تجددت مع الحديث عن اقتراب موعد الانتخابات النيابية، والتي كان من المفترض أن تجرى مع نهاية 2014، ولكن لم يتم إجرائها حتى الأن بدعوى الخوف من عودة الإخوان عبر البرلمان، كما عبرت تصريحات أكثر من مسئول سياسي.

لن يدوم طويلا

يصف دياب طبيعة الحركة السياسية بمصر بأنها قائمة على ثلاث قوى: الأولى هى المؤسسة العسكرية ورجالها، ثم تيارات الإسلام السياسي، ومن بعدها قوى التيار المدني، وبالنسبة له “متى أتحدت قوتين من الثلاث فإنها بالضرورة ستسقط الاخرى، وهو ماحدث على مدار الأربع سنوات التي تلت ثورة يناير”.

يقول دياب : “بعد أن تولى السيسي ابن المؤسسة العسكرية رئاسة مصر،وعادت الأمور معه إلى ما كانت عليه قبل ثورة يناير، بل أسوأ، فقد ازداد القمع وغابت العدالة، كان لابد من إعادة تقييم الامور”.  

شريف لم يشارك في تأسيس حركة “تمرد” من أجل عودة حكم العسكر أو التخلص فقط من حكم الاخوان، بل من أجل تحقيق أهداف ثورة يناير، لذا يؤكد أنه إذا كان مرحبا حاليا بالتحالف مع جماعة الإخوان، لتغيير الوضع الراهن، فإن ذلك التحالف بالنسبة له لن يدوم طويلا وسينتهى بانتهاء أهدافه.

ولم ينس دياب، أن يؤكد على أنه لا يمكن وضع مايسمى ب”الثوار” في بوتقة واحدة ..”فأعضاء “تمرد” أنفسهم أختلفوا حاليا وبشدة، مثل كل القوى الثورية الفاعلة، ومن يرى من الثوار الأن ضرورة التحالف مع جماعة الإخوان، يعى أن عودة الاخيرة للحكم مستحيلا”. إذ يرى دياب أن الشكل الأمثل لإدارة شئون البلاد يأتي عبر مايشبه حكومة إئتلافية منعا لعودة تجاوزات الإخوان أو المؤسسة العسكرية مرة أخرى.

بين “الخروج الآمن” و “الدخول الآمن”

التجاوزات التي يخشى دياب بسببها عودة الإخوان للحكم إن تحالف معهم ، يندهش رياض محمد عضو حركتي “كفاية” و”6 ابريل” بالاسماعيلية منها إذا ماتمت مقارنتها بأخطاء المحسوبين على القوى المدنية مثلا، موضحا كلامه بعدة أمثلة منها أن الدكتور محمد البرادعى، والدكتور حسام عيسى، والمناضل كمال أبوعيطة شاركوا في حكومة إعتبرها رياض “إنقلابية، وأعادت حكم العسكر للبلاد”، ومع ذلك لم توجه لهؤلاء الثلاثة الذين يعتبرون من أهم رموز القوى المدنية سهام النقد كما وجهت لجماعة الإخوان كما يرى. ويتابع رياض: “إذا كانت الجماعة قد قتلت بعض الثوار عند قصر الإتحادية، فهى أيضا خسرت العديد من أعضائها وتم حرق مقراتها، وإذا قال البعض أن الإخوان قد منحوا العسكر مايسمى ب”الخروج الآمن”، فمن يطلق عليهم قوى مدنية منحت نفس العسكر “الدخول الآمن” وأعادته للحكم مرة أخرى، وإذا كان الإخوان قد خانوا الثوار في موقعة محمد محمود في نوفمبر 2011 ، فبعض الثوار رفعوا من قتلوا أصدقائهم على الاكتاف بعد 30 يونيو، ولو كان الاخوان قد منحوا صلاحيات كثيرة للعسكر فى الدستور، فالقوى المدنية قد سلمت البلد بأكملها للعسكر”.

الامثلة التى ساقها رياض تمنحه يقينا بأن التحالف مع جماعة الإخوان ليس عارا عليه كما يقول بعض زملائه..”لأنه لايصح لمن شارك فى الثورة أن يرضى بالظلم والقتل والحبس لمن خالفه فى الرأي” متذكرا الفترة التي قضاها في حركة “كفاية” التي كانت تطالب بإسقاط حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك..”عندما كان من بين أعضائها محمد على بشر، وابوالعلا ماضي، ومجدى حسين، وهؤلاء محسوبين على الإخوان ولايستطيع أحد أن ينكر دورهم في إسقاط حكم مبارك، وبالتالى فإن من الأولى التحالف معهم ضد من يكمل مسيرة البطش والتنكيل التي كان ينتهجها الرئيس المخلوع” في نفس الوقت انتقد رياض جورج إسحاق، وعبدالجليل مصطفى، وكريمة الحفناوي، وعبدالحليم قنديل الذين كانوا من مؤسسي حركة كفاية أيضا “ولكن يبدو أنهم تناسوا المباديء التي قامت عليها الحركة إما إستجابة لإغواءات المؤسسة العسكرية أو الخوف من التنكيل بهم” على حد تعبيره.

الجميع أخطأ

“القابضين على الجمر”هو الوصف الذي أطلقه رياض على من يدافع عن الحق في الفترة الحالية، مؤكدا أن النظام الحاكم في مصر نجح في السنة الأخيرة في دمج  لفظي “إخوانى” و”ثوري”، ويتابع قائلا “أنه رغم كراهيته لأفعال الإخوان طوال فترة حكمهم إلا أن هذا لم يمنعه من الإشتراك في مظاهراتهم التي تلت إنقلاب يوليو، حتى لا تضيع أحلامه في أن يكون التظاهر حق مكفول للجميع”.

ولم ينس رياض أن يؤكد على رفضه عودة مرسي للحكم ولكنه مع حق عودة الاخوان للحياة السياسية فهم فى وجهة نظره “أفضل ممن يطلقون على انفسهم قوى مدنية وتخلوا عن مبادئهم تحت بطش الدبابة والبندقية”.

وختم رياض حديثه قائلا: ” إعتذار بعض قيادات الإخوان عن أخطاء جماعتهم، لم ينل رضا الكثير، رغم أنه من الأولى أن يعتذر الجميع، لان الكل أشترك فى إرتكاب الاخطاء ضد ثورة يناير، وكانت النتيجة أن مصر عادت كسابق عهدها ولم يتحق هدفا من أهداف الثورة”

ضرورة التخلي

من جانبه لم يرفض الناشط السياسي محمود النوبي أحد مؤسسي حزب “العيش والحرية” اليساري –والذي تكون بعد خروج عدد من اعضاء حزب التحالف الاشتراكي – بالإسماعيلية مبدأ التحالف مع الإخوان، ولكنه وضع شرطا جوهريا حتى يقبل بمثل هذا التحالف ينص على ضرورة أن يتخلى الاخوان عن المطالب التى يرفعوها حاليا بعودة الشرعية المتمثلة من وجهة نظرهم في الرئيس محمد مرسى، وأن يتظاهروا كمواطنين عاديين يلتزمون بالمناداة بشعارات ثورة يناير كما كانوا من قبل في ميدان “التحرير” بالقاهرة أو ميدان “الممر” بالاسماعيلية.

النوبى يؤكد على أنه مؤمن تماما بحرية الإخوان في التعبير عن أرائهم ومطالبهم الخاصة، ولكن إذا كان هناك تحالف سيجمعه معهم “فلابد ان يكون على أرضية مشتركة طالما كان الهدف الاساسى هو تحٌقيق أهداف الثورة”، في نفس الوقت الذي أكد على أن “الإخوان حتى الأن لم يدركوا أنهم كان السبب الرئيسى في طعن الثورة، عندما تخلفوا عن ركب الثوار، وأهتموا بمصالحهم الشخصية”. موضحا أنه حتى لو تحالف معهم، فان ذلك الأمر لن يمنعه من إستكمال أهداف حزبه بضرورة إيجاد بديل حقيقى للشعب المصرى يكون مستقلا عن العسكر والاخوان حتى ولو إستغرق ذلك الأمر فترة زمنية طويلة”.

ما المانع؟

أما وائل عبد العزيز عضو الامانة العامة لحزب “مصر القوية” – الذي أسسه القيادي الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح بعد خروجه من الجماعة عقب الثورة – بالاسماعيلية فيقول “إن إستراتيجية حزبه التى تم الإعلان عنها مؤخرا أنطلقت أساسا من مبادىء ثورة 25 يناير التي شاركت فيها جماعة الإخوان،  وشملت عدة بنود أهمها أن النظام الحالي أسوأ من نظام مبارك، وأن السلطة الحالية أصبحت قائمة بالرغم من وجودها عن طريق الانقلاب، وأن ما حدث في رابعة والنهضة هو إرهاب دولة، وبالتالى فان التحالف مع جماعة الاخوان قد يكون ممكنا بشرط أن يتخلوا عن خطابهم الإستقطابى ويعودوا لصف القوى الثورية والسياسية” وختم حديثه قائلا: “وإذا كان حزبه على استعداد قد يتحالف مع قوى مختلفة ايديولوجيا معه كحركة “6 ابريل” فى سبيل تحقيق أهداف الثورة، فما المانع أن يتحالف مع الإخوان إذا كان ذلك في سبيل نجاح الثورة”.