رغم أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أعلن خلال كلمته التي ألقاها أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة أن مصر فى طريقها لاستكمال خارطة الطريق بإجراء الانتخابات البرلمانية كاستحقاق ثالث بعد الاستفتاء على الدستور وانتخابات الرئاسة، إلا أن هناك تخوفات قد تشكلت لدى بعض القوى السياسية والثورية من أن الانتخابات البرلمانية لن تجري في موعدها وسيتم تأجيلها، خاصة مع وجود رسائل من النظام تشي بهذا المعنى كان أخرها تصريح وزير الداخلية جاء فيه: “في حال إقامة الانتخابات الآن سيفوز بها الإخوان”.

رغم أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أعلن خلال كلمته التي ألقاها أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة أن مصر فى طريقها لاستكمال خارطة الطريق بإجراء الانتخابات البرلمانية كاستحقاق ثالث بعد الاستفتاء على الدستور وانتخابات الرئاسة، إلا أن هناك تخوفات قد تشكلت لدى بعض القوى السياسية والثورية من أن الانتخابات البرلمانية لن تجري في موعدها وسيتم تأجيلها، خاصة مع وجود رسائل من النظام تشي بهذا المعنى كان أخرها تصريح وزير الداخلية جاء فيه: “في حال إقامة الانتخابات الآن سيفوز بها الإخوان”.

هذا الوضع المبهم يضع الأحزاب “المدنية” في مأزق جوهري، فعندما أصدر الرئيس المعزول محمد مرسي إعلانا دستوريا في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 منح نفسه فيه العديد من الصلاحيات برزت حركة معارضة كبيرة كانت ذروتها في الثلاثين من حزيران/يونيو 2013 والتي أعقبها عزل مرسي. أما الآن، ومع كل الإجراءات القمعية التي تنتهجها السلطة في مصر، ومع الخوف من تأجيل الانتخابات البرلمانية، يبرز تساؤل حول ما موقف تلك الأحزاب -التي نشطت في معارضة مرسي- في حال تم فعلاً إرجاء موعد الانتخابات.

ضمان الوجود

مصطفى عبدالرازق أحد قياديي حزب التيار المصري (تأسس عقب بداية الثورة وضم بشكل أساسي الشباب المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين) يرى أن السيسى “يسعى بقوة لتأجيل الانتخابات البرلمانية وتفصيل عدة قوانين تسمح له بالبطش بمعارضيه والتنكيل بهم، خاصة بعد إستخدامه السلطة التشريعية دون وجود ضرورة فيما يتعلق مثلا بالتعديلات التى أجراها على قانون تنظيم الجامعات، ومنظمات المجتمع المدني، بالاضافة لإستمرار موافقته على العمل بقانون التظاهر الجائر، وإقترابه من الموافقة على قانون إنتخابات مجلس النواب الذي عارضته كل القوى السياسية”، وكل تلك الامور تعني بحسب عبد الرزاق أن السيسي يرغب فى تأجيل الإنتخابات حتى يضمن إستمرار وجود سلطة تشريعية خاضعة له، وإن تم إجراء انتخابات البرلمان، فسيكون اعضائه “مسالمين وتابعين للنظام الذى جاء بهم”.

شقي الرحى

ولكن لماذا لم تعارض الاحزاب والقوى السياسية المدنية استخدام السيسي للسلطة التشريعية كما عارضت سلفه الرئيس مرسي؟ 

يجيب على التساؤل  مسعد علي أمين حزب التحالف الشعبي الإشتراكي بالاسماعيلية الذي أكد أن القوى السياسية وخاصة الثورية منها وقعت بين شقي الرحى، “فلا هي تملك ترف الانسحاب من المشهد السياسي بعد التجاوزات الرهيبة التي يفعلها السيسي ضدها خوفا من تعرضها لحالة من الموات السياسي وترك الساحة فارغة أمام كل أعداء الثورة، ولا هي تلقى تضامنا من بقية الأحزاب إن فكرت في الانسحاب إعتراضا على مايفعله النظام الحاكم”، مؤكدا أن الخطأ يتحمله الرئيس السيسي الذى يصر على عدم المبالاة بمطالب القوى السياسية ويرفض إصدار قانون مباشرة الحقوق السياسية ويتمسك بقانون القائمة المطلقة الذي لن يسمح لأي حزب تشكل من رحم الثورة بأن يصل مرشحوه إلى البرلمان، “وكأن مجلس النواب القادم قد تم تجيهزه سرا دون علم الاحزاب”.

ولم يعف مسعد جماعة الاخوان من تحملها الوزر الأكبر فى وجود حالة “جزر سياسي” في الشارع المصري الذي يشهد عزوفاً عن المشاركة في الفعاليات السياسية حتى وإن اعترض على تصرفات النظام الحالي، “وذلك لعدم وجود بديل أمامهم، وإعترافا منهم بأن الفاشية العسكرية أفضل  لهم من نظيرتها الدينية”. 

في نفس الوقت يرى مسعد أن الشعب لن يصمت كثيرا، وأنه في حالة إلتقاط أنفاس ليرى بعينه نتائج المشروعات القومية التي أعلن عنها النظام الحالي، مستدركاً أن الشعب نفسه لم يعد يبالي باهتمامات النخبة المدنية “التي تفرغت للقنوات الفضائية دون التواصل مع المواطن نفسه”.

نفس المعنى تؤكده الدكتورة ليلى غطاس الأمين السابق للحزب المصري الديمقراطي بالاسماعيلية، والتي عانت الأمرين على حد وصفها خلال تجربة قيادتها للحزب بالاسماعيلية بعدما أنفقت أكثر من ستين ألف جنيه من أموالها الخاصة للتواصل مع المواطنين في الأحياء الفقيرة، وفتحت لقادة حزبها بالقاهرة المجال ليصلوا للمواطن، إلا أن أحدا  لم يعيرها إهتماما من رؤسائها بالقاهرة، لذا فضلت الانسحاب وبات الحزب بالاسماعيلية خاليا من القيادات في الوقت الحالي.

الجميع في سلة الإخوان

المهندس عمرو محسن أمين حزب الكرامة بالاسماعيلية يؤكد أن “الاتهامات جاهزة اليوم بحق كل المعارضين لتصرفات النظام الحاكم، وخوف القوى السياسية من وضعها مع جماعة الاخوان في سلة واحدة تسبب وبقوة فى عدم معارضة القوى المدنية للإستغلال السيء للسلطة التشريعية الذى يمارسه السيسي”، مشيراً إلى أن قانون التظاهر منع عشرات الآلاف بما فيها قوى حزبية وسياسية من مجرد التفكير فى نزول الشارع خوفا من الملاحقات القانونية والتعرض للحبس.

ويعتقد محسن أن الانتخابات البرلمانية في طريقها للتأجيل رغم تصريحات السيسي، موضحا أن مجرد إعلان مديريات الشباب والرياضة في المحافظات تلقيها طلبات لتعيين ممثلين لها في المجالس المحلية والتي من المفروض أن يتم إجراء انتخاباتها بعد انتخابات البرلمان، بدعوى أن الظروف الأمنية لاتسمح بإجراء تلك الانتخابات، يؤكد أن مجلس النواب قد يتأجل إنتخابه.

ويوضح محسن من ناحية أخرى أن حزبه مجبر على دخول الانتخابات خوفا من ترك الساحة للفلول والاخوان، وسيعترض على تأجيل الانتخابات البرلمانية دون وجود سبب مقنع، مؤكدا أن الظروف الامنية التي يستخدمها بعض مؤيدي النظام للمطالبة بالتأجيل ليست سببا كافيا، خاصة وأن انتخابات الرئاسة والإستفتاء على الدستور تمت في ظروف أمنية أصعب من تلك التي تعيشها مصر في الوقت الحالي.

رسائل للعالم الخارجي

وعلى العكس تماما من الآراء السابقة، فإن الظروف الحالية هي ماجعلت المهندس عادل خليل أمين حزب الدستور بالاسماعيلية  يؤكد على أن الرئيس السيسي “حسم الامر تماما” وأن الانتخابات سيتم إجرائها قبل نهاية العام الحالي، “ولابد من إستكمال خارطة الطريق حتى نؤكد للعالم كله ان مصر دخلت طريق الإستقرار”.

ويرى خليل أن جميع التشريعات التي أصدرها السيسي كانت “ضرورية” لتسيير الحياة في مصر، وأن قانون تقسيم الدوائر التي تنتظره معظم القوى السياسية سيتم الإعلان عنه بعد إعادة تقسيم المحافظات، رغم أن الفرصة لن تكون كافية حتى تستطيع الأحزاب السياسية تنفيذ دعاية جيدة لمرشحيها، إلى جانب تأكيده على ضرورة الإستجابة لمطالب القوى السياسية فيما يتعلق بقانون انتخابات مجلس النواب.

يتضامن مع خليل فى رأيه المحلل السياسي محمد أبوالفضل الذي أكد ان السيسي بات مجبرا على الإسراع فى تنفيذ الإنتخابات البرلمانية ليس خوفا من القوى السياسية داخل مصر بل لتوصيل رسالة للعالم الخارجي بأن مصر مستمرة فى تنفيذ خارطة الطريق وحتى لايخسر الدول التى أيدته خشية ان تراجع مواقفها إن تم تأجيل الإنتخابات.

ويبدي أبو الفضل إندهاشه من تخوفات البعض من عودة الفلول والاخوان للمشهد السياسي إذا أقيمت الانتخابات فى الوقت الحالى بأي قانون، مؤكدا أن العكس هو الصحيح وإن تم تأجيل الإنتخابات فهذا يعنى ترك الفرصة سانحة لهم حتى ينجحوا فى إستعادة شعبيتهم على أرض الواقع، خاصة وإن القوى السياسية والاحزاب لم تنجح حتى الان فى كسب المواطن البسيط لها.