“مراسلون” التقت ربيعة السماعلي، هذه المنقبة التي تطمح إلى أن تكون نائبة بالبرلمان من خلال الانتخابات التشريعية التي ستجري في تونس في 26 تشرين أول/أكتوبر 2014، فكان الحوار التالي:

 

مراسلون: كيف تقدّمين نفسك للناخبين؟

“مراسلون” التقت ربيعة السماعلي، هذه المنقبة التي تطمح إلى أن تكون نائبة بالبرلمان من خلال الانتخابات التشريعية التي ستجري في تونس في 26 تشرين أول/أكتوبر 2014، فكان الحوار التالي:

 

مراسلون: كيف تقدّمين نفسك للناخبين؟

ربيعة السماعلي: أنا من محافظة مدنين في الجنوب التونسي، أبلغ من العمر 27 سنة، حاصلة على شهادة تقني سامي في الصيانة الإعلاميّة، ورئيسة المكتب النّسائي لحزب جبهة الإصلاح بمحافظة مدنين، كما أن عضو مجلس شورى في نفس الحزب ومترشّحة للانتخابات التّشريعيّة.

متى دخلت عالم السّياسة؟

بالنسبة للعمل السيّاسي لم أكن أنشط قبل الثورة، فقد كنت مثل جل التونسيّين أخاف من تبعات ذلك، ولكنني كنت أتابع الوضع. وانخرطت في النشاط السياسي منذ أقل من سنة، وأنا أعتبر ترشّحي للانتخابات التشريعيّة عن حزب جبهة الإصلاح شجاعة.

 هل تسبّب ارتداؤك النّقاب في بعض المشاكل فيما يخصّ عملك وعلاقاتك مع النّاس؟

 أرتدي النّقاب منذ 2009، ولكن لم أكن أتحرّك كما هو الحال اليوم، فبعد الثّورة – ككل التّونسيّين – فسح لي مجال الحريّة الذي توسّع بالعمل والخروج لممارسة السّياسة.

 لكن قبل 2011 كان الحجاب يسبّب العديد من المضايقات من قبل النظام الحاكم، فما بالك بالنّقاب؟

 كنت أخاف على عائلتي بطبيعة الحال، ولم أكن أخرج كثيراً، ولكن لم أتعرّض لمضايقات كثيرة في محافظة مدنين، ولم أكن آتي إلى العاصمة وآنذاك كان لدي أمل وثقة في الله بأن النظام الذي كان يقمع حرياتنا الدينيّة سيزول يوماً، لكن لم أتوقّع ككل التّونسيّين أن تقوم ثورة وتُسقط ذلك النّظام.

  ما رأيك مثلاً في أزمة جامعة منّوبة ومنع المنقّبات من إجراء الامتحانات إلا إذا كشفن عن وجوههنّ؟

 هذا الأمر مثّل ولا يزال يمثّل مشكلة خطيرة، وقد تمّ تسييسها آنذاك، وكان من المفترض أن لا تأخذ ذلك المنحى أصلاً. وأنا أرفض ذلك التّعامل، فلو تمّ توفير الظروف المناسبة لهن لإجراء الامتحانات، لكان من الممكن للمنقبة أن تتميّز وتنهض بترتيب جامعاتنا المتدنيّة، حيث نرى أن هناك منقّبات يقدن طائرات.

ففي بريطانيا مثلاً يُسمح لهن بإجراء الامتحانات دون كشف وجوههنّ، فهناك البصمة مثلاً، ولكن في تونس البلد المسلم يُعاملن كمواطنات درجة ثانية.

هل يعني هذا أن الناخبين الذين تتوجّهين لهم هن المنقّبات؟

 القائمة التي ترشّحت ضمنها تضمّني أنا كمنقّبة ومحجّبتين وأخرى سافرة (بلا حجاب). أنا لا أطمح أن تنتخبني فئة معيّنة، رغم أن مظهري وطريقة لباسي تُمثّل فئة معيّنة دون غيرها، ولكنني أمثّل المرأة التّونسيّة بصفة عامّة. سأكون صوتاً يرفع الظلم عن المنتقبات لأنهن مضطهدات، وليس لهنّ الحق في العمل حتى؛ ويُعتبرن ظلاميّات ورجعيّات في نظر البعض، وهذا غير صحيح، فنحن نمثّل فكراً. وكما قال أحد الفلاسفة “تكلّم لأراك”… ولكن بصفة عامّة أنا، كمترشّحة للانتخابات التّشريعيّة، أتوجّه لجميع التونسّيين. لا أستعمل النقاب لكسب أصوات فئة معينة من الناخبين، فترشّحي كان بقرار شخصي وفردي ولم يتمّ وضع اسمي في القائمة لحصد أصوات المنقّبات. حين فُتح باب الترشّحات للانتخابات التّشريعيّة قدّمت ترشّحي، وتمت المشاورات ووافقوا على وضعي في قائمة محافظة مدنين التي تحمل اسم “الشّعب يريد”.

 هل يمكن في تقديرك أن ينتخبك المواطنون دون أن يروا حتى وجهك؟

 نعم، لأن ما يهمّ هي الأفكار التي أتبنّاها وهي إصلاحيّة بالأساس، كما أن النّقاب لا يمنعني من التّواصل مع النّاس والدّليل هو هذا الحوار الصّحفي.

 ما هو برنامجك الانتخابي أو ما الذي يريده الشعب في اعتقادك؟

 اسم قائمتنا يدلّ على برنامجنا، فنحن نحاول النّظر إلى النّقاط الإيجابيّة مثل الاقتصاد الإسلامي الذي يتم العمل به في الغرب، وندافع عن تطبيقه في تونس. كما أطمح إلى مزيد إشراك الشباب وإصلاح الإدارة التّونسيّة والتّعليم وغيره من المجالات الهامة التي تستوجب إعادة هيكلة.

 يعني أن الشّريعة الإسلاميّة هي المصدر الوحيد لبرامجكم؟

 الشريعة تدعو للعدل والمساواة والحريّة لكن بضوابط. وفي تونس تمّ التخويف من الشّريعة الإسلاميّة، فلا يخاف مثلاً من قطع اليد سوى السّارق. وللأسف الشّعب أصبح يخاف من كلمة الشريعة وكل ما هو مستمد منها دون الوعي بإيجابياتها كالاقتصاد الإسلامي وصندوق الزّكاة، خاصّة أن القدرة الشرائيّة للمواطن أصبحت في الحضيض مؤخّراً، فمن الأنسب أن نفهم الشريعة فهماً صحيحاً.

 لكن الدستور الذي تمت المصادقة عليه والذي سيتمّ العمل به في المستقبل غير مستمدّ من الشّريعة؟

 أنا لم أقل إنّنا سنطبّق الشريعة منذ الغد أو حال انتخابنا، فنحن نعمل على المدى البعيد. وكما رأينا خرجت مظاهرات بعد المصادقة على الدّستور وأنا أراهن إذا تمّ إجراء استفتاء شعبي لتطبيق الشريعة واعتمادها كمصدر للتّشريع، فستكون الأغلبيّة موافقة، ولكن يجب النّظر أيضاً إلى أنه يتضمّن فصولاً تتوافق مع الدّين والشّريعة وأخرى لا تتوافق.

  يعني أن الدستور برأيك لم يكن انعكاساً لمطالب الشّعب، بل نتيجة توافق سياسي لا غير؟

هذا هو لبّ المشكلة، فالنّائب كان من المفترض أن يمثّل الشّعب وليس حزبه، فيتحرّك وفق مصالحه السّياسيّة. وللأسف لم يتمّ استفتاء الشّعب بخصوص الدّستور.

 في حال نجاحك في الانتخابات هل ستقترحين تنقيح بعض الفصول التي ترين انّها تتعارض مع الشّريعة؟

 طبعاً، فهذا ما يريده أغلب الشّعب، ولكن الأصوات لا تصل. وأنا سأبلّغ صوتهم وسألتزم باسم قائمتي “الشّعب يريد” وسأمثّلهم أفضل تمثيل دون إقصاء أي طرف.

  لكنك مترشّحة على أساس قانون انتخابي وضعي غير مستمدّ من الشّريعة وهذا يتناقض مع قناعاتك؟

 القانون الانتخابي أعتبره مجرّد آليّة للتداول السّلمي للسّلطة، فأنا لن أبقى مكتوفة الأيدي ولا أشارك في بناء بلدي إلى حدود إصدار قانون انتخابي مستمد من الشّريعة وأكون حينها عجوزاً (تضحك) وهي آليّة لبلوغ السّلطة، ومن ثمّ الإصلاح وتطبيق البرامج واستفتاء الشّعب بخصوص القوانين التي تتنافى مع الشّريعة.

 عموماً في تونس، الأحزاب التي تتبنّى مشروع الخلافة الإسلاميّة مثلك ترفض المشاركة في الانتخابات وتحرّمها؟

 هذا غير صحيح، فأنا لم أتحدّث عن خلافة وكلّه تلفيق ضدّي، فتونس بلد مسلم ولست أنا من سيقول سنقيم الخلافة أم لا، فهو موضوع اجتهاد له أهله من العلماء. وأنا لا أريد أن أخوض فيه، فالهدف من وراء ترشّحي هو بناء تونس وإصلاحها، ونحن نختلف مع غيرنا  في بعض النّقاط ونلتقي معهم في بعضها الآخر.

من هو المترشّحين الأنسب لرئاسة البلاد في تقديرك؟

 هنا أريد أن أشير إلى التّزكيات المزوّرة، فكيف يمكن الوثوق برئيس زوّر التزكيات الشّعبيّة ليُقبل ملفّ ترشّحه. يجب البتّ في هذا الموضوع، كما أني أدعو المواطنين للتمعّن في البرامج دون الاستناد إلى الجانب العاطفي. وبالنّسبة لي لم أقرّر بعد من سأنتخب.

 يقول محلّلون إنه بعد تجربة حكم حركة النّهضة لم يعد للتونسيّين ثقة في الأحزاب ذات المرجعية الاسلامية، فما رأيك؟

هنا يكمن الخطر، لأن هذا سيساهم في إعادة التجمّعيّين (المنتمين للحزب الحاكم قبل الثورة) للسلطة. وبالنّسبة لاستعمال الدّين كوسيلة لبلوغ السّلطة وممارسة السياسة البراغماتيّة، فهذه مسألة لا أريد الخوض فيها.

 ألا ترين أن حركة النّهضة أضرّت بصورة الأحزاب ذات المرجعيّة الدينيّة وأثبتت أنّها حزب براغماتي مثله مثل بقيّة الأحزاب؟

 يجب أن لا ننسى أنها عملت تحت الضغط، وأنا لا أرى أنّها أضرّت بصورة الأحزاب الدينيّة.