عندما وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مشروع  قناة السويس الجديدة  بـ”المفاجأة”  لم يكن بعيدا تماماً عن الصواب، فالمشروع أثار فور الإعلان عنه ضجة كبيرة، وتوالت التعليقات عليه، خاصة أن سلفه المعزول محمد مرسي كان قد أعلن عن مشروع شبيه تحت اسم “تنمية اقليم قناة السويس” وأثار ساعتها موجة  من المعارضة بذريعة تهديد الأمن القومي.

الجيش هو المسؤول الأول

عندما وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مشروع  قناة السويس الجديدة  بـ”المفاجأة”  لم يكن بعيدا تماماً عن الصواب، فالمشروع أثار فور الإعلان عنه ضجة كبيرة، وتوالت التعليقات عليه، خاصة أن سلفه المعزول محمد مرسي كان قد أعلن عن مشروع شبيه تحت اسم “تنمية اقليم قناة السويس” وأثار ساعتها موجة  من المعارضة بذريعة تهديد الأمن القومي.

الجيش هو المسؤول الأول

يشرح طارق حسانين المتحدث الرسمي باسم هيئة قناة السويس ماهية المشروع الجديد قائلا إنه “عبارة عن إنشاء قناة جديدة موازية للأصلية، يبلغ طولها 72 كيلومترا، منها 35 كيلو مترا حفر جاف، و37 كيلومتر عبارة عن توسعة وتعميق للقناة الأصلية، ما يجعل القناة الجديدة فرعا للقناة الأصلية لتوسعة ومضاعفة وتسهيل دخول وخروج السفن”.

ويتابع حسانين أن خطة المشروع تتضمن تحويل المنطقة من مجرد معبر تجاري إلى مركز صناعي ولوجستي عالمي لإمداد وتموين النقل والتجارة، كما أنه يطمح إلى توفير مليون وظيفة وتنمية 76 ألف كيلو متر على جانبي القناة واستصلاح وزراعة نحو 4 ملايين فدان.

بالاضافة لذلك يأتي ضمن أهداف خطة تنمية قناة السويس إنشاء 42 مشروعًا، منها 6 ذات أولوية، وهي: تطوير طرق القاهرة/ السويس – الإسماعيلية – بورسعيد إلى طرق حرة، وإنشاء نفق الإسماعيلية المار بمحور السويس للربط بين ضفتي القناة “شرق وغرب”، وإنشاء نفق جنوب بورسعيد أسفل قناة السويس لسهولة الربط والاتصال بين القطاعين الشرقي والغربي لإقليم قناة السويس، وتطوير ميناء نويبع كمنطقة حرة، وتطوير مطار شرم الشيخ وإنشاء مأخذ مياه جديد على ترعة الإسماعيلية حتى موقع محطة تنقية شرق القناة لدعم مناطق التنمية الجديدة.

ورغم ان المشروع الجديد يتبع هيئة قناة السويس، إلا أن الهيئة لن يكون أي علاقة ببداية العمل فيه بحسب المتحدث الرسمي الذي يقول إن “القوات المسلحة أزاحت عنا هذا العبء بعد أن تكفلت بالقيام بكافة أعمال الحفر الأولية مع التحالف الهندسى الذى فاز بالمشروع “، موضحا أن العبء يكمن في كون تلك المنطقة حساسة من الناحية الأمنية وكانت الهيئة ستعاني في إستخراج التصاريح الأمنية اللازمة للعمال، “وهو الأمر الذي تقوم به القوات المسلحة بسلاسة تامة حاليا”.

ما الذي اختلف بين عهدين

الحماسة البادية على لسان المتحدث الرسمي لا تماثلها الانتقادات التي ووجه بها الرئيس المعزول محمد مرسي حين طرح مشروع شبيه تم رفضه من القوات المسلحة حينها.

ويرد حسانين على هذه النقطة بالقول إن “الظروف الأمنية الصعبة وحالة عدم الاستقرار التى كانت تعيش فيها مصر ابان عهد مرسى، بالاضافة للتخوفات من نقل ملكية المشروع لجهات خارجية، أجبر “الجهات السيادية” المصرية لرفض المشروع حينها، ولكن مع حالة الاستقرار التى تعيشها مصر حاليا  بالاضافة إلى أن المشروع سيتم تمويل وإدارته من المصريين ، فلم تجد القوات المسلحة مانع أن يتم تنفيذ المشروع نظرا للعوائد الايجابية العالية التى سيحققها”.

بين مشروع مرسى والسيسى

سليمان الحوت مؤسس “الحملة الشبابية الشعبية لتنمية مصر” والذي استقال من “جبهة الجمهورية الثالثة” للتفرغ للترويج للقناة الجديدة وكان متواجدا فى موقع المشروع يؤكد على وجود اختلافات جوهرية بين مشروعي مرسي والسيسي موضحا أن “مشروع السيسى بدايته حفر القناة الجديدة ثم الانتقال لتنمية محور القناة بأكمله عكس مشروع مرسي الذى نص فقط على تنمية الاقليم. كما أن مشروع مرسي لتنمية قناة السويس لم يرسم حدود الإقليم، في حين حدد مشروع الرئيس السيسي حدود مشروعه بمحافظات القناة الثلاث، ومشروع مرسي كان سيحول إقليم قناة السويس لكيان مستقل عن إدارة الدولة، بخلاف مشروع السيسي حينما جعل تبعيتها لهيئة قناة السويس”.

يضيف الحوت أن مشروع مرسي لم يحدد مدة زمنية للتنفيذ، في حين حدد السيسي مدة تنفيذ مشروعه بثلاثة أعوام بالاضافة إلى أن القوات المسلحة التى كانت مجرد عضوا فى مشروع مرسى اصبحت اليوم المسؤول الأول عن المشروع “وهو مايزيد ثقة المصريين فى نجاحه” حسب قوله.

ويختتم الحوت الفروق بنقطة تتعلق بتمويل المشروع، “إذ كانت عوائده ستذهب للشركة المنفذة إلى جانب الحكومة فى عهد مرسي، فى حين أن مشروع السيسي ستصبح عوائده للمصريين الذين سيشترون الشهادات الاستثمارية بعوائد أعلى من أي جهة اقتصادية أخرى”.

غير مسموح بإنشائها

رجل الاعمال نايل الشافعى يرى أن هناك مشكلات في المشروع الجديد بدءا بالتكلفة المبالغ فيها لتمويله، موضحا أن رقم  8 مليار دولار كتكلفة تخمينية للمرحلة الأولى (التفريعة وأنفاقها الست) ومثلها للمرحلة الثانية هي أرقام فلكية ولا مبرر لها على الاطلاق”، موضحا أنه يجب على الدولة اتباع الاجراءات المتعارف عليها في العالم بأي مشروع، باجراء دراسة جدوى مفصلة، ثم توصيف المشروع بالتفصيل، ثم اجراء مناقصة دولية للمشروع، ثم بعد ذلك تحديد كيفية سداد عوائد الشهادات.

ويشكك الشافعي في أن يُسمح لمصر أصلا بانشاء القناة “خوفا من التفوق النوعي لمصر على حساب اسرائيل إذ ستسهل هذه الأنفاق نقل القوات المسلحة المصرية إلى داخل سيناء”.

المهندس محمد علي الناشط في”حركة 6 ابريل” يرى من جهته أن السيسي تراجع عن وعده ببيع الاسهم للمصريين فقط، ليقتصر الموضوع على شهادات استثمار قد تكون عوائد البنوك اكبر منها.  

وهنا يختلف نايل الشافعى مع وجهة نظر عضو 6 أبريل إذ يرى أن السيسي كان “ذكيا” عندما ابتعد عن طرح أسهم لتمويل المشروع خوفا من وقوع الجهة المدينة وهى الحكومة المصرية تحت طائل القانون في حال فشل المشروع وعدم تحقيق عوائد منه، موضحا أن شهادات الاستثمار أداة ممتازة لتمويل المشاريع القومية طالما قللت من  مخاطر عدم السداد على الهيئة الضامنة.

لا خوف من عدو

بالنسبة لرضا جمال زكريا الموظف بهيئة بقناة السويس كان من الأولى الاستغناء عن المشروع كلياً وتوفير مشروعات خدمة السفن على جانبي القناة الحالية والتي كانت ستدر عائدا أكبر بكثير من التفريعة الجديدة كما تقول معظم الدراسات الاقتصادية.

وهو نفس الأمر الذى أكده الدكتور عبدالعاطى الصياد الخبير في الأمن الاستراتيجي مضيفا أن أي توسيع أو إنشاء لفروع موازية لقناة السويس الحالية “خطأ إستراتيجي فادح خاصة وأن عدونا الدائم تاريخيا يأتي من الشرق”.

ويتابع الصياد “هذا يعني أحد أمرين: إما أن مصر قررت نهائيا أن سيناء ملعب للحروب وأن توسيع ومضاعفة القناة الحالية سوف يعمل كخندق فاصل بين وادي النيل و أي عدو قادم من الشرق على حساب التضحية بسيناء، أو أن مصر ضمنت تصالحا نهائيا مع الدولة الصهيونية و بالتالي فلا خوف من عدو قادم من الشرق”.