جاء قرار الحكومة الأخير برفع الدعم جزئيا عن الطاقة والمحروقات ليزيد معاناة الكثير من المواطنين الذين يشتكون من أزمات عديدة.

ابراهيم السيد، عامل فى مصنع ولديه من الاطفال اثنين بالمدارس، يقول إنه فوجئ بزيادة أسعار المواصلات للضعف بعد زيادة سعر البنزين، مؤكداً أن تسعيرة الميكروباص الذى يستقله إلى عمله ارتفعت من جنيه إلى اثنين.

جاء قرار الحكومة الأخير برفع الدعم جزئيا عن الطاقة والمحروقات ليزيد معاناة الكثير من المواطنين الذين يشتكون من أزمات عديدة.

ابراهيم السيد، عامل فى مصنع ولديه من الاطفال اثنين بالمدارس، يقول إنه فوجئ بزيادة أسعار المواصلات للضعف بعد زيادة سعر البنزين، مؤكداً أن تسعيرة الميكروباص الذى يستقله إلى عمله ارتفعت من جنيه إلى اثنين.

ابراهيم دخله الشهري 900 جنيه، وبين مصاريف الأكل والشرب والأدوية والمدارس والمواصلات والكهرباء والمياه، فى نهاية الشهر لا يتبقى معه “مليم أحمر”  حسب قوله.

من أجل دعم التنمية

وكانت الحكومة المصرية قد اتخذت قرارا فى تموز/يوليو الماضي برفع أسعار البنزين والسولار في جميع محطات الإمداد، على أن يكون سعر لتر بنزين 92 نحو 270 قرشًا (40 سنتا أمريكيا)، والسولار 180 قرشًا(25 سنتا أمريكيا)، وبنزين 95 625 قرشًا(90 سنتا أمريكيا)، وهي زيادة تصل إلى إلى حدود الـ 70 بالمائة.

وأدى رفع الدعم الجزئي عن المحروقات إلى زيادة تعريفة الركوب، والتي تتسببت بدورها في زيادة أسعار بعض المواد والسلع الغذائية التي تحتاج إلى نقل من محافظات إلى أخرى.

وبررت الحكومة قرارها بتوفير الأموال التى تذهب للدعم، وتوجيهها إلى عمليات التنمية الاقتصادية والخروج بمصر من الأزمة الاقتصادية الحرجة التى سيطرت عليها طوال الفترة الماضية.

وقف حال

سائقو عربات التاكسي والميكروباص تأثروا كذلك برفع الأسعار. ويشير مصطفى أحمد، سائق تاكسي، إلى أن سعر “التفويلة” (ملء خزان الوقود بالكامل)  42 جنية و بعد الزيادة أصبح 72. وأضاف: “بسبب الأزمة محطات البنزين تجبرنا على دفع خمسة او عشرة جنيهات “بقشيش” إجبارى على التفويله”.

وأكد مصطفى أن تعرفة الركوب الجديدة، والتي تبدأ بثلاثة جنيهات، أعلى من القديمة ولكنها لن تعوض الزيادة الكبيرة التى حصلت فى سعر البنزين. واستطرد “بسبب زيادة البنزين بقينا مش لاقيين زباين. الناس خايفة تركب وخايفة من الزيادة واكل عيشنا واقف”.

توقيت غير مناسب

ويرى عدد من خبراء الاقتصاد أن إقرار زيادات جديدة بأسعار الوقود جاء فى توقيت  “غير مناسب” في ظل عدم وجود إنجازات جلية لحكومة محلب يمكن الترويج لها.

الدكتور فرج عبد الفتاح، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، يؤكد أن الحكومة لم تراع الفارق بين نسب الزيادة على سعر لتر البنزين وطالب بسرعة التراجع عن الزيادات الحالية، منعاً لتفاقم الأزمة التي ستطال حتماً أسعار السلع.

وتابع “بالرغم من صعوبة وسوء الوضع الاقتصادي في مصر، وحاجة قضية الدعم لحلول جذرية وجريئة، الا أن الزيادة التى أقرت علي أسعار الوقود مثّلت “صدمة” للفقراء ومحدودي الدخل. مضيفا أن الحكومة لم تراع ثبات أسعار الوقود وعدم تحريكها منذ فترة طويلة، وأنه كان من الضروري إقرار زيادات تدريجية، لا تشمل زيادات مماثلة في أسعار الكهرباء والغاز، مشيراً إلى أن الحكومة فشلت في إيجاد حزمة من البدائل، كدعم وسائل النقل العام كالأتوبيسات والقطارات والمترو، بزيادة معدل رحلاتها والإبقاء على أسعارها كما هي دون زيادة.

واتفق معه فى الرأى الدكتور أحمد غنيم مدير مركز البحوث الإقتصادية قائلا :”تطبيق قرار زيادة اسعار الوقود سيكون له آثاره السلبية فى الأيام القادمة نتيجة للعشوائية فى تطبيق القرار وعدم دراسة الأثار الإجتماعية المترتبة عليه”.

وأضاف أنه لا يمكن تحديد معدلات الزيادة فى الأسعار التى ستشهدها الأسواق نتيجة لهذا القرار ولكن من المؤكد أنه سيكون هناك ارتفاع فى معدلات التضخم خصوصاً مع زيادة أسعار.

شر لا بد منه

يقول سائق التاكسي مصطفى محمد إن “المصريين قاموا بثورة للاطاحة بنظام جائر، وعندما جاء المشير عبد الفتاح السيسي وعد الشعب المصري إنه سوف يضع مشاكل الفقراء نصب عينيه، ولكن الواقع المصري عقب الانتخابات المصرية كان مختلقا، فتردّت الأحوال بسبب ارتفاع الأسعار”.

وتساءل “هو أحنا انتخبنا السيسي علشان ينصر الغلابة ويطلعنا من الغلب، ولا هو عايز ناكل في بعض ونضرب في بعض ونعمل مظاهرات والناس تموت تاني؟!”.

لكن فى الوقت الذى آثار فيه القرار استياء هذا السائق وكثر غيره،  يرى آخرون أن قرار الحكومة بتخفيض الدعم عن الطاقة خطوة ضرورية لإصلاح الاقتصاد وسد عجز الموازنة.

يقول الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية إن مصر تعاني من عجز في الموازنة يزداد سنويًا مع الديون المصرية، الأمر الذي يحتم على السلطات أن تتخذ قرارًا للحد من زيادة عجز الموازنة حتى لا يرتفع الدين العام وتغرق الأجيال القادمة فيه، مشيرًا إلى أن الحكومة تنوي إلغاء دعم الطاقة نهائيًا بعد خمس سنوات على الأكثر.

وأكد أن المواطن البسيط “سوف يعاني قليلًا ” من هذا القرار ولكنه “شر لا بد منه”، مطالبًا الحكومة بأن تعطي الضمانات الكافية للمواطن حتى لا يتم استغلاله من قبل القطاع الخاص، مشددًا على ضرورة تحديد هامش ربح لمواجهة زيادة الأسعار المتوقعة جراء تطبيق هذه الخطة.

من ناحيته يرى الخبير الاقتصادي محمد جنيدي أن هناك بعض القرارات التي كان من الضروري اتخاذها قبل قرار رفع الدعم عن السولار والبنزين،  كرفع الدعم عن المصانع كثيفة الطاقة كمصانع الأسمنت والأسمدة فوق50 %.

وأشار إلى أن مكافحة عمليات التهرب الضريبي التي تضيع على الدولة ما يقرب من 80 مليار جنيه سنويا من شأنها سداد جزء من عجز الموازنة، وكذلك الصناديق الخاصة التي تضيع علي الدولة عشرا المليارات، وكلها بحسب هذا الخبير أساليب ناجعة لا تحمل المواطن البسيط ما لا يطيق احتماله.