“أبو نصر التونسي” هي الكنية التي فضّلها الجهادي التّونسي خلال حديثه ل”مراسلون”،  ولا نعرف هل هي ذاتها التي كانت تُطلق عليه في سوريا أين كان يقاتل طيلة عام ونصف أم فقط قفزت في ذهنه حين اشترط ذكر هذه الكنية في الحديث. فذكر اسمه الحقيقي يعني استحالة عودته إلى “داعش” ويمكن أن يؤدّي به أيضا إلى السّجن كما قال.

“أبو نصر التونسي” هي الكنية التي فضّلها الجهادي التّونسي خلال حديثه ل”مراسلون”،  ولا نعرف هل هي ذاتها التي كانت تُطلق عليه في سوريا أين كان يقاتل طيلة عام ونصف أم فقط قفزت في ذهنه حين اشترط ذكر هذه الكنية في الحديث. فذكر اسمه الحقيقي يعني استحالة عودته إلى “داعش” ويمكن أن يؤدّي به أيضا إلى السّجن كما قال.

بعد قرابة 17 شهرا من القتال في سوريا وتحديدا في صفوف تنظيم الدولة الإسلاميّة العراق والشّام الذي غير اسمه قبل أيام إلى “الدولة الإسلامية” وأعلن قيام “خلافة إسلامية” عاد “أبو نصر التّونسي” إلى تونس لأخذ قسط من الرّاحة وقضاء بعض الشّؤون الأخرى كما قال.

كما أن الخلاف والتّطاحن بين جبهة النُّصرة و”داعش” أحد كان أسباب عودته، فهو لم يكن راضٍ عن التقاتل بين التنظيمين الشقيقين، ويعتبر أنّه خلاف فجّره “العمل الإستخباراتي” لضرب مسلمين بمسلمين وتشتيت قوّتهم وإلهائهم عن الجهاد، سبب قدومهم إلى سوريا.

فور عودته لتونس تم الاحتفاظ به والتّحقيق معه شأنه شأن كل العائدين من تركيا، لكنّه كان يحفظ عن ظهر قلب ما يجب أن يقوله في التّحقيق والذي يتلخّص في كونه أحد المغرّرين بهم، وأنه قد اكتشف ذلك حين وصوله لتركيا وهاهو قد عاد بعد أن انسحب قبل الدّخول إلى سوريا. وأنه استغل وجوده في تركيا للعمل طيلة الفترة التي تفصل تاريخ خروجه من تونس والعودة إليها. وحتى حسابه على الفايسبوك كان مبرمجا لإثبات ما سيقوله فقد كان يعلم سلفا ان المحقّقين سيطلبون تفحّصه.

أخطأت بالعودة إلى تونس

اعتقد في البداية أنه سيمضي فترة قصيرة بين عائلته ثمّ يعود إلى التّنظيم الذي يقاتل في صفوفه. ولكن خياره لم يكن موفّقا ولم تجر الأمور كما خطّط لها قبل العودة. فقد كان خروجه مجدّدا من تونس مستحيلا ممّا جعله يندم على عدم الانصياع لتوجيهات ونصائح القيادات في “داعش” التي تقول للتّونسيّين العائدين من القتال في سوريا “توجّهوا لليبيا فهي المكان الأفضل لكم للرّاحة والمزيد من التّدريب”.

حين سألته “مراسلون” عن شروط الانسحاب من تنظيم “داعش” قال أن “الأمر مختلف عمّا هو متداول في الإعلام، فللجميع حريّة العودة إلى بلادهم متى أرادوا شرط أن يكونوا ممّن لم يتحمّلوا مسؤوليّات قياديّة في التّنظيم ولم يطّلعوا على أسرار ومعلومات حساسة”.

ورغم قتاله في صفوف تنظيم الدّولة الإسلاميّة في العراق والشّام أكثر من عام لم يكن موافقا على عديد من الأمور على حد قوله، أهمّها تجنيد الشّباب حديثي العهد بالتديّن ممّن لا يتجاوز سنّهم في الغالب 20 سنة. وهو يعتقد أنّ الجهاد أعلى مراتب الإيمان وبالتّالي يجب معرفة كل التفّاصيل المتعلّقة بالدّين الإسلامي قبل التوجّه للجهاد وليس العكس.

لهم حياة أخرى في داعش

يتحدّث “أبو نصر التّونسي” عن التّونسيّين في سوريا قائلا “العديد منهم تزوّج وأسّس عائلة ولا نيّة لهم بالعودة للبلاد فقد أصبحت لهم حياة أخرى هناك. وبالنّسبة لصغار السّن فهم لا ينزلون لميدان القتال تقريبا فمهمّتهم صيانة الأسلحة ونقلها وعديد الوظائف الأخرى التّي تبعدهم عن حمل السّلاح وخطر القتال الذي لا يسمح سنّهم بمواجهته”.

وعن ما يروج عن أن التّونسيّين في “داعش” يستعملون كواجهة في ساحات القتال ويمثّلون دائما النّسبة الأكبر في خسائر “داعش” البشريّة يوضح العائد من التّنظيم قائلا: “غير صحيح بالمرّة فالتّونسيّون في “الدولة” لا يعاملون بهذا الاحتقار. نحن هناك كغيرنا من الجهاديّين من كل الجنسيّات، لسنا في القيادة فهي غالبا ما تكون حكرا على العراقيّين ولكنّنا لا نُستعمل ولا نوضع في الواجهة وعودتي بصحّة جيّدة وعندما أردت خير دليل على ما أقول”.

تونس ليست أرض جهاد

لم تكن وضعيّة “أبو نصر التّونسي” الاجتماعية سيّئة  فهو الشاب ذو 27 عاما، ينحدر من عائلة ميسورة نوعا ما فوالده يملك مدرسة لتعليم السّياقة ولم يكن هو ذو مستوى تعليمي متدنّي أو عاطل عن العمل بل اقتنى له والده سيّارة تاكسي. كان قبل الثّورة ماركسي المرجعيّة، وبعدها انتقل لأقصى اليمين ليتبنّى الفكر الجهادي.

حتى سفره إلى سوريا لم يكن كغالبيّة التّونسيّين، فهو الذي لم يمرّ على تنظيم “أنصار الشّريعة” ولم ينتم إليه يوما ولم يتلقّ أي تدريبات في تونس أو ليبيا قبل سفره للجهاد. ويعتبر أن هذا التّنظيم سبب ضياع فرصة كبيرة على التّونسيّين في ممارسة شعائرهم بكّل حريّة كما أنّه يرفض قطعا أن تكون تونس أرض جهاد فهي “أرض دعوة بامتياز” كما قال.

التوق إلى العودة

قبل سفره لم يفقه الجهادي التّونسي شيئا عن الأسلحة وطريقة استعمالها غير تلك التي قرأها والفيديوهات التي شاهدها. ولكن حين وصوله إلى سوريا تغيّر الأمر. فقد تلقّى تدريبات على أيدي عراقيّين ممّا جعله يصبح “جهادياً يحسن استعمال السّلاح”. ويقول “أغلب المدرّبين والقيادات الميدانيّة هم من العراقيين ومن جيش صدّام الذي تفتّت بعد حرب العراق فهم يتقنون استعمال الأسلحة بكل أنواعها”.

ولكن الآن هو مقاتل بارع كما يقول، وبعد إعلان الدّولة الإسلاميّة بالعراق والشّام الخلافة زادت رغبة “أبو نصر التّونسي” بالعودة بعد ان باءت محاولاته السّابقة بالفشل ومُنع من السّفر. فاسمه مدرج في لائحة العائدين من الجهاد ولن يكون الالتحاق بدولة الخلافة مجدّدا سهلا، ولكنّه وكما قال “أحنّ إلى العودة وسأعود”.