ﻳﻭﻡ 13 كانون الثاني/يناير 2013 كانت “صفاء متاع الله”، كغيرها من الصّحافيّين، تغطي الاﺣﺗﻔﺎﻻﺕ ﺑﺫﻛﺭﻯ ﺍﻟﺛﻭﺭﺓ ﺑﺷﺎﺭﻉ ﺍﻟﺣﺑﻳﺏ ﺑﻭﺭﻗﻳﺑﺔ في ﺎﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ﺗﻭﻧﺱ كما هو الحال منذ سقوط نظام بن علي. وفي الوقت نفسه كانت “ﺭﺍﺑﻁﺎﺕ ﺣﻣﺎﻳﺔ ﺍﻟﺛﻭﺭﺓ” تنظم آنذاك ﺑﻌﺽ ﺍﻟﺗﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻔﻌﺎﻟﻳﺎﺕ ﺍﻟﺧﻁﺎﺑﻳﺔ.

ﻓﻲ ﻣﺳﺎء ﺫﻟﻙ اليوم اندلعت احتجاجات مفاجئة عندما ﻗﺩﻣﺕ ﻣﺟﻣﻭﻋﺔ ﻣﻥ ﺍﻟﺷﺑﺎﺏ للتّنديد بعدم اعتراف الحكومة ﺑﺷﻬﺩﺍء ﺍﻟﺭﺩﻳﻑ (سقطوا خلال انتفاضة الحوض المنجمي بمحافظة قفصة في 2008).

ﻭﻫﻧﺎ ﺗﺩﺧﻝ ﺍﻷﻣﻥ ليمنع ﺣﺩﻭﺙ ﺍﺷﺗﺑﺎﻛﺎﺕ، ﻭﻛﻭّﻥ ﺣﺎﺟﺯﺍ ﻣﻥ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻻﻣﻥ ﻳﻔﺻﻝ ﺑﻳﻥ الشباب ﺍﻟﻣحتجّ ﻭﺭﺍﺑﻁﺎﺕ ﺣﻣﺎﻳﺔ ﺍﻟﺛﻭﺭﺓ.

ﻳﻭﻡ 13 كانون الثاني/يناير 2013 كانت “صفاء متاع الله”، كغيرها من الصّحافيّين، تغطي الاﺣﺗﻔﺎﻻﺕ ﺑﺫﻛﺭﻯ ﺍﻟﺛﻭﺭﺓ ﺑﺷﺎﺭﻉ ﺍﻟﺣﺑﻳﺏ ﺑﻭﺭﻗﻳﺑﺔ في ﺎﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ﺗﻭﻧﺱ كما هو الحال منذ سقوط نظام بن علي. وفي الوقت نفسه كانت “ﺭﺍﺑﻁﺎﺕ ﺣﻣﺎﻳﺔ ﺍﻟﺛﻭﺭﺓ” تنظم آنذاك ﺑﻌﺽ ﺍﻟﺗﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻔﻌﺎﻟﻳﺎﺕ ﺍﻟﺧﻁﺎﺑﻳﺔ.

ﻓﻲ ﻣﺳﺎء ﺫﻟﻙ اليوم اندلعت احتجاجات مفاجئة عندما ﻗﺩﻣﺕ ﻣﺟﻣﻭﻋﺔ ﻣﻥ ﺍﻟﺷﺑﺎﺏ للتّنديد بعدم اعتراف الحكومة ﺑﺷﻬﺩﺍء ﺍﻟﺭﺩﻳﻑ (سقطوا خلال انتفاضة الحوض المنجمي بمحافظة قفصة في 2008).

ﻭﻫﻧﺎ ﺗﺩﺧﻝ ﺍﻷﻣﻥ ليمنع ﺣﺩﻭﺙ ﺍﺷﺗﺑﺎﻛﺎﺕ، ﻭﻛﻭّﻥ ﺣﺎﺟﺯﺍ ﻣﻥ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻻﻣﻥ ﻳﻔﺻﻝ ﺑﻳﻥ الشباب ﺍﻟﻣحتجّ ﻭﺭﺍﺑﻁﺎﺕ ﺣﻣﺎﻳﺔ ﺍﻟﺛﻭﺭﺓ.

وكانت الصّحافيّة الشابّة بين الجانبين ولكن دفعها من طرف عون أمن ألقى بها في ﺍﻟﺟﻬﺔ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﺟﻣﻊ ﻓﻳﻬﺎ ﺷﺑﺎﺏ ﺭﺍﺑﻁﺎﺕ ﺣﻣﺎﻳﺔ ﺍﻟﺛﻭﺭﺓ.

ملحدة وعاهرة

تواصل الصّحافيّة بجريدة صوت الشّعب (ذات توجه يساري)، سرد الأحداث: “ﻓﻲ ﺑﺩﺍﻳﺔ ﺍﻷﻣﺭ ﺗﺧﻭﻓﺕ ﻗﻠﻳﻼ ﻣﻥ ﺗﻭﺍﺟﺩﻱ ﻫﻧﺎﻙ ﻧﻅﺭﺍ ﻟﻣﻌﺭﻓﺗﻲ ﺑﺎﻹﻋﺗﺩﺍءﺍﺕ ﺍﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣﻭﺍ ﺑﻬﺎ (رابطات حماية الثورة) ﻓﻲ ﺣﻕ ﺑﻌﺽ ﺍﻟﺯﻣﻼء ﺍﻟﺻﺣﺎﻓﻳﻳﻥ ﻭﻟﻛﻧﻧﻲ ﺗﺷﺟﻌﺕ ﻭﻗﺭﺭﺕ ﻣﻭﺍﺻﻠﺔ ﻋﻣﻠﻲ”.

ﻭﻓﻌﻼ ﻟﻡ ﻳﻣﺽ ﻭﻗﺕ ﻁﻭﻳﻝ ﺣﺗﻰ صحّت تخوّفات صفاء حيث اقترب منها ﺷﺧﺹ، بينما كانت ﺑﺻﺩﺩ ﺗﺳﺟﻳﻝ ﻓﻳﺩﻳﻭ للأحداث ﻭﺑﺩﺃ في استجوابها بخصوص ما تقوم ﺑﻪ. أخبرته بأنّها ﺻﺣﻔﻳﺔ تقوم ﺑﺗﻐﻁﻳﺔ ﺍﻷﺣﺩﺍﺙ ﻭﻟﻣّﺎ ﻟﻣﺢ ﺑﻁﺎﻗﺔ ﺍﻟﺻﺣﻔﻲ ﺍﻟﺗﻲ ﻛاﻧﺕ تضعها في رقبتها ﻭﻗﺭﺃ ﻋﻠﻳﻬﺎ “ﺻﻭﺕ ﺍﻟﺷﻌﺏ” ﻫﺎﺝ ﻭﺑﺩﺃ ﺑﻘﺫﻓها ﺑﺄﺑﺷﻊ ﺍﻟﻧﻌﻭﺕ ونعتها “بالعاهرة والملحدة”.

ليست الوحيدة

ﺣﺎﻭﻟﺕ صفاء وضع حدّ للاعتداء التي تعرّضت له ولكن محاولتها زادت في هيجان “حامي الثّورة” ووجّه لها لكمات عديدة طالت أجزاء متفرّقة من جسدها النّحيل وﻛاﻧﺕ حينها تحاول فقط الاحتفاظ بآلة ﺍﻟﺗﺻﻭﻳﺭ. “ﻛﻝ ﻫﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺭﺃﻯ ﻭﻣﺳﻣﻊ ﻣﻥ ﺍﻷﻣﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻳﺣﺭﻙ ﺳﺎﻛﻧﺎ ﺑﻝ ﺗﺳﻠﻝ ﻟﻼﺑﺗﻌﺎﺩ ﻋﻥ ﺍﻟﻣﻛﺎﻥ ﺗﺎﺭﻛﺎ ﺻﺣﻔﻳﺔ ﺗﺗﻌﺭﺽ ﻟﻠﺗﻌﻧﻳﻑ”، أكّدت صفاء متاع الله لـ”مراسلون”.

ﻭﻫﻧﺎ ﺗﺩﺧﻝ ﻋﺩﺩ ﻣﻥ ﺍﻟﺣﺎﺿﺭﻳﻥ ﻟﺣﻣﺎﻳﺗها وإبعادها عن تجمّع رابطة حماية الثّورة وﺗﻭﺟﻬﺕ ﺇﻟﻰ ﺇﺣﺩﻯ ﺍﻟﺻﻳﺩﻟيّات ﻟﻠﺣﺻﻭﻝ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺽ ﺍﻟﻣﺳﻛﻧﺎﺕ ﺣﻳﺙ ﺑﺩﺃﺕ تحسّ  ﺑﺂﻻﻡ ﺍﻟﺿﺭﺑﺎﺕ ﺍﻟﺗﻲ ﺗﻠﻘﺗﻬﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗﻭﻯ ﺍﻟﻳﺩ ﺍﻟﻳﺳﺭﻯ ﻭﺍﻟﻛﺗﻑ ﺍﻷﻳﺳﺭ ﻭﺍﻟﺳﺎﻕ ﺍﻟﻳﺳﺭﻯ ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗﻭﻯ ﺍﻷﺫﻥ ﺃﻳﺿﺎ.

ولم تكن صفاء متاع اللّه الوحيدة التي طاولها اعتداء رابطات حمايّة الثّورة، فعشرات من زملائها تعرّضوا لعمليات مشابهة وعديد السّياسيّين مرّوا بهذه التّجربة من بينهم محمّد البراهمي قبل اغتياله (تموز/يوليو 2013) من طرف متشدّدين ولطفي نقض (ينتمي لحزب نداء تونس) الذي توفّي في 18 تشرين أول/أكتوبر 2012 إثر الاعتداء عليه بالضرب من طرف رابطة حماية الثّورة بمحافظة تطاوين.

وتوقّفت المهزلة

اليوم “تنفّس الجميع الصعداء وأحسوا بالأمن” هذا ما قالته صفاء متاع اللّه، بعد أن قضت المحكمة الابتدائية بتونس بحل الرابطة الوطنية لحماية الثورة وكل فروعها بكامل أنحاء البلاد ومصادرة ممتلكاتها وفقا للمرسوم المنظم للجمعيات في تونس.

تتابع الصحفيّة التونسيّة حديثها لـ”مراسلون” بنبرة تنمّ عن ارتياح لقرار المحكمة قائلة: “هذه الرابطة تحولت إلى أداة قمعية وسلطة موازية أكثر منها إلى رابطة تهدف الى النشاط المدني و ارتكبت عديد الانتهاكات في حقّ مكونات المجتمع المدني وصحافيين وأحزاب سياسية وكانت تخدم مصلحة جهة معينة دون غيرها، في إشارة لحركة النّهضة الإسلاميّة، على عكس ما يحمله اسمها من معاني”.

ردود الفعل بعد قرار حلّ  رابطات حماية الثّورة كانت في مستوى تجاوزاتها حيث اعتبر النّائب عن الجبهة الشّعبيّة منجي الرّحوي انّ هذا الحكم تطبيق لتعهّدات حكومة مهدي جمعة قبل تسلّمها لمهامّها. “جمعة أوقف مهزلة طال أمدها، عبر السّماح لميليشّيات بالنشاط وتبرير تجاوزتها، ووضع حدّا للاعتداءات التي دأبت على ممارستها قيادات ومنتسبي التنظيم المحكوم بحلّه” يقول الرحوي.

ويتابع “هذا القرار يُنصف ضحايا تلك المليشيات ويمثّل إدانة للأطراف السياسية التي وفّرت لها الغطاء السياسي والقانوني لخدمة مآربها في إرهاب الديمقراطيين في تونس المنافسين السياسيّين لها”. 

الحزب الجمهوري (وسط) الذي يصف نفسه بأحد ضحايا هذه الرابطات، رحّب بالقرار الصّادر يوم 26 أيار/مايو 2014، وأكد في بيان له  أنّ “كل القوى الوطنيّة الديمقراطيّة طالبت منذ ما يزيد عن العامين بتفكيك هذه الرابطات لما شكّلته من خطر على الانتقال الديمقراطي والمسار الانتقالي بتونس”.

قرار باطل

قرار الحل لم يستسغه المنتمون لرابطة حماية الثّورة ورئيسها منير عجرود الذي رأى في حلّ رابطته “عملا باطلا  وخيانة للثورة”.

وقال عجرود لـ”مراسلون” إن “الأدلّة المقدّمة في القضية لا تخصّ  في أغلبها الرابطة الوطنية لحماية الثورة كما أن هناك أحزاب متواطئة وراء حلّ الرابطة”.

ونفى عجرود التّهم الموجّهة لمنتسبي الرابطة باستعمال العنف واعتبرها “تلفيقا في إطار الهجوم على الرّابطة بغية حلّها فيما يتمّ غضّ النظر عن جرائم قامت بها جمعيات وأحزاب سياسيّة من حرق مقرّات أحزاب أخرى وإضرابات غير مبرّرة ممّا أنهك الإقتصاد التّونسي”.

وأكد رئيس الرّابطة التي تُوصف بالميليشيا أنه سيتمّ استئناف القرار القاضي بحلّ الرابطة مع إمكانيّة التشكّي للمحكمة الدوليّة.

عودة المحاكمات السياسيّة

نور الدين الختروشي رئيس حركة البناء المغاربي (وسط) قال لمراسلون “إنّ  حل الرابطات كان متوقعا ونصحنا بحل الرابطة حتى قبل اغتيال الابراهمي. يبقى أن الحل بحكم قضائي مزعج بالنسبة لنا من زاويتين على الأقل”.

وأوضح الختروشي “من زاوية ما يمكن ان يؤوّل على أنه عودة للمحاكمات السياسية ومن زاوية عدم وجود مستندات قانونية صلبة لقرار الحكم، ولكن في كل الحالات اعتقد ان على الرابطيين ان يقيموا تجربتهم بعمق وان يعترفوا بأخطائهم وان يستخلصوا دروس تجربتهم في أفق عمل منظم جديد يبتعد عن الوصاية على الثورة ويحذر التوظيف السياسي والسير على التماس اللأجندات الحزبية”.

وفي 14 حزيران/يونيو 2012، منحت الحكومة التي تقودها حركة النهضة آنذاك ترخيصا قانونيا للرابطة الوطنية لحماية الثورة، وبعد تأسيسها هاجم نشطاء في هذه الرابطة تظاهرات وأنشطة أحزاب ونقابات ومنظمات غير حكومية معارضة لحركة النهضة.

كما اتهمت هذه الروابط بالاعتداء بالعنف على صحافيين ونقابيين وسياسيين معارضين، وفي 18 تشرين أول/ اكتوبر 2012 نسب إلى أعضاء من رابطة حماية الثورة في مدينة تطاوين (جنوب البلاد) الاعتداء على لطفي نقض المنسق الجهوي لحزب “نداء تونس” بالعنف الشديد مما أدى إلى وفاته. وإثر الحادثة تم ايقاف رئيس مكتب الرابطة في تطاوين ومنتسبين الى حركة النهضة هناك بشبهة قتل لطفي نقض.

وفي مطلع شباط/ فبراير 2013 دعا مجلس شورى حركة النهضة، أعلى سلطة تقريرية في الحركة، الى ما أسماه “رفع المظلمة المسلطة على المعتقلين من أبناء الحركة ورابطة حماية الثورة بتطاوين”.

ورفض قياديون في النهضة حل هذه الروابط. لكن وخلال جولات الحوار الوطني الذي أفضى إلى المجيء بمهدي جمعة على رأس الحكومة، اشترطت أحزاب معارضة لحركة النهضة حل هذه الرابطات للموافقة على ما أفضى إليه الحوار الوطني.