“كيف تصبح حالة القاهرة بلا مترو؟” سؤال يتناقله القاهريون عادة في لحظات الإزدحام غير المنتهية على مدار اليوم، فخطي مترو الإنفاق اللذان يحملان يوميا ما يقرب من اربعة مليون راكب، يخففان الضغط بعض الشيء على كاهل مرتادي المدينة الكبيرة.

“كيف تصبح حالة القاهرة بلا مترو؟” سؤال يتناقله القاهريون عادة في لحظات الإزدحام غير المنتهية على مدار اليوم، فخطي مترو الإنفاق اللذان يحملان يوميا ما يقرب من اربعة مليون راكب، يخففان الضغط بعض الشيء على كاهل مرتادي المدينة الكبيرة.

لكن منذ فض اعتصامي جماعة الإخوان بمدينة نصر والجيزة -في منتصف أغسطس الماضي-وبعد انتشار تهديدات بارتكاب تفجيرات في محطات المترو قررت السلطات إغلاق محطتي “السادات” والتي ترقد تحت ميدان التحرير، وهي المحطة الثانية التي يلتقي فيها خطي المترو، وبالتالي يستعملها معظم الركاب في الإنتقال عبر الخطين. ومحطة الجيزة التي تقع على رأس شارع الهرم ذو الكثافة السكانية المرتفعة، والذي انسحب إليه الاخوان بعد فض اعتصام النهضة القريب من المنطقة.

إغلاق المحطتين الكبيرتين خلق حالة من التكدس في المحطات التي تسبقها وتليها، وخاصة في محطة “الشهداء” – كان اسمها مبارك قبل الثورة – حيث انها المحطة الرئيسية واصبح جميع الركاب الراغبين في الانتقال بين الخطين محشورين فعليا فيها.

حركة بقوة الدفع

“أنا غاضبة جداً من غلق محطة مترو “السادات” فأنا أقف حوالي نصف ساعة في محطة “الشهداء” حتى أتمكن من ركوب أي قطار” هذه الكلمات بدأت بها “ليلى أحمد” طالبة بكلية التجارة جامعة القاهرة، تحكي ليلى معاناتها فى استخدامها للمترو يوميا فتقول “المترو دائما فى ازدحام لا يوصف عقب غلق محطة “السادات” الأمر الذي يؤدي إلى مشاكل كثيرة مثل الإغماءات والتحرشات وحالات السرقة. والمشادات داخل المحطة تتكرر مع كل قطار بسبب تدافع المواطنين بقوة، مضيفة إنهم على أرصفة المحطة يتحركون بقوة التدافع حيث ان الإزدحام لا يُمّكن أحد من الحركة او السير ولكن الحركة تأتي لا إرادية بقوة تدافع الناس.

وعن التهديدات الأمنية ترى ليلى أن محطة “السادات” مثلها مثل أي محطة أخرى فإذا كانت مهددة فالمترو كله مهدد، وأوضحت قائلة “من يرد فعل شيئا فلن يقوم في البداية بالتهديد” واشتكت من أن المدة التي أصبحت تقضيها في المواصلات تضاعفت حيث انها كانت تستغرق فقط ثلثي ساعة من محطة “المعادي” حتى “جامعة القاهرة” – حيث تستعمل الخطين – ولكن بعد غلق “السادات” أصبحت المدة التى تستغرقها مضاعفة.

إستغلال وإرهاق

شيري السيد كانت قد قررت ألا تستخدم المترو إلا في الضرورة القصوي بعد تعرضها لحالة إغماء داخل محطة “الشهداء”وحاولت ان تجد بديلا للمترو مثل الميكروباصات ولكنها تفاجئت اولاً باستغلال السائقين لأزمة المترو ورفع أجرة المواصلات عن الحد المتعارف عليه فضلا عن ازدحام وذكرت أنها ذات مرة .. ” وقفنا ساعة في عز الشمس و الكورنيش مقفول ومليان عربيات حتى تحرك الطريق”. وبنظرة طويلة وحزينة ختمت حديثها قائلة “مصر مش أم الدنيا،مصر بقت تخنق ويارب نخرج منها على خير”

الضرورات تبيح المحظورات

مروة السيد، أوضحت أن مشكلتها ليست فقط في محطة “السادات” بل في محطة “الجيزة” التي تمر بها، الأمر الذي يتطلب منها الرجوع لمحطة “أم المصريين” لتأخذ منها المترو بدلا من الجيزة وما يتطلب منها مزيداً من الوقت والمجهود، وانتقدت مروة قرار الاغلاق مؤكدة على أن دور السلطات توفير الأمن فى المحطة وليس غلقها وزيادة المشقة على المواطنين، وتتابع ” لو في مشكلة ممكن تحصل في أي محطة مش محطة “السادات” و”الجيزة” بس”.

ولكن يبقى رأي بعض المواطنين أن الضرورة الأمنية أولى كما ترى سارة، التي لا تستخدم المترو كثيراً لامتلاكها سيارة، وترى أنه بالرغم من أن أزمة إغلاق محطة “السادات” قد أثرت عليها، حيث إنها تستخدم المترو في بعض “المشاوير” في وسط البلد، إلا أنها مقتنعة بفكرة غلق المحطة لدواع أمنية ..”فحتى إن قرروا غلق البلد كلها لمدة شهر أو اثنين لدواع أمنية ولكي تعود البلد لحالتها الأولى فليس لدي مشكلة”.

دواعي أمنية

من ناحيته يعترف المهندس عبد الله فوزي رئيس الشركة المصرية لادارة وتشغيل مترو الأنفاق بوجود ضغط هائل على محطة “الشهداء” لكونها المحطة التبادلية الوحيدة وهو ما أدى  ازدحام غير مسبوق الأمر الذى أدي الى تزايد حالات الاغماء والسرقة والتحرش، وهو ما دفعهم لزيادة عدد أفراد الأمن بالمحطة لمواجهة الوضع الحالي.

ويتابع فوزي قائلا أن لديهم تعليمات بغلق محطتى “السادات” و”الجيزة”  لدواعي أمنية وأكد أنه ليس لديه معلومات عن موعد فتحهما تحديداً ولكنه يتوقع أن فتحها سيتزامن مع انتهاء حالة الطوارىء ورفع حظر التجوال فى 14 نوفمبر القادم كما أعلنت الحكومة.

الراية البيضاء

ولكن من ناحية أخرى أكثر علمية هل هناك ضرورة لإغلاق تلك المحطات؟ الدكتور مجدي صلاح، أستاذ هندسة النقل والطرق يرى “أن القرار وراء غلق محطة السادات “سياسي” ولا علاقة له بالنقل، فالسلطات متخوفة من تجمع المتظاهرين داخل المحطة، ومن ثم انطلاقهم إلى الميدان، كما أن هناك مخاوف من حدوث أي تفجيرات في مكان مغلق مثل محطة “السادات”، حيث أنها مركز للركاب بسبب وجود خطين للمترو بها، الأمر الذي سيؤدي إلى وجود ضحايا بالآلاف في حالة حدوث تفجير”.

كما أوضح الخبير بالنقل أن غلق محطة مثل “السادات” خطأ، لأن الخدمة يجب ألا تتوقف عن المواطن، بل على الحكومة أخذ الاحتياطات الأمنية اللازمة بدلا من تعطيل الخدمة، حيث قال “توقف محطة مثل “السادات” يفتح الباب لوسائل النقل العشوائية”.

وتابع،الحكومة مشلولة لا تعي شيئا، فوزير النقل بموافقته هذه على إغلاق المحطة يرفع الراية البيضاء أمام الإرهاب”، وأضاف “نحن لدينا رجال أمن يجب أن يتحملوا مسئوليتهم، وعليهم أن يعرفوا تحركات هؤلاء الإرهابين وشل حركتهم، وليس تعطيل المحطة في وجه المواطنين”.