حر شديد، رطوبة عالية، ظلام تام، عزلة عن العالم، هكذا قضى معظم سكان غرب ليبيا أيامهم خلال شهر رمضان الفائت، الذي لم يمر فيه يوم على سكان المنطقة دون أن تنقطع الكهرباء مرتين أو ثلاث، بمتوسط من 8 إلى 10 ساعات متواصلة في اليوم.

انقطاع الكهرباء يعني انقطاع الإنترنت بالضرورة، والتلفاز، وكل وسائل الاتصال بالعالم، فضلاً عن ما يحدث من أعطال في الأجهزة الكهربائية المعمرة وخاصة الثلاجات والمكيفات، نظراً لانقطاع التيار الكهربائي وعودته بشدة أكبر، الأمر الذي قد يتلف تلك الأجهزة.

حر شديد، رطوبة عالية، ظلام تام، عزلة عن العالم، هكذا قضى معظم سكان غرب ليبيا أيامهم خلال شهر رمضان الفائت، الذي لم يمر فيه يوم على سكان المنطقة دون أن تنقطع الكهرباء مرتين أو ثلاث، بمتوسط من 8 إلى 10 ساعات متواصلة في اليوم.

انقطاع الكهرباء يعني انقطاع الإنترنت بالضرورة، والتلفاز، وكل وسائل الاتصال بالعالم، فضلاً عن ما يحدث من أعطال في الأجهزة الكهربائية المعمرة وخاصة الثلاجات والمكيفات، نظراً لانقطاع التيار الكهربائي وعودته بشدة أكبر، الأمر الذي قد يتلف تلك الأجهزة.

بشار شقليلة من سكان العاصمة طرابلس يقول بأنه يدفع فواتير الكهرباء باستمرار ودون انقطاع، ويتساءل ما ذنبه أن تنقطع عنه الكهرباء مرتين أو ثلاث مرات في اليوم، ويضيف مستنكراً “لو كنت في دولة فيها قانون مثل باقي دول العالم، لاستطعت رفع قضية على الشركة العامة للكهرباء، ولربحتها لأنني أدفع ثمن خدمة ليست موجودة”.

“مراسلون” توجهت إلى الشركة العامة للكهرباء لاستقصاء أسباب الانقطاع من مسؤولي الشركة، حيث التقت أحمد الشايبي مساعد المدير التنفيذي لشؤون التخطيط والمشروعات، الذي تحدث حول الأسباب والحلول المرحلية التي اتخذتها الشركة لمعالجة هذه الأزمة ضمن نص الحوار التالي:

مراسلون: هل النقص في معدل إنتاج الكهرباء في ليبيا هو سبب المشكلة؟

أحمد الشايبي: نعم، فمحطات توليد الكهرباء متوزعة على مناطق ليبيا، أكبرها محطتا الزاوية وشمال بنغازي وهما بقدرة 1400 ميجاوات، ثم محطة الرويس تحت باطن جبل نفوسة (غرب ليبيا) بقدرة 800 ميجاوات.

أما باقي المحطات في كل من جنزور غربي طرابلس وهي محطة متهالكة تعمل منها وحدة واحدة، والسواني الغازية جنوبي طرابلس، والخمس البخارية والخمس الغازية شرق طرابلس، ومصراتة الغازية، والزويتينة وأخيراً محطة السرير جنوب شرق ليبيا، تعمل كلها بقدرة تتراوح ما بين 400 إلى 600 ميجاوات.

المنتج من الطاقة الكهربائية لهذه المحطات مجتمعة يبلغ 5600 ميجاوات، بينما أظهرت الدراسات أن الحمل المتوقع على الشبكة الليبية خلال فترة الصيف 2013 يصل في بعض أوقات اليوم إلى 6650 ميجاوات، أي أن مقدار العجز في الإنتاج يتراوح بين 400 إلى 1000 ميجاوات.

ولكن الكهرباء لا تنقطع عن كل المناطق أو بالتساوي، ما تفسير ذلك؟

في الظروف الفنية والمناخية العادية هناك فائض في الطاقة الكهربائية في المنطقة الشرقية يبلغ حوالي 700 ميجاوات، نظراً للكثافة السكانية الأقل ولدرجات الحرارة التي تكون عادة أقل بـ 10 درجات مئوية من المنطقة الجنوبية والغربية.

كما أن توزيع الأحمال على الشبكة الكهربائية في فترة الصيف يؤدي إلى انقطاع التيار عن بعض المناطق في الغرب والجنوب، وخاصة في شهر رمضان الذي تطول فيه فترات الذروة التي ترتفع فيها الأحمال إلى الحد الأعلى، من الخامسة مساءً إلى السابعة صباحاً.

وكلما زادت درجة الحرارة زادت الأحمال وقلت كفاءة وحدات توليد الكهرباء، والعكس صحيح بالنسبة لفصل الشتاء حيث لا نرى انقطاعاً للكهرباء، أما المنطقة الشرقية فلا تشكو عادة من انقطاع الكهرباء نظراً لوجود فائض كبير في الطاقة الكهربائية، والذي غالباً ما يتم نقله إلى المنطقة الغربية والجنوبية إذا لم تكن هناك معوقات لنقله كإقفال خطوط الغاز من قبل المواطنين مثلاً.

ولماذا لم تشرع الشركة في حل هذه المشكلة التي تتفاقم عاماً بعد عام؟

الشركة تعاني من مشاكل مالية بالدرجة الأولى، فميزانية الشركة لعام 2013 لم يتم اعتمادها من قبل المؤتمر الوطني العام إلا بتاريخ 22 نيسان/ مايو، وتم تخفيضها من 4 مليار دينار إلى 1.8 مليار دينار، الأمر الذي استدعى إعادة توزيع المخصصات بالميزانية، وأدى إلى تأجيل عدد من المشاريع الهامة المبرمج تنفيذها في هذه السنة، فضلاً عن المشاكل البنكية مثل التأخر في فتح الاعتمادات المستندية للعقود المبرمة لتنفيذ المشاريع بعد اعتماد توزيع مخصصات الميزانية. الدينار الليبي يعادل 0,77 دولار.

ما هو تأثير الوضع الأمني عليكم؟

الجانب الأمني كان سبباً مباشراً في إرباك برامج تنفيذ المشروعات، وبرامج التشغيل والصيانة، وأدى إلى عزوف العديد من الشركات الأجنبية والخبراء الأجانب عن مباشرة صيانة وتنفيذ المشاريع القائمة والجديدة، إلى جانب تعرض مقار ومحطات الشركة العامة للكهرباء إلى الاعتداءات المتكررة من قبل مسلحين وصل إلى حد الاعتداء بالخطف والتهديد بالسلاح .

فضلاً عن تعرض معدات ومخازن وآليات الشركة العامة للكهرباء للسطو المسلح، وعجز الإدارة العامة للشرطة الكهربائية عن تأمين تلك المخازن والآليات، وانتشار البناء العشوائي وسرقة التيار الكهربائي حتى وصل الفاقد التجاري والفني إلى 50%.

وبلغ إجمالي الخسائر التي تعرضت لها الشركة العامة للكهرباء حتى تموز/ يوليو 2013 مليار وسبعون مليون دينار، والتي تشمل الأضرار بالشبكة العامة والسطو والاعتداءات المتكررة على مخازن وآليات الشركة .

وزير الكهرباء أرجع جزءاً كبيراً من المشكلة إلى الاعتصامات التي تؤدي إلى إقفال خطوط إمداد الوقود من حقول إنتاج النفط والغاز، هل تتفق معه في هذا؟

خفض إمدادات الغاز الطبيعي لمحطات إنتاج الطاقة الكهربائية بسبب اعتصامات الموظفين، أو بعض المجموعات المسلحة التي لها مطالب معينة تلجأ لفرضها إلى قطع خطوط الإمداد، أدى بدوره إلى انخفاض في كميات الطاقة المنتجة من محطات التوليد .

كما أن إيقاف خط إمدادات الوقود الخام المصاحب للغاز في مجمع مليتة النفطي من قبل بعض المواطنين الذي لو استمر قد يتطور إلى توقف خط الغاز، سيتسبب في إيقاف وحدات التوليد بالمحطات الواقعة في نطاق المنطقة الغربية، وبالتالي الانقطاع الكلي للكهرباء على تلك المنطقة.

هل من حلول تعتزم الشركة العمل عليها للحد من هذه المشاكل؟

شركة الكهرباء وضعت خطة عاجلة للتقليل قدر الإمكان من العجز القائم، خصوصاً أثناء فترات الذروة لسنتي 2013 – 2014 وقامت بابرام تعاقدات، أولها مع شركة (APR) الأمريكية لشراء طاقة منتجة بقدرة إجمالية 250 ميجاوات.

وقد تم الدخول على الشبكة العامة بعدد وحدتين بقدرة 40 ميجاوات بمحطة الفرناج بطرابلس، ووحدتين بقدرة 40 ميجاوات بمحطة سمنو وجاري العمل على دخول باقي الوحدات، وهناك تعاقد ثانِ مع ذات الشركة لشراء طاقة إضافية بقدرة إجمالية قدرها 200 ميجاوات، ويتوقع دخول هذه الوحدات في الأسبوع الأول من شهر آب/ أغسطس 2013 .

أما التعاقد الثالث تم مع شركة (GE) الأمريكية لشراء وحدات غازية متنقلة بقدرة إجمالية 100 ميجاوات، وبسبب التأخير في فتح الاعتماد المستندي يتوقع دخول هذه الوحدات نهاية شهر آب/ أغسطس 2013.

هل ستحل هذه الإجراءات مشكلة انقطاع الكهرباء بشكل نهائي؟

نحن نؤكد أنه بدخول هذه الوحدات فانها ستساهم في خفض طرح الأحمال (انقطاع الكهرباء) أثناء فترات الذروة، إلا أن الانقطاع سيستمر خلال شهر رمضان بسبب الزيادة الكبيرة في الطلب على الطاقة، وتقليل ساعات الانقطاع يتوقف بشكل كبير على ترشيد المواطن الكريم في استهلاك الطاقة.

ومن منطلق تكاثف الجهود بين الشركة العامة للكهرباء والمواطنين والحكومة المؤقتة ووزراتها المختلفة، وبالأخص وزارتي الدفاع والداخلية اللتين نعول عليهما في تأمين وحماية المواقع الحيوية والاستراتيجية التابعة للشركة، نحن نأمل من الجميع المساهمة في الحد من صعوبة الوضع القائم، والاستجابة لبرامج ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية، وكذلك التفهم بأن برنامج طرح الأحمال سيتوقف حال انتهاء أسبابه.

كيف تتعاون الحكومة معكم في حل هذه المشكلة؟

الحكومة المؤقتة خصصت لشركة الكهرباء 530 مليون دينار ليبي من ميزانية الطورائ نهاية العام الماضي لإبرام التعاقدات السابقة، والذي كان يفترض أن يتم خلال ثلاثة أشهر لإنتاج ما يقارب 500 ميجاوات من الطاقة الكهربائية.

وقد وقعت رئاسة الوزراء قراراً بذلك في كانون الأول/ ديسمبر 2012، لكن عندما بدأت الشركة في إبرام العقود في بداية 2013 أوقف ديوان المحاسبة قرار الميزانية بحجة أن القرار صادر في 2012 ولا يحق حسب القوانين السارية المفعول منذ النظام السابق تسييل الميزانية في 2013، وبالتالي تم إيقاف الميزانية واضطررنا للانتظار إلى أن اعتمدها المؤتمر الوطني في 22 أيار/ مايو 2013.

وماذا عن دعم الدولة الليبية للكهرباء؟

الدولة الليبية تدعم الكهرباء من خلال بيعها الوقود لشركة الكهرباء بسعر مدعوم، ودفع ديون الجهات العامة المستحقة لشركة الكهرباء، ومرتبات الموظفين بالشركة، وكما تدعم الدولة التعرفة حيث يدفع المواطن 20 درهم للكيلوات في الساعة بينما التكلفة الحقيقية هي 80 درهم، والدولة تدفع الفرق.

المواطن في دول أخرى يدفع ثمن الكهرباء عشرات أضعاف ما يدفعه المواطن الليبي، حيث يصل ثمن الكيلوات في الساعة ببعض الدول إلى 400 درهم.

وبالرغم من انخفاض سعر تكلفة الكهرباء في ليبيا إلا أن أغلب المواطنين الليبين لا يدفعون فواتير الكهرباء، وفي ظل انتشار السلاح لا يستطيع موظفوا الجباية في الشركة الذهاب إلى المنازل لمطالبتهم بدفع فواتير الكهرباء مثلما كانوا يفعلون أيام النظام السابق، فقد تعرض بعض موظفي الجباية إلى إطلاق نار في أحيان كثيرة من المنازل الأمر الذي جعلهم يتوقفون عن أعمال الجباية.