حددت محكمة جنايات بور سعيد يوم 26 يناير/كانون الثاني موعدا لإسدال الستار على قضية شغلت الرأي العام وأصبحت من القضايا المركزية للثورة المصرية، وهي قضية مذبحة استاد بور سعيد في الثاني من فبراير 2012 التي راح ضحيتها نحو 74 شخصا معظمهم من التراس، وذلك بعد نهاية مباراة نادي المصري والأهلي. الحكم في القضية المتهم فيها 73 متهما، من بينهم قيادات أمنية في المحافظة، يأتي غداة الاحتفال بالذكرى الثانية لقيام الثورة المصرية، وفي غمار سجال حول مدى نجاح الثورة في تحقيق أهدافها بعد أن حصل معظم المتهمين من رجال الشرطة في قضايا قتل متظاهرين على أحكام بالبراءة.

حددت محكمة جنايات بور سعيد يوم 26 يناير/كانون الثاني موعدا لإسدال الستار على قضية شغلت الرأي العام وأصبحت من القضايا المركزية للثورة المصرية، وهي قضية مذبحة استاد بور سعيد في الثاني من فبراير 2012 التي راح ضحيتها نحو 74 شخصا معظمهم من التراس، وذلك بعد نهاية مباراة نادي المصري والأهلي. الحكم في القضية المتهم فيها 73 متهما، من بينهم قيادات أمنية في المحافظة، يأتي غداة الاحتفال بالذكرى الثانية لقيام الثورة المصرية، وفي غمار سجال حول مدى نجاح الثورة في تحقيق أهدافها بعد أن حصل معظم المتهمين من رجال الشرطة في قضايا قتل متظاهرين على أحكام بالبراءة.

جدل حول النطق بالحكم

المحكمة قررت إصدار حكمها في القاهرة لأسباب أمنية، وهو قرار يثير الكثير من الخلاف. “والله لنولع بورسعيد” صرخة تحمل تهديدات أطقتها والدة الصبي أشرف طارق دياب أحد المتهمين فى القضية، تعبيرا عن غضبها من احتمالية نقل نجلها البالغ عمره خمسة عشر عاما من سجن قسم شرطة بورفؤاد لحضور جلسة النطق بالحكم بالقاهرة، خوفا من تعرضه للخطر بعد كل مظاهر الحشد التى ينظمها التراس أهلاوى استباقا لحكم المحكمة، ومنها الكتابات على جدران المنشئات وفى الميادين تحت شعار ” القصاص أو الفوضى والدم “.

هيئة المحكمة والمتهمين وموكليهم وأهاليهم معرضين للخطر، وفقا لأشرف العزبى محامي المتهمين مسشتهدا ببيان الالتراس الأهلاوى ومحملا المسؤولية  لكل الجهات المعنية وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة من احتمال نشوب معركة لن تقل ضراوة عن أحداث الاستاد فى حال ذهاب المتهمين إلى القاهرة، ومذكرا بالمعاناة التى كانوا يتلقونها فى الجلسات السابقة للمحكمة من جماهير الالتراس وأهالى الضحايا وصلت لحد ضربهم بالأحذية والحجارة، وهو الأمر الذى جعل العزبى يقيد طلبه فى محضر آخر جلسة عقدت فى شهر نوفمبر الماضى مستندا على بنود قانونية تتيح للمحكمة عدم استدعاء المتهمين فى جلسة النطق بالحكم إذا حصلوا على حقهم الكامل فى الدفاع.

ولاينسى العزبى وأهالى المتهمين أن يؤكدوا على رضائهم التام بحكم القضاء وأنهم واثقين تماما من براءة ذويهم وموكليهم،وحتى لو لم يتم تنفيذ طلب القوى السياسية وأهالى المتهمين وهيئة الدفاع ببقاء المتهمين فى بورسعيد.

بورسعيد بريئة

أهالي بورسعيد يرفض معظمهم إلصاق التهمة بالمدينة. فعبده يوسف صاحب شركة يقول إن بور سعيد ستكون مقبرة جديدة لكل من يحاول أن ينال من سمعتها، كما كانت مقبرة لكل الغزاة على مدار التاريخ. أما رمضان أبو المعاطى شاهد عيان على أحداث بورسعيد  فيرى أن مجزرة بورسعيد مؤامرة تم تدبيرها من جهات خفية وكانت بروفتها الأولى فى استاد غزل المحلة العام الماضي قبل أحداث بورسعيد لولا نجاح الأمن هناك فى تفاديها.

ويستشهد الشيخ جمال رزق إمام مسجد الميزان، ومحمد عصفور كابو التراس النادي المصري وعدد من أمهات المتهمين، بأخلاق البورسعيدية مع جميع زائريها قبل وبعد المؤامرة وأن أقصى ما يمكنهم القيام به هو الضرب أو الشتيمة لمن اعتدى عليهم كما يقول محمد على  سائق سيارة وليس قتل انفس بطريقة احترافية.

الدكتور هشام الجعبري الأستاذ بكلية التربية الرياضية جامعة بورسعيد يرى أن المجزرة ليس لها أي علاقة بالتعصب الرياضى، وأن الأمر كله يقف خلفه جهات خفية أو ما اطلق عليه الإعلام ” الطرف الثالث “.

الطرف الثالث

فمن هو هذا الطرف الثالث الذي ينسب إليه الجميع معظم جرائم الثورة؟ أهالي بور سعيد يعلقون التهمة على شماعة الإخوان، فعصفور كابو الالتراس يرى أن لهم مصلحة فى كل مايدور . كما يرى المحامي أشرف العزبي أن الكشف عن حقيقة الطرف الخفي صعبة وتحتاج إلى تحقيقات طويلة، لكنه  تلقى  الكثير من الاتصالات دون أدلة تفيد بضلوع الإخوان فى المجزرة. وهو الأمر الذى نفاه الدكتور أكرم الشاعر النائب البرلماني مؤكدا أن أي شخص لديه دليل على الإخوان فليقدمه للنائب العام، وعليه أن يتحمل مسؤولية بلاغه.

الشرطة لم تنجُ أيضا من اتهامات البورسعيدية لها بأنها الطرف الثالث، فالدكتور أكرم الشاعر يتهم الجهات الامنية لسرعتها المبالغ فيها لتحويل المتهمين للمحاكمة استجابة لضغوط التراس أهلاوى، ودون إحداث تحقيقات مستفيضة. ووالدة المتهم أحمد عادل تتهم الشرطة بلعب دور كبير فى المؤامرة، لأن رجال الشرطة هم من أغلقوا الأبواب على المجنى عليهم، حسب قولها.

العدل أو التصعيد

وجاء حشد التراس اهلاوى الجمعة الماضية 25 ديسمبر في القاهرة، ليزيد من أحزان واستياء البورسعيدية بعد سماعهم للسب والقذف فى حقهم على شاشات التلفاز من جمهور الاهلى، وهو ماجعل سيد اسماعيل مدرس بالتربية والتعليم يقسم بالله أن بورسعيد قادرة على دحر أى معتدى على أولادها، متضامنا مع البيان الذى وزعه التراس جرين مساء (التراس النادي المصري في بور سعيد) نفس اليوم يؤكد خلاله على التصعيد ردا على حشد الالتراس الاهلاوى، وأن مدينة بورسعيد سيتم إغلاق أبوابها بالكامل فى وجه الغرباء فى حال تم نقل المتهمين للقاهرة أو صدور حكم غير عادل استجابة لضغوط الأهلاوية.

ذلك التصعيد وجد تعاطفا مع ممثلى القوى السياسية وأبرزهم الشاعر والدكتور محمود حجازى أمين حزب النور كون أن هؤلاء شباب يعبرون عن غضبهم وغضب أهالى بورسعيد جميعا، ولكنهم ليسوا مع تخريب المنشئات العامة وتعطيل مصالح المواطين، بعد أن أكد مصدر أمنى مسؤول بمديرية أمن  بورسعيد أنهم مستعدون تماما لحماية نقل المتهمين للقاهرة ، وأن أحد من أقارب المتهمين أراد الذهاب للقاهرة فعليه ان يتحمل عاقبة سفره وليس لقوات الأمن أى مسؤولية عنه.

عودة الدوري

قضية مذبحة بورسعيد لا تنحصر في كونها معركة بين مجموعتي التراس، فهي تأخذ أبعادا أكبر من ذلك بكثير. فعودة الدوري المصرية متوقفة على ما ستسفر عنه هذا القضية. وبالرغم من اتخاد الحكومة قرارا بعودة الدوري مطلع شهر فبراير/شباط، إلا أن الكثيرين يعتقدون أن الدوري لن يعود عمليا إذا قررت جماعات الالتراس توقيفه. مجلس إدارة النادى المصرى كما يقول محمد الخولى عضو مجلس إدارة النادى قرر عدم مشاركة فريقه فى مباريات الدورى العام للموسم الحالى لتهدئة الأجواء واحتراما لأهالي الشهداء، وهو القرار الذي لاقى قبول جماهير الالتراس، وأكد عليه أكرم الشاعر بأن دماء الذين قتلوا أهم كثيرا من بطولة الدوري حتى ولو كان يعيش عليه آلاف الأسر التي لن تقبل أن يكون رزقها على حساب دماء المصريين .

الحلول

جلسة النطق بالحكم المفروض عقدها يوم السبت القادم قد يتم تاجيلها نظرا لظروف أحداث الذكرة الثانية للثورة كما يقول أشرف العزبى محامي المتهمين، كما أنه حتى ولو كانت هناك أي أحكام فمن المؤكد أنها لن ترضي الطرفين، وأن تلك الجلسة لن تكون نهاية المطاف فالنقض والاستئناف ضد الحكم حق لكلا الطرفين.

واذا كان هناك سبيل للتهدئة فالشيخ جمال رزق يطالب هيئة المحكمة بالوسطية فى أحكامها، والإعلامى الشهير محمد الحمامصي يؤكد أنه لو تم تأجيل المحكمة لشهرين قادمين سيكون أدعى لتهدئة التوتر بين الطرفين، كما أن العقلاء من الطرفين كثيرين وأن هناك مبادرة للتهدئة أعلن عنها حزب الوسط ببورسعيد، واشترك معه فيها حزب النور كما يقول الدكتور محمود حجازى، ولكنها لن تنجح إلا فى حال القصاص العادل كما يقول الدكتور اكرم الشاعر الذى أخلى مسؤولية لجنة تقصى الحقائق التى كان عضو فيها  من المسؤولية بعدما  تم حل مجلس الشعب ولتكون الكلمة الاولى والاخيرة لقضاء مصر.

وإلى أن تقول المحكمة كلمتها الأخيرة في القضية يبقى الترقب والقلق مهيمنا على مدينة بورسعيد، إذ يرفض أهلها تعميم التهمة على المدنية، ويرفضون إضافة المزيد من التهميش الذي تعاني منه المدينة أصلا، ويأملون أن يضع القضاء الأمور في نصابها الصحيح.