“آسف ياشباب مش هتعرفوا تدخلوا طابا” جملة تلقاها أربعة شباب قاهريين وصلوا لمدخل مدينة طابا بعد رحلة استغرقت عشر ساعات، قبل أن يرفض ضابط المباحث المسئول عن تأمين كمين مفارق “طابا –نويبع” دخولهم لقضاء أجازة العيد، فقط لأنهم لم يعلموا فى أى فندق سيقيمون. ما “قد ينتج عنه تعكير صفو الصهاينة الموجودين هناك” حسب قول أحد الشباب المعنيين.

“آسف ياشباب مش هتعرفوا تدخلوا طابا” جملة تلقاها أربعة شباب قاهريين وصلوا لمدخل مدينة طابا بعد رحلة استغرقت عشر ساعات، قبل أن يرفض ضابط المباحث المسئول عن تأمين كمين مفارق “طابا –نويبع” دخولهم لقضاء أجازة العيد، فقط لأنهم لم يعلموا فى أى فندق سيقيمون. ما “قد ينتج عنه تعكير صفو الصهاينة الموجودين هناك” حسب قول أحد الشباب المعنيين.

ورغم أن ربط المسألة بال”صهاينة” لا يمت للواقع بصلة، فطابا تشهد إنقطاعا شبه تام للسياحة الإسرائيلية منذ الثورة، إلا أن رد فعل الشاب يعكس علاقة الكثير من المصريين بتلك البقعة الصغيرة الحدودية. فبينما لم يدخر النظام المباركي جهدا لإبراز عودة طابا “مصرية” على يديه عام 1989، يظل ذلك الشطر واقعيا خارج إطار القواعد العامة التي تحكم الدولة. فالإجراءات الأمنية هنا مشددة، كما يعرض مثال الشباب الممنوعين عن مدخل المدينة.

بقعة مقطوعة عن العالم

تلك الاجراءات منعت وجود أي مواصلات عامة تنقلك من الكمين إلى داخل المدينة – لعدم وجود من تقلهم من الأساس – فاضطر مراسل الموقع إلى الاستعانة بالشاب البدوي “حسن الحويطي” لإقلاله بسيارته الخاصة مقابل خمسين جنيها تم تخفيضها للنصف، لإجتياز مسافة قطعها في زمن لا يزيد عن خمس دقائق.

الحويطى شكى عدم حدوث أي طفرة فى طابا منذ تحريرها، مؤكدا أن نفس الطريق الذي تسير عليه سيارته لم يتغير فيه شيئ منذ أن رصفته قوات الاحتلال الإسرائيلي، باستثناء بناء أربعة فنادق جديدة فقط خلال فترة تجاوزت العشرين عاما.

وفور نزول مراسل الموقع من سيارة الحويطي، أصبح هاتفه المحمول خارج نطاق التغطية، في نفس الوقت الذي استقبل فيه رسالتين من شبكتين أجنبيتين، الاولى أردنية والثانية سعودية، ترحب به داخل حدودها، بخلاف رسالة صوتية من شبكة اسرائيلية تخبره بمحاسبته طبقا لتعريفتها المحلية. وهو الامر الذى وضحه الحويطى بأنه فور اتهام أحد رجال الأعمال المصريين بتمرير المكالمات الدولية  لحساب اسرائيل، تمت إزالة برج الإتصال الخاص بشركته، ففقدت طابا نطاق تغطية شركات للمحمول وظلت شركة واحدة فقط هي التي يستخدمها المصريون هنا لإجراء مكالماتهم.

“حساسية الموقع” ترسم ملامح المدينة

طابا مدينة مقفرة، يخيم عليها سكون شبحي وتطغى على قاطنيها حالة من التوجس في تعاملاتهم مع القادمين من المصريين. حتى أسئلة بسيطة عن نسب الاشغالات بعد الثورة تعذر الحصول على إجابات عنها من أصحاب المنشآت السياحية، “لحساسية المكان” كما يقول زكريا مختار، مدير أمن أهم فندق فى طابا والذي انشأه الاسرائيليون.

[ibimage==3559==Small_Image==none==self==null]

زكريا مختار

  

بل يذهب زكريا فتح الله إلى حد القول بأن السلطات “أساسا لا ترغب في وجود المصريين فى طابا.” فتح الله هو رئيس الغرفة التجارية السابق بمدينة طابا وصاحب شركة ومحلات تجارية، وهو من أوائل من أقاموا بالمدينة عقب تحريرها. يستطرد فتح الله قائلا: “مازالت اربع وسبعون شقة هي حصيلة ما دشنته الحكومة المصرية منذ عام 1989 وحتى الآن، ويشغل معظمهما اعضاء الاجهزة الامنية… حتى أننا عرضنا على السلطات شراء 100 متر وبناء مساكن تعاونية عليها، وكان الرفض هو الرد. هذا بجانب عدم توافر الخدمات الاساسية من صرف صحي مثلا.”

محدودية البنية التحتية تترك أثرها واضحا على ملامح المدينة، فطابا مدينة شبحية، يمينها البحر ويسارها الصحراء، بخلاف خمس فنادق سياحية يرجع تاريخ أحدها – الهيلتون – إلى فترة الإحتلال الإسرائيلي.

رأس مال سياحي مهدر

إلا أن سياسة “تجفيف منابع” المنطقة، ذات الدواعي الأمنية بالطبع، لا تمس المصريين وحدهم. فالمعروف أن طابا منطقة ترانزيت مهمة لسياح “الباقات” الذين يمرون من معبرها إلى إسرائيل أو الأردن والعكس، ما يفسر افتتاح رئيس الوزراء هشام قنديل لمسشتفى “دولي” بها منذ فترة وجيزة، رغم قربها النسبي من شرم الشيخ العاصمة السياحية لشبه الجزيرة والمجهزة بمستشفى مماثل. لكن شتان بين مستو الرعاية بين هذه وتلك: فالاولى اكتفت فقط بالاجهزة والمعدات دون وجود العنصر البشرى الكفء لإدارتها، وهو ما تسبب فى حالة من الاستياء لدى السياح والبدو المقيمين بطابا، حتى ان سائحة اجنبية – بحسب تصريح رمضان سرور، سائق الاسعاف بطابا – كادت تفقد حياتها بسبب اضطرار المسعفين إلى نقلها الى مستشفى شرم الشيخ.

[ibimage==3565==Small_Image==none==self==null]

رمضان سرور يحكى عن معانا ته عند انقطاع المياه

ويضيف رمضان إلى شكواه اندهاشه من عدم تعرض رئيس الوزراء هشام قنديل أثناء زيارته الاخيرة لعدد من “المهازل” المتعلقة بمستشفى طابا، ومنها النفايات الصحية الخطرة الملقاة بجوار سور المستشفى (وهو مارأه مندوب مراسلون وتم تسجيله بالصور.)

ضعف البنية التحتية فى طابا كان محور الحديث أيضا مع اللواء أحمد فوزي، سكرتير عام محافظة جنوب سيناء ، والذى أقر بسوء الوضع، مؤكدا أن وزير التنمية المحلية وافق على دراسة جدوى أعدتها محافظته لتحويل طابا رسميا إلى “مدينة”، بينما لا تزال مصنفة ك”قرية” إداريا، وعندها ستتمتع بكل المميزات التي تحصل عليها المدن، من مخصصات مالية إضافية مثلا، خلاف انها ستدخل فى اطار المنطقة الحرة التي سيتم انشائها حول ميناء نويبع القريبة، مما يعنى زيادة حركة الاستثمار.