رغم صدور برقيات تفتيش في حقه من قبل رجال الأمن ما زال مروج القنب الهندي ر.ج يخاطر كل يوم ببيع هذا المخدر الذي تصل عقوبه مروجه إلى 7 أعوام على الأقل.

وفي الفترة الأخيرة تصاعدت وتيرة مداهمات منزله من أجل القبض عليه ومع ذلك يتمكن هذا المروج من الهرب كل مرة بفضل حصوله على “معلومات” تحذره مسبقا.

وحتى لجوء قوات الأمن في كثير من الأحيان لسد المنافذ أمامه يتمكن بحكم دهائه من الفرار عبر الأزقة الضيقة التي تشق المساكن المتلاصقة وعبر أسطح المنازل بحيه.

مورد رزق

لم يشتغل ر.ج يوما واحد بحياته، وكل ما يعرف صنعه هو بيع مخدر القنب الهندي، أو “الزطلة” كما يطلق عليه التونسيون، بهدف توفير المال والإنفاق على نفسه وأسرته.

يعيش هذا المروج مع زوجته وابنه البالغ ثلاث سنوات من العمر في حي شعبي بمدينة بن عروس المحاذية للعاصمة تونس. لكن حياته أصبحت جحيما بسبب كثرة المداهمات.

يقول ر.ج المنحدر من عائلة فقيرة إنه لا يعرف طريقا لكسب رزقه سوى بيع “الزطلة” منذ انقطاعه عن التعليم مبكرا. وينشط هذا المروج منذ 13 عاما دون أن يدخل السجن.

في بداية نشاطه لما كان يبلغ 19 عاما كانت عمليات ترويجه تقتصر على بيع كميات صغيرة من القنب الهندي التي يتزود بها من المروجين أو “اللحامة” كما يطلق عليهم.

حول هذا يقول لمراسلون متذكرا بداية مسيرته المحفوفة بالمخاطر “في البداية كنت أشتري كميات صغيرة من القنب الهندي ثم أبيعها بعد إضافة هامش من الربح”.

وفي بعض الحالات كان ر.ج يحصل على كميات من مخدر “الزطلة” من مزوديه دون الدفع بالحاضر، ثم يقوم بعد عملية البيع بتسديد ما عليه من مستحقات لمزوديه.

توسع النشاط

في تلك الفترة لم يكن ر.ج يمتهن بيع القنب الهندي بصفة دائمة فقد كان يتزود بكميات صغيرة ليروجها في بضع ساعات من أجل الحصول على بعض المصروف اليومي.

تيقن هذا المروج بعد ذلك بأنه يخاطر بحريته من أجل ترويج كميات بسيطة لا تحقق له ربحا مناسبا، لذلك قرر أن يتاجر بكميات أكبر لتحقيق ربح أوفر وهو ما حصل فعلا.

اليوم وبعد حوالي 13 سنة من بدايته مع الترويج الظرفي لمخدر القنب الهندي زاد ربحه المالي بتحوله من مروج صغير إلى “لحام” كبير (مروج كبير) معروف بمنطقته.

مع مرور الوقت ذاع صيت ر.ج في وسطه لاسيما وأن زبائنه يجدون لديه ضالتهم من المخدرات حتى في الفترات التي تنضب فيها “الزطلة” بسبب تشديد الرقابة الجمركية على الحدود.

وتعتبر الحدودية التونسية الجزائرية منفذا أساسيا لتدفق القنب الهندي إلى تونس. علما أن إنتاج المخدرات يتم في المغرب.

خيوط كثيرة

يتمتع ر.ج بعلاقات جيدة مع بعض مهربي مادة “الزطلة” في عدد من المناطق. فعندما يحكم أعوان الجمارك رقابتهم على الحدود مع الجزائر، يتحول ر.ج إلى بعض المدن الساحلية للتزود بالمخدرات.

يقول ر.ج إنه يتمكن عند لجوئه للمناطق الساحلية من التزود بنوعية من مادة “الزطلة” تعرف لدى مستهلكي القنب الهندي باسم “سلعة البحر”.

وهي النوعية يجدها بحارة بالصدفة في عرض البحر بعدما تلقى من قوارب التهريب التي تداهمها قوات الحرس البحري.

ويعتبر مستهلكو القنب الهندي في تونس أن هذه النوعية “ذات جودة عالية” خلافا للمخدرات التي ترد عبر الحدودية البرية التونسية الجزائرية والتي يقع خلطها بمواد كيميائية أخرى وأدوية مهدئة لتصبح الكمية أكبر لكنها أقل جودة وأرخص ثمنا.

ويقول ر.ج لمراسلون إنه في أغلب الأحيان لا يحصل على تلك النوعية السيئة من القنب الهندي إلا في بعض الحالات التي يتعرض فيها للغش أو التحيل وهو أمر وارد في عالم تجارة المخدرات، حسب تصريحه.

ربح وافر

وبالرغم من هذه المخاطر يكسب ر.ج مالا وافرا من ترويج كميات كبيرة من القنب الهندي في ظل تنامي استهلاك جزء من التونسيين لهذا المخدر.

ويجني هذا المروج ضعف القيمة المالية لكمية القنب الهندي التي يشتريها.

وبحسب ر.ج يتراوح سعر 100 غرام من القنب الهندي بالجملة ما بين 800 و900 دينارا. وتباع هذه الكمية في شكل صفيحة مسطحة ويطلق عليها اسم “البلاكة” بالتونسي.

ويقوم المروجون بتقسيمها لأجزاء صغيرة وتباع في شكل أعواد ثقاب بخمس دنانير (2 دولارات) للقطعة الواحدة أو “الطرف” كما تسمى في أوساط المروجين والمستهلكين. أما القطعة الأكثر منها وزنا فتباع بعشر دنانير (4 دولارات) ويطلق عليها اسم “الصبع”.