سيعرف المشهد السياسي في تونس بمكوناته الحالية خلال الفترة المقبلة تغيرات عميقة تذهب معها الخارطة الحزبية التي طبعت البلاد خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية ليجد التونسيين أنفسهم أمام خيارات جديدة في أول استحقاق انتخابي أي خلال الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2016، إن لم يحدث أي طارئ يرحلها إلى تاريخ آخر.

سيعرف المشهد السياسي في تونس بمكوناته الحالية خلال الفترة المقبلة تغيرات عميقة تذهب معها الخارطة الحزبية التي طبعت البلاد خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية ليجد التونسيين أنفسهم أمام خيارات جديدة في أول استحقاق انتخابي أي خلال الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2016، إن لم يحدث أي طارئ يرحلها إلى تاريخ آخر.

هذه المشاريع السياسية جزء منها وقع الإعلان عنه وجزء ما يزال يحاط بالغموض لتحفظ القائمين عليها وعلى تفاصيلها بشدة، لكنها تشترك جميعها في كونها أولا لا تزال في طور البناء وثانيا أنها في حال وصولها إلى التشكل النهائي ستغير كليا الخارطة الحزبية في تونس.

خمسة مشاريع جديدة سياسية ستغير الخارطة الحزبية في تونس انطلقت مع الإعلان الرسمي لمنصف المرزوقي رئيس الجمهورية السابق عن “حراك تونس الإرادة” تبعه حزب محسن مرزوق المنتظر الإعلان عن اسمه رسميا في مارس/آذار المقبل ثم مشروع وزير الصحة في عهد بن علي منذر الزنايدي المنتظر الكشف عنه نهاية الشهر الجاري ليكون رئيس الحكومة السابق مهدي جمعة وعدد من وزرائه أصحاب المشروع الرابع، وأخيرا انصهار حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والتيار الديمقراطي والتحالف الديمقراطي في حزب واحد في أفريل/نيسان المقبل.

حراك تونس الإرادة

في نهاية 2015 أعلن رئيس الجمهورية السابق محمد المنصف المرزوقي عن تأسيس حزبه الجديد “حراك تونس الإرادة” ليفي بفكرة أعلنها يوم خسارته كرسي الرئاسة لصالح الباجي قائد السبسي أمام المئات من مناصريه.

حزب الرئيس السابق الجديد يتكون أساسا من قيادات حزبه السابق “المؤتمر من أجل الجمهورية” الذي قرر مجلسه الوطني حل الحزب والاندماج في مشروع قائده الجديد.  كما يضم هذا الحزب الجديد قيادات الصف الثاني والثالث من أحزاب ديمقراطية واجتماعية استقالوا منها بالإضافة إلى عدد من نشطاء المجتمع المدني.

ووفق حديث أمينه العام عدنان منصر لـ”مراسلون” فالحزب لا يزال في مرحلة بناء هياكله الجهوية والمحلية استعدادا للانتخابات البلدية، أول رهان انتخابي للحزب كما قال المرزوقي يوم الإعلان.

النداء الجديد

توجه محسن مرزوق الأمين العام السابق لنداء تونس (حزب الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي) نحو تأسيس حزب جديد تقّم خطوات كبيرة بعقده ندوات اقليمية واستشارية مع الهياكل التي انشقت معه من حركة نداء تونس.

وفي الثاني من شهر مارس/آذار المقبل سيتم الإعلان عن اسم الحزب ومرجعيته الفكرية المنتظر أن تتمحور حول البورقيبية الجديدة، نسبة إلى رئيس تونس الأول الحبيب بورقيبة مع “عصرنة” فكر بورقيبة ومزجه بالحقوق الكونية.

الفكر البورقيبي الجديد الذي سيكون مرجعية هذا الحزب يصب في عكس اتجاه الاسلاميين فمرزوق يقدم حزبه المنتظر كنقيض للإسلاميين وحركة النهضة تحديدا كما قدم حزبه السابق نداء تونس.

ومن المنتظر أن يكون الإعلان عنه في 2 مارس/آذار المقبل اختيارا مقصودا لتزامنه مع تاريخ إعلان بورقيبة في نفس اليوم من سنة 1934 عن تأسيس الحزب الدستوري الجديد في مؤتمر قصر هلال بعد انشقاقه عن الحزب الدستوري فمحسن مرزوق يشبه نفسه وانشقاقه عن نداء تونس بما حصل مع بورقيبة في بداية الأربعينات.

وتمكن مرزوق من جذب عدد من نواب كتلة نداء تونس اللذين انشقوا معه من الحزب والكتلة النيابية للنداء وكونوا “الكتلة الحرة” التي تعدّ 26 نائبا إلى حد الساعة لتمثل الكتلة النيابية الثالثة من حيث الحجم بعد كتلة حركة النهضة وكتلتهم الأم نداء تونس.

التجمعيين والدساترة

المشروع السياسي الجديد لوزير بن علي منذر الزنايدي مبني على لم شمل العائلة الدستورية (نسبة إلى الحزب الدستوري الذي أسسه بورقيبة) والتجمعيين (نسبة إلى حزب بن علي التجمع الدستوري الديمقراطي) مع تطعيمها بالمجموعة الديمقراطية الاجتماعية التي تتكون من مستقيلين من أحزاب تتبنى الخط الديمقراطي الاجتماعي وخسرت الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة.

ويقف في واجهة المشروع الوزير السابق في عهد بن علي منذر الزنايدي مع امكانية التحاق عدد من الأحزاب التي يترأسها رموز نظام بن علي بالمشروع المنتظر.

ورغم التحفظ الشديد الذي يحيط بمشروع رموز بن علي ونظامه فالتسريبات تؤكد أن لقاءات جمعت منذر الزنايدي بكمال مرجان الذي يترأس حزب المبادرة ولكن لم يتفقا على شيء ملموس استنادا إلى ما أكده القيادي في حزب المبادرة محمد جغام لـ”مراسلون” لكنه قال إنها محاولات للم شمل الدساترة والمشاورات التي تتم مع الزنايدي ليس بغاية دمج مشروعه الذي يعكف على إعداده بحزب المبادرة وإنما فقط مشاورات لا غير. ومن المنتظر الإعلان عن الحزب السياسي الجيد لوزير صحة بن علي منذر الزنايدي في نهاية الشهر الجاري.

تونس البديلة

“تونس البديلة” هو اسم المشروع السياسي الجديد لرئيس الحكومة السابق المهدي جمعة وعدد من وزراء حكومته الذين عملوا في فريقه كالهادي العربي وكمال بن ناصر وتوفيق الجلاصي ونائلة شعبان وحافظ العموري ومراد الصكلي ونضال الورفلي وغيرهم من الوزراء إلى جانب عدد من الكفاءات الوطنية من الشباب والنساء ومن مختلف الجهات، وسيتم الاعلان عنه خلال أسابيع قليلة.

هذا المشروع الذي لا مصادر يمكن أن تتكلم عنه في الإعلام حيث يرفض كل وزراء المهدي جمعة الظهور وتقديم تفاصيل عنه.

أحزاب تنصهر

ثلاثة أحزاب من العائلة الديمقراطية الاجتماعية التي منيت بهزيمة في الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة وهي التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (حزب مصطفى بن جعفر رئيس المجس التأسيسي سابقا) والتيار الديمقراطي والتحالف الديمقراطي وسيكون الإعلان عنه في شهر أفريل/نيسان المقبل.

والأحزاب الثلاثة لا تزال تناقش صيغ الاندماج من آليات اتخاذ القرار ولكن الفيصل في الاندماج سيكون المجالس الوطنية لحزبي التحالف الديمقراطي والتيار الديمقراطي باعتبار أن حزب التكتل قد وافق مجلسه الوطني على الاندماج وفق ما أكده القيادي في الحزب خليل الزاوية لـ”مراسلون” فإنه حالما يتم الانتهاء من عقد المجلسين الوطنيين لحزبي التيار والتحالف والمصادقة على الانصهار في حزب واحد فإن الأحزاب الثلاثة ستعلن عن الحزب الكبير في 9 أفريل/نيسان المقبل.

خمس مشاريع سياسية جديدة يقف وراءها سياسيون يملكون خبرة طويلة في الفعل السياسي سيغير بناء أحزابهم الجديدة الخارطة الحزبية في تونس وستنهي سيطرة حركة النهضة الإسلامية وحالة الاستقطاب الثنائي مع حركة نداء تونس وانحسار خيارات الناخبين بينهما وهو ما يجعل المنافسة على الانتخابات البلدية المقبلة على أشدها في تونس.