تشتهر محافظة الفيوم – 100 كم جنوب غرب القاهرة- بعدة صناعات يدوية مثل السجاد اليدوي، والفخار، والأن بدأ الفانوس الخشبي يأخذ مكانه ضمن الصناعات التي تشتهر بها المدينة، وأيضا نجح في أن يزيح الفانوس الصيني الذي احتل الاسواق المصرية في السنوات الأخيرة
***
فبعد أن قررت الحكومة المصرية، في أبريل 2015م، حظر استيراد الفوانيس ضمن السلع الترفيهية، لمنع استنزاف العملة الصعبة، خارج البلاد، قرر بسنتي هاني، الشاب الثلاثيني، وصاحب مكتب للدعاية والإعلان، بمدينة الفيوم، التوسع في تصنيع فانوس مصري من الخشب، مستغلا تميزه في صناعة منتجات خشب “الأركت” اليدوية، حتى احتل الفانوس المصري هذا العام أرفف محلات بيع الفوانيس في شهر رمضان المبارك، ليحل محل الفانوس الصيني.
يقول بسنتي: “ربما يكون الفانوس الصيني أقل سعرا من المصري، ولكن الأخير يتميز بأنه ينتج بالطلب حسب المواصفات التي يحددها المستهلك” ويعد بستني نفسه الوحيد الذي يصنع الفانوس الخشبي في مصر، حسب كلامه.
ويضيف بسنتي، أن المستهلك يستطيع اختيار اللون والشكل للفانوس، ويضع عليه اسمه أو أي اسم آخر يريده، وصورته، كما يستطيع أن يطلب مع الفانوس هدية من منتجات الخشب بمواصفات معينة، وهي مزايا لا تتوفر نهائيا في الفانوس الصيني أو المستورد الذي يوجد في الأسواق المصرية، وهو ما جعله منافس قوي ضد المستورد، مشيرا إلى أن المواطن المصري يحب المنتج الذي يوجد به زخارف متميزة، لأنها تعطيه روح متميزة عن أي منتج آخر.
***
“وقف استيراد الفوانيس المستوردة، منحنا الفرصة للتوسع في تصنيع الفانوس المصري من الخشب، ومع قرار الحكومة تعويم الجنيه، ارتفع سعر الفانوس الصيني عن المصري في السوق”..لذا يرى بسنتي أن تعويم الجنيه جاء في صف الفانوس المحلي، ويضيف: “قطع غيار ماكينات الفانوس والخشب ارتفعت أسعارها بعد تعويم الجنيه، ولكن مازال الفانوس المصري في القمة“.
بسنتي، لا يخشى من عودة فتح الاستيراد أمام الفانوس الصيني، بسبب المزايا الكثيرة التي يتحلى بها الفانوس اليدوي المصري، حتى لو أصبح الصيني يباع بسعر أقل من المصري، ويطالب بأن توفر الحكومة جهات تمويل لمشروعه حتى يتمكن من التوسع في الإنتاج، وزيادة عدد الوحدات المنتجة لديه، وبالتالي خفض تكاليف الإنتاج، وسعر البيع النهائي للمنتج، مع ضرورة تصنيع الخشب المستخدم في إنتاج الفانوس بمصر بدلا من استيراده، من الخارج بحيث يكون سعره أقل ولكن بنفس الجودة التي ينتج بها حاليا، مشيرا إلى أن هذه الخطوات إذا تمت، سينكمش سوق الفانوس المستورد بمصر، مع وجود عمالة مصرية ماهرة.
***
وتبدأ عملية تصنيع الفانوس المصري الخشبي، بحسب بسنتي، بمرحلة التصميم وتحديد المقاسات والألوان والشكل المطلوب على الكمبيوتر، ثم مرحلة التقطيع على ماكينات التقطيع، ثم تركيب البرونز وتجميع القطع الخاصة به للوصول إلى الشكل المطلوب.. “لدينا أحجام من 20 سم إلى 1.5 متر، وتبدأ بأسعار 5من جنيها للفانوس الصغير وتزداد مع زيادة الحجم حتى تصل إلى 350 جنيها للكبير كلا حسب حجمه، والغرض من استخدامه” مشيرا إلى صعوبة نقل فوانيس مستوردة ذات أحكام كبيرة إلى مصر لارتفاع تكلفة النقل فضلا عن عدم امكانية الكتابة عليه.
***
يعدد مصنعو الفانوس المصري من مزايا منتجهم فبحسب مراد موريس، وهو شاب ثلاثيني أيضا، صاحب مكتب كمبيوتر ودعاية وإعلان، بمدينة الفيوم، يتميز الفانوس المصري بأنه صناعة يدوية مصنوع من الخشب وليس من البلاستيك، ومن الممكن أن يتم حل أجزائه وتجميعه مرة أخرى، وإذا سقط من الطفل على الأرض لا يتحطم، وإذا تعرض أي جزء منه للكسر، يمكن معالجته بلاصق بكل سهولة، مشيرا إلى أن إضافة مزايا على الفانوس المصري سواء صور أو أسماء لا ترفع من سعره على الإطلاق.
***
ويرى مراد موريس، أن منتجي الفوانيس في حاجة إلى خفض أسعار ماكينات تقطيع الخشب التي تعمل بالليزر، حيث يصل سعرها حاليا إلى 110 ألف جنيها، وكذلك خفض أسعار الخامات المستخدمة في تصنيع الفانوس، وهي مستوردة، مما يشجع الجميع على تصنيع كميات أكبر وبالتالي خفض تكاليف الإنتاج، وسعر البيع النهائي للمستهلك، ويطالب الحكومة بتوفير منطقة مخصصة لتصنيع الفوانيس المصرية، يستطيع المنتجون الحصول على مكان فيها لتوسيع إنتاجه، مشيرا إلى أن إنتاج الفانوس الخشبي الواحد يوفر فرص عمل لأربعة أشخاص.
***
فيما يؤكد أحد أصحاب محال اللعب، بوسط مدينة الفيوم، أن حظر استيراد الفانوس الصيني، أعطى فرصة ذهبية لنظيره المصري، لرفع مبيعاته حيث شهد الفانوس المصري أعلى مبيعات خلال العام الماضي، وتراجعت نسبيا العام الحالي، بسبب عدم وجود تطوير في أشكال المصري.
بينما يرى صاحب محل بيع الفوانيس، أنه إذا أعيد فتح باب الاستيراد للفانوس الصيني، رغم أنه سيكون أغلى قليلا من المصري، ولكن الإقبال يكون عليه أكبر في حال وجوده بسبب تطوير أشكاله وأفكار تشغيله من عام لآخر، بينما يظل المنتج المصري دون أي تطوير كل عام، فضلا عن أن أجزاء من مكوناته مستوردة، مما يعد عائقا أمام المنتجون لتطوير هذه المكونات سنويا، لأنها ستمثل زيادة في تكلفة الإنتاج عليهم.
تصوير: ميشيل عبدالله