سبورات ذكية، وداتا شو، ومعامل حاسب آلي.. وسائل تعليمية جديدة، زُودت بها مدرسة جمال عبدالناصر الثانوية العسكرية، بمدينة الفيوم، ضمن أعمال التطوير والتجديد للمدرسة، والتي افتتحها وزير التنمية المحلية، يرافقه الدكتور جمال سامي، محافظ الفيوم، في 14 أغسطس الماضي.

شملت أعمال التطوير بالمدرسة، بحسب بيان صحفي للمحافظة.. “50 فصلاً، و3 معامل حاسب آلي، و3 معامل علوم مطورة، ووسائل التهوية، ورفع كفاءة جميع السلالم، والدهانات، وأعمال الكهرباء، والإنارة، وإنشاء ملعب كرة قدم خماسي بالأضواء الكاشفة، وملعب كرة سلة حديث، بهدف الارتقاء بالمستوى التعليمي، وزيادة التحصيل الدراسي والمعرفي لدى الطلاب”. الحدث لا يقتصر على المدرسة المذكورة فقط، ولكن عادة ما تذكر مثل هذه الافتتاحات في التدليل على تطوير التعليم.. فهل هذا هو التطوير؟

منذ 200 عام ولا جديد

“لازم نعترف بمشاكلنا..محمد باشا علي، وضع أساس التعليم، ونحن لنا 200 عام نملأ الدنيا ضجيجا عن تطوير التعليم، ولا جديد لدينا”..هكذا علق عبدالفتاح الجندي، مدير عام الإدارة التعليمية بإطسا السابق، ورئيس لجنة التعليم باللجنة العامة لحزب الوفد بالفيوم، على فكرة تطوير التعليم، ويضيف: كل وزير يطرح رؤية حسب الأماكن التي يتعامل معها.

وتابع الجندي، أن تطوير التعليم، يجب أن يكون منظومة متكاملة تبدأ بتطوير المعلم مهنيا، وأن يتماشى التطوير مع الظروف التي نعيش فيها، وأن يكون متوافقا مع بيئة مجتمعنا. إضافة أدوات للمدرسة لا يعنى تطويرها، فمعظم معامل الوسائل التعليمية لا تعمل، بسبب عدم وجود فنيين لتشغيلها، فنحن لا نرى أمناء لهذه المعامل، فليس هناك تطوير في المناهج، والمستوى الإداري، ولا في صلب العملية التعليمية.

تطوير الإدارة

“أدوات العملية التعليمية..هي عنصر من عناصر تطوير التعليم، ولكنها ليست الأهم”..هكذا بدأ الدكتور محمود فضل، أستاذ الإدارة التعليمية بجامعة الأزهر، وعضو لجنة الإعتماد والجودة، حديثه عن عناصر تطوير العملية التعليمية، وقال أنه يجب أن يشمل التطوير، الإدارة، والمعلم، والمناهج الدراسية، والمساءلة، وتدعيم أفكار جديدة، وتوفير احتياجات الطالب داخل المدرسة، فالتطوير ليس سبورة وقلم.

تطوير الإدارة، ومراقبة الفصول والطرقات والفناء، عناصر هامة في منظومة تطوير التعليم أيضا، ولكن يبقى السؤال “هل هناك دعم مالي لكل هذا أم لا؟”.. يتساءل الدكتور محمود فضل، ويضيف: هناك ضرورة لوضع أولويات لعملية تطوير التعليم، مثل رفع الرواتب للمعلمين، فالمدرس أصبح يعمل داخل المدرسة بمبدأ “بشتغل على قد فلوسهم” وهو معذور في هذا من جانب، أيضا، خفض كثافة الفصول، وبناء مدارس جديدة للقضاء على الكثافة الطلابية بالفصول.

ويشير أستاذ الإدارة التعليمية، إلى أن التطوير ليس بتزويد المدارس بالسبورات الذكية، في وقت تبلغ كثافة الفصل ما بين 60 أو 70 طالب.

خريطة تطوير التعليم

ويرسم أستاذ الإدارة التعليمية، خريطة من أجل تطوير التعليم بمصر، تتضمن تطوير الإدارة المدرسية، بحيث تعتمد على أساليب حديثة في التدريس، والإدارة داخل المدرسة بشفافية، بحيث يعلم الجميع داخل وخارج المدرسة بما يفعله مديرها وقراراته من جزاء أو تحفيز، بناءا على الكفاءة، وأن يتم ترقية المعلمين بالكفاءة، وتطوير منظومة المناهج في جميع المراحل التعليمية، وإلغاء نظام الحفظ والتلقين.

تطوير بمواصفات الجودة

وشدد أستاذ الإدارة التعليمية بجامعة الأزهر، على ضرورة تطوير المباني بالمدارس حسب مواصفات الجودة، ومدى توافقها مع المواصفات المصرية والعالمية، من المساحة، والأمن، والأمان، ووضع خطة للتوسعات المستقبلية، وإعداد دراسة علمية مستقبلية بأعداد المدارس والفصول والطلاب لمدة 20 سنة مقبلة، مع تطوير الفصول والأدوات المستخدمة فيها لتعليم الأطفال، وذلك ضمن خطة شاملة على مدار 20 سنة، ويشير إلى أن تطوير النظام التعليمي، سيطور الدولة كلها.

وسائل تعليمية حبيسة المخازن

وتنتقد الدكتورة منى شعبان عثمان، أستاذ مساعد الإدارة التربوية لسياسات التعليم، عدم تدريب المعلمين على استخدام الوسائل التعليمية الحديثة، حيث يتم اسنخدامها على النحو الأمثل، بدلا من بقائها حبيسة المخازن بسبب الخوف عليها من التلف، مشيرة إلى أن الوضع الحالي لا يبين وجود توجه عام لدى الوزارة لاستخدام الوسائل التعليمية الحديثة.

وتابعت: تحولت المدارس الثانوية لمجرد مكان لقيد الطلاب وليس لتعليمهم، وذلك بالأساس لأن المدارس أصبحت طاردة للطلاب، والذين يعتمدون على الدروس الخصوصية، خاصة مع تطبيق نظام الثانوية العامة الجديد، بأن تكون الشهادة الثانوية بإجمالي الثلاث سنوات، ما يؤدي لزيادة الإنفاق على الدروس الخصوصية، وومضاعفة الإرهاق النفسي للطالب.

وتؤكد الدكتورة منى شعبان، أن استخدام التكنولوجيا في المدارس الثانوية التي يكثر فيها غياب الطلاب، سلاح ذو حدين، لإهدار جزء كبير من هذه التكنولوجيا، بينما عدد المستفيدين منها قليل ولا يوازي ما أنفق عليها، حيث يعتمد الطالب على الدروس الخصوصية،  أما في المرحلة الإبتدائية، فإن الدمج الإلكتروني أفضل بكل المعاني، وتكون الإدارة بأسلوب إلكتروني حيث يتم تدريب المعلمين والطلاب والإدارة على التكنولوجيا، وإذا نجح في هذه المرحلة تكون محل تعميم في باقي المراحل.

 

المدارس الأجنبية مختلفة.. ولكن

وتضرب الدكتورة منى شعبان مثالا بالمدارس الأجنبية على الأراضي المصرية، فهي تجيد استخدام التكنولوجيا الحديثة، في العملية التعليمية لأنها تطبق نظام التعليم في البلد الأصلي لها، وهي تحصل على أموال كثيرة من أولياء الأمور، ومن ثم فإنها توفر صيانة مستمرة للأدوات التكنولوجية. وبالتالي يستفيد منها الطالب.

ترى منى، أنه لابد من مشاركة جميع العاملين بالعملية التعليمية وأولياء الأمور في تطوير العملية التعليمية، وتفعيل مجالس الأمناء، والتخطيط الجيد، والتدريب والتنمية المهنية المستدامة للمعلمين والقادة، بحيث يشمل الأداء وأسلوب إدارة الوقت، والنواحي الحياتية.

بالإضافة لأن التطوير لا بد أن يشمل تطوير الفكر قبل الأبنية والمعدات، حيث لا بد من نشر ثقافة التطوير ثم البدء في الخطوات العملية، وأن تتولى قيادة غير مرتعشة تدبير الأمور، مع الاستفادة من نتائج الأبحاث العلمية في تطوير والدمج التكنولوجي، وأن يتم مخاطبة متخذي القرار على مستوى المراحل التعليمية الأعلى، بنشر ملخصات أبحاثهم العلمية على موقع وزارة التربية والتعليم حتى يستفيد منها الوزير في تطوير التعليم، لكي لا يتحول الأمر إلى شعار خاوي ترفعه الوزارة طوال الوقت.

 

تصوير: ميشيل عبد الله