سيتذكر المصريون هذا التاريخ جيدا.. 3 نوفمبر الحالي قرر البنك المركزي المصري تحرير سعر صرف الجنيه، ووضع سعر استرشادي 13 جنيها للدولار، مما خفض من قيمة الجنيه بنسبة 48% تقريبا من قيمته قبل القرار، ولم تمهل الحكومة الشعب فقررت رفع الدعم على الوقود مساء نفس اليوم فارتفعت أسعار الغاز والبنزين والسولار بنسبة 40% تقريبا.

وتنتظر الحكومة موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على قرض قيمته 12 مليار دولار خلال سنوات، عقب تنفيذ الحكومة لـ”مطالب” صندوق النقد بتحرير سعر صرف الجنيه ورفع الدعم .

سيتذكر المصريون هذا التاريخ جيدا.. 3 نوفمبر الحالي قرر البنك المركزي المصري تحرير سعر صرف الجنيه، ووضع سعر استرشادي 13 جنيها للدولار، مما خفض من قيمة الجنيه بنسبة 48% تقريبا من قيمته قبل القرار، ولم تمهل الحكومة الشعب فقررت رفع الدعم على الوقود مساء نفس اليوم فارتفعت أسعار الغاز والبنزين والسولار بنسبة 40% تقريبا.

وتنتظر الحكومة موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على قرض قيمته 12 مليار دولار خلال سنوات، عقب تنفيذ الحكومة لـ”مطالب” صندوق النقد بتحرير سعر صرف الجنيه ورفع الدعم .

عدد من السياسيين أطلقوا عليه الخميس الأسود، حالة الغضب من القرارات يمكنك أن تلاحظها في الأسواق والشوارع والمواصلات العامة بعد يوم واحد من تطبيق القرارات، كما أن الإجراءات التي وصفتها الحكومة والرئيس بالمؤلمة ستؤدي إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الغذائية خاصة أن مصر تستورد 65% من استهلاكها من الغذاء حسب المركز القومي للبحوث الزراعية.

ولم تفلح المؤتمرات الصحفية لرئيس الوزراء ورئيس البنك المركزي من احتواء الغضب بل أدت إلى زيادته، وبعد أن أصبح الأمر واقعا ماذا سيفعل المصريون في الأزمة؟.

الخوف من فاتورة العلاج

“خايف بنتي تتعب ومعرفش أجيب لها علاج”، هكذا بدأ سعيد . أ عامل نسيج بمدينة 6 أكتوبر حديثه لـ”مراسلون”. سعيد يتقاضى 1500 جنيه شهريا ( 100  دولار)، ومتزوج ولديه طفلتين.

يضيف: 25جنيه لـ 3 وجبات يوميا، هذا ما أستطيع أن أوفره من راتبي، فالمرتب تخرج منه مصاريف كثيرة منها أقساط و”جمعيات” ومصروف البنتين صباح كل يوم.

يكمل سعيد: “قبل العام الماضي كانت الحياة أفضل من الآن نسبيا كانت الأسعار مستقرة والسلع متوفرة وفي متناول يدي، كنت أعاني لكن كانت “مستورة، لكن منذ بداية العام الحالي بدأت أعتمد على المنتجات التي تبيعها سيارات القوات المسلحة ووزارة الزراعة، لأنها أرخص، ومع هذا لا نأكل لحوم أو فراخ إلا 3 مرات في الشهر”. ويتابع: “الأزمة الكبرى لديّ هي العلاج فحينما تمرض ابنتي أطالب الطبيب بكتابة أدوية رخيصة لأن راتبي لا يتحمل أدوية مرتفعة الثمن إلى جانب  توفيرالطعام، وغالبا قبل أن ينتهي الشهر أستدين، ومنذ شهور ارتفعت فاتورة الكهرباء إلى الضعف وعلى الرغم من ترشيد استهلاكي إلا أنها ما زالت مرتفعة”.

بعد ارتفاع سعر الدولار ورفع الدعم عن البنزين لا يعلم الرجل ماذا سبفعل. “غالبا سأستغني عن اللحمة وسنأكل فراخ مرة واحدة في الشهر، ولكن حتى مع ذلك لا تكفى 25 جنيها في اليوم لبند الطعام، ولا أمل في زيادة المرتبات في المصنع خاصة مع حالة الكساد في مصر” يقول.

طعام الأطفال أهم

“قررت ألا آكل خارج المنزل رغم أنني أظل خارج المنزل 14 ساعة يوميا”، يقول جمال سالم، وهو محاسب يعمل في شركة خاصة ويتقاضى 3 آلاف جنيه (200 دولار) ولديه 3 أطفال.

بتابع جمال: “أعلم بحكم عملي أن تحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن الوقود سيرفع الأسعار بنسبة 50 % على الأقل، يوم صدور القرار كتبت كل احتياجاتي الشهرية وقررت تخفيضها إلى أقصى حد وأولها وجبة بعد الظهر التي أتناولها في العمل وتكلفني 10 جنيهات في اليوم، بالإضافة إلى الجلوس على المقهى المتنفس الوحيد لي، وقررت أنا وزوجتي توفير البروتينات التي يحتاجها الأطفال يوميا مثل اللبن والبيض للأولاد، وسنأكل فراخ مرة واحدة في الأسبوع وسنمنع اللحمة حتى الرخيصة منها التي توفرها منافذ القوات المسلحة لأنها أغلى من الفراخ، كما سنمنع عمل الحلويات البسيطة في المنزل”.

قائمة المواد التي سيستغني عنها جمال مفتوحة، “بالتأكيد لن تشمل بند التنقل إلى العمل والمدارس التي سوف ترتفع بعد رفع الدعم عن البنزين والسولار، وقرار الحكومة بإضافة 3 جنيهات للفرد على بطاقات التموين شهريا لكن تكفي لشراء كيلو م السكر الذي ارتفع سعره المدعم إلى 7 جنيهات، وسنحاول أن نشترى ملابس أقل ونعيد ترميم الملابس القديمة، ولا أعلم ماذا سأفعل إذا احتجت إلى علاج أو دروس خصوصية أو أيه طوارئ”.

لا مجال للرفاهيات

أحمد سامح يتقاضي 9 آلاف جنيه (600 دولار) ويعمل في أحد البنوك، متزوج ولديه بنتين. في مارس الماضي حينما ارتفع سعر الدولار في السوق السوداء، وفرضت الحكومة قيودا على سحب الدولارات بالسعر الرسمي زادت أسعار السلع التي اعتبرتها الحكومة رفاهية فاضطر هذا الرجل إلى تخفيض ميزانية المنزل حسبما يقول وبحث هو الآخر عما يمكن الاستغناء عنه.

يقول: “قررت الاستغناء عن حافلة مدرسة بناتي وكان هذا يكلفني 6 آلاف جنيه سنويا على أن تقوم زوجتي بإيصالهما يوميا، كما أنني كنت أسافر كل 3 سنوات خارج مصر، ونظرا لأن هناك قيود على سحب الدولارات من الفيزا خارج مصر ألغيت فكرة السفر خارج البلاد، كما أنني منعت الأكل خارج المنزل”.

ويضيف: “قرارات الحكومة الجديدة بتحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن الوقود جعل دخلي يقل بنسبة 50% تقريبا وليس لدي وقت يسمح بالعمل دوام آخر في وظيفة أخرى، فسأضطر إلى تقليل نفقاتي والاستغناء عن جميع “الرفاهيات” وأهمها السفر داخل مصر، وأيضا كل الطعام والمشروبات التي يمكن الاستغناء عنها مثل “الآيس كريم” والمشروبات الغازية و”الكابتشينو والنسكافية” التي كانت تكلفني 400 جنيها في الشهر بخلاف السكر، ومن الأسبوع المقبل سأوقف استعمال سيارتي بسبب ارتفاع البنزين”.

المزيد من المصريين تجت خط الفقر

يقول إلهامي الميرغني الباحث الاقتصادي إن أزمة تحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن الوقود ستغير العادات الاستهلاكية للأسر المصرية خاصة العاملين، مؤكدا على أن تكلفة نقل العاملين والتلاميذ إلى أعمالهم ومدارسة ستزيد ولا يمكن تقليلها أو الاستغناء عنها وستؤثر للأسف على بنود إنفاق الأسر على الغذاء، وهو ما أعتبره كارثة لأن نسبة كبيرة من المصريين مصابين بالأنيميا والتقزم بسبب سوء التغذية ومع خفض الإنفاق على الغذاء وعدم التنوع فيه ستزيد نسبة سوء التغذية وهو ما يؤثر على الإنفاق على الصحة ويدمر قوة العمل في البلاد.

وأضاف الميرغني أن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أكد أن أكثر من 27% من الشعب المصري تحت خط الفقر المقدر بـ1.80 دولار في اليوم للفرد على حساب السعر الرسمي 8.80 جنيها، والآن بعد ارتفاع سعر صرف الدولار وخفض قيمة الجنيه يتراوح سعر الدولار الآن بين 15 و16 جنيها، وبالتالي نسبة أكبر ستدخل تحت خط الفقر .

وأكد الميرغني أن الآثار الاجتماعية لتحرير سعر صرف الجنيه ورفع الدعم عن الوقود تنفيذا لشروط ونصائح صندوق النقد الدولي، هي زيادة حالات الطلاق والتفكك الأسري والعنوسة والانتحار وهو ما حدث في دول اتبعت تعليمات الصندوق للإصلاح الاقتصادي مثل البرازيل والمكسيك.