يقول البعض إن تونس تنام على ثروات بترولية هائلة طالما تم التكتم عنها من قبل مؤسستكم الحكومية. هل هذه مجرد ادعاءات؟

(ضاحكا) هذا أمر غير صحيح. التقارير الشهرية التي تصدرها المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية ووزارة الطاقة والمناجم (تباعة لوزارة الصناعة) تظهر أن مؤشرات الإنتاج والتنقيب والاستكشاف عن النفط في تونس ضعيفة جدا.

كيف يمكن تصديق مثل هذه الاتهامات الباطلة وتونس ما انفكت منذ أكثر من 10 سنوات تسجل عجزا طاقيا يتفاقم من سنة إلى أخرى؟

يقول البعض إن تونس تنام على ثروات بترولية هائلة طالما تم التكتم عنها من قبل مؤسستكم الحكومية. هل هذه مجرد ادعاءات؟

(ضاحكا) هذا أمر غير صحيح. التقارير الشهرية التي تصدرها المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية ووزارة الطاقة والمناجم (تباعة لوزارة الصناعة) تظهر أن مؤشرات الإنتاج والتنقيب والاستكشاف عن النفط في تونس ضعيفة جدا.

كيف يمكن تصديق مثل هذه الاتهامات الباطلة وتونس ما انفكت منذ أكثر من 10 سنوات تسجل عجزا طاقيا يتفاقم من سنة إلى أخرى؟

منذ اكتشاف حقلي “البرمة” (الجنوب التونسي) و”عشترت” (في بحر صفاقس) لم يقع إلى الآن اكتشاف حقول نفطية أو غازية هائلة. علما وأن أقصى ما وصل إليه الإنتاج بهذين الحقلين هو 120 ألف برميل يوميا وذلك في أواخر السبعينات.

كما يجب على الجميع أن يعلم أن النفط في تونس بدأ يتقلص بصفة طبيعية وتدريجية بما في ذلك في حقل “البرمة” أكبر الحقول النفطية في البلاد.

ما هو واقع الإنتاج والاستكشاف في تونس؟

أحدث التقارير أظهرت أن معدل إنتاج النفط الخام تراجع إلى حدود نهاية مارس/آذار 2016 إلى 46.2 ألف برميل يوميا مقابل 53.5 ألف برميل يوميا في نفس الفترة من سنة 2015 بانخفاض بنسبة 12 بالمائة.

كما انخفض الإنتاج الوطني من الغاز الطبيعي من 6.8 مليون متر مكعب يوميا في الثلاثية الأولى من السنة الماضية إلى 5.8 مليون متر مكعب نهاية مارس/آذار 2016 بانخفاض بنسبة 15 بالمائة.

من جهة أخرى تراجع العدد الإجمالي لرخص الاستكشاف والبحث إلى 29 رخصة في نهاية الثلاثية الأولى مقابل 37 رخصة نهاية مارس/آذار 2015.

مع العلم أنه لم يتم خلال الثلاثية الأولى من السنة الحالية حفر أي بئر جديدة سواء للاستكشاف أو للتطوير.

كيف تردون على اتهامات بعض الخبراء وممثلي الأحزاب والمجتمع المدني بشأن وجود فساد في قطاع المحروقات في تونس؟

في الحقيقة لا يوجد هناك تصرف مثالي في قطاع الطاقة مثلما هو الحال بالنسبة لبقية القطاعات الأخرى وبالتالي فمن الطبيعي أن تقع بعض الاخلالات.

لكن الأشخاص الذين يؤكدون على وجود فساد أو سوء تصرف في المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية هم لديهم بعض المآخذ حول القيمة التي تم بموجبها التفويت في حقل الغاز “ميسكار” لشركة “بريتش غاز” البريطانية بداية التسعينات.

وهنا يجب توضيح الظروف التي تم فيها أخذ القرار بشأن هذا الحقل. فعندما تم اتخاذ قرار تطوير حقل “ميسكار” كان سعر النفط في بداية التسعينات يتراوح ما بين 10 و12 دولار وبالتالي فالمشروع لم يكن له مردودية اقتصادية ومالية لتونس.

وأنا أتحدى أي خبير اقتصادي ونفطي في تلك الفترة قادر على أن يتوقع ارتفاع سعر برميل النفط في سنة 2008 إلى ما قيمته 145 دولارا.

وبالتالي هناك مزايدات ومغالطات للرأي العام بدعوى أن تونس فرطت في ثرواتها النفطية للأجانب بعقود بخسة الثمن أو خاصة أن تونس تنام على ثروات نفطية وغازية هائلة.

ولكن تقارير دائرة المحاسبات (سلطة رقابية عليا في تونس) أكدت وجود فساد وتلاعب في قطاع المحروقات في تونس؟

لقد سبق لنا وأن أجبنا على تقارير وملاحظات دائرة المحاسبات في حينها والدليل موجود في تقاريرها الرقابية.

دائرة المحاسبات تطرقت إلى ملاحظات في التصرف في عدد من الحقول علما وقد أجابت المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية عن تلك الملاحظات وتم إرفاق الإجابات في التقرير النهائي للدائرة.

وأكبر دليل على نظافة يد مسؤولي مؤسستنا هو عدم إبلاغ دائرة المحاسبات السلط القضائية بوجود فساد أو تلاعب بالمال العام أو إخلالات في العقود النفطية.

ما تعليقكم حول كثرة الاحتجاجات المطالبة بالتشغيل في الشركات النفطية الأجنبية التي تتهم بعدم الاكتراث لمطالب المعطلين؟

القطاع النفطي هو قطاع يتطلب استثمار أموالا كبيرة مقابل تشغيل يد عاملة محدودة لأن التكنولوجيات المعتمدة لا تستوجب تواجد يد عاملة كثيرة وإنما تتطلب كفاءات على أعلى مستوى ومهندسين محنكين.

ما حصل في تونس بعد الثورة هو أن عديد العمال طالبوا بحقهم في التشغيل وهو أمر مفهوم على اعتبار أن عددا من الشركات النفطية ترصد استثمارات كبيرة للاستكشاف والتنقيب أو استغلال الحقول النفطية في مناطق محرومة من التنمية والتشغيل وترتفع فيها نسب الفقر والتهميش والبطالة.

لكن الشركات البترولية التي تستثمر أموالا طائلة ترغب بدورها في جني أرباح من إنتاج وبيع النفط الغاز باعتبارها مطالبة بنتائج مالية إيجابية وهذا ما لم يتقبله المحتجون.

وقد واجهت عدة شركات نفطية أجنبية صعوبات ووجدت نفسها رهينة المحتجين والمعتصمين على غرار ما حصل في حقل الشرقي في جزيرة قرقنة (الجنوب التونسي) الذي تستغله المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية (51 بالمائة من رأس المال) وشركة “بتروفاك” البريطانية (49 بالمائة من رأس المال).

وماذا حصل في شركة “بتروفاك”؟

في جزيرة قرقنة كان هناك حوالي 700 عاطل عن العمل من حاملي الشهائد العليا يطالبون بالعمل لكن محدودية الطاقة التشغيلية لشركة “بتروفاك” التي تشغل حاليا 180 عاملا لا يجعلها قادرة على استيعاب كل العاطلين عن العمل في تلك الجزيرة.

وبالتالي لم يجد المحتجون غير الاعتصام كوسيلة ضغط وحيدة من أجل الحصول على شغل وهذا تسبب في إيقاف نشاط الشركة وتسبب في خسائر كبيرة رغم أن الشركة تنفق بالتعاون مع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية مساعدات اجتماعية لفائدة متساكني الجزيرة ما بين 2.5 و3 مليون دولار سنويا.

وإلى أين وصلت الأزمة؟

حصل اجتماع مؤخرا في مقر وزارة الطاقة والمناجم وحضور ممثل عن رئاسة الحكومة ووالي صفاقس (التي تتبعها جزيرة قرقنة) وتم تدارس عدة اقتراحات من ضمنها دعوة مجلس وزاري مضيق لإيجاد حل جذري لأزمة الشركة وإمكانية تشغيل بعض العاطلين عن العمل ورفع الاعتصام الذي اربك نشاط الشركة.

هل هناك تعاون بين المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وشركات نفطية أجنبية مستثمرة في تونس لدفع التنمية في المناطق المحرومة؟

بالفعل هناك تعاون مشترك في هذا المجال وقد رصدت قبل عام أربع مؤسسات بترولية 11.6 مليون دينار (5.5 مليون دولار) لدفع التنمية في ولاية تطاوين (الجنوب الشرقي لتونس).

وهذه المبادرة التي تمتد على ثلاث سنوات قامت بها كل من المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية ومؤسسة “ايني” الايطالية و”أو أم في” النمساوية و”ميدكو” الاندونيسية.

وهذا البرنامج يمثل مجالا واعدا لمعاضدة جهود الدولة في حفز المبادرة الخاصة إلى جانب المساهمة الفعلية في تأهيل البنية التحتية والنهوض بالتنمية الجهوية والحرص على الاقتراب أكثر من أي وقت مضى من المحيط القريب من المؤسسات النفطية لا سيما في مناطق الجنوب بالبلاد.

كما تم في السياق ذاته إقرار برنامج ثان سيطلق قريبا في ولاية قبلي (الجنوب الغربي) بتمويلات قيمتها 3 ملايين دينار (1.3 مليون دولار) لدفع التنمية بتلك الجهة. وسيتم اعتماد نفس التمشي في جزيرة قرقنة والصخيرة حيث تنتصب شركة “بتروفاك” باعتمادات سنوية في حدود 3 مليون دينار (1.5 مليون دولار).