تسببت تداعيات سوء الأحوال الجوية التي شهدته محافظة الإسكندرية الاسبوعين الماضيين من أمطار شديدة ارتفعت إلى حد السيول، تسببت في غرق عشرات المزارع الخاصة بتربية الدواجن، ما نجم عنه نفوق الآلاف منهم، وتكبد أصحابها خسائر فادحة، نتيجة فشل الدولة في التعامل مع الأزمة.

“ضاع كل شيء”

تسببت تداعيات سوء الأحوال الجوية التي شهدته محافظة الإسكندرية الاسبوعين الماضيين من أمطار شديدة ارتفعت إلى حد السيول، تسببت في غرق عشرات المزارع الخاصة بتربية الدواجن، ما نجم عنه نفوق الآلاف منهم، وتكبد أصحابها خسائر فادحة، نتيجة فشل الدولة في التعامل مع الأزمة.

“ضاع كل شيء”

أراضي غارقة في مياه الأمطار التي اختلطت بمياه الصرف الصحي ومستنقعات عفنه، و بيوت مهدمه وغارقة تماما و أعمدة إنارة محترقة وبضائع متناثرة في كل أرجاء المنطقة، ومحاصيل زراعية ماتت غرقا، وماشية نافقة، ودواجن نافقة لا حصر لها في الشوارع أغرقت المكان بالروائح الكريهة المنبعثة منها، ومواطنين  يجلسون أمام بيوتهم والحزن يخيم علي وجوههم، بعدما سكنوا الشوارع بسبب نوة المكنسة. هذا المشهد ليس جزء من فيلما سينمائيا ولكنه هو المشهد العام الموجود حاليا بقريتي الجزائر وفلسطين والكائنتين بغرب محافظة الإسكندرية، بعد أن ضربتها نوة المكنسة الشديدة الأمطار قبل أسبوعين، فتسببت في سيول غزيرة.

“ضاع كل شيء في لحظة ولم أعد أملك مليما واحدا لكي أبدء من جديد، فكل شي راح بسبب إهمال المسئولين في التعامل مع أمطار غزيرة أغرقتنا داخل بيوتنا ومزارعنا وأصبحنا نسكن الشوارع مثلنا مثل الكلاب الضالة”، هكذا وصف محمد حسين، صاحب أحد مزارع الدواجن المتضررة من أمطار نوة المكنسة، حاله.

ويقول حسين”لأول مرة في حياتي أرى نوة شتاء بمثل هذه الغزارة التي حدثت الأيام الماضية حيث أنها ابتلعت الأخضر واليابس ولم تترك لنا شيء، وإهمال المسئولين في الاستعداد لموسم الشتاء ساعد في موتنا أحياء”. مؤكدا أنه تاجر دواجن و يملك مزرعة دواجن بمنطقة قرية الجزائر وكانت تعود عليه بدخل جيد يعيش منه وهو و أسرته المكونة من 8 أفراد، فضلا عن رعايته لوالدته ووالده المسنين.

خسائر بالجملة

حسين، يؤكد أن مزرعته كانت تبلغ قيمتها المالية نحو 200 ألف جنيها ويشمل المبلغ البضائع الموجودة من دجاج وكتاكيت و أعلاف، مشيرا إلي أن كل ذلك راح تحت المطر فالدواجن جميعها ماتت من جراء شدة البرودة والأمطار الغزيرة ولم يعد لدي أي شي من أجل أعمارها من جديد.

خليل محروس هو أيضا صاحب أحد مزارع الدواجن بمنطقة العامرية، والمتضررة  أيضا من نوة الأمطار الشديدة. ويقول إن مزرعته تحطمت بالكامل وغرقت تماما بكل ما فيها من دواجن ماتت وأعلاف ابتلعتها المياه الغزيرة وفسدت ولم تعد صالحة لأي شي، مؤكدا أن مزرعته تبلغ قيمتها حوالي 80 ألف جنيها وضاعوا منه بسبب أزمة طبيعية عجزت الدولة المصرية عن التصدي لها.

يوضح محروس، أنا الآن أجلس في بيتي أفكر كيف أعوض ما ضاع مني، مؤكدا أن هذه المزرعة كان مصدر رزقه الوحيد ورثها أبا عن جد ومن عائدها يقضي متطلبات أبنائه الخمسة الذين يدرسون بمراحل تعليمية مختلفة و متطلبات شقيقته الأرملة و أبنائه الثلاثة وأنه الآن أصبح شريدا ضائعا.

أصحاب المزارع خارج التعويضات

وكانت غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، قد أعلنت عن قيامها بتشكيل 8 فرق من الوزارة لزيارة الأسر المتضررة بالمناطق الموجودة بالإسكندرية والتي تعرضت للخسائر، و أكدت أن إجمالي قيمة تلك التعويضات بلغت نحو  300 ألف جنيه.

لكن محمد حسين يرى أن وزيرة التضامن الاجتماعي لم تذكر في تصريحاتها تعويض أصحاب المزارع بل فقط ذكرت المواطنين التي غرقت منازلهم، وكأن صاحب المزرعة رجل يملك المليارات فليس من حقه تعويضا، مؤكدا أنه كان عليها أيضا أن تشكل فريقا يبحث حال أصحاب المزارع لتعويضهم أيضا لأنهم تضرروا بشدة.

مهددون بالسجن

” أنا أملك مزرعة دواجن صغيرة و جميع محتوياتها بما فيها من دواجن و أعلاف بالقسط ومطالب الآن أن أدفع أقساط وصلت لنحو 15 ألف جنيها موزعة ما بين التجار الذي نشتري منهم للتربية ولكنى لا أملك أية أموال بعد غرق مزرعتي من جراء الأمطار، وأصبحت ألان مهدد بالسجن في أي لحظة إن لم تصرف لنا الحكومة تعويضات بشكل سريع لنعوض خسائرنا الفادحة”، هكذا شرح الحج خميس عبد القادر، الوضع.

يقول عبد القادر، أن خسارته بلغت نحو 100 ألف جنيها بمعدل بضائع قيمتها نحو 60 ألف جنيها جميعهم راحوا تحت المطر الغزير، مؤكدا أن هذا حال أكثر من 50 مزرعة تضررت بسبب تلك النوة وأغلبهم يتعاملون مع التجار الكبار بالقسط لذلك إذا لم تعوضهم الحكومة فهم مهددون بالسجن إذا لم يسددوا ديونهم في موعدها .

أسعار الدواجن في ارتفاع

كارثة السيول التي ضربت مزارع الدواجن لها بعد اقتصادي. فيقول عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن بغرفة القاهرة التجارية، إن تلك الأزمة التي مرت بسبب النوة الماضية وانخفاض درجات الحرارة أدت إلى ارتفاع أسعار الدواجن والبيض والأعلاف وزيادة تكلفة الإنتاج، مما جعل أصحاب المزارع يرفعون الأسعار لتعويض خسائرهم.

ويؤكد السيد، أن مصر تراجعت في الفترة الماضية في إنتاج الدواجن، حيث أن مصر كانت تنتج 1.9 مليونا طائر وألان أصبحت تنتج 1.6 مليون طائر، مشيرا إلي أن تربية الدواجن تتأثر بشدة بالطقس حيث أن الحر الشديد يضرها و البرودة الشديدة أيضا لذلك تقلص الإنتاج.

إزالة التعديات سريعا

من ناحيتها تقول سعاد الخولي، محافظ الإسكندرية بالإنابة، إن المحافظة حاليا تعمل على صرف كافة التعويضات الخاصة بالمتضررين من الأهالي والمزارعين وأصحاب المزارع بعد أن أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعويضهم، مؤكده أنه تقرر صرف مبلغ 2000 جنيها للمزارع طبقا لمساحة الأراضي المتضررة لكل منهم.

تشير الخولي، إلي أن المحافظة بكافة أجهزتها تعمل علي تطوير أعمال الإنشاءات، وتطهير وتعميق المصارف، وتزويد محطات الصرف الصحي التي تسببت عدم استيعابها كمية الأمطار الغزيرة، مما ساعدت في عملية الغرق بالطلمبات وكافة المعدات اللازمة.

تؤكد الخولي، أن المحافظة تعمل أيضا علي إزالة التعديات على الترع والمصارف لكي يتم الاِنتهاء من كافة الأعمال خلال فترة تتراوح بين 7-10 أيام قبل موعد النوة المقبلة، موضحه إلي أن حتى الآن تم إزالة نحو 100 حالة تعدي .

وفي النهاية طالب حسين وأصحاب المزارع  الآخرين الرئيس عبد الفتاح السيسي، بسرعة صرف التعويضات الخاصة بهم حتى يتمكنوا من العودة لممارسة أعمالهم من جديد لان التأخير في العودة للعمل بالسوق يضرهم ويضر المواطن الذي ترتفع عليه سعر الدجاجة بسبب قلة المعروض.