كثرت في الآونة الأخيرة الأقاويل حول الجدار الذي قيل سيتم بناؤه من قبل السلطات التونسية كحد فاصل بين تونس وليبيا لمنع تدفق الإرهابيين إلى أراضيها، فما حقيقة هذا الجدار؟ وما هي نظرة مجلس النواب التونسي لملف الإرهاب المشترك بين تونس وليبيا؟
حول هذين الموضوعين واستفسارات أخرى التقى “مراسلون” بالسيد لطفي النابلي رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس نواب الشعب التونسي فكان هذا الحوار:
كثرت في الآونة الأخيرة الأقاويل حول الجدار الذي قيل سيتم بناؤه من قبل السلطات التونسية كحد فاصل بين تونس وليبيا لمنع تدفق الإرهابيين إلى أراضيها، فما حقيقة هذا الجدار؟ وما هي نظرة مجلس النواب التونسي لملف الإرهاب المشترك بين تونس وليبيا؟
حول هذين الموضوعين واستفسارات أخرى التقى “مراسلون” بالسيد لطفي النابلي رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس نواب الشعب التونسي فكان هذا الحوار:
ما حقيقة الجدار الذي تنوي السلطات التونسية بناءه بينها وبين ليبيا؟
هو ليس جدارا بمعنى الكلمة، بل سيتم حفر خندق، والتربة المفرغة من هذا الخندق سترمى على جانبه في خط مواز له، وذلك لمنع المهربين والمخربين وتجار السلاح والمخدرات من العبور والتنقل بين البلدين.
الجدار سيقلّص ويصعّب تنقلات هؤلاء المجرمين، وفي هذه الخطوة حماية للشعبين التونسي والليبي على حد سواء.
الجدار الذي نتحدث عنه هو جدار ترابي وليس بناء حائط، فالحكومة التونسية لن تستطيع تحمل التكلفة الباهظة لبناء جدار كما يروج له البعض.
هل الحدود الليبية التونسية مرسّمة أم لا، البعض يخشى من التعدي على حدود ليبيا خاصة أن الحفر سيكون من قبل الحكومة التونسية؟
الحدود مرسّمة دوليا ومتفق عليها، سواء الحدود التونسية الليبية؛ أو التونسية الجزائرية، ولا توجد أية إشكاليات حول هذه الحدود، ومن الأشياء التي قام بها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة هي خلق حلول وسطى مع الجيران للابتعاد عن الدخول في صراعات ونزاعات، لقد كانت هناك تنازلات كبيرة من قِبلنا، فحدودنا مع ليبيا قبل الاستعمار الفرنسي تختلف عنها بعد الاستقلال، وكما وضحتُ أنه كانت هناك تنازلات لتفادي الصراعات والحروب، فقد تم سابقا حل إشكاليات الحدود بالتوافق مع دول الجوار ليبيا والجزائر وبالتالي لا خوف من أية اختراقات.
تخرج الحكومة التونسية في أغلب الأحيان بعد العمليات الإرهابية محمّلة ليبيا كمشكل أساسي بالرغم من أن أغلب منفذي هذه العمليات في تونس وليبيا هم توانسة، ما هو تعليقكم؟
كلام غير صحيح، لأن قيادات الإرهابيين معظمهم من الجزائر، وبالتالي هناك ارتباط بين ليبيا والجزائر لأن معسكرات تدريب الإرهابيين أغلبها في ليبيا؛ حتى المجموعات المتطرفة الموجودة في جبل الشعانبي وجبل ورغة تم تدريبها خارج تونس، وهذه المجموعات ليست بالفرق الكبيرة، وفي الغالب لا تتعدى كل فرقة عشرة أشخاص، وتوجد على الأكثر فرقتان للقيام بأي عملية إرهابية في الجبال المذكورة.
معسكرات تدريب المتطرفين في ليبيا كانت حتى قبل الثورة بغطاء معين في عهد القذافي، وبعد القذافي أصبحت مفضوحة وأغلبها موجودة في طرابلس ومصراتة.
لم نسمع بمعسكرات المتطرفين في مصراتة، سمعنا عنها في درنة وبنغازي وسرت وصبراتة والجنوب؟
نعم هناك معلومات استخباراتية بوجود هذه المعسكرات في كل المدن المذكورة،لا يتم تدريب هؤلاء المتطرفين خصيصا للقيام بعمليات إرهابية في تونس، وإنما يتم تدريبهم ليكونوا النواة للتحكم في الوضع في ليبيا، واحيانا يتم استقطابهم من قبل إرهابيين تونسيين لتنفيذ بعض العمليات الإرهابية.
على حسب قولك فإن المتطرفين وجدوا في ليبيا فراغا أمنيا لنشاطاتهم الإرهابية، بعضهم قدم من أوروبا. ما دورالدول الأوربية المتضررة من الإرهاب؟
أوروبا كانت في وقت من الأوقات تحتضن أغلب المتطرفين دينيا وخاصة إنجلترا التي كانت المتضرر الأكبر من حادثة سوسة الإرهابية، والتي تزعم اليوم أنها تحارب الإرهاب.
لقد تحدث كاميرون عن البحث عن العقل المدبر لهذه العملية الإرهابية؛ الأمر الذي أحدث قلقا على مستوى الدولة التونسية وكذلك الليبية، أين كان ذلك العقل المدبر؟، أين كانت مخابراتهم عندما كان الإرهابيون يرتعون في بلادهم؟
هل هناك تعاون بين الحكومة التونسية والبريطانية للقبض على العقل المدبر لعملية سوسة؟
نعم هناك تعاون بين بريطانيا وتونس في قضايا مكافحة الإرهاب بشكل عام، فالتعاون شيء منطقي، حتى القانون التونسي يسمح بذلك، لكنه لا يسمح للمحققين الأجانب باستنطاق المتهمين المشتبه بهم في قضايا إرهاب أو غيرها من القضايا الجنائية، وبإمكانهم الحضور ومتابعة التحقيقات، أما الاستنطاق يكون عن طريق ضابط التحقيق التونسي، وأي اسئلة يوجهها المحققون الأجانب تكون عبر هذا الضابط.
لدينا في تونس قانون لمكافحة الإرهاب لسنة 2003 لكنه جدلي وغير شامل، وبالتالي كانت هناك مطالبات بتعديل القانون لحماية المواطن والمنظومة الأمنية من الإرهاب، وقد طُرح على اللجنة التشريعية مشروع لتعديل قانون مكافحة الإرهاب والذي سيكفل مكافحة الإرهاب دون المساس بالحريات الخاصة أو حرية الإعلام.
السلطات التونسية ألقت القبض على عدد كبير بتهم متعلقة بالإرهاب تصل أعدادهم إلى ما يقارب خمسة آلاف مشتبه بهم، الأمر الذي سبّب إشكالية حول الاستراتجية الخاصة في التعامل مع السجون خاصة المكتظة بالإرهابيين والذين يشكلون قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة وتسبب انفلاتا أمنيا، يجرى الآن التفكير في فصل المتهمين بالإرهاب عن غيرهم من المتهمين في قضايا جنائية أخرى وذلك لضمان عدم تجنيدهم وغسل أدمغتهم بالأفكار المتطرفة.
مع أي من حكومتي ليبيا تتعامل الحكومة التونسية خاصة في مواضيع متعلقة بالإرهاب؟
رسميا تتعامل الحكومة التونسية مع الحكومة المؤقتة في البيضاء لأنها هي المعترف بها دوليا، لكن هناك علاقات غير رسمية مع حكومة “فجر ليبيا” حفاظا على مصالح الجالية التونسية الموجودة في المناطق التي تسيطر عليها فجر ليبيا.
بخصوص الإرهاب، الحكومة التونسية تتعامل مع الحكومتين في المستوى الاستخباراتي، فقد كانت هناك قنصلية تونسية في طرابلس تم إعادة افتتاحها لفترة قصيرة ثم أقفلت بعد اختطاف الدبلوماسيين شهر يونيو/حزيران الماضي، وأصبح مكانها الآن في الحدود لكي تكون قريبة من الجالية التونسية لحل إشكاليات الجالية ، هذا كله يجبرنا في التعامل مع الواقع.
نعم هناك تعامل مع الشرعية والقانون، وإذا لم تكن الشرعية مجسّمة على الأرض فسنضطر للتعامل مع الواقع.
هل هناك سياسة صارمة اتخذتها الحكومة التونسية اتجاه الرشاوى المتفشية بين أجهزة الأمن والتي تسهل أحيانا دخول الإرهابيين وتهريب السلاح والممنوعات؟ العديد من الليبين يشتكون ابتزاز الشرطة التونسية.
لقد طرحنا في آخر جلسة مع وزير الداخلية هذا الموضوع، وهناك الآن حرص كبير لمتابعة ووضع آليات اليقظة على كل المستويات، وتقريبا تم إعادة هيكلة وزارة الداخلية، كما أن هناك العديد من المراقبين من المدراء العامين الذين يجرون رقابات متواصلة على مستوى كل النقاط الحدودية وكل النقاط المشتبه فيها.
نعم، شراء الذمم موجودة، ومن ينكر ذلك يكون كالنعام يضع رأسه في التراب لأنه لا يريد أن يواجه الواقع، والذي لا يواجه الواقع لا يستطيع تغييره، كما أن عمليات العزل والإيقاف بسبب هذه المخالفات تحدث يوميا .
هل هناك أطراف سياسية في مجلس النواب التونسي أو الحكومة متورطة في الدفاع عن الإرهاب؟
الحاجز بين الحرية وحقوق الإنسان والإرهاب حاجز صغير جدا، إذا تجاوزته من ناحية تجد نفسك في دكتاتورية، وإذا تجاوزته من ناحية أخرى تجد نفسك تدعم الإرهاب، وبالتالي من الصعب جدا الموازنة بين مكافحة الإرهاب وحقوق الانسان، نعم هناك اطراف تلعب في هذه المنطقة الوسطى لكن من الصعب أن نتهمهم بالدفاع عن الإرهاب لمجرد دفاعها عن حقوق الإنسان .
السلطات التونسية أوقفت الرحلات الجوية بينها وبين الغرب اللييبي، هناك أنباء عن فتح خط جوي بين مطار الزنتان وتونس..هل لديك علم؟
بصراحة لا علم لي، ونحن ندعم فتح هكذا خط جوي ونرحب به نرحب بهكذا خطوات لربط جسور التواصل بين الشعبين، لأن العقاب الجماعي غير منطقي، لا يجب أن نعاقب الشعب الليبي لمجرد أن مجموعات معينة تتصرف تصرفات مشبوهة، الشعبان التونسي والليبي تربطهما علاقات تاريخية وأخوة.
ليست لدينا مشكلة مع الجماعات الإسلامية حتى وإن كانت مسيطرة على المطارات، مشكلتنا مع الجماعات الإسلامية المتطرفة فقط، كلنا مسلمون والإسلام بعيد كل البعد عن التطرف، الإرهابيون يستعملون المخدرات والميسر والزنا وغسيل الأموال والسرقة والجريمة المنظمة، لا شي من ذلك في الدين الإسلامي.
هل تتعامل الحكومة التونسية مع نظيرتها السورية التي قالت إن لدى مخابراتها معلومات بخصوص الإرهابيين في تونس؟
بالتأكيد، فنحن لدينا علاقات مع نظام الأسد، ولدينا دبلوماسيون في سوريا قائمون بالأعمال، ويلزم علينا التواصل مع أي أطراف توصلنا لمعرفة منابع الإرهاب، الديمقراطية في سوريا يقررها الشعب السوري ولا دخل لنا بها.
هل توافق أقوال بعض سياسي تونس إن قوات فجر ليبيا تقف سدا منيعا ضد وصول داعش إلى تونس ؟
لأ أوافق على ذلك، فجر ليبيا لديها إشكال مع داعش وهو ليس إيديولوجي بل إشكال حول موارد النفط،، ومثل هذه الأقوال يروّج لها “النهضة” وحزب المؤتمر نظريا من أن فجر ليبيا تحمي تونس من داعش، لابد أن نعوّل على أنفسنا وقدراتنا، لا على فجر ليبيا ولا غيرها، فنحن نتعامل مع “فجر ليبيا” لمصلحة مواطنينا في ليبيا وليس خوفا أو رغبة منا في حمايتنا من داعش، الجيش التونسي وأعوان الأمن والحرس الوطني والمواطن التونسي هم من نعوّل عليهم ضد أي هجوم من قبل داعش، كما نعوّل أيضا على خلفائنا الاستراتيجيين.
إن كانت فجر ليبيا تقف فعلا أمام تمدد داعش لماذا لم تحمِ نفسها، كيف سيطرت داعش على سرت بعد أن كانت تحت سيطرة فجر ليبيا؟ المنطق يقول إنه من الأولى ان تحمي نفسك قبل أن تحمي الآخرين.