في يوم 5 من مايو أيار الشهر الماضي، أعلنت القبائل العربية بمحافظة شمال سيناء عن قيامهم بتدشين اتحاد أسموه بـ “إتحاد قبائل سيناء” في مواجهة الجهاديين، دعما منهم لمساندة الحكومة المصرية للقضاء علي الجماعات الإرهابية، خاصة عقب قتلهم 3 من أبناء قبيلة الترابين الشهيرة.

في يوم 5 من مايو أيار الشهر الماضي، أعلنت القبائل العربية بمحافظة شمال سيناء عن قيامهم بتدشين اتحاد أسموه بـ “إتحاد قبائل سيناء” في مواجهة الجهاديين، دعما منهم لمساندة الحكومة المصرية للقضاء علي الجماعات الإرهابية، خاصة عقب قتلهم 3 من أبناء قبيلة الترابين الشهيرة.

وتعتبر قبيلة “الترابين” من أقدم وأكبر وأعرق القبائل البدوية في محافظة شمال سيناء، حيث تنتمي إلى قبيلة “البقوم” المعروفة، وهي من القبائل الثرية التي تمتلك أراضي كثيرة، وتتألف من 20 عشيرة مختلفة، بينما يصل تعداد أفرادها إلي 475 ألف نسمة،  فيما ينتشر أفرادها في صحراء النقب وسيناء والعقبة وجنوب الخليل والقاهرة، طبقا للإحصائية الرسمية الصادرة عن مركز تنمية سيناء.

انضمام قبيلة المنايعة

“الترابين” هي أول قبيلة دعت لإقامة “اتحاد قبائل سيناء” خاصة بعد تعرض الشيخ عبد الباسط الجلادين، شيخ القبيلة، و 2 آخرين من شباب القبيلة للقتل على يد “تنظيم أنصار بيت المقدس” وذلك “لتعاونه مع القوات المسلحة المصرية ضد الجهاديين الخائنين من أبناء القبائل الذين يتعاونون مع تلك الجماعة الداعشية الإرهابية”، هكذا فسر الشيخ إبراهيم العرجاني، أحد رموز قبيلة الترابين بشمال سيناء، عن أسباب تدشين الاتحاد.

يؤكد، العرجاني، أن من ساعد هذا التنظيم المجرم في جريمته ضد قبيلة الترابيين هم للأسف أشخاص من أبناء القبائل السيناوية والجميع يعلم تعاونهم وعملهم مع تلك الجماعة، وهم يوسف أبو لمعة، وسلامة أبو ودان، مما جعل الترابيين تقرر تدشين الاتحاد مع القبائل الأخرى من أجل حماية نفسها وحماية سيناء، حسبما يقول.

ويضيف “الأمر الذي كان يمثل لنا صعوبة في بادئ الأمر هو عندما عرضت علينا قبيلة “المنايعة” التي ينتمي إليها شادي المنيعي، زعيم جماعة أنصار بيت المقدس، الانضمام  لتحالف القبائل، مما جعل هناك ردا قوى من التنظيم الإرهابي حيث قاموا بتفجير عدد من مدرعات الشرطة والجيش”.

العرجاني يؤكد، أن انضمام قبيلة “المنايعة” لنا جعلنا نوصل رسالة مهمة للعالم وهو أن ليس كل أبناء سيناء ينتمون للتنظيمات الإرهابية وموافقين علي ما يحدث بدليل انضمام قبيلة زعيم الجهادية للتعاون مع الجيش ضد أحد أبنائهم.

صفقة؟

وينفي العرجاني ما تردد حول عقد قبائل سيناء صفقة مع قوات الجيش من أجل مساعدتهم في القبض علي الجهاديين، مقابل الإفراج عن أبنائهم الذي تم القبض عليهم دون ثبوت اتهامات ضدهم بالانتماء للتكفيريين، خاصة بعد أن قررت القوات المسلحة يوم 6 مايو الماضي وهو اليوم الثاني للإعلان عن انطلاق الاتحاد، الإفراج عن 94 شابا كانوا محتجزين تحت رهن التحقيق لدى القوات المسلحة بسجن الجلاء بمحافظة الإسماعيلية.

يوضح العرجاني أن قرار الإفراج عنهم جاء بعد ثبوت عدم تورطهم في أي أعمال إرهابية، مشيرا إلي أن الإفراج عنهم تم أيضا بضمانة كبار المشايخ بشمال سيناء.

وثيقة سلام

وتنص وثيقة اتحاد القبائل السيناوية على تكوين لجان شعبية من شباب القبائل لمواجهة الإرهاب تحت رعاية قوات الجيش، إضافة إلى الالتزام بعدم التستر على المشتبه بانضمامهم إلى الجماعات الإرهابية، حسبما ما وضح الشيخ عيسى الخرافيين، رئيس اتحاد قبائل شمال سيناء والعريش.

كما تدعو الوثيقة نشر الوعي الثقافي والديني لمواجهة التطرف، ورعاية وحماية قوافل الدعوة الإسلامية لنشر الإسلام الوسطي.

الخوف سيد الموقف

“أغلب القبائل في سيناء تعرف جيدا من هم الجهاديين الذين ينتمون لأبناء سيناء وخارجها بالأسماء والجميع يعلم ذلك، لأنه في السابق كانت الجماعات الجهادية تهدد أبناء القبائل إذا أبلغوا عنهم القوات الأمنية سوف يكون مصيرهم القتل مثل غيرهم فكان الخوف هو سيد الموقف آنذاك، لذلك كان التعاون بينهم مشروط وهو الحماية و التستر، مقابل أمنهم وسلامهم وسلامة أبنائهم لذلك كانوا يقبلون بالوضع مضطرون خاصة بعد انتشارهم بشكل كبير جدا أثناء العهد الرئاسي للمعزول محمد مرسي”، هكذا فسر منصور الخزيمى، أحد أبناء القبائل بسيناء، الوضع هناك.

ويؤكد الخزيمي، أنه “للأسف كان هناك قبائل كثيرة مضطرة للتعامل المشروط مع هؤلاء الجهاديين خوفا من القتل والبطش بهم خاصة في الوقت الذي عانت فيه مصر من الانفلات الامنى عقب ثورة 25 يناير الماضية فكانت تقبل لشروطهم وهى حمايتهم مقابل أمنهم، أما الآن فالوضع تغير كثيرا و أصبح الجيش منتشر في كل بقاع سيناء من أجل أمننا، مما جعلنا نقوم برد الجميل لهم ونقف جوارهم”.

تصفية حسابات؟

لكن فكرة الاتحاد تثير بعض المخاوف. فمن جانبه يتخوف علي سهيب، أحد النشطاء الثوريين بمحافظة شمال سيناء، من أن إتحاد القبائل قد يفتح باب لمسألة تصفية الحسابات بين أبناء القبائل خارج القانون، إذ يمكن أن تتسبب الخلافات الشخصية في الإبلاغ أو حتى تصفية أي شخص بدعوى الانضمام إلى جماعات جهادية كذبا.

ويؤكد سهيب، أنه من الممكن أن يكون الضحية مظلوم لكنه وقع ضحية لتصفية الحسابات، مؤكدا أن المعروف عن البدو أنهم لا يتركون حقهم أبدا وخاصة إذا كانت خلافات قوية بينهم فطبعهم الحامي علي حد قوله يجبرهم علي استخدام الدم.

ويوافقه في الرأي الناشط الثوري السيناوي شادي منتصر، ويضيف قائلا:” أنه بالفعل سيتحول الأمر إلي تصفية حسابات بين القبائل والجماعات الإرهابية التي أرهبتهم منذ ثورة 25 يناير وحتى ألان حيث أن تلك الجماعات الجهادية يعرفها جيدا اتحاد القبائل السيناوية بالأسماء والشخصيات.

ويشير منتصر، إلي أنه في السابق كانوا الجهاديون يجبرون أبناء القبائل علي إخفائهم والتستر عليهم بمنازلهم خشية القبض عليهم تحت تهديد القتل وتفجير منازلهم والاستيلاء علي أموالهم والاعتداء على نسائهم وخطفهم وقتل أبنائهم إذ لم يساعدوهم في الهروب من الجيش لذلك هم أول من فكروا في تدشين هذا الاتحاد بل وهم من يدعموه بكل قوتهم انتقاما من تلك الجماعات الإرهابية.  

وخالفهم في الرأي حامد عبد الله، أحد النشطاء السياسيين بالعريش، مضيفا أن أبناء سيناء ليسوا في احتياج لستار لتصفية حسابات مع شخص أو آخر لأنهم ليس ضعفاء بأن يأخذوا ثأرهم من أي شخص وجها لوجه، مؤكدا أن أبناء القبائل قرروا عمل الاتحاد لأنهم أكثر أشخاص عانوا من بطش وظلم من تلك الجماعات.

ولاية سيناء!

وقال موسي الدلح أحد شيوخ قبيلة الترابين بشمال سيناء، أن هناك 30 قبيلة عربية مختلفة من سيناء انضمت للاتحاد قبائل سيناء أشهرهم “الترابين والمنايعة”، مؤكدا “أننا لن نحدد أسماء تلك القبائل للحفاظ علي الوحدة والترابط بيننا”.

ويضيف الدلح، أن قبائل سيناء تمكنت بمعاونة الجيش والشرطة من تطهير نحو 95% من البؤر الإرهابية بالعريش والشيخ زويد ورفح والمهدية وغيرهم، مؤكدا أنهم ضبطوا مئات من  مخازن أغذية وسلاح ومتفجرات خاصة بالجماعات الإرهابية وتم تسلميها لقوات الجيش، بل وقضت علي العشرات من المزارع و الغابات التي كانت تعتبرا مخبأ للجهاديين عقب تنفيذ عملياتهم الإرهابية.

 بدوي بهيئة جندي

كرم فضلون هو أحد أعضاء اتحاد قبائل سيناء، ويصف هيئة الشباب البدوي المنضوي تحت راية الاتحاد قائلا “هيئة الشاب البدوي معروفة، وهي ارتدائه جلباب أبيض قصير وأسفله سروال واسع يحمل ذات اللون ويرتدي جبة علي رأسه يتوسطها العقال الأسود ويرتدي في قدمه مداس جلدي يخرج أصابعه، لكن المشهد غير المألوف هو أن يقف وسط الطريق يحمل سلاحا آلي ويقف جنبا إلى جنب الجندي المصري الذي يرتدي الزي العسكري، لنعرف أن هولاء هم “متطوعي إتحاد أبناء سيناء”.

ويؤكد كرم فضلون أنه تم تقسيم شباب القبائل إلى مجموعتين من أجل توحيد الهدف ومحاولة الوصول لأكبر عدد من العناصر المتطرفة ودور المجموعة الأولى هو جمع معلومات موثقة عن العناصر الإرهابية وأماكن تواجدهم و المخابئ السرية التي يلجئون لها هرباً من هجمات الجيش مع رصد مناطق الأنفاق غير الشرعية التي تتقابل مع قطاع غزة.

أما المجموعة الثانية، فهي تتكون من شباب متطوع لمشاركة القوات المسلحة في الحملات العسكرية على بؤر الإرهاب وعناصره، مع تحديد الأشخاص والمناطق المستهدفة وترشيح شخص من كل “ربع” في قبيلة، يكون مسئولا عن تحديد العناصر المتطرفة داخل جزئه وإبلاغ الجهات المعنية عنهم بعد التأكد التام من تورطهم داخل التنظيم.

وذلك سواء بالمشاركة المسلحة أو الدعم المادي أو الترويج لأفكارهم حسبما قال فضلون، مؤكدا أنه في النهاية هدفنا جميعا هو الخلاص من شلال الدم وحماية أرض الفيروز من بطشهم.