لم يكن الطبيب وديع رمسيس يتصور أن ينتهي يوم عمله الصيفي الحار –الرابع عشر من يونيو الماضي – بهذه الطريقة الدرامية، فعندما غادر الطبيب مستشفاه الخاص الذي يملكه ويديره بمنطقة البلد في مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء – حيث يقيم منذ ستة عشر عاما – واتجه لسيارته، فوجيء بإطلاق الرصاص على السيارة من قبل أربعة ملثمون، مما أدى لإصابته بطلق ناري في ذراعه، ثم قاموا بخطفه.

لم يكن الطبيب وديع رمسيس يتصور أن ينتهي يوم عمله الصيفي الحار –الرابع عشر من يونيو الماضي – بهذه الطريقة الدرامية، فعندما غادر الطبيب مستشفاه الخاص الذي يملكه ويديره بمنطقة البلد في مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء – حيث يقيم منذ ستة عشر عاما – واتجه لسيارته، فوجيء بإطلاق الرصاص على السيارة من قبل أربعة ملثمون، مما أدى لإصابته بطلق ناري في ذراعه، ثم قاموا بخطفه.

في مساء اليوم ذاته تلقى أمير رمسيس- نجل الطبيب المختطف، والمقيم بالقاهرة مع باقي الأسرة حيث اعتاد دكتور وديع أن يعيش في العريش بمفرده – اتصالا هاتفيا من مجهول يخبره باختطاف أباه، ويطلب فدية قدرها عشرة ملايين جنيه من أجل إطلاق سراحه.

***

حادث اختطاف الدكتور وديع رمسيس ليس حادث الاختطاف الوحيد لمسيحي من العريش، وإن كان الأشهر لمكانة الطبيب في المدينة، فالمسيحيين المقميين بالعريش يتعرضون بشكل مستمر للاختطاف من قبل الجماعات الجهادية المسلحة في شمال سيناء، ويطلب خاطفيهم مبالغ مالية من أجل إطلاق سراحهم وفي حال عدم دفع الأموال في بعض الحالات تم قتل الضحية.

بحسب فادي يوسف رئيس “إئتلاف أقباط مصر في محافظة شمال سيناء” فإن إحصائية رسمية صادرة من محافظة شمال سيناء، قدرت أعداد المسيحيين المختطفين منذ بداية شهر يناير 2014 حتى شهر أكتوبر من العام نفسه، بنحو  72 مسيحي ومسيحية، وقد قامت أسرهم بدفع مبالغ مالية قدرت ب 7 مليون جنيه من أجل إعادتهم.

أشار يوسف، إلي أن الأوضاع المأساوية التي يعيشها المسيحيون في شمال سيناء ومطاردات “الجماعات الإرهابية” لهم وتهجيرهم أجبرت نحو 1200 أسرة مسيحية على الرحيل من مدن العريش ورفح والشيخ زويد، ولم يتبقي سوي 600 أسرة مسيحية فقط، يقومون حاليا ببيع ممتلكاتهم من أجل الزحف إلي مدن أخري أكثر أمانا على أرواحهم.

الإحصائية ذكرت أيضا أن هناك تسع حالات اختطاف تطور إلى قتل وعثر مع الضحايا على رسائل تهديد لأقباط العريش بالاستجابة للرحيل أو الذبح.

***

“الأقباط يعيشون في وضع سيء، بل يزداد سوءا كل يوم بسبب الرعب من الخطف الذبح والقتل الذي يلاحقنا كمسيحيين في كل مكان، على يد الجماعات الإرهابية التي تقبع بشمال سيناء، فضلا عن رسائل التهديد التي نتلقاها يوميا، والتي تجبرنا على الرحيل من بلدنا التي قضينا فيها نصف عمرنا”، هكذا عبر الأنبا أبانوب جرجس، رجل دين ومنسق ائتلاف أقباط مصر بشمال سيناء، عن استيائه وغضبه من الأوضاع المتردية.

بالنسبة للأنبا جرجس يتم حاليا فرض “تهجير قسري” للمسيحيين من قبل الجماعات الإرهابية ولا يتم التعرض لهذه الأوضاع وسائل الأعلام بسبب “التعتيم على ملف الأقباط” كما يرى.

وأشار إلى أن أشهر تلك الجرائم كان قتل الأب مينا عبود شاروبيم، كاهن كنيسة مارمينا بالعريش والذي تم خطفه وقتله. بعدها بنحو أسبوع تم قتل مجدي لمعي أحد كبار التجار بالعريش، والذي ذبحوه وفصلوا جسده عن رأسه بعد تهديدات جاءت له بالرحيل من المحافظة، فضلا عن قتل الشاب هاني سمير والمقيم بمدينة العريش و الذي قتل وترك معه رسالة تهديد جماعية للمسيحيين والتهديد إما بالرحيل أو الذبح.

ويتابع الأنبا جرجس “أن المسيحيين الذين عادوا هم مينا متري وشنودة رياض، في شهر سبتمبر الماضي وذلك عقب سداد أسرهم الفدية التي طلبها المسلحون والتي كانت عبارة عن مليون جنيه لكل منهم، مؤكدا أنهم عادوا لمنازلهم حاملين رسائل تهديد لكافة أقباط العريش بالرحيل أو الذبح وبالفعل أن أغلب الأسر التي تعرض أحد أبنائها للخطف أو القتل أو من الذين وصلتهم رسائل تهديد استجابوا لتلك التهديدات و رحلوا من المحافظة تماما خوفا علي أرواحهم”.

***

من ناحية أخرى قال رياض أبانوب المحامي والناشط السياسي بالعريش “لم يعد هناك كنائس بشمال سيناء لكي يتم استهدافها من الأساس” مؤكدا أن الجماعات الإرهابية قامت بتدمير معظم الكنائس هناك حتى لم يتبقي سوى مطرانية الضاحية التي ترعاها القوات المسلحة.

ويتابع أبانوب “كان يوجد بالعريش نحو 5 كنائس منهم 4 تم الاعتداء عليهم وهم: كنيسة مارجرجس بشارع الأزهر، وكنيسة مارجرجس المتواجدة برفح، وكنيسة الشيخ زويد وكنيسة مارمينا بالعريش” مؤكدا أن عمليات خطف الأقباط ليست فقط من أجل الحصول على الأموال بدليل قتل الأب مينا عبود كاهن كنيسة مارمينا، وترك ما كان معه من أموال داخل السيارة.

ويرجع أبانوب، الهدف من تلك العمليات هو “الحصول على أموال المسيحيين من أجل تمويل عملياتهم الإرهابية وشراء الأسلحة اللازمة كمصدر تمويل لهم، بالإضافة إلى القتل من أجل إرهابنا وإجبارنا على ترك مدينتنا” وختم أبانوب حديثه قائلا: “هناك لغز غريب لا نعرفه في تأمين الأقباط رغم جهود الجيش والشرطة هناك ونتمنى أن نعلم السبب الحقيقي لكي تستريح قلوبنا وعقولنا”.

***

من ناحيته قال اللواء فؤاد طلبة مدير أمن شمال سيناء، أن أجهزة الأمن في شمال سيناء وضعت خطة أمنية مكبرة بمشاركة كافة الجهات الأمنية وبالتعاون مع القوات المسلحة إلي جانب الاستعانة برموز القبائل في سيناء للبحث عن خاطفي الأقباط و مهدديهم، مشيرا إلي أنه تم عقد اجتماع موسع بمشاركة “جهاز الأمن الوطني” من أجل الوصول إلى معلومات تفيد في الوصول لخاطفي الأقباط في سيناء.

وأوضح طلبه أن التحريات أثبتت أن الدكتور وديع رمسيس تم اختطافه عن طريق تنظيم “أنصار بيت المقدس” للحصول على أموال ضخمة من أجل الصرف منها على عملياته الإرهابية في ظل الحصار والملاحقات الأمنية التي تفرضها القوات المسلحة والشرطة على معظم المنافذ والمصادر التي تمد التنظيمات الإرهابية بالمال أو السلاح.

ويؤكد طلبه، إن القوات الأمنية تبذل قصارى جهدها في عملية حماية الأقباط ولم ولن تتوقف عن البحث في وقائع خطفهم، موضحا أن أجهزة الأمن تسير وراء معلومات ولكن من السابق لأوانه الإعلان عنها، وعن الجهات الضالعة في تلك الحوادث، حتى لا تؤثر على عملية تحرير المخطوفين وتشتيت سير العمل.

***

بعد 86 يوما من اختطاف الطبيب وديع رمسيس، وبعد سلسلة من المفاوضات – رفض نجله الافصاح عن تفاصيلها خوفا من ذكر أي معلومات قد تضر العائلة مرة أخري – تم تخفيض الفدية من عشرة ملايين جنيه، لتصل إلى مليون ونصف جنيه، دفعتها الأسرة بالفعل، وتم عثرت قوات الأمن على الطبيب المختطف على طريق الطويل جنوب العريش.