يقول النائب الفائز عن بنغازي في البرلمان الليبي والمسؤول السابق في “حكومة إقليم برقة” نصر الدين مهنى إن أسباب مقاطعة الفيدراليين للعملية السياسية لم تعد موجودة اليوم، وإن قنوات التواصل باتت مفتوحة، وهو ما ثبت من خلال الاتفاق الذي جرى مع الحكومة المركزية لفتح الموانئ النفطية المغلقة.

يقول النائب الفائز عن بنغازي في البرلمان الليبي والمسؤول السابق في “حكومة إقليم برقة” نصر الدين مهنى إن أسباب مقاطعة الفيدراليين للعملية السياسية لم تعد موجودة اليوم، وإن قنوات التواصل باتت مفتوحة، وهو ما ثبت من خلال الاتفاق الذي جرى مع الحكومة المركزية لفتح الموانئ النفطية المغلقة.

وكانت الحكومة المركزية قد توصلت إلى اتفاق مطلع الشهر الجاري مع القوى الفيدرالية على إعادة فتح الموانئ النفطية في برقة بعد إغلاق استمر قرابة السنة، تخللتها محاولات فاشلة من جانب الفيدراليين لتصدير النفط. إلا أن مشاركة بعض رموز التيار الفيدرالي في  انتخابات 25 حزيران/يونيو وفوز عدد منهم (المحرر: 26 من أصل 200 بحسب مصادر إعلامية) بمقاعد في مجلس النواب، سهلت عملية الوصول إلى اتفاق.

ويدعو مهنى في هذه المقابلة إلى البناء على التوافق الحاصل، وإشراك برقة في القرار السيادي والتنموي والخدمي، مطالباً ما يسميه “إقليم طرابلس” بالعودة خطوة إلى الوراء بعد أن حكم البلاد لأعوام طويلة أثبت “فشله فيها في إدارة البلاد”، على حد تعبيره.

ويحذر القيادي الفيدرالي من “التزاوج بين مليشيات الفساد ومليشيات الحرب” قائلاً إن إقليم برقة لن يقبل بالمزيد من “التهميش ونهب الأموال” ولن يقبل بتواجد أي قوة عسكرية من خارج الإقليم على أراضيه.

وفيما يلي نص الجزء الأول من الحوار:

مراسلون: الفيدراليون في ليبيا انتقلوا من المقاطعة إلى المشاركة السياسية. ما سبب هذه النقلة النوعية؟

مهنى: يفترض بالحراك الفيدرالي أن يشارك في صناعة القرار، لكن العزوف في السابق عن انتخابات المؤتمر الوطني العام (البرلمان) كان لسببين رئيسين؛ الأول أن الانتخابات كانت بنظامي القوائم والفردي ونحن ليس لدينا قانون أحزاب ولا يوجد إلا حزبين، “العدالة والبناء” و”قوى التحالف”، وهما لا يخضعان لقوانين تحكم معاملاتهما ولهما بُعد مليشياوي، فكلاهما يملك مليشيا خاصة به ولهما أيضا بُعد عقائدي، أحدهما تيار إسلامي والآخر تيار مدني، وأيضاً لهما أبعاد جهوية، مصراتة وحلفاؤها والزنتان وحلفاؤها.

بالتالي عندما يحدث انقسام في المؤتمر – كما رأينا – ينتج خللٌ غير محكوم بضوابط قانونية، ومؤتمر وطني تتصارع فيه الكتلتان على المناصب وعلى عمل الوزارات.

المؤتمر الوطني كان تأسيسياً للدولة ولكتابة الدستور، واعترضنا حينها على توزيع المقاعد حسب الأغلبية السكانية وجعلنا ضحايا لدكتاتورية الأغلبية. فعندما يكون هناك 102 نائب عن إقليم طرابلس و60 عن برقة و38 عن فزان لن يستطيع نواب برقة وفزان مجتمعين منع قرار يصدره نواب طرابلس بحكم الأغلبية.

في العملية الدستورية يجب أن يكون هناك توافق وإلغاء دكتاتورية الأغلبية، لذلك قاطعنا الانتخابات. وحدث حينها حل وسط تبناه المستشار مصطفى عبد الجليل ومجلس بنغازي المحلي في تلك الفترة يقضي باستمرار الانتخابات مع إخراج البعد التأسيسي من المؤتمر وهذه كانت خطوة كبيرة قام بها الفيدراليون ولولا ذلك لكان هذا المؤتمر هو من يكتب دستور ليبيا.

الوضع الآن تغير. الدستور تكتبه لجنة توافقية والانتخابات البرلمانية تقوم على النظام الفردي.

لكن الواقع الذي يرفضه الفيدراليون لم يتغير كثيراً. المركزية لازالت موجودة، المقاعد لم توزع بالتساوي، ومليشيات الدروع لا زالت تتحرك بغطاء تشريعي؟

ليبيا تعاني من مشكلتين؛ هناك ميلشيا الفساد المتمركزة في طرابلس، فلقد مرت 60 سنة و 60 ميزانية والمريض الليبي يعاني في مستشفيات تونس ومصر والليبيون يموتون على الطرقات. ثانياً في طرابلس هناك مليشيات تتقاتل على أساس عقائدي وجهوي ومدن تتقاتل فيما بينها.

ما حدث هو تزاوج بين مليشيات الفساد ومليشيات الحرب التي تثبّت الفساد في الوزارات والإدارات، بمعنى أن مليشيات الحرب تثبت الأشخاص في المراكز مقابل منحها الأموال والمشاريع.

لم يسبق أن رأينا رئيس برلمان يعطي دروع مليشياوية خارجة عن القانون 900 مليون دينار. لهذا السبب أصبح الإقليم (طرابلس) غير آمن و وزارة الخارجية مقفلة منذ أشهر وزارة المواصلات لا تعمل منذ أكثر من أسبوعين ورئيس الوزراء السابق خطف وتعرض للضرب لرفضه دفع صكوك للمليشيات.

لقد آن الأوان لأن يأخذوا خطوة للوراء وأن تنتقل الحكومة لإقليم برقة. فإقليم طرابلس لا يستطيع قيادة ليبيا وأخذ فرصته في القيادة لمدة 60 سنة والنتيجة أننا دولة متخلفة.

إن مليشيات الفساد قامت بتأليه القذافي وتحويله إلى إله وأخذت الأموال وأفسدت علينا حياتنا وإذا كنا قد قبلنا ذلك من قبل فلن نقبل به الآن ولذلك لن نقبل باستمرار التهميش ونهب الأموال.

ألا يعتبر دخولكم في العملية السياسية ردة فعل بعد فشلكم في مشروع تصدير النفط والقبض على الناقلة “مورنينغ قلوري”؟

لا.هذا مشروع استراتيجي أكبر من النفط فنحن نتكلم عن تأكيد الهوية الإقليمية وعن التعددية وهي ليست مرادفة للتقسيم. والقرار 289 الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتكوين دولة ليبيا ينص على أن ليبيا تتكون من 3 شعوب واللجنة التي أشرفت على إخراج ليبيا للوجود كانت من دول الحلفاء ودول إسلامية وضمت مندوبين عن شعب برقة وشعب طرابلس وشعب فزان.

إن إلغاء التعددية هي المقصلة التي يقاد لها أهل برقة. والحديث عن شعب واحد عند الاستفتاء على الدستور سيجعلنا ضحايا لدكتاتورية الأغلبية لأن الاستفتاء سيكون على مستوى ليبيا وهذا أمر انتهى. فليبيا دولة متعددة والقرار التنموي والخدمي يجب أن يكون في برقة أما القرارات السيادية فيمكن النقاش حولها.

عندما كنا نطالب بحقوقنا زمن القذافي كانوا يرهبوننا بمليشيات اللجان الثورية والآن يرهبوننا بمليشيات الدروع التي تنظم القتل في بنغازي ودرنة ويصدرون لنا الموت لأننا نطالب بحقوقنا. ولو طلبنا بقاعدة معلومات عن عدد العاملين في السلك الدبلوماسي لوجدنا أن لهم الحظوة لذلك نحن نطالب بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة في التوزيع ولهذا دخلنا البرلمان.

ألا تخشى أن يضعكم العمل في البرلمان في مواجهة قوى فيدرالية كتلك التي أغلقت موانئ النفط؟

سبب الاحتقانات السابقة كإغلاق النفط هو الظلم والاحتقان. وللأسف كان التيار البرقاوي والفيدرالي غير موجود بسبب مقاطعة المؤتمر الوطني وإغلاق قنوات التعبير.

الآن قنوات التواصل مفتوحة ولا داعي لمثل هذا الطرح وستكون الرؤية واضحة من خلال مجلس النواب واعتقد ستكون هناك نقاشات حامية لأن المرحلة مصيرية وستحدد مصير ليبيا كدولة وشكلها.

أين ستقفون في حال انهار الاتفاق الهش لفتح الموانئ النفطية بين الحكومة والمجلس السياسي لإقليم برقة وأتت قوة عسكرية لفتحها والسيطرة عليها؟

لن نقبل بأي قوة تأتي من خارج حدود الإقليم لغزوه مهما كانت الأسباب ونحن على استعداد لترك البرلمان والذهاب ببنادقنا. لن نقبل هذا بأي حال من الأحوال وسنقف ضده.