“أنجح مهربي البشر الليبيين” هذا العنوان ليس لفيلم سينمائي تعرضه دور السينما العالمية بل لقصة صحفية نشرتها وسائل الإعلام العالمية ضمن قصص أخرى للصحفية الإيطالية نانسي بورسيا التي قضت سنوات عديدة تبحث في العالم الخفي للهجرة غير الشرعية في ليبيا، تجالس المهربين في منازلهم وتلاعب أطفالاً يتجهز أهلهم لركوب قوارب تقودهم نحو المجهول.

مراسلون تحدث مع بورسيا حول العلاقة بين “داعش صبراتة” ومهربي البشر وعلى الفرق بين تهريب البشر والمتاجرة بهم ضمن الحوار التالي:

“أنجح مهربي البشر الليبيين” هذا العنوان ليس لفيلم سينمائي تعرضه دور السينما العالمية بل لقصة صحفية نشرتها وسائل الإعلام العالمية ضمن قصص أخرى للصحفية الإيطالية نانسي بورسيا التي قضت سنوات عديدة تبحث في العالم الخفي للهجرة غير الشرعية في ليبيا، تجالس المهربين في منازلهم وتلاعب أطفالاً يتجهز أهلهم لركوب قوارب تقودهم نحو المجهول.

مراسلون تحدث مع بورسيا حول العلاقة بين “داعش صبراتة” ومهربي البشر وعلى الفرق بين تهريب البشر والمتاجرة بهم ضمن الحوار التالي:

س- هل توافقين على أن ملف الهجرة غير الشرعية هو إرث تركه القذافي لدول المتوسط؟

ج- أعتقد أننا يجب أن نسميها الهجرة غير المنظمة لأنها شرعية، فهؤلاء لا يملكون وثائق نظامية لكنهم يملكون حق التنقل من مكان إلى أخر.

الهجرة غير المنظمة في ليبيا ليست إرث القذافي لأن الموقع الجغرافي لليبيا يجعلها البوابة الرئيسية لأفريقيا نحو أوروبا لذلك فهي مجرد بلد عبور، خلال حكم القذافي جاء مهاجرون كُثر لليبيا وبقوا فيها طويلاً من أجل العمل وقليلون غادروا صوب أوروبا بواسطة مهربين.

اليوم ليبيا غير أمنة..الاقتصاد ليس بحال جيد والقادمون إليها يأتون بداية للعمل ثم يقررون المغادرة في غياب وجود الدولة وسيطرة المليشيات. لديكم في ليبيا شبكة مافيا كبيرة وبما أن ما يحصل تجارة كبيرة فإن المافيا تتولى إدارتها، فبحسب البيانات زاد التهريب  خمس مرات عما كان عليه فترة القذافي وأضحت صناعة مزدهرة ومربحة.

 وكما يقول الليبيون “في الماضي كان قذافي واحد والآن هناك كُثر”.

س- على ماذا تقوم هذه الصناعة؟

ج- هناك نوعان من النشاط هما التهريب والاتجار، للأسف في ليبيا يمتزج النوعان معاً وهذه مشكلة كبيرة، فغالباً لايكون المهاجرون أحراراً في اختيار المكان الذي يغادرون إليه بل يتم نقلهم بالقوة من مجموعة إلى أخرى، وهذه أسوأ إشارة تحذيرية بأن ما يحدث لم يعد تهريباً بل اتجاراً بالبشر.

س- أي النوعين موجود أكثر في ليبيا؟ مهربو البشر أم المتاجرون بهم؟

ج- حالياً النسبة هي 50% لكل منهما. بداية عام 2015 كانت نقطة التحول فقبلها كان السائد هو تهريب البشر برغم الظروف السيئة التي قاساها المهاجرون.

س- تعاملتِ بشكل شخصي مع مهربي البشر أخبرينا ما عرفتيه عن مهرب البشر؟ ما هي أفكاره، عاداته، مستواه التعليمي، معتقداته الدينية؟

ج- في أي مجال عمل هناك أنواع عديدة من الشخصيات وليس هناك شخصية واحدة. دعنا نقول إن المهربين الذين سمحوا لي بالاقتراب منهم هم أناس عاديون حتى أنهم وبطريقة ما يهتمون بالمهاجرين. أقصد أنهم يعتبرون أنفسهم مزودي خدمة ولا يستعملون القوة لإجبار المهاجرين على السفر معهم. إنهم فقط يعرضون خدماتهم بشكل مقبول.

 من عملت معهم اعتادوا على تحقيق توازن في أعداد المهاجرين والمعدات التي يستعملونها. بالنسبة للمجرمين الحقيقين فلا أعتقد أنهم يسمحون لصحفي بالاقتراب منهم.

س- كيف تحول هؤلاء الأشخاص العاديون إلى مهربي بشر؟

ج- لو كنت خبيراً في البحر أو الصحراء أو الشاحنات أو السيارات فإنك تستطيع بسهولة الحصول على دور في السلسلة أو اللعبة. لكن مجدداً ليس هناك طريقة واحدة لتصبح مهرباً فهناك طرق عديدة لذلك وأنا هناك أتحدث عن التهريب وليس الاتجار.

إجمالاً إذا كان لديك سيارة أو قارب أو خبرة في الصحراء أو البحر يمكنك دخول هذا العمل مثل أي عمل عادي حتى لو كنت شخصاً عادياً مثل كثير من المهربين الذين هم بشر عاديون يملكون أخلاقاً ولا يستعملون العنف ضد المهاجرين ويقومون بعملهم رغم خرقهم للقانون.  

س- تحدثت في إحدى قصصك الصحفية عن المهرب الثلاثيني المرفه الذي يدخن الحشيش ويحتسي منشط الريد بول، كيف يسيطر أمثال هؤلاء على هكذا صناعة في بلد تتنازعه المليشيات والجماعات الارهابية؟

ج- ذلك يعتمد على ما لديك من روابط في المنطقة التي تقيم فيها. أعني أنت تعمل في منطقتك وليس في أي مكان آخر لذلك أنت آمن ولا أحد سيتعرض لك.

س- ما هو المسار الحالي لقوارب الهجرة في ليبيا من أين تنطلق وإلى أين تذهب؟

ج- مدينة صبراتة هي المركز الرئيسي حالياً بينما أكبر الشبكات المتواجدة على الشاطئ هي لأشخاص من صبراتة والزاوية، والوجهة هي إيطاليا كمنطقة عبور يرغب بعدها المهاجرون في المغادرة نحو شمال أوروبا.

س- لماذا لم تعد مدينة زوارة هي نقطة الانطلاق نحو أوروبا؟

ج- لم تعد كذلك منذ حوالي سنة ونصف وتحديداً منذ أغسطس 2015 فقد قامت المجموعة المعروفة بالمقنعين بعمل رائع جداً، وتمكنت من إيقاف الهجرة غير المنظمة انطلاقاً من مدينتهم زوارة (فرقة المقنعين هي مجموعة من الشبان المدنيين تقوم بمهام جهاز الشرطة في المدينة).

س- كيف تصفين العلاقة بين الجماعات الإسلامية المتشددة في  مدينة صبراتة ومهربي البشر؟ هل هم أعداء أم هناك نوع من التناغم بينهم؟

ج- العمل يجري كما هو الحال مع أي شبكة مافيا ولا علاقة له بالدين بل الأمر مرتبط بالمال. إنهم يريدون الحصول على المال لشراء الأسلحة ولا فرق في ذلك بين تنظيم الدولة الإسلامية وبقية المليشيات الأخرى في صبراتة.

س- أتقصدين أن كل المليشيات المتواجدة في صبراتة تشتغل بتهريب البشر بما فيهم تنظيم الدولة الإسلامية؟

ج- كلهم يملكون نفس التقنيات ونفس الهدف وهو جمع المال. يمكن القول إن بعض المجموعات التابعة لداعش تعمل في مجال تهريب البشر مثل بقية مليشيات صبراتة.

س- هناك روايات عن أن بعض المهربين لم يعودوا يذهبون لإيطاليا بل يقصدون منصة البوري البحرية التي تحميها البحرية الإيطالية ويفرغون الركاب في قارب مطاطي ويتصلون بالبحرية الإيطالية لتأخذهم. ما صحة هذه الروايات؟

ج- ذلك صحيح فالمهربون يملكون تجهيزات رخيصة لذلك لا يرغبون في الإبحار بعيداً ويفضلون القيام بذلك توفيراً للمسافة.

س- هل لنقص التعاون بين إيطاليا ومالطا دور في تأخر إنقاذ ركاب القوارب التي تتعرض للغرق؟

ج- في الماضي كان الأمر كذلك حتى توقيع اتفاقية بين البلدين و الآن يمكن للقوات المالطية إنقاذ الغارقين ثم إرسالهم لإيطاليا وبالتالي لم يعد هناك مشاكل. الأمور اليوم تجري بين حرس الشواطئ الإيطالي والقوات الأوربية فمنذ ثلاث سنوات هناك أطراف عديدة من ضمنها القوات الأوربية وهي في أغلبها قوات عسكرية وحرس الشواطئ الإيطالي المتعاون جداً، وأيضاً لدينا المراكب الإنسانية التي تقوم بعمل رائع مثل أسترال من إسبانيا ومراكب أخرى من ألمانيا وهولندا ودول أخرى.

س- ألا تعتقدين أن دول شمال المتوسط بإمكانها مكافحة الهجرة انطلاقاً من الصحراء قبل دخول المتسللين إلى المتوسط؟

ج- أولاً بالسنبة لدول الصحراء فهي لا تهتم بهذا الشآن ولديها شؤونها الخاصة وهناك مافيا تدير هذا العمل في الصحراء وسط حكومات غير مبالية. ثانياً أوروبا وبحسب وجهة نظري ليس من اهتمامها ما يجري قبل مياه المتوسط وكأنها لا ترى هؤلاء المهاجرين حتى لو تعرضوا للموت.

ما يشغل بال أوروبا هو إيقاف المهاجرين في البحر ودفعهم للخلف نحو أفريقيا، لذلك فمشكلتها تبدأ في المتوسط وليس في الصحراء.

أنا لا أوافق على ذلك فهذه ليست مسألة ردود فعل عسكرية بل مسألة طويلة الأمد تحتاج تعاوناً على الأقل في زيادة عدد التأشيرات الممنوحة، لأن غلق كل الحدود يدفع الناس لاستخدام القوة لعبورها بينما  فتحها سيدفع كثيرين لعبورها ثم العودة لأوطانهم لأنهم سيكتشفون أن أوروبا ليست كما يعتقدونها.