يتصاعد الجدل في ليبيا بشكل مضطرد حول دور مكتب النائب العام في حل القضايا العالقة منذ زمن، والتي لم يتم التوصل إلى أي حلول حيالها في معظم الأحيان.

واحدة من أهمها هي قضية سرقة شحنة نقدية في مدينة سرت في نهاية تشرين أول/ أكتوبر الماضي، عند نقلها لفرع مصرف ليبيا المركزي من قبل مسلحين مجهولين، حيث بلغت قيمة المبلغ المسروق 53 مليون دينار ليبي إضافة إلى 12.800 مليون دولار و 5 ملايين يورو، ولم يتم القبض على الجناة

يتصاعد الجدل في ليبيا بشكل مضطرد حول دور مكتب النائب العام في حل القضايا العالقة منذ زمن، والتي لم يتم التوصل إلى أي حلول حيالها في معظم الأحيان.

واحدة من أهمها هي قضية سرقة شحنة نقدية في مدينة سرت في نهاية تشرين أول/ أكتوبر الماضي، عند نقلها لفرع مصرف ليبيا المركزي من قبل مسلحين مجهولين، حيث بلغت قيمة المبلغ المسروق 53 مليون دينار ليبي إضافة إلى 12.800 مليون دولار و 5 ملايين يورو، ولم يتم القبض على الجناة

وآخر تلك القضايا كان الإفراج عن ثلاثة مسلحين صعدوا على متن ناقلة النفط “مورنينغ جلوري” والتي حاولت شحن كمية من النفط من ميناء السدرة بطريقة غير شرعية، دون إجراء أي محاكمات أو استيفاء التحقيقات في قضيتهم.

حول هذه التساؤلات وغيرها التقى “مراسلون” الصديق الصور رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام، وكان معه الحوار التالي:

مراسلون: بخصوص الافراج عن المسلحين الثلاثة الذين كانوا على متن الناقلة “مورنينغ جلوري”، كيف تم ذلك؟ هل تعرضتم لضغوطات أجبرتكم على الإفراج عنهم؟

الصور: أمر الافراج عن المسلحين صدر من السيد النائب العام شخصياً لمسألة يراها هو، ويمكن سؤاله هو عنها. أما رأينا كقسم تحقيقات، فيجب ألا نترك المسلحين وهم مطلوبون لدى النيابة العامة، بتهمة محاصرة المنشآت النفطية، وساهموا في إيقاف منشآت إنتاجية عن العمل، واستولوا على البترول الليبي وحاولوا تهريبه، وسببوا ضرراً جسيماً بالمال العام، ولازالت آثار الجريمة قائمة، يجب ألا يتم الافراج، لأن أثره سلبيّ لدى الرأي العام.

ربما كان ممكناً أن ينظر في الإفراج بعد أن تنتهي آثار الجريمة، ويتم فتح الموانئ النفطية، ينظر فيه كمرحلة تالية، بعد تقديمهم للمحاكمة ويأخذ القضاء مجراه ويحاكموا هم وغيرهم على ما اقترفوه من جرائم.

أعتقد أن هذا التصرف سيشجع الكثيرين لارتكاب الجرائم، فهذا سيغلق مصنع، وهذا طريق، وثالت مؤسسة انتاجية، للوصول إلى مطالب يراها مشروعة بطرق غير مشروعة، مالم يكن هناك حزم وردع، في مثل هذه القضايا سيعود ذلك بالفوضى على البلاد ولن يشعر المواطن بالأمن والطمأنينة و لا بسيادة القانون.

هذه هي وجهة نظركم، لكن ماذا يقول النائب العام، ولماذا يفرج عن مجرمين؟

النائب العام، يرى من جهة أخرى أن الداخلية ضعيفة والدفاع ضعيف، وأنه ليس بالإمكان تنفيذ القانون وأنه لابد من الرضوخ إلى الحلول السلمية لننأى بالبلاد عن الفتنة والحرب التي يمكن أن تتولد عن مثل هذا الأمر. ربما أنه رأى أن الإفراج عنهم سيحل المشكلة برمتها.

ألا ترى أن تصرف النائب العام بالإفراج عن المتهمين سيضعف ثقة الشارع في الجهاز القضائي؟

لا شك في ذلك، خصوصاً لدى المواطن العادي، والأغلبية سيرون في ذلك رضوخاً للمجرمين أو شيء من هذا القبيل، وسيضعف الثقة في القضاء وقدرة القضاء.

أنا أريد أن أطمئن المواطنين أن السلطة القضائية ستستمر في عملها على أحسن ما يرام، ولن تقف هذه المسألة حجر عثرة في مسيرتها المساهمة في بناء دولة القانون التي ينشدها الجميع.

عقدت مؤتمراً صحفياً خلال كانون الأول/ديسمبر الماضي أكدت فيه تعرفكم على المعتدين على أموال فرع المصرف المركزي بسرت، هل تم جلب أي من المعتدين أو استرجاع المبلغ؟

إلى الآن لم يتم الجلب، بالرغم من صدور أوامر بالقبض عليهم من النائب العام لكافة الجهات المعنية، وأصبحوا معلومين لدى الجميع، بل علمنا أن بعضهم فروا وتم ضبطهم في مركز شرطة أم الأرانب التابع لمديرية أمن مرزق (أقصى الجنوب الليبي)، وتم إحراجهم من المركز بطريقة هي محل تحقيق الآن.

يبدو أن بعضهم – حسب المعلومات التي وردت إلينا – فرّوا خارج ليبيا وبعضهم في مدينة سرت، والدولة عاجزة عن تنفيذ أمر القبض، على الرغم من أن التحقيقات جرت لمدة 37 يوم عمل مضني، وتم التوصل إلى الفاعلين في ظروف أمنية صعبة تواجد فيها أعضاء النيابة العامة المحققين من مكتب النائب العام في مدينة سرت، ورغم كل الظروف والتهديدات المباشرة وغير المباشرة، تمكنوا من استيفاء التحقيقات والوصول إلى الحقيقة. ولكن لم نرى تنفيذاً من الداخلية أو الدفاع.

ماذا عن القوة التي شكلها المؤتمر الوطني للقبض على المطلوبين؟

لم تحقق أي نتيجة، على غرار كثير من القضايا. حتى قضية خطف رئيس الوزراء السابق علي زيدان، هناك أشخاص معلومين وجهت إليهم التهم وتمت مخاطبة الداخلية، وجهاز المباحث الجنائية، بالقبض عليهم ولم يتم تنفيذ القبض حتى الآن، على الرغم أن المجني عليه في هذه القضية كان رئيس الوزراء نفسه.

تصريحك الأخير بخصوص قضية اغتيال الشهيد عبدالسلام المسماري، وأن ملف القضية المحال إليكم من بنغازي تضمن ورقتين فقط، إحداهما للتبليغ عن الحادثة والأخرى تقرير الطبيب الشرعي، يفتح السؤال على موضوع اغتيالات بنغازي، هل توصلتم إلى أي شيء بخصوص من يقف وراء عمليات الاغتيال فعلاً؟

هناك بعض القضايا أحبذ تسميتها بجرائم قتل، هي جرائم قتل أيّاً كانت الطريقة، سواء تمت، بتفخيخ السيارات او باستعمال الأسلحة، تعدد فيها المجني عليهم أم كان المجني عليه شخص وحيد.

بالعودة إلى السؤال هناك بعض القضايا من خلال تحقيقات النيابة العامة تم التوصل فيها إلى معرفة بعض الأشخاص الذين يتطلب الأمر التحقيق معهم، ولكن جزءً كبيراً من هذه القضايا يغيبُ فيه دور الداخلية وأجهزة البحث والتحري أو المباحث الجنائية أو أمن المعلومات او أي من هذه الأجهزة المعنية.

من يقف وراء تنفيذ كل هذه الجرائم؟

هذه القضايا تحتاج إلى من يجمع المعلومات والبحث والتحري وتحليل المعلومات، لمعرفة البواعث من وراء هذه الجرائم. هل هذه الجرائم، التي الآن تجاوزت 200 جريمة قتل في بنغازي، عشرات قضايا القتل في مدينة درنة، هل دوافعها وبواعثها واحدة أم مختلفة؟ هل وراءها جماعات مؤدلجة، أم هناك من يريد الإخلال بأمن البلاد والعودة بها للوراء؟

حسب الظاهر والمجمل العام لهذه القضايا هناك دوافع شتى لارتكابها، ولو وصلنا إلى تصنيف لهذه الجرائم سيمكننا من معرفة الفاعلين، ومن ثم مقاضاتهم، ولكن في الحقيقة يغيب دور الداخلية.

أيضاً هناك مديرية أمن بنغازي كما سمع الجميع في الإعلام، تم فتح تحقيقات جدية في مسائل الفساد و التقصير الوظيفي الذي يشوب عمل المديرية في مكتب النائب العام. فإن كانت المديرية تتهم بالفساد وغياب التوافق والانسجام بين جميع عناصرها، وكل منهم يتهم الآخر، وعدد كبير منهم خارج العمل و يتقاضى المرتبات فقط، فكيف بالإمكان أن نصل إلى الفاعلين في هذه الجرائم؟

في الحقيقةً وزارة الداخلية تحتاج لأن تبني نفسها من جديد، بحيث تستطيع أن تنفذ تعليمات النيابة العامة بالبحث والتحري عن الفاعلين في هذه القضايا.

ثق وتأكد، لو نصل الى المعلومة ونعرف الفاعلين ستتخذ الاجراءات القانونية في حقهم، ولكن دائماً نقف عند مسألة تنفيذ أوامر مكتب النائب العام.

وفيما يتعلق بجرائم القتل، أؤكد لك أن العديد من جرائم القتل الفاعلين فيها معلومين. هل لهم علاقة بجرائم أخرى أم ليس لهم علاقة هذه المسألة تحتاج إلى بحث وتحري.

لماذا لا يتم الكشف عن أسماء المتورطين في وسائل الإعلام؟

لأنه لم يتم ضبطهم، وإن قمنا بالإعلان عن أسمائهم في وسائل الإعلام سيؤدي ذلك إلى إفساد الدليل، وهروبهم وإفلاتهم من العقاب، وربما استعدادهم لما سيواجهون به ويضللون التحقيقات ويعدمون الأدلة.

إذا أنت تتهم الداخلية في هذا القصور أو التقصير؟

لا أستطيع أن اقول لك هل هي تتعمد التقصير أم أنها غير قادرة، هناك فرق. إن كانت مقصرة وتبث لدينا أنها مقصرة سنتخذ الإجراءات حيال ذلك، نحن الآن نحقق في مسألة مديرية أمن بنغازي التابعة للداخلية.

في الجزء الثاني من الحوار: تم تعديل قانون الجنايات الليبي بحيث يحاكم سيف الإسلام القذافي في الزنتان خوفاً على حياته، وإظهار الساعدي على وسائل الإعلام مخالف للقانون.