“يجب على جهات الاختصاص أن تقوم بحزمة من الإجراءات المستعجلة لحماية الاستثمارات الليبية بأفريقيا”، هذا ما جاء ضمن توصيات تقرير ديوان المحاسبة السنوي لعام 2016، تعقيباً على قيام حكومات أفريقية بوضع اليد على عدد من المشاريع الليبية وتأميمها، وتدار معظم هذه الاستثمارات بواسطة الشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية “لايكو” التي تأسست عام 1990، وآلت ملكيتها للمؤسسة الليبية للاستثمار عام 2006.
يبلغ رأس مال الشركة 100 مليون دينار ليبي، مقسمة إلى مليون سهم مملوكة بأكملها للشركة، وأغراض “اللايكو” تتمثل في القيام باستثمار الأموال الليبية بالدول الإفريقية في أوجه نشاط مختلفة، كالزراعة والصناعة والتعدين والصيد والنقل البحري والتجارة، وكذلك الاستثمارات المالية ذات الأغراض المتعددة.
ذوبان!
بعد اندلاع ثورة فبرارير في 2011، واختلاط الكثير من الأوراق السياسية والاقتصادية الخارجية، شبه مسؤول أسبق بالمؤسسة الليبية للاستثمار – فضل عدم ذكر اسمه – وضع الاستثمارات الليبية بإفريقيا بأنها تضيع واحداً تلو الآخر “كذوبان السكر في الماء”، وحذر من خطر ضياع بقية الاستثمارات في حال استمرار صمت الجهات المسؤولة، كما أبدى أسفه على خسارة ليبيا 72 مليون يورو جراء تأميم فندق “2 فبراير” بدولة التوغو من قبل الحكومة التوغولية وقد ورد ذلك في تقرير ديوان المحاسبة ذاته.
يتابع المسؤول قوله لـ”مراسلون” إن حكومات الدول الإفريقية استغلت الانقسام السياسي في ليبيا، بتأميم ومصادرة الاستثمارات الليبية، ويؤكد أن انقسام المؤسسة الليبية للاستثمار بمجالس إداراتها بين طرابلس ومالطا هو سبب آخر في ضياع تلك الاستثمارات، “الحل يكمن في حكومة ليبية واحدة، وإدارة واحدة للمؤسسة الليبية للاستثمار للحفاظ على الاستثمارات من وضع اليد، والتأميم، والاعتداءات المتكررة” على حد قوله.
لا نعلم؟
وفي حين يتفق عضو لجنة الاستثمار بمجلس النواب إدريس عمران آدم مع المسؤول الأسبق على ضرورة توحيد المؤسسة كحل لضمان متابعة تلك الاستثمارات، إلا أنه يُحمّل كل تشريعي وتنفيذي في الدولة الليبية، مسؤولية ضياع الاستثمارات الليبية في أفريقيا.
أضاف “آدم” في تصريحاته لـ”مراسلون” أن لجنته لم يتم التواصل معها رغم اختصاصها بملف الاستثمار، معرباً عن قلقه من هذا الوضع، وأوضح أنه في كل مرة تقطع لجنته خطوات لمتابعة ملف “اللايكو” تتفاجأ برد المسؤولين ومجالس إدارات تلك الاستثمارات بأنهم تابعون لحكومة الوفاق أو حكومة الإنقاذ، وأجسام سياسية أخرى، “يريدون التهرب منا” هكذا يرى آدم.
23 شركة
مصدر آخر من إدارة الشركة الليبية للاستثمارات الإفريقية “لايكو” ذكر أن لديهم ما يقارب 23 شركة في 18 دولة أفريقية، لكنه أبدى أسفه لصدور حكم قضائي من القضاء الرواندي بتصفية شركة “سبروتيل” – الشركة الرواندية الليبية لتنمية وتطوير الفنادق المحدودة – ونسبة مساهمة ليبيا فيها 60%، وقرار تأميم فندق 2 فبراير بالتوجو، رغم أن نسبة مساهمة ليبيا فيه 100%.
وفي تصريحاته لـ”مراسلون”، أرجع المصدر – رفض نشر اسمه – أسباب اعتداءات حكومات دول أفريقيا على “لايكو” بتأميم بعض الشركات، ووضع اليد وتغيير مجالس إدارة بعضها إلى إهمال هذه الاستثمارات بعد ثورة فبراير، وعدم وجود استراتيجية للاستثمار في إفريقيا، وغياب الدعم والتمويل لتلك المشاريع وعدم التزام الحكومات الليبية بعد فبراير بتنفيذ الوعود التي قطعتها حكومة القذافي للدول التي تحتضن تلك الاستثمارات.
وفي خضم “الخيبات” السابقة بشأن تأميم بعض الاستثمارات الليبية في إفريقيا يستبشر المصدر بأمله بنجاحهم في إعادة تأهيل فندق “أبو نواس” بالعاصمة التونسية، والذي كان مهدداً بالضياع هو الآخر بسبب عدم تأهيله، متوقعاً إعادة افتتاح الفندق نهاية العام الجاري.
استثمارات ضائعة
كما أوضح التقرير السنوي لديوان المحاسبة لعام 2016 أن شركة “سولي إنفست” في تشاد – نسبة مساهمة ليبيا فيها 51%– هي أيضاً مجمدة منذ فترة، ويرفض الشريك التشادي التواصل مع إدارة لايكو.
وبحسب التقرير، تعاني شركة “لايكو غامبيا” من مشكلة وضع اليد من قبل الحكومة الغامبية – نسبة مساهمة ليبيا فيها 100%، فيما لم يتمكن مجلس إدارة شركة فندق “بحاري بيتش المحدودة” في تنزانيا من أداء مهامه، رغم أن نسبة مساهمة ليبيا فيها 100%، بحسب التقرير أيضاً.
ونوه التقرير إلى أن الحكومة الأوغندية قامت بتجميد مجلس إدارة الشركة الوطنية للبناء والإسكان والتي تبلغ مساهمة ليبيا فيها 49%.
حق الشريك
يقول الباحث القانوني “مالك سليمان” إن تأميم حكومة إفريقية استثماراً ليبيا يعني أن تقوم بتحويل الاستثمار لصالحها وتعويض المستثمر الليبي، مضيفاً أن “التأميم” ليس لأسباب سياسية، وإنما يأتي من باب سيادة الدولة.
وتابع “سليمان” لـ”مراسلون” أن من حق الحكومة الليبية اللجوء للتحكيم الدولي الذي يقرر التعويض ولا يقرر ترجيع الاستثمار، مضيفاً أن لجوء حكومة ما أحياناً إلى تجميد مجلس إدارة استثمار ما تملك حصة فيه، وتشكيل لجنة تسييرية من جانبها قد يأتي من باب حرصها على الاستثمار، والخوف من ضياعه.