مائة كليو متر فقط هي المسافة التى تفصل بين محافظتي الفيوم والقاهرة، حيث تعد الفيوم من أقرب محافظات الصعيد إلى العاصمة المصرية. ورغم قرب المسافة إلا أنها تأثرت بشكل نسبي بحظر التجوال، لاسيما حركة نقل الخضروات والفاكهة التي تتميز المحافظة بتصديرهما. 
“تزاحم السائقين”  
جمال سويلم، سائق سيارة نصف نقل محملة بأجولة البصل، كان يرقد ممدا على كرسي سيارته داخل كابينة السائق في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، مستغرقا فى النوم.

 

مائة كليو متر فقط هي المسافة التى تفصل بين محافظتي الفيوم والقاهرة، حيث تعد الفيوم من أقرب محافظات الصعيد إلى العاصمة المصرية. ورغم قرب المسافة إلا أنها تأثرت بشكل نسبي بحظر التجوال، لاسيما حركة نقل الخضروات والفاكهة التي تتميز المحافظة بتصديرهما. 
“تزاحم السائقين”  
جمال سويلم، سائق سيارة نصف نقل محملة بأجولة البصل، كان يرقد ممدا على كرسي سيارته داخل كابينة السائق في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، مستغرقا فى النوم. استيقظ سويلم على صوت حارس شادر الخضراوات الشهير بمدينة الفيوم، ليتحدث إلينا عن الصعوبات التي يواجهها فى نقل الخضراوات من الشادر إلى خارج محافظة الفيوم.
يرى سويلم أن المشكلة فى حظر التجوال على طريق الفيوم-القاهرة أنه يحدث تكدس للسيارات عند كمين دهشور التابع للقوات المسلحة، حيث تتكدس السيارات بعد الساعة الحادية عشر مساءا عند الكمين. ويستغرق المرور منه وقت طويل يصل لعدة ساعات، لأن هذا الكمين لا يمنع مرور السيارات خلال الحظر، ولكن تزاحم السائقين وعدم إلتزامهم بالدور فى المرور يحدث هذه الأزمة. ولكن يوم الجمعة الذي يبدأ فيه الحظر في الساعة السابعة مساء  هو اليوم الوحيد الذي يتم فيه منع مرور السيارات من الفيوم إلى القاهرة ومنها إلى المحافظات الأخرى، ومن ثم اتخذه “جمال” إجازة من عمله ولا يفكر فى السفر ونقل الخضراوات خارج المحافظة، حتى لا يضطر للمبيت فى السيارة بالطريق وسط مخاوف من تعرض حياته للخطر فى ظل الأجواء الأمنية الحالية.
وفي حالة غلق الطريق يضطر “جمال” للتفاوض مع أفراد الكمين لإقناعهم بالسماح له بالمرور للحاق بأسواق الخضراوات بالقاهرة لتوصيل الثمار للتجار، أو يضطر للعودة بالسيارة والحمولة التي عليها إلى الفيوم مرة أخرى. أما الخيار الثالث، وهو الأقل تفضيلا بالنسبة له، فهو الاضطرار إلى المبيت داخل سيارته بالطريق. 
“أضرار مادية”
بينما يرى سالم أحمد، يعمل سائقا على سيارة خضراوات تنقل الفاكهة والخضراوات من الفيوم للإسكندرية، ومن مصر إلى ليبيا، أن أضرار الحظر المالية تتمثل في اضطرارهم لزيادة العمالة من أجل تحميل السيارات سريعا بالثمار، من أجل السفر قبل بدء وقت الحظر، فضلا عن تحميل عدد نقلات أقل فى اليوم الواحد، تصل في بعض الأحيان إلى نقلة واحدة. مشيرا إلى أنه لا يعمل يوم الجمعة بسبب بدء ساعات الحظر فى السابعة مساءً.
وقال: “كنا ننقل الكرنب من محافظة البحيرة، وبسبب الحظر إضطرينا لنقل الخضراوات والفاكهة كل يومين بدلا من يوميا، حتى نستطيع العودة إلى الفيوم قبل الحظر، وهو ما أدى لزيادة أسعاره”.
“زيادة الأسعار”
فكري عبدالسميع، عامل فى محل لبيع الخضراوات الجملة بشادر الفيوم، يرى أن تأثير حظر التجوال ينسحب على بعض المنتجات التي ترد إلى محافظة الفيوم، من محافظات أخرى مثل ثمار الجوافة والبرتقال، والتي يتم نقلها من محافظة البحيرة إلى الفيوم. وتكون الجوافة خاصة هي الأكثر عرضة للتلف بسبب رطوبة الجو، وإذا توقفت السيارة التي تنقلها بطريق الفيوم-القاهرة عند كمين دهشور، ولم تأت في وقت مبكر من صباح اليوم فلا تجد من يشتريها، وتتعرض للتلف. مشيرا إلى أن هناك إرتفاع في أسعار الخضراوات مثل البطاطس التي أصبح سعر الكيلو منها 5.50 جنيها بسعر الجملة، بعد أن كانت 3.30 جنيها من قبل تلك الأحداث، وكذلك إرتفاع أسعار الطماطم التي وصلت سعر “العداية”- منها زنة ما بين 20 إلى 22 كيلو جرام- إلى 70 جنيها.
ويؤكد عبدالسميع على أن ثمار مثل الطماطم لا يمكن تحميلها على السيارات النقل، وتركها محملة لساعات طويلة لأنها تتعرض للتلف سريعا، وبالتالي تعود بخسائر كبيرة على تاجر الخضراوات والفواكه ومن ثم على الفلاح أيضا.
“غلاء مستلزمات الإنتاج”
ارتفاع الأسعار لم يتوقف عند الخضروات وإنما تعداها إلى ارتفاع أسعار وسائل الإنتاج. فيقول علاء أبو جليل، تاجر البذور والشتلات من مركز إطسا بمحافظة الفيوم، والذي يورد إنتاجه من الخضراوات والفاكهة إلى سوق العبور بالقاهرة أو سوق الجملة بمدينة 6 أكتوبر، إن حظر التجوال أدى إلى زيادة أسعار المنتجات الزراعية بسبب رفع أسعار مستلزمات الإنتاج. ويقول “على الرغم من أن المستلزمات موجودة فى كل مكان، ولكننا نشتري الأسمدة والمبيدات غير المسجلة فى وزارة الزراعة، وهي تعطي إنتاجية أعلى للفلاح، ولكن الحملات الأمنية على الطرق منعت وصولها للفلاح كما كان من قبل، وهذا على الصعيد العام جيد، ولكنه ليس فى مصلحة الفلاح لأن مستلزمات الإنتاج كانت من قبل رخيصة الثمن وذات إنتاجية عالية عن تلك التي ترد من الوزارة، وذلك فى ظل إنخفاض هامش الربح للفلاح”.
وأشار أبو جليل إلى أن شركات الأسمدة والبذور رفعت الأسعار لربطها بسعر الدولار، وفي ظل التسعيرة الجبرية المقترحة للخضراوات سيكون هناك ظلم بيّن للفلاح، لأن مستلزمات الإنتاج غالية الثمن.
“يتراجع تدريجيا”
فيما يرى مجدي جاب الله، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية بمحافظة الفيوم، أن هناك تحسنا مع الوقت فيما يخص الآثار السلبية للحظر على حركة نقل الخضروات والفواكه. ويقول إن حظر التجوال عندما كان بدايته من الساعة السابعة مساءا، كان يؤثر على نقل الخضراوات والفاكهة، حيث كان التاجر يخرج من الفيوم إلى مدينة 6 أكتوبر يوميا لينقل نقلة واحدة فقط بدلا من نقلتين، مضيفا: “إن خفض عدد ساعات الحظر تدريجيا خفف من هذه المشكلة على الجميع، وعند إلغائه ستعود حركة بيع ونقل الخضراوات من الفيوم وإليها إلى طبيعتها”.  
وحتى تعود حركة نقل البضائع إلى سابق عهدها سيتعين على المستهلكين والتجار الاقتصاد في الاستهلاكك والبيع.