لا يعني حظر التجوال خلو الشوارع ليلا فقط، ولكنه يعني أيضا اضطراب ايقاع الحياة بشكل كامل، ففي بلاد مثل مصر حيث تمارس العديد من الانشطة ليلا، أو يبدأ الاعداد لليوم الجديد منذ الليلة التي تسبقه، أصاب الحظر – الذي تم تطبيقه بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة في منتصف أغسطس الماضي – الجميع بالشلل، وبعدها بدأ الجميع محاولة توفيق الاوضاع مع مواعيد الحظر.

لا يعني حظر التجوال خلو الشوارع ليلا فقط، ولكنه يعني أيضا اضطراب ايقاع الحياة بشكل كامل، ففي بلاد مثل مصر حيث تمارس العديد من الانشطة ليلا، أو يبدأ الاعداد لليوم الجديد منذ الليلة التي تسبقه، أصاب الحظر – الذي تم تطبيقه بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة في منتصف أغسطس الماضي – الجميع بالشلل، وبعدها بدأ الجميع محاولة توفيق الاوضاع مع مواعيد الحظر. نستطلع هنا حال الطلاب القادمين للدراسة بجامعة الاسكندرية من المدن الاخرى، كيف يؤثر الحظر على تحركاتهم وبالتالي على دراستهم، كيف يحاولون مواجهة هذا التأثير، هل تقدم لهم الجامعة بعض التسيهلات لمواجة الظرف الحالي، ومن ناحية أخرى هل تراعي قوات الأمن ظروف دراستهم، أم أن الحظر لا يرفق بالمغتربين؟

حسن الحظ..طوق نجاة

“تنتهي محاضراتي في الساعة الثامنة مساءا، وأصل ل”الموقف الجديد” لاستقل الأتوبيس المتجه لمدينتي حوالي الساعة العاشرة ولكي أصل إلي القرية التي أسكن فيها قد تكون الساعة تعدت منتصف الليل وهو وقت بدء الحظر، مما يعرضني للخطر”.. هكذا وصفت إيمان عبد الرحيم فرج “19 عاما” الطالبة بالفرقة الثانية بكلية التجارة والمقيمة بمحافظة البحيرة التي تبعد حوالي 80 كيلو عن الاسكندرية.

وتحكي إيمان أنها في يوم وصلت متأخرة عن موعدها بسبب زحام الطرق والمواصلات إلي مدخل قريتها وكانت الساعة الثانية عشر ونصف، لتجد كمين شرطة وجيش علي مداخل القرية واستوقفوا الميكروباص التي كانت تستقله وأنزلوا كل من فيه بدعوي أنهم “تخطوا ساعات الحظر المسموح بها، وأن معظم الراكبين رجال وهي الفتاة الوحيدة الموجودة”. ولكن لحسن حظها أن الضابط قام بسؤالها عن سبب تأخرها فأخبرته أنها تدرس بالجامعة ومحاضراتها تنتهي يوميا في قرابة الساعة الثامنة مساءا، مما جعلها تتأخر بسبب زحام المواصلات. فسمح لها بالمغادرة وتوصيلها برفقة عسكري جيش حتى باب المنزل خوفا عليها من مخاطر الطريق في هذا التوقيت.

حسن حظ إيمان صادف أيضا محمد الشربيني محمود صاحب الثمانية عشر ربيعا، ولكن بطريقة أكثر قسوة إذ أمضي محمد – الذي يدرس بالسنة الأولى بكلية الاداب- ليلة كاملة في أحد الكمائن لتخطيه وقت الحظر، يوضح محمد، إلي أن الضابط ترفق بحاله بعد أن أبرز له بطاقة الجامعة وجدول مواعيد المحاضرات – التي تنتهي في الثامنة مساءا – وتأكد أنه طالب جامعي، فلم يحرر له محضرا باختراق الحظر واكتفي فقط بجلوسه بجواره حتى صباح اليوم التالي عقابا له لاختراقه حظر التجوال.

حبس البيت.. أفضل

“للأسف منذ بداية العام الدراسي لهذا العام لم أذهب للجامعة سوي ثلاث مرات فقط، مما أصبح انتظامي في الدراسة شبه معدوم ومستقبلي أصبح في خطر إذا استمر حال حظر التجوال بهذا الشكل الذي لا يراعي فيه طلاب الأقاليم”.. هكذا يشرح أحمد عبد الفتاح منتصر “20 عاما” والذي يدرس بالفرقة الثانية بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية، ومقيم بمحافظة البحيرة، وضعه في الدراسة مع حظر التجوال.

ويشرح أحمد، أن محاضراته من المفترض أن تنتهي الساعة الثامنة مساءا والوصول إلي موقف الركاب يتطلب منه ساعتين بسبب زحام الطريق، مما يجعله يصل إلي بلده عقب انتهاء ساعات الحظر المسموح بها، مؤكدا إلي أنه لذلك لم يذهب إلي الجامعة منذ أكثر من شهر لأنه عاصر تلك المأساة في الثلاث مرات التي ذهب فيهم إلي الجامعة واضطر لاختراق الحظر رغما عنه وأفلت من عقاب الحبس بأعجوبة.

ويوافقه في الرأي كريم صبيح علي “18 عاما” الطالب بالفرقة الأولي بكلية التربية، والمقيم بمحافظة طنطا – تبعد 120 كيلو عن الاسكندرية – ويضيف “حضوري للجامعة في عامي الأول أصبح شبه مستحيل بسبب الحظر وأسرتي تمنعني من النزول لحضور المحاضرات في مثل هذه الأيام، فحتى الأن لم أحضر سوي أسبوع واحدا في الجامعة وواجهت خلاله صعوبات كثيرة بسبب الحظر والتأخير في المواصلات”.ويختم كريم حديثه قائلا “إلي الأن لم أعرف أي شئ عن منهجي الدراسي بسبب عدم حضور المحاضرات بشكل منتظم ولا حتى حضور التدريبات العملية بالكلية التي كنت أحلم بها كي أصبح مدرسا..الأن لا أعرف”.

التعليمات لا تعرف الاستثناءات

“الحظر يطبق علي الجميع دون أي اعتبارات لأنه قرار سيادي، لا دخل للشرطة في وضعه” هكذا قال اللواء ناصر العبد، مدير المباحث الجنائية بالإسكندرية، في البداية. وتابع “نحن فقط ننفذ التعليمات بتطبيق الحظر بشكل صارم وجدي ومن يخترق حظر التجوال يعرض نفسه للقبض عليه ثم ترحيله للنيابة العامة”. وعن إمكانية وجود بعض الاستثناءات في حالة الطلاب القادمين من خارج الاسكندرية؟ قال العبد “أن اختراق حظر التجوال جريمة يعاقب مرتكبها بغض النظر عن كونه عن كونه طالب أو مواطن عادي لأن الجميع يخضعون لولاية القانون، فلا عفو لشخص دون أخر.” مؤكدا إلي أنه خلال الشهرين الذي تم فرض قرار حظر التجوال فيهم تم ضبط مئات من الطلاب والمواطنين الذين كانوا يخترقوا حظر التجوال وأحالتهم للنيابة العامة.

أمامهم وقت كاف..

جميع الطلاب الذين تحدثنا معهم اشتكوا من ادارة الجامعة لا تراعي ظروفهم كطلبة يقيمون في مدن أخرى ولكن ادارة الجامعة كان لها رأي أخر إذ قال الدكتور أسامه إبراهيم، رئيس جامعة الإسكندرية ” أن حظر التجوال ينتهي في الساعة الثانية عشر والمحاضرات تنتهي في الثامنة وليس ذنب الجامعة أن الطلاب يتأخرون. وفي النهاية حظر التجوال قرار متعلق بالحكومة وليس بالجامعة”.

وتابع رئيس الجامعة “لا نستطيع اجراء أي تغييرات في جداول المحاضرات التي يضعها الأساتذة لأنها تحت سلطة المُدرس الجامعي وليس إدارة الجامعة، ومواعيد المحاضرات تبدأ من الساعة السابعة صباحا وتنتهي في الثامنة مساءا والحظر يبدأ مع منتصف الليل”.

ويتفق الدكتور محمود سعيد، المدرس بالجامعة مع رأي رئيسها، إذ يرى أن الجامعة لم تقم بتغيير مواعيدها لأنها تتناسب مع مواعيد حظر التجوال بشكل كبير حيث أن المحاضرات تنتهي ما بين الساعة السابعة والثامنة مساءا و حظر التجوال يبدأ في الثانية عشر مساءا أي بعد 5 ساعات من قبل بدء الحظر،  مما يجعل أمام الطلاب وقت طويل للعودة لمنازلهم”.

هكذا يتشبث المسئولون بالتعليمات من ناحية، وبالوقت الكاف للطلاب من الناحية الاخرى، بينما يبقى للمغتربين البحث عن فرصة للافلات من الكمائن المنتشرة في كل الطرق، أو بالجلوس في بيوتهم إلى أن تتغير الأوضاع.