بعد العمل أكثر من عشر سنوات موظفاً لدى الدولة لا زال صلاح الفيتوري عاجزاً عن الزواج، بسبب تدني مستوى دخله الشهري والارتفاع الهائل والمضطرد في تكاليف حفل الزواج، الذي يفترض به أن يكون أسعد ليلة في حياته.

صلاح الذي تجاوز عمره 43 عاماً، هو واحد من سبعة أشقاء لم يتزوج أي منهم لذات السبب، فمرتبه لم يرتفع لسنوات فوق 210 دينار ليبي حوالي 160 دولار، وتمت زيادته مؤخراً ليبلغ 600 دينار، إلا أن هذه الزيادة قابلها ارتفاع هائل في الأسعار.

شبه مستحيلة

بعد العمل أكثر من عشر سنوات موظفاً لدى الدولة لا زال صلاح الفيتوري عاجزاً عن الزواج، بسبب تدني مستوى دخله الشهري والارتفاع الهائل والمضطرد في تكاليف حفل الزواج، الذي يفترض به أن يكون أسعد ليلة في حياته.

صلاح الذي تجاوز عمره 43 عاماً، هو واحد من سبعة أشقاء لم يتزوج أي منهم لذات السبب، فمرتبه لم يرتفع لسنوات فوق 210 دينار ليبي حوالي 160 دولار، وتمت زيادته مؤخراً ليبلغ 600 دينار، إلا أن هذه الزيادة قابلها ارتفاع هائل في الأسعار.

شبه مستحيلة

يقول صلاح لـ “مراسلون”، “تكاليف ليلة واحدة شبه مستحلية بالنسبة لي، فأسعار بعض المتطلبات الرئيسية ارتفعت بشكل كبير جداً، وإيجار صالات الأفراح بلغ أرقاماً جنونية، تصل حتى عشرة آلاف دينار في طرابلس، أما صالونات التجميل للعرائس فلا ترضى بأقل من ألف وخمسمائة دينار لليلة واحدة”.

خوف الفتيات من “المغامرة بليلة زفافهن” والتوجه إلى صالونات تجميل رخيصة أو غير معروفة يشجع على زيادة الأسعار بحسب صلاح، ما جعل ليلة الزفاف أشبه بكابوس يثقل كاهل العروسين.

لن تتكرر

موقع “مراسلون” توجه إلى أحد صالونات تجميل العرائس، حيث التقى سعاد الفرجاني، التي كانت تتحضر في ذلك اليوم لحفلة زفافها، وأكدت أنها مستعدة لدفع أي مبلغ من المال كي تظهر بالشكل الذي حلمت به طول عمرها.

تقول سعاد إن “ليلة الزفاف لن تتكرر” ولذلك قامت باستقطاع مبلغ 200 دينار من مرتبها شهرياً ودخلت في جمعية مع صديقاتها، لتساعد خطيبها على توفير مبلغ يكفي لمصاريف العرس.

تواصل سعاد حديثها لـ “مراسلون” قائلة إنها لا تمانع “حتى لو تكبدت ديوناً تدفعها لاحقاً، فبعض الإدارات بصالات التجميل توافق على قبول قطعة ذهب كرهينة أو أي مستند رسمي يتم استرداده بعد سداد المبلغ المطلوب”، وهو ما تعتبره نوعاً من المساعدة التي تقدمها تلك الصالونات.

ذنب النساء

“النساء وراء ارتفاع الأسعار بهذا الشكل دون شك” بهذه الكلمات استهلت السيدة عائشة الجعفري صاحبة محل تجميل للسيدات، موضحة أن ارتفاع الأسعار يبدأ من العروس التي تأتي وتطلب خدمات مميزة مقابل أي مبلغ تطلبه مختصة التجميل.

وتلفت إلى أنه “حين يدخل رجل لمحل مواد غذائية ويلاحظ أن سلعة معينة زاد سعرها بقيمة ربع دينار يبادر بالسؤال عن السبب، لكن عالم النساء يختلف تماماً، ومن يترددن على المحل لا يركزن على ماركة الماكياج المستخدمة بالمحل بقدر اهتمامهن بالخدمات الخاصة من قبيل توفير غرفة منفردة ومكيفة ووجبة غداء”.

وتجزم الجعفري بأن صالونات التجميل لن ترفض تقديم هذه الخدمات مقابل مبالغ أكبر مادامت النساء تدفع عن طيب خاطر.

السعر يجذب

سعاد عمر صاحبة محل تجميل آخر توافق الجعفري في إلقاء اللوم على النساء، فمحلها الذي يتقاضى مبلغ 1200 دينار مقابل تجميل العروس يستقبل عدداً كبيراً من السيدات اللاتي تقول بأن “السعر هو ما يجذبهن!”.

وتؤكد سعاد أنها تواظب على تقديم النصيحة لبعض العرائس ذوات الدخل المحدود بالتوجه إلى صالونات تتناسب مع وضعهن المادي، لكنهن يرفضن ويحاولن بشتى الطرق توفير المبلغ المطلوب.

تكاليف ليلة الزواج بالطبع لا تقف عند صالونات التجميل وصالات الأفراح، والتي تحلق أسعارها بهذا الارتفاع في غرب ليبيا تحديداً، وإنما هناك متطلبات أخرى برزت كأولويات مثل التصوير وأنواع المأكولات والمشروبات المتنوعة والمكلفة التي تقدم للضيوف، فضلاً عن فستان العروس الذي لا يقل إيجاره لليلة واحدة عن 1500 ليصل أحياناً حتى 3500 دينار.

خدمات مميزة

السؤال عن أسباب تقاضي مثل هذه الأسعار قاد “مراسلون” إلى صالة أفراح طلب مالكها عبد السلام محمود عدم ذكر اسمها، بينما أكد أنها في بعض الحالات تطلب عشرة آلاف دينار مقابل استضافة حفل زفاف لليلة واحدة.

إلا أن محمود يعتبر الأسعار متناسبة مع مستوى الحياة في طرابلس التي “فيها كل شيء سعره مرتفع”، وينوه إلى وجود صالات “أسعارها مناسبة لكن الناس يرغبون في الحصول على أفضل الخدمات وهذا لن يكون متاح إلا من خلال الدفع”.

يقول محمود “من يحضر للحجز لدينا يطلب خدمات مميزة جداً، كتغيير الديكور على حسابه وتوفير مصور خاص وتقديم وجبة الاستقبال أو العشاء، وهناك من يطلب توفير فرق موسيقية معينة، كما أننا نوفر حضانة للأطفال وحجرات ألعاب للصغار، وهي أشياء لا توفرها الصالات منخفضة التكاليف”.

ثقافة التقليد

جولة “مراسلون” على عدد من الصالات الأخرى ذات التكاليف الأقل نتج عنها سماع تعليقات وشكاوى متشابهة، تتفق جميعها على أن المشكلة هي في ثقافة التقليد ومحاولة اختراع تفاصيل وفقرات جديدة في حفل الزفاف تجعله مميزاً عن غيره مهما كلف ذلك من ثمن.

حيث يؤكد أصحاب الصالات أن العرائس في بعض الحالات يطلبن تغيير ديكور الصالة وألوان الستائر والطاولات بعد وجبة الاستقبال وقبل تقديم العشاء، وغيرها من الطلبات المبالغ فيها مقابل دفع مبالغ إضافية.

وعن متابعة جهاز الحرس البلدي لهذه الأسعار يقول السيد عمر الترهوني، المسؤول في الجهاز أن مهمتهم مقتصرة على متابعة صالات التجميل من حيث توفر شهادات الصحة للعاملات فيها، واتباع شروط النظافة فقط.

الضحية العريس

بينما مسألة الأسعار كما يضيف الترهوني “ليس هناك قانون يحددها، وأنها تبقى اختيارية والخدمات فردية وغير ضرورية، ومن يستطيع الدفع سيدفع ومن لا يملك لن يفكر في ارتياد هذه الأماكن من الأصل”.

ويتساءل الترهوني “كيف نستطيع أن نمنع صالة ما من رفع أسعارها مادام المواطن يبحث عن الأماكن ذات الاسعار المرتفعة، حتى لو حددنا الأسعار سيعرض المواطنون ذوو المستوى المعيشي الجيد مبالغ إضافية كي يتميزوا عن غيرهم، وسيتبعهم الراغب في التباهي والادعاء، والرابح الوحيد هو مقدم الخدمة والضحية هو العريس المطالب بدفع جل تكاليف تلك الليلة”.

انصرف صلاح عن فكرة الزواج إلى أمور رأى أنها أكثر أهمية، مثل توفير العلاج لوالدته المريضة، مؤجلاً ذلك إلى حين تحسن الظروف المعيشية، أو حدوث ما يعيد التوازن إلى تكاليف حفلات الزواج الطرابلسية، التي يظل العروسان يسددان تكاليفها أحياناً لسنوات في بداية حياتهما الزوجية.