حالة من الجمود السياسي هو العنوان الأعرض لتشكيل الحكومة الليبية. فبعد فوز مصطفى أبو شاقور النائب الأول في الحكومة المؤقتة السابقة بثقة المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، وتغلبه على محمود جبريل مرشح تحالف القوى الوطنية التكتل السياسي الأكبر داخل المؤتمر، لم يستطع أبو شاقور نيل ثقة نواب المؤتمر الوطني في كلتا التشكيلتين اللتين طرحهما.
الامر استدعى سباقا حكوميا جديدا نجح فيه علي زيدان النائب السابق بالمؤتمر الوطني بالفوز على محمد الحراري وزير الحكم المحلي السابق، بعد أن تحصل على 93 صوتا داخل المؤتمر الوطني العام بفارق 8 أصوات عن منافسه.
حالة من الجمود السياسي هو العنوان الأعرض لتشكيل الحكومة الليبية. فبعد فوز مصطفى أبو شاقور النائب الأول في الحكومة المؤقتة السابقة بثقة المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، وتغلبه على محمود جبريل مرشح تحالف القوى الوطنية التكتل السياسي الأكبر داخل المؤتمر، لم يستطع أبو شاقور نيل ثقة نواب المؤتمر الوطني في كلتا التشكيلتين اللتين طرحهما.
الامر استدعى سباقا حكوميا جديدا نجح فيه علي زيدان النائب السابق بالمؤتمر الوطني بالفوز على محمد الحراري وزير الحكم المحلي السابق، بعد أن تحصل على 93 صوتا داخل المؤتمر الوطني العام بفارق 8 أصوات عن منافسه.
لكن الأصوات التي حصل عليها زيدان لا تعني أن الطريق مفروش أمامه بالورود للحصول على لقب رئيس الوزراء. فبحسب ساسة ومتابعين، ما زال على زيدان اقناع المؤتمر الوطني العام بالكابينة الحكومية التي سيؤلفها، وهي مهمة لا تبدو سهلة على الإطلاق.
تحديات أمام زيدان
العضو المؤسس بحزب العدالة والبناء إسلامي التوجه صلاح الدين عبد الحميد، توقع أن لا ينساق المؤتمر الوطني إلى ضغط الشارع بالموافقة على أي حكومة يقدمها زيدان، بعد فشل أبو شاقور في تشكيل حكومة قوية.
وأضاف أن “على المؤتمر أن يقيم حكومة زيدان التقييم الصحيح، سياسيا، وواقعيا، وكفاءة”.
ويرى عبد الحميد أن أزمة تشكيل الحكومة الليبية بدأت مع النظام الانتخابي الذي أفرز مجلسا تأسيسيا “مفككا” يعتمد في أغلبية المقاعد على المستقلين، 120 مقعدا مقابل 80 مقعدا للأحزاب السياسية.
الحضور الكثيف للمستقلين تحت قبة البرلمان عزز برأي عبد الحميد “الانقسامات الفكرية والجهوية والنفسية بين أعضاء المؤتمر”، ومنح فرصة كبيرة للمستقلين المنقسمين على أنفسهم بممارسة “الابتزاز السياسي”، حسب وصفه.
أما فوز زيدان بتشكيل الحكومة بفارق أصوات ضئيل عن منافسه الحراري فلا يعني توافق المستقلين أو الأحزاب الكبرى على ترؤسه الحكومة بشكل نهائي، بل يرجع “إلى عضوية زيدان السابقة بالمؤتمر الوطني وكونه على اتصال يومي بأعضائه، وإلى غياب بعض أعضاء المؤتمر لأداء فريضة الحج، وحدوث أخطاء من بعض الكتل السياسية”.
ويلفت عبد الحميد هنا إلى أن “بعض أعضاء تحالف القوى الوطنية صوت لمحمد الحراري وبعض أعضاء حزب العدالة والبناء صوت لعلي زيدان”، مضيفا أن تشكيل حكومة متماسكة “يحتاج إلى قاعدة برلمانية قوية قد لا يوفرها المؤتمر الوطني العام بتركيبته الحالية”.
نزاع الكبار
عبد الله الكبير، صحفي من مصراتة، يعزو سبب التخبط في تشكيل الحكومة إلى عدم توافق أكبر كتلتين داخل المؤتمر، وهما تحالف القوى الوطنية (39 مقعد) والعدالة والبناء (17 مقعد) بالإضافة إلى النوّاب المستقلين الدائرين في فلكيهما.
النزاع بين الكتلتين الكبيرتين سبق وأن شكّل عامل ضغط على أبوشاقور وفقا للصحفي الليبي الذي أوضح أن “كل كيان سياسي صغير، وكذلك النواب المستقلون، صار يطالب بالحصول على أكبر عدد ممكن من الحقائب الوزارية، مما ساهم في إسقاط الحكومة”.
في حين يتفق متابعون آخرون مع ما طرحه صلاح الدين عبد الحميد بأن النظام الانتخابي شكل عائقا أمام تشكيل مؤتمر تأسيسي متجانس. ويقول أنس الفيتوري وهو محلل سياسي، إن نظام الانتخابات “جعل من المستقلين لاعبا أساسيا صبغ المشهد السياسي بصبغة الجمود”، وهذا برأي الفيتوري مخالف للأسس الديمقراطية الحديثة التي “تقوم على تغليب رؤى وبرامج الأحزاب السياسية على الرؤى الفردية للمستقلين”.
ويتوقع المحلل السياسي تمرير حكومة زيدان لا بسبب رضا المؤتمر الوطني عن برنامجها السياسي بل بسبب الظروف الواقعية المحيطة بالعملية السياسية الآنية، موضحا أن “المؤتمر سيقع تحت ضغط ضرورة الموافقة تخوفا من انفلات زمام الشارع وسحبه بساط الشرعية منه”.
مأزق بناء الدولة
من جهته ينفى عضو المؤتمر الوطني محمد التومي حدوث أزمة حادة بشأن تشكيل الحكومة، وتوقع في حديث مع “مراسلون” أن يستفيد علي زيدان من أخطاء أبو شاقور.
وأضاف التومي، أن “الصعوبات الحالية هي نتيجة منطقية كون ليبيا خرجت من حالة ثورة جذرية انقلبت على كل المعايير السابقة، ولا توجد تجربة أو خبرات ومؤسسات يمكن الاستفادة من تراكماتها المعرفية والسياسية السابقة”.
إلا أن الصحفي بتلفزيون “ليبيا الحرة” منير القعود رأى أن تعامل الأطراف السياسية والتشريعية مع استحقاق تشكيل الحكومة المؤقتة بلغة المناكفات السياسية والجهوية البحتة، أدى إلى إخفاق أبو شاقور في مسعاه تشكيل الحكومة.
ورغم انتخاب علي زيدان رئيسا للحكومة، إلا أن المسار السياسي لم يتجه بعد الاتجاه الصحيح بحسب الصحفي الذي أكد أن احتمالات فشل زيدان باتت الهاجس الذي يشغل الشارع الليبي، “ففوز زيدان لم يكن مريحا، ونحن أمام كيانات سياسية عملت لأجل ألا يكون زيدان رئيسا للمؤتمر الوطني لأسباب أيدلوجية وسياسية”.
وأعرب القعود عن خشيته من أن تعمل تلك الكيانات السياسية على إفشال زيدان وتعطيل المسار الديمقراطي مما يوقع ليبيا برمتها أمام مازق بناء الدولة.