لم يكن يخطر ببال خالد الأسود الذي يقطن مدينة الزاوية –40 كم غربي طرابلس-، أنه سيشتري سيارته الـ BMW من سارقيها، وذلك بعد أن خسرها عندما اعترضته مجموعة مسلحة قرب منطقة سهل الجفارة –بين الزاوية وطرابلس-، كانت تنتحل صفة رجال أمن، مما اضطره للفرار خوفاً على حياته إلى أحد البيوت القريبة، وترك السيارة للمسلحين.

محمد فتحي هو الآخر لا يثق بنقاط التفتيش على طول الطريق المؤدي من طرابلس إلى الزاوية، إذ تعرض أثناء عودته إلى مدينته الزاوية للتوقيف على أحد البوابات الوهمية التي تقيمها مجموعة مسلحة، وطلبوا منه الترجل من سيارته، وعندما رفض أوسعوه ضرباً.

لم يكن يخطر ببال خالد الأسود الذي يقطن مدينة الزاوية –40 كم غربي طرابلس-، أنه سيشتري سيارته الـ BMW من سارقيها، وذلك بعد أن خسرها عندما اعترضته مجموعة مسلحة قرب منطقة سهل الجفارة –بين الزاوية وطرابلس-، كانت تنتحل صفة رجال أمن، مما اضطره للفرار خوفاً على حياته إلى أحد البيوت القريبة، وترك السيارة للمسلحين.

محمد فتحي هو الآخر لا يثق بنقاط التفتيش على طول الطريق المؤدي من طرابلس إلى الزاوية، إذ تعرض أثناء عودته إلى مدينته الزاوية للتوقيف على أحد البوابات الوهمية التي تقيمها مجموعة مسلحة، وطلبوا منه الترجل من سيارته، وعندما رفض أوسعوه ضرباً.

يروي محمد لـ”مراسلون” تفاصيل الحادثة التي وقعت له أثناء عودته من طرابلس في أحد أيام رمضان في آب/ أغسطس 2012، حاملاً مبلغاً من المال ويستقل سيارته الجديدة.

يقول محمد “في طريق عودتي إلى الزاوية وبالتحديد في منطقة صياد مقابل محطة البنزين، أوقفني مجموعة مسلحين ظننت أنهم أفراد أمن في بوابة تفتيش، وطلبوا مني الترجل من السيارة عندما عرفوا أنني من الزاوية”.

إلا أن محمد أدرك الأمر وشعر بأنهم بلطجية، فرفض النزول من سيارته، وطلب منهم التعريف بأنفسهم وأي جهة يتبعون، “فقام المسلح بفتح الباب وضربني بأخمس بندقية نوع FN” يكمل محمد.

وبعد أن دخلا في صراع تمكن محمد من افتكاك البندقية من مهاجمه ليكتشف أنها فارغة، فاستمر الاشتباك وتجمع عليه المسلحون، وعندها قام أحدهم بإطلاق النار في الهواء، فارتبك الجميع ولاذوا بالفرار، وتمكن محمد من أن يركب سيارته ويعود بها للخلف من حيث جاء، حيث كان ذلك الاتجاه الوحيد المتاح.

يقول محمد “طاردني البلطجية بسيارة نوع ميتشي جيلانط، ولكنني عندما وصلت منطقة جنزور (غربي طرابلس)، توقفت أمام مقر كتيبة جنزور في مصنع النسيج، فاختفت السيارة وفر من كان يطاردني”.

بقي محمد في طرابلس مدة من الزمن خائفاً من العودة إلى الزاوية، حتى علم من أصدقاء له بأن نقطة التفتيش الوهمية تلك اختفت ولم يعد أحد يصادفها على الطريق، فتمكن من العودة.

قصة درنة

لدرنة أيضاً قصة أخرى مختلفة مع هذا النوع من الجرائم، إذ لا يوجد بها أي مظهر أمني يدل على أن هذه المدينة تابعة للدولة الليبية أو تحت سلطة حكومتها، فالسطو المسلح على السيارات أصبح قصة يومية يتسلى بها الصغار والكبار، مثلما حدث مع محمد الشريف، الذي أفسد عليه مسلحان فرحة عيد الأضحى في ساعة متأخرة من الليل، عندما أنزلاه من سيارته تحت تهديد السلاح، بعد أن انتحلا صفة رجلا أمن.

أصبح الأمن يشكل الهاجس الأساسي في حياة كل الليبيين، وكذلك مؤسسات الدولة التشريعية والقضائية، لأن الاعتداء طال الأفراد والمؤسسات على حد سواء، حيث استغلت سيولة الدولة وتحللها وترهل أجهزتها الأمنية والاستخباراتية، كل الجماعات والأطراف المناوئة إما للمجتمع أو للحكومة بسبب الأفكار والعقائد أو بسبب الفقر ومحاولة الوصول السريع للثراء.

الخطف والسطو المسلح على السيارات والمنازل والقتل وتفجير السيارات والمنشآت أبرز الجرائم التي ترتكب على الأرض الليبية، وأخطرها في نفس الوقت حسب قانون العقوبات الليبي والقوانين المكملة له.

أقل من المتوقع

يعتبر الخبير الأمني فائق بن غشير أن الجرائم المرتكبة بعد ثورة السابع عشر من فبراير أقل مما كان متوقعاً، بسبب الانتشار الهائل لجميع أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وحتى الثقيلة منها، وما فرضته ظروف الثورة المسلحة من ضرورة هذا الانتشار بين أغلب الجماعات والأفراد داخل ليبيا.

ويشير بن غشير إلى تآكل الأجهزة الأمنية سواء المدنية منها أو العسكرية بعد الثورة، وانقسامها ما بين مؤيدة للثورة ومناوئة لها وقفت مع نظام القذافي، مما نتج عنه دخول حَمَلة السلاح كلاعب أساسي، سواء أكان إيجابياً أم سلبياً، وفرض نفسه كأمر واقع على الأرض.

إلا ان الخبير الأمني أعرب عن تفاؤله بانتهاء حالة الانفلات الأمني قريباً، على اعتبار أن وزارتي الدفاع والداخلية تعملان حالياً على دمج الأجهزة الأمنية والكتائب المسلحة التابعة لها ضمن خطة تأهيل تقوم على التفاوض مع هذه المجموعات والأجهزة، ورضا كلا الجانبين عن الإجراءات المتخذة.

الجريمة منظمة

من جهته أكد رئيس المجلس العسكري لمنطقة أبو سليم ( طرابلس) صلاح البركي أن الجريمة في ليبيا بعد الثورة أصبحت منظمة بشكل واعي وتديرها مجموعات قريبة جداً من الحكومة.

وينوه البركي أيضاً إلى أن أحد أهداف هذا الانتشار الواسع والواعي للجريمة، هو الإيحاء بالسيطرة عليها من قبل مجموعات مسلحة تابعة أغلبها لمدينة “الزنتان”، وخارج سيطرة أجهزة الدولة، متهماً هذه المجموعات بالحصول على دعم فني ومادي من دولتي الإمارات وفرنسا، حتى يظهروا أمام الشعب الليبي في شكل المنقذين له.

من وجهة نظر البركي أن هدف هذه المجموعات هو إيهام الشعب بعدم القدرة على الاستغناء عنهم وفرض أجندتهم الخاصة، ملوحاً إلى أن أغلب الجرائم التي ترتكب في طربلس تتم في طريق المطار، حيث تسيطر مليشيات الزنتان على مزارع ومنازل كبار رجالات نظام القذافي.

وهذا ما دفع برأي رئيس المجلس العسكري لثوار طرابلس إلى التشبث بمجموعاتهم الأمنية وكتائبهم، ضمن ما أسماه فيدرالية طرابلس الكبرى من “القربوللي” شرقاً وحتى “جنزور” غرباً، فيما يصفه بأنه نوع من التجاذب العنصري بين كل الأطراف.

إحصائيات

يقول الناطق بإسم وزارة الداخلية الملازم أول مجدي العرفي إن جرائم القتل العمد ارتفعت من 87 جريمة عام 2010 إلى 525 في عامي 2011/2012، بينما كانت جرائم السرقة من المنشآت العامة 143 جريمة عام 2010، فقفزت إلى 783 جريمة عامي 2011/2012، أما جرائم السرقة من المنازل فتعدت 2387 جريمة عامي 2011/2012 مقارنة بـ 1842 في عام 2010.

وعلل العرفي هذا الارتفاع في معدل الجريمة بفترة الثورة والتي انهارت فيها الأجهزة الأمنية، وعدم معالجة الملف الأمني معالجة حقيقية بسبب تعدد الأجهزة الأمنية، ضارباً المثل ببنغازي التي يوجد بها 15 غرفة أمنية، ما يترتب عليه حسب العرفي “عدم التنسيق وعدم القدرة على تحديد المسؤولية”.

يضيف العرفي أن أجهزة الشرطة تعاني نقصاً في القوة البشرية، وهو ما دعا وزارة الداخلية إلى محاولة تعويض هذا النقص بضم أفراد اللجنة الأمنية العليا (وهم من كتائب الثوار) إلى صفوفها، وكذلك تعاني نقص التقنيات الأمنية، كأجهزة الاستشعار عن بعد وكاميرات المراقبة والإنذار المبكر.

إلا أن الناطق الرسمي اعتبر أن ما يحدث في ليبيا ليس انفلاتاً أمنياً، والذي يعني حسب توصيفه له “عشوائية الرصاص وعدم الأمان داخل المنازل”، إنما اعتبر الوضع الحالي لا يعدو كونه “ثغرات أمنية”، وهي في اعتقاده ناتجة ليس فقط عن ضعف الشرطة وأجهزة وزارة الداخلية، وإنما أيضا ضعف الأجهزة التابعة للجيش الوطني ورئاسة الأركان، كالشرطة العسكرية والمخابرات العسكرية وحرس الحدود.

 

شارك في التقرير: أحمد الوحيشي من الزاوية